الجيش الليبي يرسخ سيطرته على الجنوب ويتفق مع حكومة الوفاق على إنهاء المرحلة الانتقالية

ذكرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، اليوم الخميس، أن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر اتفقا في أبوظبي على إنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا عبر اجراء انتخابات عامة.

ويرى خبراء ومتابعون ان هذا الاتفاق سيشجع على التزام الطرفين بوقف أي تصعيد والعمل على التنسيق معا لوضع نهاية للمرحلة الانتقالية الليبية الطويلة التي دامت لنحو 8 سنوات، فيما اعتبر البعض ان هذا الاتفاق لا يمثل جديدا فجميع الاطراف متفقة على حسم الأزمة السياسية من خلال الانتخابات، لكن الخلاف لا يظل حول "التفاصيل" والاجراءات الانتخابية وتنظيم العملية السياسية وفقا لجدول زمني وأفق واضح.

ومن جانبه، أكد المحلل السياسي الليبي المقيم في القاهرة إبراهيم بلقاسم في تصريح لوكالة فرات للأنباء ANF، أن لقاء أبوظبي بين حفتر والسراج نجح في انجاز الاتفاق على ثلاث مستويات سياسيا واقتصاديا وامنيا، فعلى المستوى السياسي تم التأكيد على انهاء المرحلة الانتقالية دون التطرق الي الاطر القانونية والدستورية والتشريعية لإنهائها، وان تجرى انتخابات في اقرب وقت ممكن. أما على المستوى الاقتصادي، فتم خلال اللقاء الاتفاق على رفع القوة القاهرة عن حقل الشرارة النفطي اكبر الحقول النفطية في ليبيا بقرار من المجلس الرئاسي والمؤسسة الوطنية لنفط وهذا سينعش الاقتصاد الليبي بشكل كبير كون الحقل ينتج نحو 300 الف برميل يوميا.

كما جرى الاتفاق أمنيا على التنسيق الفعلي بين القوة التابع لحكومة الوفاق مع القيادة العامة للجيش في نقاط التلامس في الحقول النفطية والمنشآت الحيوية الهامة في الدولة، وهو ما يأتي انعكاس لما نراه واضح وسريع امام المجتمع الدولي في احاطة المهدي المجربي مندوب ليبيا لدى الامم المتحدة اليوم صباحا بتأييده وتثمينه لدور الجيش في القضاء على الارهاب في الجنوب.

وتابع: "ابوظبي نجحت للمرة الثانية في جمع الفرقاء من جديد وهذا تأكيد على انها قادرة عبر مساعيها الحميدة لجمع الفرقاء الليبيين والتأكيد على دورها الهام في دعم السلطات في ليبيا، ودعم جهود المبعوث الاممي".

المؤتمر الوطني الجامع

وقال عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة إن الحالة السياسية في ليبيا تشهد صراع ما بين دول إقليمية بدليل التحركات والاجتماعات الأخيرة، وأن الفترة السابقة شهدت محاولات لترميم وتعديل الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات الذي يخص المجلس الرئاسي لكن جميع هذه المحاولات وصلت لطريق مسدود.

وأعتقد بن شرادة أن فكرة انعقاد المؤتمر الوطني الجامع بديل عن الاتفاق السياسي لاحتمالية أن ينتج عنه خارطة طريق واضحة للانتقال لمرحلة أجسام جديدة بدلاً من هذه الأجسام التي عجزت عن وضع القطار على السكة للدولة الليبية بحسب تعبيره، معتبرا أن المبعوث الأممي غسان سلامة لن يبدأ في المؤتمر الجامع حتى يتأكد من قبوله للنتائج دولياً ومحلياً هو يعلم جيداً أن الملف الليبي عليه نزاع دولي وانقسام داخلي.

وأشار إلى أنه يعجز عن وصف الحالة التي وصلت لها حكومة الوفاق وآخرها اللقاء الذي جمع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله في أبوظبي لمناقشة رفع القوة القاهرة عن حقل الشرارة في الجنوب بعد أن تم تحريره من قبل القوات المسلحة الليبية وطرد العصابات التشادية منه، عوضاً عن عقد الاجتماع داخل البلاد.

وشدد على أن تحركات الجيش في المنطقة الجنوبية وتمدده في تلك المناطق وكل هذه المتغيرات على الأرض تؤثر على المشهد السياسي في ليبيا، فعلى الأقل الآن تم استرجاع قطعة من الأراضي الليبية لليبيين بعد دخول الجيش للجنوب وطرد العصابات التشادية.

وأكد بن شرادة أن المؤسسة العسكرية الآن تؤمن ثلثي الأراضي الليبية مما يتطلب توحيد المؤسسة والتحاق الضباط والعسكرين فيها حتى تكون لدى الدولة الليبية مؤسسة عسكرية تؤمن الاستحقاقات كالانتخابات و تفرض قوانين الدولة وهيبتها.

ولا تزال ليبيا منقسمة بين حكومة الوفاق الناتجة عن الاتفاق السياسي مقرها في طرابلس وتحظى بدعم دولي، والحكومة المؤقتة في شمال شرق البلاد يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر.

ويهتم المجتمع الدولي وخاصة الدول الأوروبية بالسيطرة على الاضطرابات في ليبيا لمنع الهجرة غير الشرعية، وقالت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا إن عملية صوفيا الإنسانية الأوروبية "مهمة يجب ألا نخسرها.

وأوضحت الوزيرة ترينتا في تصريحات متلفزة الخميس نشرتها وكالة آكي، أن هذه المهمة الأوروبية "هي إحدى الأدوات التي تستخدم لنقل حدودنا إلى الأمام"، أي تسبيق إمكانية حماية الحدود، "والسعي الى تحقيق الاستقرار في ليبيا"، لأن "هذا الأمر يعني ضمان راحة البال في إيطاليا أيضا والسيطرة على حركة الهجرة وإدارتها"، وهي "ظاهرة تشكل خطراً كبيرا إن لم يتم التحكم بها".