اقتربت السنوات الأربع التي قضاها الرئيس ترامب في منصبه من الانتهاء يوم الأربعاء 20 كانون الثاني، بعد فترة اتسمت بالفوضى المستمرة والفساد والفضائح، وهي فترة من المتوقع أن تجعله من بين أسوأ رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية .
ويزعم البعض أن الانتصارات السياسية التي حققتها إدارة ترامب ومحادثات السلام في الشرق الأوسط، تطغى إلى حد كبير على ملفات سوء إدارته لوباء كورونا وتعديه الغير مسبوق تاريخياً على نتائج الانتخابات الأمريكية.
وقال دبلوماسيون ورجال علم أمريكيون ومؤرخون لصحيفة واشنطن بوست، أن الهجمات العنيفة التي شنها ترامب على المؤسسات المدنية، وإثارة الانقسامات العرقية والاجتماعية، وتجاوز الأعراف السياسية، والتشهير والتهكم بالصحافة الحرة، وطعن الحلفاء الدوليين للولايات المتحدة الأمريكية! جميعها تساؤلات عميقة حول طبيعة الحكم الأمريكي واستمرارية القيم التي تعتز بها الولايات المتحدة الأمريكية.
قال ماثيو داليك، المؤرخ السياسي في جامعة جورج واشنطن: "فترة حكم ترامب و "الترامبية" أوضحت العيوب في الديمقراطية الأمريكية بشكل فاضح؛ ورأينا كيف لـ 74 مليون ناخب أن يصوتوا لشخص كاذب يعتمد نظرية المؤامرة ويشجع على العنف ويساند العنصرية البيضاء في أمريكا! ويجب على الجميع أن يجيب على هذه التساؤلات، من قبيل ماذا يجب أن تفعل حين تكون أمريكياً؟ وماذا يعني لك العيش في بلدٍ طالا اعتقد العالم أنه أعظم تجربة ديمقراطية في العالم، فيما يتضح اليوم أنها تجربة هشة للغاية!؟".
ويُذكر أن دونالد ترامب نشر أكثر من 60 ألف تغريدة على التويتر خلال فترة رئاسته وحازت تغريداته على متابعة أكثر من 88 مليون متابع؛ مؤخراً قامت إدارة تويتر بإغلاق حسابه الرئاسي، موضحة السبب "أن التغريدات تحرض على العنف" في إشارة إلى أحداث الشغب في واشنطن واقتحام الكابيتول".
وأشار بعض المؤرخون إلى أنه من الصعب إدراج فترة رئاسة ترامب ضمن التاريخ السياسي لرؤساء الولايات المتحدة، حيث كانت فترة رئاسته منحرفة جداً وتثير الكثير من الاستفهامات حول كيفية تمكن تاجر عقارات ونجم تلفزيوني لا يمتلك أية خبرة سياسية أو عسكرية، أن يفوز بأعلى منصب في الولايات المتحدة رغم خسارته في التصويت الشعبي.
و أكدوا أيضاً أن تولي ترامب لرئاسة الولايات المتحدة لم يأتي من فراغ، وأن مؤامرة قذرة تقف وراء صعوده الصدارة السياسية بهدف نزع الشرعية عن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ومثل هذه المؤامرات متجذرة في تاريخ الجمهوريين في محاولة تنمية العنصرية البيضاء واحتضان اليمين المتطرف.
وقالت نيكول همر، المؤرخة المتخصصة في الإعلام المحافظ في جامعة كولومبيا: "قد لا نكون قادرين على إخراج شخص واحد من الماضي ونقول هذا ما يشبهه دونالد ترامب، ولكن يمكننا أن نفهم أنه طوال التاريخ الأمريكي كانت هناك عنصرية وفاشية وقوى معادية للديمقراطية ونقول إنه يستمد من تلك التأثيرات القوية ".
ووصف الجمهوريون مثل هذه الانتقادات لرئاسة ترامب بأنها مبالغ فيها واتهموا منتقديه بتوسيع الانقسامات الحزبية والثقافية التي أدت إلى احتجاجات جماهيرية للعدالة الاجتماعية الصيف الماضي واشتباكات عنيفة بين مؤيدي ترامب والمعارضين منذ الانتخابات.
وأشار حلفاء ترامب في الحزب الجمهوري أيضاً إلى النجاحات التي تحققت في أجندة الحزب- بما في ذلك ثلاثة قضاة محافظين في المحكمة العليا، وأن قانون التخفيض الضريبي المدعوم من الجمهوريين، وإلغاء واسع النطاق للوائح البيئية والتجارية - كدليل على إنجازات دونالد ترامب.
وأشاروا إلى أن ترامب حصل على 74 مليون صوت في عام 2020 ، وهو ثاني أكبر عدد على الإطلاق في انتخابات رئاسية مقابل 81 مليونًا لجو بايدن ، مما يعكس دعمه العميق بين الجمهور.
وقالت ليه رايت ريغور، الأستاذة المشاركة في التاريخ الأمريكي في جامعة برانديز: "كانت رئاسة ترامب بمثابة دراسة حالة في "السعي المطلق وراء السلطة والمنفعة الشخصية على حساب حياة 400 ألف شخص أمريكي و على حساب الاتحاد الأمريكي".
وأضافت أن سنوات ترامب الأربع كشفت بشكل كبير ما فهمته الأقليات العرقية والأمريكيون المهمشون الآخرون منذ فترة طويلة - وهو أن الديمقراطية الأثنية كانت دائماً "وحشية و إقصائية ومعيبة" للعديد من المواطنين، وأن اقتحام الكابيتول كانت اللحظة التي تحكي قصة إخفاقات الديمقراطية الأمريكية، وزيف الادعاءات عن الديمقراطية التي تعود إلى قرون والتي نقنع أنفسنا بها".