تحدث رئيس الحزب الاشتراكي المصري، المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، عن مشروعية وعدالة القضية الكردية، لافتاً إلي أن الكرد والشعوب العربية وتحديداً مصر يواجهان عدو مشترك شرس يتمثل في الدولة التركية برئاسة أردوغان، بما تحمله من مشروع استعماري قمعي يستهدف إحياء مشروع "العثمانية الجديدة" في أفريقيا والشرق الأوسط والذي تعطل بإسقاط جماعة حكم الإخوان الإرهابية حليفتها في مصر في 30 يونيو عام 2013، داعياً إلي بناء تحالف ثوري ديمقراطي واسع يشمل القوى الديمقراطية في تركيا والحركة الكردية التقدمية خاصة اليسارية والحركة اليسارية المصرية لمواجهة مشروع أردوغان الاستعماري.
وفيما يلي نص الحوار
وقال بهاء الدين شعبان إن :" القضية الكردية هي قضية عادلة وقضية شعب له سمات قومية وعرقية وتاريخية محددة، مؤكداً أن لا يوجد تناقض حقيقي بين مطالب الحركة الديمقراطية الوطنية الكردية ومطالب القوى الديمقراطية العربية والمصرية، فمصر في ثورة يناير رفعت شعار الدولة الديمقراطية الوطنية الحديثة، دولة الحرية والاستقلال والمواطنة، مشدداً على ضرورة أن تكون حركة التحرر الكردي جزء من حركة التحرر في المنطقة بشكل كامل، الساعية إلي بناء نظم ديمقراطية قائمة على المواطنة والمساواة والحرية وعدم التمييز، مؤكداً أنه في حال تطبيق تلك الأفكار النبيلة بالمنطقة سيكون من الطبيعي والسهل تحقيق أحلام الكرد لأنها لا تتناقض موضوعياً مع هذه المطالب، خاصة أنها تأتي في سياق مواجهة الإمبريالية".
إعادة طرح القضية الكردية
وأكد بهاء الدين شعبان، أن القضية الكردية في حاجة إلي إعادة طرح، بسبب الظروف الرهانة، وذلك بتعريف المواطن في المنطقة بأهميتها وضرورتها وأنها لا تمثل خصماً من رصيده وإنما إضافة إلي عناصر قوته وإثراء لتعدده وثقافاته وأعراقه التاريخية، لافتاً إلي أن الفترة الأخيرة شهدت توجيه ضربات إلي صورة القضية الكردية، لذا على الحركة الكردية وخاصة حزب العمال الكردستاني بما له من رصيد نضالي وثقة، مطالبين الآن بطرح جديد للقضية الكردية يضعها في سياق حركة المجتمع بالمنطقة والتطلعات الديمقراطية لشعوبها من أجل إعادة بناء أنفسها والتخلص من ميراث الاستبداد السياسي الذي أهدر فرصاً كثيرة للتقدم والتطور، لافتاً إلي أن هذا الطرح يحتاج إلي دراسة إستراتيجية واسعة حول عناصر التقارب ونقاط الالتقاء وهي كثيرة جداً والحوار الصريح بشأن نقاط الاختلاف وكيف يمكن محاصرتها.
المشتركات بين النضال الكردي والعربي
وأكد بهاء الدين شعبان أن هناك مشتركات بين النضال الكردي والعربي والمصري تحديداً، يتمثل في عدو مشترك وشرس وعدواني ومنظم ولديه إمكانيات وهو الدولة التركية بما لها من ميراث استعماري وقمعي في التاريخ والذي حاولت إحياءه عبر ما يسمى بمشروع "العثمانية الجديدة"، وكان الشعب المصري سباقاً في إسقاط هذا المشروع بثورته على جماعة الإخوان في 30 يونيو عام 2013 ، لكن يظل الجيش والطبقة الحاكمة في تركيا بقيادة أردوغان وحزب يمثلون قوى استعمارية شرسة وفي الفترة الأخيرة امتدت اقدامها النجسة إلي التراب السوري والعراقي وفي الحالتين كان هناك صدام شديد مع القوى الكردية وتحديدا حزب العمال الكردستاني.
تصعيد ضد حزب العمال
وتوقع رئيس الحزب الاشتراكي المصري، أن تشهد الفترة القريبة المقبلة تصعيد منظم من قبل أردوغان وزمرته، يتمثل في هجوم مكثف على قواعد حزب العمال الكردستاني في الحدود العراقية والسورية، بهدف واضح ومحدد وهو تحسين فرص انتصار أردوغان وحزبه في الانتخابات الرئاسية التركية المبكرة والتي ستعقد بعد نحو أسبوعين من الآن، بعد تدهور أوضاع الليرة التركية والأزمة التي ضربت الاقتصاد التركي، من تضخم وارتباك في الأداء الاقتصادي الذي أشارت إلي الأوساط المالية العالمية، إضافة إلي الانقسام الحاد في المجتمع التركي، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة وعمليات الانتقام المريعة التي مارسها أردوغان وحزبه على شتى ألوان المعارضة، كلها عوامل جعلت موقف أردوغان في الانتخابات حرجاً للغاية ولا يمكن أن يحسنه آلا بلفت الانتباه عن الأداء الرديء بافتعال معركة مع العدو التاريخي للطغمه العسكرية التركية وهو الحركة الوطنية الكردية، معرباً عن تمنياته لحزب العمال الكردستاني والحركة الكردية في امتصاص ذلك التصعيد الذي أعلن عنه أردوغان.
التحرك الدبلوماسي
ودعا بهاء الدين شعبان إلي تحرك كردي دبلوماسي للتلاقي على أرضية مشتركة بين القضية الكردية الآن وبين الوضع السياسي في كثير من البلدان العربية وخاصة في مصر، التي تخوض معركة مستمرة منذ 30 يونيو 2016 مع أردوغان وعصابته الذين انحازوا انحيازاً كاملاً لجماعة الإخوان الإرهابية دون النظر إلي مصالح وإرادة الشعب المصري، معتبرين ان ما حدث هو انقلاب عسكري على زمرهم في جماعة الإخوان والجماعات الدينية المتطرفة في البلاد على عكس الحقيقة التي تؤكد أن الذي اتخذ قرار إسقاط الإخوان هو الشعب المصري، بعد أن أكتشف مبكراً أن استمرار حكم الإخوان سيؤدي إلي كارثة كبرى تنهار على أثرها أكبر وأهم دولة في المنطقة التي قال عنها نابليون بونابرات أن مصر أهم دولة في العالم، لافتاً إلي أنه إذا كانت جماعة الإخوان استمرت في الحكم عاما أخر، ربما كانت مصر التي نعرفها بحمولتها التاريخية قد انتهت إلي الأبد، وبالتالي لم يجد الشعب المصري طريقاً أمامه سوى أن يثور ويطيح بالإخوان قبل أن يستقر بهم الوضع ويصعب إزاحتهم من البلاد.
ارتباط الإخوان بتركيا
ولفت بهاء الدين شعبان، إلي أن ارتباط جماعة الإخوان في مصر الإيديولوجي الوثيق بحزب أردوغان، أدى إلي هذه الغضبة الشديدة من قبل نظام أردوغان على الثورة المصرية، وفتح بموجبها أردوغان الحدود التركية لكل عمل مناهض للاستقرار في مصر، سواء باستضافة جماعات الإرهاب أو بتمويلها ومنحها القنوات الفضائية التي يوجهون من خلالها سمومهم إلي المجتمع المصري، كل ما سبق يؤكد أن هناك خصم مشترك للحركتين الكردية من جهة والحركة الوطنية المصرية من جهة أخرى إضافة إلي دول عربية أخرى لها نفس الموقف، وهو ما يستدعي البدء في حملة إعلام ودبلوماسية رسمية وشعبية لتعريف المجتمع المصري بأننا رفاق معركة واحدة تستهدف مواجهة العدوان الأردوغاني وإسقاط هذا التوجه والنزوع الاستعماري الذي يحاول أردوغان من خلاله استعادة ميراث الإمبراطورية العثمانية الرديء والذي قاد المنطقة إلي التخلف والجمود على النحو الذي نراه حتى الآن.
اليسار المصري حليف موضوعي
وأكد شعبان، أن اليسار المصري حليف موضوعي لحركة التقدم واليسار الكردستاني ويمكن أن يعتمد عليه، في أن يكون وسيطا لطرح أفكار الحركة الكردية اليسارية وتوصيلها إلي قطاعات من المجتمع المصري.
أطماع أردوغان في المنطقة
وأوضح شعبان، أن أطماع أردوغان تمتد إلي إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية البائدة في إفريقيا، حيث التقيت بوزير الخارجية الأسبق ورئيس الوزراء السابق لتركيا أحمد داوود أوغلو، وقراءة كتابه "العمق الاستراتيجي" وفيه يطرح بوضوح نوايا نظام أردوغان الذي تبناه في بناء إمبراطورية كبيرة تستعيد النفوذ التركي القديم بشكل جديد في المنطقة ولكن سقوط حكم الإخوان في مصر عطل هذا المشروع الاستعماري، لكن أطماع أردوغان وحزبه لم تنقطع على الإطلاق لذلك نراه يسعى لتوجيه ضربات عنيفة جداً إلي مصر تستهدف الإضرار الكبير بمصالح مصر الوطنية، على سبيل المثال تحريضه لأثيوبيا على بناء سد النهضة ومنع المياه عن مصر بالدعم المادي والسياسي، إضافة إلي تحالفه مع نظام أخر من أنظمة التخلف والاستبداد السياسي والاجتماعي في السودان برئاسة عمر البشير المتحالف مع الجماعات الإرهابية وجماعة الإخوان وتحويله جزيرة سواكن إلي قاعدة عسكرية تركية هدفها الأساسي إحاطة مصر والمنطقة بسوار من القوى المعادية، إضافة إلي الحديث عن فتح الحدود التركية لجماعات داعش القادمة من سوريا وسعي أردوغان لنقلهم إلي سيناء في مصر لدعم الجماعات الإرهابية التي لاقت ضربات موجعة على أيدي الجيش المصري.
تحالف ثوري
وقال بهاء الدين شعبان، إن الوقت الحالي يستدعي بناء تحالف ديمقراطي ثوري واسع بين القوى الديمقراطية في تركيا والحركة الثورية اليسارية في كردستان والحركة اليسارية في المنطقة العربية وتحديداً مصر، ليشكل ركيزة بناء منظومة قوى جديدة ولدفع الدول العربية حتى المتردد منها بفعل مصالحه مع تركيا إلي إعادة حساباتها والبحث عن مداخل جديدة للدفاع عن مصالحها، لافتاً إلي أن القضية الكردية اكتسبت خلال تاريخها النضالي مهارات وخبرات هائلة يمكنها من إحداث توافق حقيقي من شعوب المنطقة بشأن تحقيق قضيتها العادلة.