وسط مطالب من رموز الاعلام المصري القريب من السلطة، بإجراءات رادعة من مصر تجاه تركيا، ظهرت خلال الأيام الأخيرة العديد من التقارير التحليلية التي تستكشف مسار العلاقات المصرية-التركية المتوترة، حيث أجمعت تلك التقارير على مسار قاتم ينتظر العلاقات بين اثنين من الدول الكبرى في المنطقة، ورغم ان هذا التوتر مستمر منذ سنوات عديدة، على خلفية تطورات داخلية في البلدين وخلافات إقليمية وصراع على النفوذ الإقليمي، فإن الجديد في الأمر يتمثل في تطور الرد المصري على ما تعتبره القاهرة تدخلات واستفزازات تركية، تعكس بطبيعة الحال القطيعة بين النظامين.
وعلى الرغم من أن القاهرة قد حرصت خلال السنوات الأخيرة على تجاهل الرد على أنقرة، بما في ذلك الاساءات الشخصية التي وجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وغيرها من اشكال مهاجمته للدولة المصرية ونظامها وقيادتها، فإن الحال لم يعد كما كان وخصوصا بعد ان نجحت مصر في لم شمل القادة العرب والأوروبيين في أول قمة من نوعها بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، حيث جاء رد الفعل المصري شديد اللهجة بعدما هاجم الرئيس التركي القمة وانتقد حضور القادة الأوروبيين بكثافة إلى مدينة شرم الشيخ المصرية أواخر شهر شباط/ فبراير الماضي بعد اعدام المدانين باغتيال النائب العام المصري من جماعة الاخوان التي تصنفها مصر وعدة دول عربية كتنظيم ارهابي.. لكن الرد المصري بالكلمات كان مجرد قمة جبل الجليد الذي شمل العديد من الضربات التي اصابت نفوذ أنقرة في مقتل كما تستعرضها العديد من التقارير مؤخرا.
مصر حطمت أحلام تركيا في قيادة الكتلة السنية والهيمنة على الغاز
وبحسب تقرير نشره موقع "المونيتور" الأمريكي أمس، فقد أكد الكاتب التركي المتخصص في الشؤون الخارجية والدبلوماسية سميح إيديز، أن تركيا خسرت كثيرا من جراء عداوتها للقاهرة، معتبرا أن آفاق تحسين العلاقات بين أنقرة والقاهرة تبدو أكثر قتامة من أي وقت مضى، خاصة "بعد إعدام 9 إرهابيين مؤخراً بتهمة المشاركة في اغتيال النائب العام هشام بركات في عام 2015، حيث إن التسعة الذين أُعدموا هم أعضاء في جماعة الإخوان، التي لها صلات وثيقة بحزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو حزب العدالة والتنمية".
ولفت الموقع الى ان احلام أردوغان في التوسع في منطقة الشرق الأوسط، اصطدمت بمصر، فتلى أردوغان الضربة الأولى في عام 2013، بعد ثورة اطاحت بحكم الاخوان ورئيسهم محمد مرسي الذي كان لديه علاقة وثيقة بأردوغان، ثم توالت الضربات للأحلام والتوقعات والافتراضات التركية الخاطئة التي وضعتها الأن في مأزق وعزلة عن المنطقة العربية التي كانت تحلم بالتوسع فيها.
وقال الموقع الأمريكي: "تعثرت أحلام أنقرة في منطقة الشرق الأوسط، وجرى توجيه ضربات عدة في وجه الافتراضات الخاطئة التي كانت تنتهجها الحكومة التركية إزاء المنطقة العربية"، واضاف: "في حين أن ثورة 2013، وجهت الضربة الأولى لهذه التوقعات، جاءت الضربة الثانية عندما دعمت معظم الأنظمة السنية في المنطقة، بداية من السعودية، الرئيس المصري، وجاءت الضربة الثالثة مع حظر جماعة الإخوان كجماعة إرهابية من قبل العديد من الدول العربية".
وأعتبر الكاتب التركي أنه على الرغم من رفض أردوغان لعودة العلاقات مع القاهرة، فإنه يواجه معضلة كبيرة، فبعيداً عن أن تكون تركيا معزولة في العالم، فإن مصر تحرز تقدماً دولياً، كما اتضح من استضافتها لقمة الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، كما أقامت تحالفات مع خصوم تركيا، مثل اليونان وقبرص، للاستفادة المشتركة من الموارد الغنية المكتشفة في شرق البحر المتوسط. وتابع: "يتفق معظم الدبلوماسيين الأتراك السابقين والمحللين المستقلين على أن نبذ أنقرة للقاهرة في هذا الوقت الحرج في الشرق الأوسط يعمل ضد مصالح تركيا".
ولفت أيضا إلى أن تركيا خسرت نفوذها في المنطقة بسبب رهانها على جماعة الاخوان الارهابية التي يعتبرها القادة العرب تهديدا وجوديا، مؤكدا ان صعود مصر كقوة اقليمية مؤثرة، أظهر ما خسرته تركيا من نفوذ، وفي تأكيده على أن تركيا ليس لديها أي فرصة للتأثير على الأحداث في مصر ، قال التقرير: "ليس من الواضح ما الذي كسبته تركيا من سياستها الحالية، لكن من الواضح ما فقدته".
إجراءات مصرية رادعة ضد اي تجاوز تركي
وكشف الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامجه المذاع على قناة MBC السعودية، عن استهداف موقع إلكتروني تركى للسعودية ومصر، برعاية الأجهزة الأمنية التركية، وخلال برنامجه قال أديب أن تركيا دولة عدوة، يجب ألا نتاجر معها أو نتعاون معها، موضحاً أن لها قوات احتلال في ثلاث دول عربية وهي "العراق وسوريا وجزء من قطر". وطالب الاعلامي مصر والسعودية، باتخاذ إجراءات واضحة ضد الإدارة التركية، متسائلا: "ماذا ننتظر أمام تركيا التي ترسل الارهابيين الينا؟".
وفي رده على اردوغان بعد مهاجمته القمة العربية-الأوروبية، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار احمد حافظ في بيان ان اردوغان أظهر كراهيته لمصر. وأضاف أن أردوغان "أعرب أيضًا عن اعتناقه المستمر لأفكار جماعة الإخوان الإرهابية".