قالت مصادر ليبية متعددة لوكالة فرات للأنباء ANF أن حكومة الوفاق الوطني الليبي وميليشياتها المدعومة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعمل على المماطلة في تسليم هاشم العبيدي المشتبه في صلته بهجوم مانشستر إلى بريطانيا، في استمرار لمساعيها بابتزاز الدول الأوروبية لعدم وقوفها بجانب حكومة الوفاق ضد هجوم الجيش الوطني الليبي للسيطرة على العاصمة طرابلس في آخر تطورات الأزمة الليبية التي تهدد بنسف وجود وشرعية حكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة.
صورة: هاشم العبيدي
وقال مستشار سابق بالجيش الوطني الليبي لوكالة فرات للأنباء أن الميليشيات الإرهابية في طرابلس هي من تحتجز شقيق الإرهابي منفذ هجوم بريطانيا بحكم الأمر الواقع، وبحكم سيطرتها على مجمل الأوضاع الأمنية في العاصمة، مشددا على أن أردوغان يحاول ألا يسمح بتسليم مطلوب يثبت تورط ميليشيات طرابلس التي تدعمها تركيا في الارهاب.
وفي مناسبة مرور عامين على الهجوم الارهابي الذي وقع في آيار/ مايو 2017، اهتمت وسائل الاعلام البريطانية بنبأ تأجيل تسليم شقيق منفذ الهجوم الإرهابي والمشتبه بصلته بالهجوم، حيث سافر وشقيقه إلى ليبيا مباشرة قبله، وعاد سلمان ليقوم بالهجوم التفجيري الذي خلف 22 قتيلا، حيث لا تزال العدالة بعيدة عن مجراها بسبب دعم الميليشيات الارهابية في طرابلس لإطالة أمد المعركة.
وكان وزير الداخلية الليبي قد أعلن إن محكمة ليبية وافقت على عودة هاشم العبيدي إلى بريطانيا، ويُحتجز العبيدي، لدى السلطات في طرابلس منذ تفجير قاعة حفلات مانشستر أرينا في مايو/ أيار 2017 الذي أودى بحياة 22 شخصا، لكن القتال الدائر على أطراف العاصمة الليبية يرجح أن يكون السبب وراء تأخير إجراءات التسليم، حسبما ذكرت هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي.
وقال فتحي باشأغا، وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة، في تصريحات لبي بي سي إن المحكمة وافقت على تسليم العبيدي لأنه مواطن بريطاني.
وشدد باشأغا، في تصريحاته لبي بي سي المنشورة يوم 27 نيسان/ أبريل على أن السجن الذي يحتجز فيه العبيدي آمن رغم الصراع الذي يهدد طرابلس، والذي أسفر عن مقتل 250 شخصا منذ بداية الهجوم من قبل قوات حفتر في الرابع من إبريل/ نيسان الجاري.
وكان الوزير الليبي قد اتهم رئيسة الوزراء البريطانية المستقيلة تيريزا ماي بالتخلي عن طرابلس وقت الحاجة بعد أن سحبت القوات البريطانية وطاقم العمل بالسفارة مع بداية الهجوم على العاصمة.
وتحت عنوان: "الأزمة الليبية تعني لا وجود للعدالة بعد لضحايا تفجير مانشستر"، كتبت صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية تقريرا مطولا عن الدور التركي وراء استمرار الاوضاع في طرابلس بما دفع حكومة الوفاق الى المماطلة وتأجيل تسليم المواطن البريطاني المطلوب.
وقال تقرير ذا ناشونال: "بينما أتاحت الذكرى الثانية لتفجير مانشستر أرينا فرصة هذا الأسبوع للأصدقاء والعائلة للحداد على الضحايا، فقد كانت أيضًا فرصة للناجين لطرح سؤال مهم للغاية: لماذا لا يزال أحد المشتبه بهم الرئيسيين في الهجوم محتجزًا في ليبيا؟"
ولفتت إلى أن المحققون البريطانيون حريصون بشكل خاص على مقابلة شقيق الإرهابي هاشم بعد أن اكتشفوا أن الشقيقين سافروا إلى ليبيا قبل وقت قصير من وقوع الهجوم. حيث عاد سلمان إلى بريطانيا قبيل الهجوم بينما بقي هاشم في ليبيا.
واشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من التأكيدات المستمرة من وزراء حكومة الوفاق الوطني - بمن فيهم رئيس الوزراء فايز السراج - بأنهم سوف يستجيبون لطلب التسليم إلى السلطات البريطانية (آخرها في الشهر الماضي)، لا يزال المشتبه بالإرهاب في طرابلس، حيث يخضع لحراسة وزارة الداخلية في حكومة الوفاق.
وتابعت الصحيفة: "تسببت المراوغة المستمرة في إحباط السلطات البريطانية بشدة، مما تسبب في شكوى أحد كبار الضباط بأنهم "تعرضوا للخداع" من قبل الليبيين".
