وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الثامنة صباحا وأغلقت رسميا عند الرابعة بعد الظهر، ويتوقع أن تصدر النتائج مساء. وجرت عمليات التصويت دون وقوع حوادث كبيرة، وفقا للسلطات التي نشرت حوالي 300 ألف شرطي وجندي في كل أنحاء البلاد حيث كان يمكن أن يتسبب العنف المتزايد للجماعات المسلحة في الأشهر الأخيرة، بمزيد من الحوادث.
وخلال النهار، أبلغت وزارة الداخلية عن حدوث حوالي 600 مخالفة. وبعد الظهر، قال وزير الدفاع دييغو مولانو "الوضع الطبيعي في كل مكان" لكنه أشار إلى حدوث "عمليتَي توقيف مرتبطة بمخالفات انتخابية". وبدأ التصويت بسلاسة في بوغوتا وافتتحه الرئيس المحافظ المنتهية ولايته إيفان دوكي (الذي لا يمكنه الترشح مجددا).
ودعي نحو 39 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في 12 ألف مركز اقتراع تحت أنظار عشرات الآلاف من الناشطين الذين كلّفوا من قبل المرشحَين الرئيسيَين وعدد كبير من المراقبين الدوليين، خصوصا بعثات الاتحاد الأوروبي ومنظمة الدول الأميركية. وصوّت السناتور اليساري الأوفر حظا للفوز في هذه الانتخابات الرئاسية غوستافو بيترو مع عائلته في بوغوتا التي كان رئيس بلديتها. وأعلن بيترو بعيد الإدلاء بصوته "هناك في نهاية المطاف خياران: إما نبقى على ما لدينا، الفساد والعنف والجوع، وإما نحدث تغييرا للمضي نحو السلام والتقدم المنتج وديمقراطية تتسم بالشفافية".
ويرى المراقبون أن بيترو قادر على الاستفادة من التعطش إلى "التغيير" الذي يتوق إليه الكولومبيون والذي صنع منه شعاره للحملة الانتخابية. وسيكون توليه أعلى منصب في البلاد بمثابة زلزال سياسي في بلد يحتكر فيه المحافظون السلطة منذ عقود. وهذه المرة الثالثة التي يخوض فيها بيترو (62 عاما) انتخابات رئاسية ويرى العديد من الناشطين في ائتلافه اليساري "الميثاق التاريخي" الذي تصدر الانتخابات التشريعية في آذار الماضي، ان هذه الانتخابات ستكون فاصلة. ويخوض بيترو الانتخابات مع مرشحته لنيابة الرئاسة فرانسيا ماركيز، وهي ناشطة من أجل حقوق النساء ومناهضة للعنصرية فرضت نفسها منذ الآن كإحدى الظواهر الطاغية في هذه الانتخابات.
وصوت المرشح المحافظ فيديريكو غوتيرث أيضا برفقة أسرته على وقع التصفيق في ميديين، ثاني مدن البلاد والتي كان رئيس بلديتها في الفترة الممتدة من 2016 إلى 2019. وقال بعد التصويت "أتمنى أن يساعدنا كل صوت في بناء بلد مختلف، خال من الجوع والفساد والعنف، وإحراز تقدم كبير في مكافحة الفقر" متعهدا "توحيد كولومبيا". وفيديريكو غوتيريث يقدّم نفسه على أنه مدافع عن الكولومبيين "العاديين" واعدا بإحلال "النظام والأمن". وبعد اعتماده خطابا تقليديا يقوم على التنديد ب "الشيوعية"، تبنى غوتيريث الذي يلقبه أنصاره "فيكو"، شعار التغيير مؤكدا أنه مرشح "المنطق".
وصوّت المرشح المستقل رودولفو هيرنانديث الذي حل ثالثا في استطلاعات الرأي، وهو رجل أعمال يبلغ 77 عاما غالبا ما يوصف ب "ترامب الكولومبي"، في معقله في بوكارامانغا (شمال). وقال للصحافة بعد الإدلاء بصوته "حانت لحظة الحقيقة" متحدثا عن انتخابات "تاريخية" في نهاية حملة "مرهقة ومضطربة جدا ومستقطبة بشكل مخيف". ومن المقرر أن تجري الدورة الثانية في 19 حزيران/يونيو إذا لم ينجح بيترو في إحراز غالبية 50 % من الدورة الأولى.
وتجري الانتخابات في أجواء من التوتر السياسي الشديد، بعد أربع سنوات لم تشهد إصلاحات كبرى وطغت عليها الجائحة وركود اقتصادي وتظاهرات حاشدة في المدن وتفاقم العنف من قبل الجماعات المسلحة في الأرياف. وكشفت التظاهرات التي أطلقتها لجنة الإضراب الوطني في ربيع 2021 وقمعتها الشرطة بعنف، مدى الإحباط الشعبي ولا سيما بين الشبان في مواجهة الفقر وعدم المساواة والفساد المستشري.
في المناطق الريفية، تصاعدت أعمال العنف مع تزايد سيطرة رجال العصابات والجماعات المسلحة المرتبطة بالاتجار بالمخدرات على المجتمعات المحلية، ما يقوض الإنجازات القليلة لاتفاق السلام الموقع عام 2016 مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك).