تعرضت الليرة التركية لهبوط جديد اليوم بنسبة 19% بعد خطاب لرئيس النظام التركي رجب طيب اردوغان قال فيه ان بلاده ستواجه الحرب الاقتصادية التي تتعرض لها، وذلك في الوقت الذي أمر فيه الرئيس ترامب بمضاعفة رسوم الصلب والألمونيوم على تركيا، غداة زيارة رئيس مكتب الرئيس الايراني حسن روحاني إلى أنقرة لبحث التنسيق مع تركيا في الهروب من العقوبات الامريكية المفروضة على البلدين.
عقوبات جديدة... وأردوغان لا يزال يتحدث عن "الإنقلاب"
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على تركيا اليوم، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة على حسابه على "تويتر" اليوم الجمعة، "لقد اصدرت أوامري للتو بمضاعفة التعريفات الجمركية على الصلب والالمونيوم (التركيين) مع الاخذ في الاعتبار عملتهم الوطنية الليرة، التي انخفضت سريعا مقابل الدولار القوي الخاص بنا.. الألمونيوم سيكون 20% والصلب 50%.. علاقاتنا بتركيا ليست جيدة في هذا التوقيت". واطاحت تلك العقوبات الجديدة بوعود أردوغان بزيادة قيمة عملة بلاده المحلية بعد انتخابه مجدداً رئيساً للنظام التركي بصلاحيات معززة ادخلت أنقرة في نفق الرجل الأوحد.
ولا يزال الرئيس التركي يتحدث حول الانقلاب المزعوم الذى جرى في صيف 2016، في الوقت الذي تتعرض فيه بلاده لضغوط اقتصادية جسيمة نتيجة سياستها الخارجية المرتبكة، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، إن بلاده مستعدة لجميع الاحتمالات الاقتصادية السلبية التي قد تواجهها، جاء ذلك في كلمة ألقاها أردوغان، بولاية بايبورت شمال شرقي البلاد، تحدث فيها عن الوضع الاقتصادي الداخلي.
وأكد الرئيس التركي لشعب بلاده، أنه "لا داعٍ للقلق فلا يمكن إعاقة مسيرتنا بالدولار وسواه".وأضاف: "أوصي أن لا يتحمّس أولئك المتربصون بسعر صرف العملات الأجنبية والفائدة"، مشددا أن "الشعب التركي سيردّ على معلني الحرب الاقتصادية ضد تركيا".
وعن تقلبات سعر صرف الليرة، قال إن "الشعب التركي الذي لا يخشى الدبابات والطائرات والمدافع والرصاص، لن يخشى مثل هذه التهديدات، ومن يظن عكس ذلك فإنه لم يعرف هذا الشعب إطلاقًا".
وأشار الرئيس التركي أن "بعض الدول انتهجت موقفًا يحمي الانقلابيين ويحتضن الإرهابيين ولا يعترف بالحقوق والقوانين في جميع المسائل التي تعد تركيا طرفاً فيها".
واكد وزير الخارجية التركي "مولود جاويش اوغلو" مجددا مساء أمس بان بلاده سوف لن تلتزم بالحظر الامريكي ضد ايران، وذلك خلال استقباله رئيس مكتب رئاسة الجمهورية الايرانية "محمود واعظي"، في أنقرة للتباحث حول الالتفاف حول العقوبات الامريكية، واعتبر جاويش اوغلو زيارة المسؤول الايراني الى انقرة بانها فرصة ايجابية للبحث حول تنمية التعاون بين البلدين، وقال: "نعتبر الحظر والضغوط المفروضة على ايران أمرا خاطئا وغير مقبول، وقد اوضحنا ذلك في اللقاءات الثنائية والعامة، اذ ان هذه الاجراءات تهدد السلام في المنطقة".
وقال جاويش اوغلو: اعلنا صراحة ان تركيا لن تلتزم بتنفيذ الحظر الاحادي الاخير ضد ايران، فإجراءات الحظر الاميركية ضد وزيرين تركيين ايضا نعتبرها عديمة الجدوى، ونعتقد بضرورة حل القضايا عبر الطريق الدبلوماسي.
واشار الى قرب انعقاد اجتماعات اللجان المشتركة بين البلدين بعد تشكل الحكومة التركية الجديدة، لافتا الى رغبة رجال الاعمال الاتراك في التجارة والاستثمار في ايران.
ومن جهته، قال المحلل السياسي الاماراتي الدكتور جاسم خلفات لوكالة فرات للأنباء ANF ان ايران وتركيا يمثلان وجهان لعملة واحدة، حيث لا تزال السياسة التركية تعتمد على التنسيق مع طهران في الكثير من الملفات، بل واستغلالها تطرف السلوك الايراني كورقة للضغط على الغرب، مؤكدا ان وجود اصرار امريكي على تعديل سلوك البلدين يمثل فرصة جديدة امام تعطيل مخططاتهما التوسعية من المنطقة العربية.
وأكد "خلفان" ان فرض العقوبات الامريكية الجديدة على تركيا واستمرار انهيار الليرة، تثبت فشل سياسة اردوغان في تصحيح سياسته الخارجية المرتبكة، وكذب وعوده الجوفاء للشعب التركي بتحسن اوضاعه الاقتصادية وارتفاع قيمة العملة المحلية.
تنسيق إيراني-تركي والتعاون بين روحاني واردوغان يعرّض أنقرة لعقوبات جديدة
بلغت ذروة التنسيق الايراني التركي منذ بدء العقوبات الامريكية ضد طهران وأنقرة، مساء أمس الخميس، حينما بعث الرئيس الايراني حسن روحاني برسالة إلى رئيس النظام التركي رجب طيب اردوغان، عبر مدير مكتبه محمود واعظي، الذي بحث مع اردوغان في هذا اللقاء آخر المستجدات المتعلقة بالاتفاق النووي، اجراءات الحظر الامريكية وموقفي البلدين في هذا الصدد، مؤكداً عزم ايران على المقاومة حتى تجعل اميركا تندم على قراراتها، إذ اعرب الرئيس التركي خلال اللقاء عن سعادته لتسلمه رسالة من نظيره الايراني، واكد مرة اخرى ارادة بلاده المبنية على مواصلة التعاون مع ايران، والبحث عن السبل الكفيلة بالمزيد من تنمية العلاقات الثنائية وازالة العقبات المحتملة.
من جهته، قال العميد الكويتي المتقاعد الدكتور فهد الشميلي الخبير الأمني، في تصريح لوكالة فرات للأنباء ANF ان التنسيق التركي الايراني منذ زمن بعيد، نتيجة تعرضهما للعقوبات معا، مؤكدا ان هناك عدة عوامل دفعت تركيا للجوء لإيران ابرزها تعرضها للعقوبات ايضا من الولايات المتحدة، وكذلك عدم توحد الموقف الدولي حول العقوبات ضد ايران، فالموقف الروسي والصيني والاوروبي ليس مع العقوبات، فهم يتحركون في المجال الدبلوماسي والاقتصادي المفتوح امامهم حاليا للهروب من العقوبات، عبر التنسيق بين انقرة وطهران، والجوار العراقي، فإيران لديها القدرة على الالتفاف على العقوبات وخبرة واسعة في ذلك، والتقت مصالحهما اليوم لأنهما اكثر الاطراف المتضررة من السياسة الامريكية التي تستهدف تعديل سلوكهما.
وأكد "الشميلي" أن العقوبات الامريكية استطاعت ان تهبط بالليرة التركية إلى مستويات قوية امام الدولار، وهو ما اشار اليه الرئيس الامريكي اليوم في تغريدته حول فرض رسوم جمركية جديدة على تركيا، واعتبر ان ما يحدث حاليا من حرب اقتصادية في العالم سواء عبر فرض عقوبات على روسيا والصين وتركيا وايران، مما سيفتح المجال امام تشكيل تحالفات اقتصادية جديدة ايضا في المنطقة والعالم.