إن أحد أعذار "حكومة الوفاق الوطني" الأخيرة لعدم معالجة طلب التسليم هو تصاعد التوتر في أعقاب المبادرة العسكرية الأخيرة التي أطلقتها القوات الموالية للمشير خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة الليبية، حيث يبدو واضحا دور تركيا وهي تروج لتصعيد كبير في النزاع عن طريق شحن الأسلحة إلى حكومة الوفاق، في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة.
حفتر سيواصل دحر الجماعات المتطرفة رغم تهديدات أردوغان
لقد كان قرار المشير حفتر بتعبئة جيشه الوطني الليبي مدفوعًا جزئيًا برغبته في سحق الجماعات الدينية التي لا تزال تسيطر على مناطق مهمة من العاصمة، ويبدو أنها لا تهتم كثيرًا بدعم جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار السياسي لهذه الدولة المحورية في شمال إفريقيا.
تتلقى العديد من هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة الدعم من القوى الخارجية، مثل قطر، التي تريد أن ترى ليبيا تحت سيطرة نظام إسلامي شبيه بحكومة الإخوان التي سيطرت لفترة قصيرة على السلطة في مصر الجارة لليبيا - مع نتائج كارثية، بحسب "ذا ناشونال"، التي اضافت: "الآن هناك متدخل أجنبي آخر على شاكلة تركيا يقدم دعمه بنشاط إلى الداعمين الإسلاميين لحكومة الوفاق الوطني من خلال تزويدهم بالأسلحة.. وتشمل هذه الشحنات العشرات من المركبات المدرعة التركية الصنع، والتي تم تصويرها تصطف على رصيف ميناء طرابلس". وذكرت تقارير وسائل الإعلام المحلية أن المركبات كانت مخصصة للمقاتلين المتحالفين مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
في الواقع، يعتقد مسؤولو الاستخبارات الغربيون أن المركبات سيتم تسليمها إلى لواء الصمود، بقيادة صالح بادي، قائد ميليشيا إسلامية متطرفة مصنف كمجرم حرب من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة لمشاركتهما في أعمال عدائية تهدد أمن واستقرار ليبيا. إن الإيحاء بأن الرئيس التركي رجب أردوغان ربما يدعم مثل هذه الجماعات أمر منطقي، لأن أردوغان هو والقطريين، لديهم حرص كبير على الترويج للجماعات الإسلامية التي لديها أجندة سياسية مماثلة لجماعة الإخوان، بحسب ذا ناشونال.
وفقًا لعدد من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع، تنوي الميليشيات المرتبطة بحكومة الوفاق الوطني نشر المركبات التركية، وكذلك شحنات الأسلحة الأخرى التي تلقتها، لتعزيز جهودها للدفاع عن طرابلس من الجيش الوطني الليبي. وتحظر الأمم المتحدة، التي تشرف على الجهود الدبلوماسية لتوحيد أطراف البلاد المتحاربة، شحنات الأسلحة هذه.
بدلاً من ذلك، من المرجح أن يؤدي وصول إمدادات الأسلحة الجديدة إلى تصعيد كبير في الصراع حيث يتقاتل الجانبان للسيطرة على العاصمة. ولا يبدو أن التقارير التي تفيد بأن تركيا تدعم بشكل نشط الجماعات الإسلامية في طرابلس قد أثرت بأي شكل من الأشكال على تصميم المارشال حفتر على الانتصار.
وبعد اجتماعات في باريس الاسبوع الماضي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استبعد الجنرال وقف إطلاق النار، وقال للمسؤولين الفرنسيين إنه لا يزال ملتزماً بتخليص عاصمة الميليشيات الإسلامية التي يزعم أنها "تغلبت" على الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة. وبالتالي، فهو لا يزال ملتزماً بالحفاظ على حملته العسكرية للاستيلاء على طرابلس، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 500 ليبي، مع ما يقدر بنحو 75000 من سكان المدينة الذين اضطروا إلى الفرار من ديارهم.
شقيق الإرهابي تحميه الميليشيات
يتضائل احتمال تسليم تسليم هاشم عابدي إلى بريطانيا، مع المعرفة بسيطرة الميليشيات الاسلامية على العاصمة ومنشآتها الأمنية، ويدرك المتابع مدى صعوبة تسليم هاشم عندما يعلم ان والد الشقيقين رمضان العبيدي كان احد قادة هذه الميليشيات. وأحد الأسباب التي تجعل المحققين في مانشستر يعتقدون أن السلطات الليبية مترددة في التعاون هي المعلومات التي قد يقدمها هاشم حول تورط نفسه وشقيقه في الجماعات الإرهابية الإسلامية في ليبيا. فرمضان عابدي، والد الأشقاء، هو عضو سابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، حيث تريد الميليشيات بشكل متزايد منع وصول الاعترافات وتفاصيل تجريم الدور الذي لعبته هذه الجماعات في تفجيرات مانشستر البريطانية، فالزعماء الإسلاميين المتطرفين في ليبيا ومن يقف وراءهم مثل تركيا وقطر مصممون على ذلك.. وهو منع تسليم هاشم إلى بريطانيا بأي ثمن.