في يوم أفريقيا.. القارة السمراء أمام مشروع استعماري جديد يقوده أردوغان

احتفلت القارة السمراء، يوم الجمعة الماضي، بمرور 55 عاماً على تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية  في 25 مايو عام 1963، والتي لعبت دوراً هاماً وبارزاً في تحرير قارة أفريقيا من الاستعمار.

في الوقت الذي تحتفل فيه قارة إفريقيا بيومها السنوي الذي يأتي بشعارات تعزيز التضامن بين دول القارة، تجد القارة السمراء نفسها، أمام تحدي جديد يفرض عليها التصدي لمشروع استعماري جديد يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بهدف الاستيلاء على موارد القارة الغنية بالذهب والثروات التعدينية.

ملامح المشروع الاستعماري

يرى الخبراء المصريين في الشأن التركي، أن أردوغان، وجد في القارة السمراء ضالته، بعد أن لفظ مشروعه الاستعماري العديد من البلدان المجاورة والمنطقة وخاصة في سوريا والعراق ومصر ، عقب انهيار حكم جماعة الإخوان الموالية لأردوغان في مصر وتونس، وبعد إزاحة الستار عن دور النظام التركي في دعم المليشيات الإرهابية في سوريا وليبيا ومصر، إضافة إلي انحيازه لدولة قطر في الأزمة الأخيرة.

البداية كما قال الباحث في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات، كرم سعيد، في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء ANF، كانت بإنشاء قاعدة عسكرية تركية في الصومال بحجة «تدريب الجيش الصومالي» لمكافحة الإرهاب"، تلاها عقد اتفاقًا مع السودان تقوم تركيا بموجبه بتطوير وإعادة تأهيل وإدارة جزيرة سواكن ذات الأهمية الاستراتيجية والواقعة في البحر الأحمر شرقي السودان والتي يوجد فيها الميناء الأقدم في السودان، وفي أزمنة سابقة كانت الدولة العثمانية تستخدم الجزيرة مركزاً لقواتها البحرية في البحر الأحمر ومقرًا للحاكم.

من جانبه، رأى الباحث في الشئون الاستراتيجية بمركز الأهرام، نبيل عبدالفتاح، في تصريحات صحفية، أن تسلم أنقرة إدارة جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر من الخرطوم لفترة زمنية غير محددة، هدفه إحداث إزعاج للأمن القومي المصري، ومحاولة جديدة للنيل من مصر.

وأضاف عبد الفتاح، :"أن أردوغان يحاول الرد على مساعي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذى عزز علاقات القاهرة مع دول شرق البحر المتوسط، ومنها اليونان وقبرص وهما اللذان لا يرضى عنهما الخليفة الواهم الذي يحاول إعادة النفوذ العثماني بوجه سيئ للقارة". 

نهب الثروات

جانب أخر لا يقل أهمية عن ما سبق يسعى أردوغان لتحقيقه من خلال مشروعه الاستعماري في القارة السمراء، وهو السيطرة على المعدن النفيس الذي تمتلكه السودان، إذ أكدت أنقرة أنها ستحاول الحصول على أصناف المعادن الموجودة فى السودان، وهى أكثر من 30 صنفًا من المعادن، أهمها الذهب، الذي يعد مصدرًا رئيسًا للعملة الصعبة فى البلاد، إضافة لتوفر مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية التي تقدر بـ 104 ملايين رأس من الماشية وفقاً للباحث المصري كرم سعيد.

أدوات أردوغان 

استولى نظام أردوغان على المدارس التابعة لمنظمة «جولن» فى السودان (5 مدراس وسكنين للطلاب)، وأوكلتها إلى وقف «معارف» التابع لوزارة التربية التركية. وقد ساندت السلطات السودانية هذا الاتجاه، حيث حضر تسليم هذه المدارس في مايو الماضي وزير التعليم بولاية الخرطوم فرح مصطفى.
ومنذ محاولة الانقلاب التى يقول نظام أردوغان إنه تعرض لها فى 15 يوليو 2016، كثفت الدولة التركية من تواجدها فى الدول التى نشطت فيها منظمة «جولن» واستولت على هذه المدارس، وقد أنشأت وقفا تعليميا باسم «معارف» بهدف التصدى لـ«التعليمى لمنظمة جولن» التى تصنفها تركيا على أنها «إرهابية»، كما سعت تركيا للتغلغل في تنزانيا وأوغندا، عبر المشاريع الاستثمارية وما يسمى بالمساعدات الإنسانية، وذلك عبر وكالة «تيكا»، كما تواجدت أنقرة في السنغال تحت شعار المدراس، حيث جرى تسليم إدارة 12 مدرسة تابعة لمنظمة «جولن» لصالح «معارف» التابعة لوزارة التربية التركية. وتلقى قرابة 3 آلاف طالب تعليمهم فى هذه المدارس المذكورة المنتشرة بعدد من المحافظات فى السنغال، بحسب الخبراء المصريين. 

