حزب الله وإسرائيل.. حرب واسعة قادمة أم استعراض متبادل؟

تتجه أنظار العالم بترقب إلى حدود لبنان وإسرائيل، مع تصاعد المخاوف من اندلاع جبهة جديدة للحرب كامتداد لما يجري في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ومنذ بداية الحرب بن إسرائيل وحماس، يتبادل حزب الله اللبناني الاشتباكات مع تل أبيب، في إطار الدعم لحركة حماس، التي تنضوي معه ضمن ما يعرف بـ "محور المقاومة" المدعوم من إيران، إلا أن الأيام الماضية تشهد تصعيداً غير مسبوق في وتيرة تلك الاشتباكات وسط تهديدات متبادلة كذلك بالجاهزية للدخول في مواجهة مباشرة. 

وفي وقت حذر فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من تحول جنوب لبنان إلى غزة جديدة ومن مخاوف اندلاع حرب وشيكة شاملة بالمنطقة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه "لا يمكن السماح لحزب الله بمواصلة مهاجمة أراضينا ومواطنينا وسنتخذ القرارات اللازمة قريباً".

وأصبح هذا الوضع مثيراً لكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات حول ما يجري على الجبهة الشمالية لإسرائيل، وهل يمكن الحديث عن مواجهة وشيكة بين حزب الله وتل أبيب؟، وأي سيناريوهات يمكن أن تنتظر منطقة الشرق الأوسط المشتعلة بالأساس.

هل تنفلت الأمور؟ 

لا يتوفر وصف.

يقول الدكتور رائد المصري، المحاضر اللبناني في الفكر السياسي والعلاقات الدولية، إن الحرب يمكن أن تقع في أي وقت وفي أي لحظة يمكن أن تنفلت الأمور بسبب أي خطأ عسكري غير محسوب قد يقع بين الجانبين، مؤكداً أن الجانب الإسرائيلي لا يمكن لأحد أن يأمنه فيما يتعلق بالاعتداءات، خاصة في ظل المأزق الذي يمر به على مستوى حربه في قطاع غزة والإبادات التي قام بها والإدانات الدولية.

وأضاف، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه في ضوء ذلك باتت الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركاؤه من اليمين المتطرف أمام مأزق حقيقي سواء على المستوى الداخلي من انقسامات حادة أو إن كان على المستوى الخارجي بانكشاف تل أبيب في عملية الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وهذا بطبيعة الحال قد يدفع الطاقم الحاكم إلى شن حرب موسعة على لبنان، خصوصاً أن موضوع رفح وغزة بات شبه منتهي على المستوى العسكري دون تحقيق إنجازات، وفقاً له.

حسابات وراء قرار نتنياهو

ويرى "المصري" أن نتنياهو لا يستطيع إلا أن يقدم شيء إلى الجانب الداخلي، لأنه تنتظره محاكمات، ومن ناحية أخرى فإن الاستهدافات القادمة من لبنان باتت مخيفة على المستوى الشعبي الإسرائيلي، وكل هذه المعطيات قد تدفع نتنياهو لشن هجوم في أي لحظة، لكنه ينتظر القرار الأمريكي بالتحديد.

وأوضح أن مواقف الإدارة الأمريكية تشي بأنها يمكن أن تستوعب عملية عسكرية محدودة يمكن أن تقوم بها إسرائيل على جنوب لبنان بتمركز أو إعادة تمركز لقوات عسكرية داخل الحدود اللبنانية، خصوصاً خلال ما قرأناه من تطورات سياسية بأن مهمة عاموس هوكشتاين مبعوث الرئيس الأمريكي قد فشلت بشكل كبير، خصوصاً أنه ذهب إلى تل أبيب ثم إلى بيروت ثم عاد إلى تل أبيب خال الوفاض من دون مبادرة.

