وتنطلق التحركات المصرية والعربية في هذا الصدد من مواجهة النفوذ التركي في ظل المحاولات التركية لتمديد توغلها في البلدان الأفريقية كوسيلة للتغلب على عزلتها الدولية والاقليمية الراهنة في ضوء توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأوروبية ودول الخليج ومصر.. وفي هذا الاطار يزور وفد مصري رفيع المستوى منطقة القرن الأفريقي حاليا.
وقالت الدكتورة هبة البشبيشي الخبير في الشؤون الأفريقية لوكالة فرات للأنباء ANF، أن النظام التركي حاول الدخول في الصراع على النفوذ في القرن الأفريقي، ومزاحمة الدول الأكثر قربا وحضورا في هذه المنطقة الحيوية بالنسبة للأمن الاقليمي للمنطقة باعتبارها منطقة جوار مباشر للدول العربية ومنطقة الشرق الاوسط، فضلا عن سعي تركيا للتدخل في هذه المنطقة من خلال الوجود العسكري، حيث اقامت تركيا في 2017 اكبر قاعدة عسكرية لها خارج اراضيها في الصومال، تحت مسمى تدريب الجيش الصومالي، على الرغم من ان هناك العديد من الادوار السلبية لتركيا وقطر تحديدا في الصومال من خلال دعم تيارات بعينها مناوئة لدول مثل الامارات والسعودية ومصر، في الوقت الذي حاولت فيه أنقرة تكرار نفس التجربة في الصومال من خلال تحالفها الاستراتيجي مع نظام البشير الاسلامي الذي سقط سقوطا مدويا وسقطت معه الرهانات التركية.
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد أبوزيد الباحث في إدارة الأزمات والأمن الاقليمي، لوكالة فرات للأنباء ANF، أن تركيا تسعى إلى التحرك في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، دون أن تكون دولة متجاورة او متشاطئة لهذه البلدان، فقط من اجل البحث عن موطئ قدم للنفوذ والتدخل وتوسيع دورها التخريبي الوظيفي في المنطقة والذي يوفر لها بعض أوارق التحرك والتآمر مع القوى الكبرى، حيث سعت خلال السنوات الاخيرة الى الحصول على قاعدة عسكرية في السودان لخدمة غرضها التوسعي كما ذكر وزير دفاعها خلوصي اكار خلال زيارة اخيرة الى السودان قبل سقوط حكم البشير آواخر العام الماضي، فقد عبر عن رغبة بلاده في انشاء مركز تدريب عسكري على البحر الاحمر، وهو ما تحركت امامه دول البحر الاحمر نفسها، لكي تنشئ منظمة اقليمية او كيان للتعاون بين الدول المشاطئة للبحر الاحمر، فضلا عن دورها التخريبي في القرن الافريقي كما كشفت عنه الحكومة الايريترية مؤخرا، حيث اتهمت تركيا بتخريب جهود السلام المتسارعة في القرن الافريقي بين الخصمين السابقين اسمرا وأديس أبابا.
وفي نيسان/ إبريل المنصرم، اتهمت إريتريا تركيا وقطر بمحاولة إفساد علاقتها مجددا بإثيوبيا وإعادة التوتر لمنطقة القرن الإفريقي. وقالت وزارة الإعلام الإريترية في بيان إن تركيا وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم تسعى لارتكاب أعمال هدامة في البلاد، وإفساد علاقتها مع إثيوبيا، مؤكدةً أنه يتم تنفيذ هذه الأعمال من خلال دعم وتمويل قطري.
وبالتزامن تماما مع هذه الاتهامات الإريترية غير المسبوقة، زار كل من عثمان صالح وزير الخارجية الإريتري، ويماني جبر آب المستشار السياسي للرئيس الإريتري، مصر، حيث عقدا مباحثات مع المسؤولين المصريين وفي مقدمتهم وزير الخارجية سامح شكري، تركزت حول عدد من القضايا الإقليمية مثل أمن البحر الأحمر، والأوضاع الإقليمية، وسبل تحقيق الأمن والاستقرار والتعاون في منطقة القرن الإفريقي، ومواجهة محاولات تخريب تلك الجهود.
