لقد ظل بحث الملفات الخلافية مؤجل خلال يومي القمة وجلساتها للخروج ببيان توافقي تم تحييده عن الخلافات العربية-الأوروبية وكذا الخلافات البينية داخل كلا من الكتلتين الإقليميتين، إلا أن اللقاءات الثنائية على هامش تلك القمة الأولى من نوعها التي استضافتها مصر، قد نجحت في اختراق جدار ذلك التوافق الانتقائي للاقتراب من القضايا الخلافية بغية الوصول إلى مزيد من الحوار بشأنها يعزز ما جرى الوصول إليه في الجلسات المغلقة التي شهدت حوارا تفاعليا يخرج عن البروتوكول التقليدي للقمم الدولية وتسلسل كلمات الوفد المشاركة، بحسب مصادر تحدث للوكالة بعد انتهاء المؤتمر.
وتعد الأزمة الليبية أبرز ملفات التفاعل العربي الأوروبي بصورة عامة وسيما في ضوء تنافس بلدين أوروبيين وهما فرنسا وإيطاليا على النفوذ والرؤى المتباينة إزاء مسار الأزمة الليبية التي طال انتظار المجتمع الدولي والليبيين لوضع نهاية لها.
وفي هذا الصدد، اتفق رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج خلال لقائه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم الاثنين على هامش القمة العربية الأوروبية الأولي في شرم الشيخ، على أهمية إنهاء التنافس الدولي والتدخلات السلبية وبالتحديد الأوروبية منها في ليبيا والتي ساهمت في إطالة عمر الأزمة، حسبما ذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي، وأكدت ميركل دعمها لخطة عمل المبعوث الأممي مع التأكيد على ضرورة إيقاف أي تصعيد عسكري من شأنه أن يقوض العملية السياسية، وضرورة إلزام الجميع باحترام قرارات مجلس الأمن الدولي بالخصوص.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجددا موقف بلاده الداعي إلى النأي بلبنان عن النزاعات الإقليمية، حرصاً على لبنان في المقام الأول وحفاظاً على استقرار المنطقة، وللحيلولة دون ترك المجال أمام قوى خارجية للعبث بالسلم المجتمعي للدول العربية وزعزعة أمنها، حسبما أفاد بيان للرئاسة المصرية.
بدوره، أكد رئيس الوزراء اللبناني اعتزاز بلاده بالعلاقات التاريخية الوطيدة بين الجانبين، مؤكدا تقدير بلاده للجهد المصري في دعم لبنان في كافة المجالات، وكذلك كركيزة أساسية في حفظ الاستقرار بها والمنطقة العربية ككل، كمل أشاد الحريري بالتجربة المصرية الراهنة المبنية على أولوية النجاح التنموي، معتبراً إياهاً نموذجاً يحتذى به في دول المنطقة، واصفا لقائه بالسيسي في تصريحات إعلامية عقب اللقاء "بمسك ختام" هذه القمة.
ولعل لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك السعودية بالرئيس القبرصي قد عكست رغبة الرياض في تعزيز العلاقات مع الدولة الجزيرة التي يخضع شطرها الشمالي للاحتلال التركي منذ السبعينيات، وهو لقاء نادر في سجل العلاقات الثنائية بين البلدين والتي تطورت مؤخرا منذ إجراء الرئيس القبرصي لأول زيارة من نوعها للمملكة في نهاية العام 2017، والتقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مقر انعقاد القمة العربية الأوروبية اليوم (الاثنين)، رئيس جمهورية قبرص نيكوس أناستاسيادس، فيما حرصت المملكة على تأكيد رغبتها في تضمين البيان الختامي لرفض التدخلات الإقليمية وسيما الإيرانية والتركية، وهو ما طالبت به أيضا البحرين والإمارات، فيما تمسك الجانب الأوروبي بالمسودة التوافقية لإعلان شرم الشيخ.