بعد تنازل السودان عنها.. الإعلام المصري "سواكن" مصرية ولن نسمح لأردوغان باستعادة أمجاد العثمانيين

قيادات عسكرية مصرية تطالب بإجراءات استثنائية في مواجهة الخرطوم وطرد الحامية السودانية من شلاتين بعد منح الرئيس السوداني، جزيرة سواكن لتركيا.

تصاعدت ردود الأفعال المصرية تجاه التقارب التركي - السوداني عقب الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للعاصمة السودانية، الخرطوم وتم خلالها التوقيع على عدة اتفاقيات أهمها منح تركيا حق إدارة ميناء سواكن السوداني على البحر الأحمر.

واعتبر العديد من الخبراء المصريين أن الاتفاقية تُعتبر تهديد مباشر لمصر، وإعادة للنفوذ العثماني على منطقة البحر الأحم ، محذرين من أن تركيا وقطر والسودان يرتبطون بالإخوان ويَسعون للإضرار بالأمن القومي المِصري، خاصة وأن تركيا تمتلك قواعد في الصومال وإريتريا والسودان.

يأت هذا فيما بدأت تتعالي أصوات بحقوق مصر التاريخية في الجزيرة وضرورة المطالبة بها لمواجهة التلويح السوداني المستمر باللجوء للأمم المتحدة بخصوص حلايب وشلاتين المتنازع عليهما بين القاهرة والخرطوم.

ومن المعروف أن جزيرة "سواكن" قريبة من السواحل المصرية، حيث تبعد نحو 650 كيلومترا من حلايب وشلاتين المصرية، وتضم الجزيرة منطقة أثرية تاريخية وكانت سابقا ميناء السودان الرئيس، وقد بُنيت المدينة القديمة فوق جزيرة مرجانية وتحولت منازلها الآن إلى آثار وأطلال.

ويبدو أن الأيام القادمة قد تشهد تصعيدا من القاهرة ضد الخرطوم خاصة بعد أن بدأ الإعلام المصري بشن هجوم حاد على الرئيس السوداني، عمر البشير، ونظام الحكم بالخرطوم وهو الأمر الذي كان ممنوعاً حتى أيام قليلة.

كما بدأت قيادات سابقة بالقوات المسلحة وخبراء عسكريون بالظهور الإعلامي وهو الأمر الذي لا يحدث دون موافقة رسمية من الأجهزة الأمنية المتحكم الرئيس في المشهد المصري.

وفي تصريحات تلفزيونية، مساء أمس الخميس، أكد اللواء الدكتور مصطفى كامل، قائد قوات الصاعقة المصرية الأسبق، أنّ جزيرة «سواكن» التي خصصها السودان مؤخرًا كمنطقة نفوذ تركية على ساحل البحر الأحمر مِصرية حتى الآن.

وطالب الخبير العسكري بطرد الحامية السودانية من حلايب وشلاتين فورًا، وسرعة حسم هذا الملف في أسرع وقت ممكن، مشددا على ضرورة أن تكون هناك إجراءات استثنائية تتماشى مع الظروف الاستثنائية.

واعتبرَ  "كامل"، أنّ إعلان عمر البشير رئيس السودان عن وجود ملحق أمني لاتفاقية «سواكن» هو أمر خطير ومُقلِق للغاية، مشيراً إلى أن السودان تَحولَ من حليف إستراتيجي لمصر إلى حليف لتركيا وقطر.

بدوره أكد اللواء سمير فرج، المدير الأسبق للشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، أن قرار الرئيس السوداني، عمر البشير، بمنح جزيرة سواكن السودانية لتركيا يغير الأوضاع الإستراتيجية في المنطقة وخاصة في منطقة البحر الأحمر، لافتاً إلى أن تلك الجزيرة كانت في عام 1629 قاعدة عسكرية تركية وانطلقت منها الحملة العثمانية إلى اليمن، فهي بمثابة موضع قدم لتركيا لتنفيذ عمليات لوجستية في المنطقة.

وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن كل الحقائق على أرض الواقع تؤكد أن تركيا تتخذ إجراءات عِدائية ضد مصر خاصة ما أعلن عنه الرئيس التركي أمام البرلمان، أن أعضاء تنظيم "داعش" الإرهابي الراحلين عن سوريا يتم إرسالهم إلى مصر، مضيفاً، أن جميع العناصر المُعادية لمصر تُقيم في تركيا وتستخدم الإعلام التركي للنيل من مصر أو التطاول عليها.

وأوضح اللواء أن منح تلك الجزيرة لتركيا يُمثِّل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري خاصة أنها تقع على بعد 200 كيلومتر من الحدود المصرية، وسيطرة القوات التركية عليها يعني أنها ستصبح موضع قدم لتلك القوات في البحر الأحمر وهو ما قد يؤثر على قناة السويس.

في السياق ذاته، قال الباحث المتخصص في الشؤون التركية، محمد حامد، إن تلك الخطوة تستهدف أن يكون لأردوغان منطقة نفوذ إستراتيجية في إقليم القرن الإفريقي وتعكس مدى قبول النظام السوداني للدور التركي المتنامي في المنطقة.

 ولفت حامد في تصريحات خاصة إلى أن أردوغان حقق من خلال البشير خطوة إستراتيجية بعيدة المدى وهي إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية، وصناعة وجود في منطقة نفوذ قبالة السواحل اليمنية التي تشهد اضطراباً كبيراً بعد الانقلاب الحوثي في اليمن.

سواكن مصرية

من جانب أخر بدأت بعض الصحف المصرية بنشر مقالات تُروج لفكرة الحقوق التاريخية لمصر في جزيرة سواكن وأنها ليست أرضاً سودانية بل مصرية خالصة.

وذكر الكاتب المصري، عباس الطرابيلي، في مقاله بجريدة "المصري اليوم" أنه بالعودة   لعام 1899 بعد أن استرد الجيش المصري السودان تم الاتفاق على أن تكون حدود مصر الجنوبية عند خط عرض 22 شمالاً. ويتضمن هذا الاتفاق كيفية إدارة السودان «المشترك»، وأكد أن «سواكن» لا تدخل ضمن هذا الاتفاق لسبب واحد هو أن الجيش المصري الذي كان يؤمن أرض السودان لم ينسحب من سواكن خلال أيام الثورة المهدية وظل صامداً، وبذلك- كما نصت هذه الاتفاقيات - ظلت أرضاً مصرية.خالصة كما كانت منذ عام 1866 عندما تنازلت تركيا لمصر عن سواكن ليحكمها خديوي مصر إسماعيل، وكانت فيها قوات مصرية لم تنسحب منها ولا من طوكر شمالاً وجنوباً، عددها 16 ألف جندي وضابط ويشهد على ذلك انتصارنا على المهدية في معارك تل هشيم وتوفرك وتماى.

وتساءل الكاتب في مقاله " هل يحق لمصر الآن أن تتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة تطالب فيها باستعادة حقوقها في جزيرة سواكن قبل أن تضع تركيا أقدامها عليها بعد «منحة البشير»، مطالبا بالبحث في الخرائط والوثائق المصرية التي تؤكد أن سواكن مصرية، مُشدّداً على أنَّ المصريين لن يتنازلوا أبداً عن حقوقهم في سواكن.

واختتم الكاتب حديثه قائلاً: "نرفض منك هذه المنحة للرئيس أردوغان، لأنك هنا فعلاً ينطبق عليك القول من لا يملك.. أعطى لمن لا يستحق".