في الذكرى السنوية لمجزرة قرية كوجو الإيزيدية على يد تنظيم "داعش" الارهابي، ارتكبت القوات التركية مجزرة جديدة ضد المدنيين في شنكال/ سنجار، وأسفر القصف التركي عن تدمير سيارة كانت تقل القيادي الإيزيدي زكي شنكالي، ما أدى لمقتله إلى جانب أربعة مقاتلين من وحدات حماية شنكال، بينما كانوا عائدين من إحياء الذكرى السنوية لمجزرة كوجو.
وأصدرت الخارجية العراقية بياناً ترفض فيه القصف التركي، إلا أن شكوكاً أحاطت بمدى مصداقية هذا البيان ودلالته، وما إذا كان مؤشر على اتجاه بغداد إلى التصعيد مع أنقرة لمسايرة التصعيد الأمريكي ضد أردوغان، أو أنه الأمر لا يعدو عن كونه أمراً شكلياً تأخر العراق في إعلانه أيضا.
وجاء القصف التركي بعد يوم واحد من زيارة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى تركيا، والتي شهدت إعلاناً مشتركاً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، برفض العراق لاستهداف دول الجوار انطلاقاً من أراضيها، وفقاً للقرارات والخطط الأخيرة لمجلس الأمن الوطني العراقي، للسيطرة على الحدود مع تركيا.
بيان الخارجية العراقية لحفظ ماء الوجه
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الكردي محمد زنكنة، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء فرات ANF، أنه ليس هناك أي توتر بين الحكومة العراقية وتركيا حول الوضع في شنكال (سنجار) لأن جميع الأطراف الإقليمية المجاورة للعراق، وإن اختلفت على أي موضوع أو أي جانب، ستتفق بالمطلق على كل ما يخص أي جزء كردي أو أيه أرض كردية.
وأضاف زنكنة، المقيم في جنوب كردستان، "أنا شخصيا لم أر بيان الحكومة بالتنديد بقصف أهداف عسكرية بهذه المنطقة إلا محاولة للحفاظ على ماء الوجه وتبيان سيطرة الحكومة العراقية على الوضع وإلا فإن الجانب التركي يعمل على اتفاق دولي جمعها بنظام صدام حسين منذ ثمانينيات القرن الماضي، يقضي الاتفاق بدخول تركيا إلى أي جزء من الأرض العراقية تشعر فيه بالتهديد على سيادتها ووحدة أراضيها (المهددة أصلا من الداخل التركي)، وبحسب القانون السائد في الاتفاقات الدولية فإن أي عقد أو اتفاق يجمع بين حكومتين أو أكثر لا يمكن أن يكون منتهيا إلا باتفاق الدولتين" .
تكرار لسيناريو بعشيقة
واعتبر "زنكنة" أن ما يحدث في "شنكال" ما هو إلا تكرار لما حصل في بعشيقة عندما سكتت الحكومة العراقية عن تصرفات الحكومة التركية بعد إدخال ما يقارب ألفي جندي لهذه المنطقة، والتي تحولت لمعسكر، أرادت الحكومة العراقية أن تستخدمهم في تهديد إقليم كردستان العراق، لكنها لم تنجح في تحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى أنه في حالة "شنكال"، فإن بغداد أيضا وقعت في ذات الفخ الذي كانت تعلم بأنه منصوب لها ولن تستطع الإفلات منه .
وشدد زنكة على أنه لا يصدق أبدا ما يدور في تصريحات الساسة العراقيين ولا حتى بالبيانات الرسمية، فيما يتعلق بالتنديد والإدانة، لأن القصف التركي أتى بعد وقت قصير جداً من انتهاء زيارة العبادي لتركيا، وأشار إلى أن المعادلة باتت واضحة بأن الحكومة العراقية ضحت بمسلحي حزب العمال الكردستاني مقابل حصتها من مياه نهر الفرات الذي تتحكم تركيا بمنابعه.
وأشار إلى أن تركيا أيضا تريد أن تبعث برسالة للولايات المتحدة الأمريكية بأنها ما زالت موجودة، وتتحكم بالوضع في العراق والمنطقة، ولا تهمها العقوبات التي فرضت عليها من قبل واشنطن.