وتستضيف مصر أول اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار الليبي (مصر وتونس والجزائر) بعد الاعلان عن سيطرة الجيش الليبي على الحدود، حيث يعقد سامح شكري وزير الخارجية المصري الاجتماع الثلاثي، ويعقب الاجتماع مؤتمر صحفي مشترك، وذلك في أول اجتماع اقليمي حول الأزمة الليبية منذ سيطرة الجيش على الحدود، واعلان الاتفاق بين حفتر والسراج في أبوظبي.
وتعد "تطورات الأوضاع في ليبيا" أحد محاور اجتماع وزراء الخارجية العرب غدا في مقر الأمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة، أيضا، وهو اجتماع سيناقش مختلف الأوضاع في المنطقة، وعلى رأسها مواجهة التدخلات الإيرانية والتركية، حيث يعقد وزراء خارجية مصر والامارات والسعودية والبحرين اجتماعا للجنة الوزارية العربية المعنية بالتدخلات الإيرانية، ومن المنتظر أيضا خروج بيان يدين التدخلات التركية في العراق، في ضوء عدم امكانية تقديم قرار مثيل حول سوريا التي تعاني من تجميد عضويتها في المنظمة العربية منذ اندلاع الأزمة في 2011.
وفي كلمته في الدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس أمس، قال وزير الداخلية الليبي المفوض فتحي علي باشاغا، أكد الوزير الليبي أن بلاده نجحت في إفشال مشروع داعش الارهابي، وقال الوزير مخاطبا نظراءه العرب في تونس، "ومن هنا نؤكد على نجاحنا في إفشال مشروع داعش في ليبيا ما كان ليتم لولا التضحيات الجسام والدماء الزكية التي قدمها الليبيون الشجعان والتي جنبت كثيرا من الدول مخاطر إرهابية محتملة"، وتابع: "إن هناك قناعة راسخة لدينا بأن استقرار الدولة الليبية يؤثر حتماً على استقرار باقي الدول خاصة منها دول الجوار الأمر الذي يتطلب منا تأسيس شراكة أمنية حقيقية لمواجهة التهديدات القائمة، وهذا ما سعينا ونسعى إليه من خلال التواصل الحالي مع وزارات الداخلية والأجهزة الأمنية في عدد من الدول الشقيقة والصديقة".
وعكست لغة الوزير الليبي مدى التقارب مع خطاب المعسكر الشرقي في ليبيا، الذي يمثله الجيش الوطني، في دلالة على انعكاسات الاتفاق الذي توصل إليه رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج والمشير حفتر قائد الجيش الليبي.
وتشهد الجزائر اضطرابات على خلفية المظاهرات المناهضة للولاية الخامسة للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، فيما تستعد تونس وهي نافذة أساسية لليبيا حاليا في ظل الأزمة، تستعد لاستضافة القمة العربية في أواخر الشهر الجاري، وأعلنت تشاد إغلاق الحدود مع ليبيا، بعد شهر من دخول رتل من المتمردين إلى أراضيها من الجنوب الليبي، الذي أطلق الجيش الليبي عملية عسكرية موسعة لتحرير الجنوب من المجموعات الإرهابية، في في كانون الثاني/ يناير الماضي. وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وصول منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ماريا ريبييور على رأس وفد إنساني للأمم المتحدة في زيارة إلى جنوب البلاد.
لماذا تستضيف مصر هذا الاجتماع؟
وقال المحلل السياسي الليبي حسين الشارف أن الجيش الوطني الليبي قام بتحرير شرق ليبيا بالكامل وكذا مدينتي درنة وبنغازي حيث كانتا تضم ارهابيين مدعومين من قطر وتركيا، ولكن قبل التوجه إلى طرابلس أجرى عملية نوعية تستهدف حماية حدوده مع دول الجوار، وقام بتحرير الجنوب كله بالكامل واصبح يسيطر على كل المنافذ البرية مع دول الجوار، واصبحت الانظار تترقب عملياته في طرابلس، وتابع: "هناك دول تحمي الوضع في طرابلس، والرهان حاليا من الدول الكبرى على المجلس الرئاسي كان رهان خاسر واصبح الجميع يدرك دور الجيش الوطني الليبي في مواجهة الارهاب نيابة عن العالم في ظل امكانيات محدودة جدا نتيجة فرض حظر التسليح".
وأكد الشارف في تصريح لوكالة فرات للأنباء ANF أن مصر تترقب عمليات تأمين الحدود الليبية باهتمام شديد، لأنها كانت تحمي الحدود المصرية- الليبية من طرف واحد طوال السنوات الماضية، وشدد الشارف على توقعه بأن الاجتماع سيكون داعم ومبارك لهذه الخطوات، لافتا إلى اعتقاده بأنه لن يتم دخول طرابلس بالسلاح ولكن سيدخل الجيش بسلام الى طرابلس، مضيفا: "لا نعول على اي اتفاقيات أو دول جوار ولكن نعول على الدور المصري بصورة أساسية".
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد أبوزيد الباحث في إدارة الأزمات والأمن الإقليمي لوكالة فرات للأنباء ANF، أن مصر تستضيف الاجتماع الوزاري الثلاثي الراهن في هذا التوقيت تحديدا استغلالا لمناسبة وجود الوزراء في القاهرة للمشاركة في اجتماعات الجامعة العربية، مشيرا إلى أن القاهرة استضافت وعقدت العديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف الليبية والإقليمية والدولية المعنية بالأزمة في ليبيا، بهدف كسر الجمود السياسي ودفع جهود التوصل لحل شامل للأزمة، فضلاً عن المشاركة بالمؤتمرات الإقليمية والدولية حول ليبيا، وعقدت العديد من المشاورات الثنائية مع الدول المعنية بالشأن الليبي، بهدف تبادل وجهات النظر حول آخر تطورات الأزمة الليبية، واستعراض الجهود المصرية الرامية لحلحة الأزمة، مؤكدا أن الدبلوماسية المصرية وفرت الدعم الكامل للجهد المصري الرئيسي في رعاية مسار توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، حيث استضافت القاهرة 6 جولات من المفاوضات بين أفراد الجهات العسكرية من الشرق والغرب الليبي، ويجري استكمال تلك الجهود حتى تحقيق الهدف بتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية. وتابع: "يكفي الاشارة الى ان اللقاء الاخير الذي جمع حفتر والسراج في ابوظبي مؤخرا وتم خلاله الاتفاق على انهاء المرحلة الانتقالية عبر اجراء انتخابات.. هو لقاء تم الترتيب له في القاهرة وسبقته اجتماعات تمهيدية في مصر.... فمصر لديها اتصال وحضور موثوق لدى كافة الاطراف الليبية والاطراف الاقليمية والدولية المعنية بالأزمة".