ويرى "المصري" أن لبنان يمر اليوم بمرحلة خطيرة يمكن أن تشن فيها إسرائيل حرباً كبيرة، ولكن ينتظر تل أبيب حسابات تريد أن تتأكد منها تتعلق بمدى قدرتها على لجم حزب الله على المستوى العسكري، وثانياً انتظار الضوء الأخضر الأمريكي بشكل كامل كي تشن تلك الحرب، لتعوض جزء من خسائرها لا سيما عدم تحرير المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية.

وذكر مسؤولون أمريكيون أن إسرائيل أبلغت واشنطن خططها لنقل أسلحة من جنوب غزة لشمال إسرائيل استعداداً لحرب مع حزب الله، وفق ما نقلته شبكة سي إن إن الأمريكية، فيما قال مسؤول أمريكي رفيع إن تداعيات الحرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله ستكون مدمرة، لافتاً إلى أن احتمال الحرب بينهما يتزايد مع تلاشي فرص التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس.

مخاوف من حرب شاملة

ويرى قطاع من المراقبين للأوضاع في المنطقة أن المجتمع الدولي لن يسمح بتلك المواجهة كونها تعني حرباً شاملة لن تكون قاصرة على أطراف الشرق الأوسط، وربما يكون ذلك إشارة إلى تهديدات كان أطلقها حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، ضد قبرص حال استخدمت إسرائيل أراضيها في عمليات ضد الأراضي اللبنانية، ومن المعروف أن قبرص دولة عضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وبالتالي فإن الأخير قد يكون بين يوم وليلة طرفاً في تلك الحرب.

لا يتوفر وصف.

يقول محمد القزاز الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن اللبناني بجريدة الأهرام المصرية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن المؤشرات عدة تقول إنه لن تكون هناك مواجهة واسعة بين إسرائيل وحزب الله وسيبقى الأمر في إطار المناورات والاشتباكات على وضعها الحالي أي في إطار المحافظة على قواعد الاشتباك.

ويبرر "القزاز" وجهة نظره بأن المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية لا يريد ذلك، في ظل قناعة بأن وقوع مواجهة بين حزب الله وإسرائيل تعني على الفور دخول إيران مباشرة وتصبح طرفاً مباشراً في الحرب، ومن ثم تفجر منطقة الشرق الأوسط ككل واندلاع مواجهة أوسع.

ويشير إلى أن موقف المجتمع الدولي اتضح من خلال الاتصالات المستمرة والزيارات المتواصلة إلى بيروت وتل أبيب والتحركات الداعية للحزب اللبناني إلى ضبط النفس، وممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية كذلك، وذلك عكس موقفه من حرب إسرائيل مع حركة حماس.

حسابات طهران 

ويلفت الكاتب الصحفي المصري إلى أن طهران بدورها لا تفضل أن ينجر حزب الله إلى الحرب مع إسرائيل، لأنه بالنسبة لها أهم أذرعها في المنطقة، وبالتالي لن تقبل التضحية به، مشدداً على أن حركة حماس لا تعنيها كثيراً وكذلك الحال بالنسبة لجماعة الحوثيين اليمنية، وبالتالي هي لا تريد للحزب الوقوع في الحرب.

وجدد "القزاز"، في ختام حديثه لوكالة فرات للأنباء (ANF)، التأكيد على أن المواجهة بين إسرائيل وحزب الله تعني على الفور دخول إيران في الحرب كطرف أصيل ومباشر، وستفعل طهران مع حزب الله ما فعلته مع النظام السوري أي التدخل المباشر لدعمه ومساندته، بل وقد يؤدي هذا الوضع إلى جر روسيا أكثر إلى المنطقة في ظل الصراع بين موسكو والغرب الذي على أشده على كافة الأصعدة خلال الفترة الحالية.

وهاجم حسن نصرالله قبل يومين إسرائيل بشدة خلال تأبين قيادي بارز بحزب الله قتل بنيران إسرائيلية، مؤكداً قدرة الحزب على استهداف كافة المواقع الإسرائيلية، فيما أكد الجيش الإسرائيلي في المقابل أنه أقر خطة لعملية موسعة في لبنان، إذا اقتضت الحاجة.