مصر: نتطلع لرئاسة الاتحاد الأفريقي العام المقبل

وأعلنت الخارجية المصرية، عن تطلعها لرئاسة الاتحاد الأفريقي العام المقبل، في بيان صادر عنها بمناسبة، ذكرى الاحتفال بيوم أفريقيا، أعاد للأذهان نضالات القارة السمراء ضد قوى الاستعمار، والتي يمثل نظام أردوغان أحد أشكاله الجديدة. 
وقال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية في البيان:" إن مصر تحتفل 25 مايو بذكرى عزيزة غالية على كل مواطن أفريقي وهي "يوم أفريقيا"، حيث توافق ذكرى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية في 25 مايو 1963، والتي تحولت فيما بعد إلى الاتحاد الأفريقي في 26 مايو 2001، مؤكداً على أن "يوم أفريقيا" يجسد معاني النضال والكفاح لأبناء القارة من أجل الحرية والاستقلال والوحدة والتنمية".

وأضاف أبو زيد:" أن تلك الذكرى العطرة تستدعي إلى الأذهان بطولات وتضحيات الآباء المؤسسين والأجداد من أجل نيل الحرية والكرامة في مسيرة ممتدة لعقود حتى نالت أفريقيا مكانتها التي تستحقها أمام الشعوب والدول الأخرى"، مشيراً إلى إدراك مصر في ذلك الوقت - بحكم انتمائها الأفريقي - لأهمية مساندة أبناء القارة في نضالهم من أجل الحرية، حيث استضافت عدداً من قيادات التحرر الوطني وقدمت الدعم لهم، مؤكداً على أن أبناء القارة الأفريقية لن ينسوا تضحيات الآباء المؤسسين من أمثال جمال عبد الناصر، ونكروما، ونيريري، وبن بيلا، وسيكوتوري، وهيلاسيلاسى، وكينيث كاوندا، وغيرهم.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن أفريقيا استكملت تلك المسيرة العطرة بتطوير العمل الأفريقي المشترك على مستوى هياكل ومؤسسات الاتحاد الأفريقي المختلفة، والتي تسعى لتحقيق الوحدة والاندماج بين أبناء القارة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، منوهاً إلى أنه على الرغم التحديات الكبيرة التي تواجه القارة حالياً، إلا أن القراءة الموضوعية لمسيرة العمل الأفريقي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن أبناء القارة قد قطعوا شوطا كبيراً على طريق الاندماج والوحدة والتنمية الشاملة، وهو ما يعكسه ارتفاع معدلات النمو بالقارة والعديد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الإيجابية الأخرى.

وكشف أبو زيد عن أن الاحتفال بيوم أفريقيا هذا العام يأتي في ظل جهود كبيرة قطعتها مصر لاستعادة دورها الرائد في أفريقيا في أعقاب ثورتي 25 يناير و30 يونيو ، خاصة من خلال استعادة عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي، والمشاركة النشطة في الاجتماعات الوزارية والقمم الرئاسية، مما أنعكس إيجابيا على صورة مصر بالقارة، حيث أدرك الأشقاء الأفارقة أن مصر جادة في مساعيها للتعاون وإعطاء الأولوية لعلاقاتها الأفريقية، وهو ما أدى إلى انتخاب مصر لعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي والعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن عن عامي 2016 و2017 للدفاع عن مصالح القارة، ثم اختيار مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي خلال عام 2019، بكل ما تحمله تلك الرئاسة من مسئوليات ومهام لن تتوانى مصر عن القيام بها.