انهيار "الليرة" التركية وتداعياتها على الانتخابات المقبلة

ذكر خبراء اقتصاد أنّ نسبة التضخّم التي تشهدها السوق التركية لا تزال في ازديادٍ واضح, في ظلّ تدهورٍ متسارع لليرة وعدم قدرة البنك المركزي على اتّخاذ إيّ إجراءات بهذا الشأن, بسبب معارضة أردوغان ونيّته التدخّل في السياسة النقدية بشكلٍ مباشر.

تواصل الليرة التركية تدهورها في ظلّ اقتصادٍ متراجع بشكلٍ واضح, في الوقت الذي تستعدّ فيه البلاد للانتخابات المبكّرة  المزمع إجراؤها في شهر حزيران القادم, ما يشكّل ضربةً محتملة للرئيس الحالي, رجب طيّب أردوغان الذي يخوض منافسات السباق الرئاسي, والذي طالما كان الانتعاش الاقتصادي أحد "منجزاته" على الصعيد الداخلي.

وتشير الاحصائيات الاقتصادية إلى 10 % كنسبة للتضخّم الذي تشهده السوق التركية, إلى جانب فقدان العملة المحلّية أكثر من 36 % من قيمتها أمام الدولار, حيث وصلت قيمة التداول, اليوم الأربعاء إلى 4.84 ليرة للدولار الواحد, في مستوى متدنّي هو الأكثر انخفاضاً, في ظلّ توقعات من مراقبين لوصولها إلى مستوى 5 ليرات في مقابل الدولار.

ويرجّح خبراء اقتصاديين أنّ عدم قيام البنك المركزي بأيّ خطوةٍ أو اتّخاذ تدابير "من خلال رفع معدلات الفائدة" هو أحد الأسباب الأساسية التي تقف خلف قلق الأسواق التركية, الذي أدّى بدوره إلى "التدهور السريع" لليرة, وسط معارضة شديدة من أردوغان لفكرة تدخّل البنك المركزي, معلناً عن عزمه "التدخّل أكثر في السياسة النقدية" في حال فوزه بولايةٍ رئاسيةٍ جديدة.

وأوضح محلّلون اقتصاد أنّ المخاوف من أزمةٍ اقتصادية خلال الفترة القادمة هي التي دفعت بأردوغان لإجراءات انتخابات رئاسية وتشريعية مبكّرة, وهذه الأزمة ذاتها "ستشكل العامل الأكثر تأثيراً على أصوات الناخبين".

من جانبه, أكّد المختص في الشؤون التركية بمركز "غلوبال سورس بارتنرز", أتيلا يسيلدا خلال تصريح صحفي لوكالة فرانس بريس على أنّ الأتراك يعتبرون العملة الضعيفة هي عنوان اقتصادٍ ضعيف, مشيراً إلى أنّ "انعكاس صدمة أسعار الصرف والاقتصاد الضعيف يوحي بشبح هزيمةٍ لحزب العدالة والتنمية" في الانتخابات المقبلة.

وأعلنت بورصة اسطنبول, اليوم الاربعاء, أنّها حوّلت مجموع احتياطها من العملات الأجنبية إلى الليرة التركية, باستثناء المبالغ اللازمة لتغطية الاحتياجات على المدى القريب, في خطوةٍ أعتبرها متابعون أنّها محاولة لتخفيف الضغط على العملة الوطنية, في الوقت الذي ذكر فيه البنك المركزي أنّه سيعقد اجتماعاً في 7 من شهر حزيران القادم ل"اتّخاذ قرارٍ متعلّق بمعدلات الفائدة".

وحذّر معهد "كابيتال إيكونوميكس" من مخاطر حدوث انكماشٍ اقتصادي إذا لم يتمّ تشديد السياسة النقدية, موضحاً أنّ "المستثمرين يطلبون من أصحاب القرار في البنك المركزي أنّ يكونوا على استعدادٍ لمواجهة أردوغان والتصدّي لآرائه التقليدية بشأن السياسة النقدية".

إلى ذلك, أكّد عدد من محلّلي مصرف "كوميتز بنك" أنّ التدهور المتسارع لسعر صرف الليرة التركية أمام الدولار "مؤشّر واضح على وجود أزمةٍ نقدية", على الرغم من نفي وزير الاقتصاد التركي, نهاد زيبكجي, الذي قال في تغريدةٍ له "مؤسّساتنا تملك الأدوات اللازمة إلى جانب القدرة على إزالة نقاط الخلل في سوق الصرف".

فيما ألمح المتحدّث باسم الحكومة التركية, بكير بوزداغ إلى وجود "مؤامرة" تستهدف الاقتصاد التركي, مضيفاً بالقول "من يعتقد أنّ بامكانه التأثير على نتائج الانتخابات من خلال التلاعب بأسعار الدولار, فهو مخطئ".