نائب وزير الخارجية المصري يلتقي الرئيس الصومالي
وفي إطار جولته الحالية بمنطقة القرن الأفريقي، التقى السفير حمدي سند لوزا نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية الرئيس الصومالي محمد فرماجو، وذلك في مستهل زيارته الحالية إلى العاصمة الصومالية مقديشيو على رأس وفد مصري يضم السفير كريم شريف نائب مساعد وزير الخارجية للقرن الأفريقي، والسفير محمد نصر سفير مصر لدى الصومال.
وأعرب الرئيس الصومالي خلال اللقاء عن سعادته بالزخم المتزايد في العلاقات الثنائية بين البلدين، وبالالتزام المصري الواضح بدعم وتطوير تلك العلاقات، مؤكداً على أهمية العلاقات التاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين المصري والصومالي.
وتأتي زيارة نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية إلى الصومال في إطار جولته الحالية بمنطقة القرن الأفريقي، والتي تشمل كل من كينيا والصومال وإقليم أرض الصومال، حيث تحرص مصر على متابعة تطورات الأوضاع في منطقتي شرق أفريقيا والقرن الأفريقي خاصة على ضوء رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقي، فضلا عن تعزيز التعاون على المستوى الثنائي في كافة المجالات.
الوفد المصري يلتقي الحكومة ووزير البترول بالتزامن مع طرح الصومال أول مزايدة تنقيب
في إطار زيارة السفير حمدى سند لوزا نائب وزير الخارجية المصري للشئون الأفريقية إلى الصومال على رأس وفد مصري رفيع المستوى، وذلك لدعم التعاون الثنائي وبحث القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك، فقد عُقدت جلسة مباحثات مشتركة بوزارة الخارجية الصومالية برئاسة وزير الدولة الصومالي للشئون الخارجية، أعقبها لقاءات مع كل من وزير البترول والثروة المعدنية، ووزير التربية والتعليم، فضلاً عن لقاء مع القائم بأعمال المبعوث الأممي في الصومال.
وقد أعرب وزير التعليم الصومالي خلال الزيارة عن شكر وتقدير بلاده للجهود التى تقوم بها مصر في مجال دعم تعليم اللغة العربية للمواطنين الصوماليين، فضلا عن تطوير النظام التعليمي في الصومال وتقديم المنح التعليمية فى التعليم العالي، وذلك تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية المصرية فى هذا الصدد. وأعقب اللقاء زيارة مدرسة "١٥ مايو" المصرية بالعاصمة الصومالية مقديشيو، حيث قام نائب وزير الخارجية بتكريم الطلاب المتفوقين، كما تفقد الفصول والأقسام المختلفة بالمدرسة، والتي تقوم بتدريس المناهج الدراسية المصرية من خلال بعثة لوزارة التربية والتعليم موفدة من مصر.
هذا، وقد أقام وزير الدولة الصومالي للشئون الخارجية مأدبة عشاء على شرف الوفد المصري الزائر قبيل مغادرته مقديشيو متوجهاً إلى إقليم أرض الصومال في إطار جولته الحالية بمنطقة القرن الأفريقي، حسبما افاد بيان لوزارة الخارجية المصرية اليوم الأثنين.
اهتمام مصري بإقليم أرض الصومال
وأكدت وزارة الخارجية الصومالية في بيان صحفي لقاء جمع يوم أمس الأحد كلا من وزير الدولة بوزارة الخارجية والتعاون الصومالي عبد القادر أحمد خير ونائب وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية حمدي لوزا في مقر وزارة الخارجية الصومالية في مقديشو، وحضر هذا الاجتماع عدد من المسؤولين من الجانبين.
وبحسب الخارجية الصومالية فقد تركزت المباحثات بين الجانبين خلال اللقاء على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك والتطورات الراهنة على الساحة الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حسبما ذكر موقع صحيفة "الصومال الجديد"، الذي اعتبر أن هذه الزيارة في ظل وجود اهتمام مصري متزايد بأفريقيا بشكل عام ومنطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية بشكل خاص، تزامن مع تولي جمهورية مصر العربية حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي.
واضافت "الصومال الجديد": "كان وفد الخارجية المصرية قام بزيارة إلى كل من العاصمة الكينية نيروبي ومدينة هرغيسا عاصمة جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند)؛ التي أعلنت استقلالها من طرف واحد عام 1991 بعد الإطاحة بالنظام العسكري برئاسة اللواء الراحل محمد سياد بري".