وتناولت العديد من الصحف الأمريكية إمكانية حدوث إنشقاقات وتصدعات في نظام حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، كنتيجة مباشرة لهزيمة أردوغان في انتخابات بلدية إسطنبول، وذلك بعد أن حفزت المساعي الإنفصالية لقادة حزب العدالة والتنمية مثل الرئيس السابق عبدالله غول، فيما أكد المراقبون أن المعارضة ستعزز من تحالفها لتضع النهاية القريبة لنظام حزب العدالة والتنمية وتحالفه القومي خلال الانتخابات المقبلة في 2023.
وتحت عنوان: "إنتخاب عمدة إسطنبول: هل الخسارة "الكارثية" بداية لنهاية أردوغان؟"، قالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن الفوز بأغلبية ساحقة أثبت أن تمسك الرئيس التركي بإعادة الانتخابات لتفوز بها المعارضة مرة ثانية وبنتيجة أكبر، كانت مقامرة وسوء تقدير كارثي من نظام أردوغان، الحاكم المطلق، حسبما وصفته "بي بي سي"، مؤكدة أن المعارضة أصبحت تشعر بأنها قادرة على الفوز وستتوجه بهذا الشعور إلى المنافسة بقوة في الانتخابات المقررة في 2023.
وأكد تقرير آخر بعنوان "نكسة أردوغان في إعادة إنتخابات أسطنبول" أن خسارة حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم معركة السيطرة على بلدية اسطنبول، بعد إعادة إجراء انتخابات البلدية، ويمثل هذا ضربة قاسية للرئيس أردوغان. وتابعت بي بي سي: "تمثل هذه النتيجة انتكاسة كبيرة، للرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، وكان أردوغان قد قال إن "من يفوز باسطنبول يفوز بتركيا".
ولفت إلى أن الانقسامات بدأت تظهر الآن في حزب العدالة والتنمية الذي أسسه أردوغان في عام 2001، ثم انتخب رئيسا للوزراء بين عامي 2003 و2014، قبل أن يصبح رئيسا للبلاد، وأكد التقرير أن هذه الانقسامات قد تتفاقم الأن بسبب هذه الخسارة، ونقلت بي بي سي عن الصحفي والكاتب مراد يتكين، قوله قبل التصويت: "أردوغان قلق للغاية". وأضاف: "إنه يلعب بكل ورقة لديه. إذا خسر، أيا كان الهامش، سيكون ذلك نهاية نهوضه السياسي المطرد، على مدار ربع القرن الماضي".
وأعتبر أنه "في الواقع سيظل رئيسا، وسيظل ائتلافه يسيطر على البرلمان، لكن كثيرين سيعتبرون هزيمته بمثابة بداية النهاية له".
ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" أردوغان بأنه مهزوم "هزيمة لاذعة"، معتبرة أنها أكبر هزيمة في مسيرته السياسية، حيث شقّت هالة الرئيس "الذي لا يُقهر"، وقد تكون بداية نهاية حكمه الذي استمر 16 عاماً، فيما أعتبرت "الغارديان" البريطانية أن أردوغان نفسه ولا أحد غيره هو من تعرّض للهزيمة، وليس مرشحه وحليفه بن علي يلدرم، معتبرة أن "خسارة إسطنبول للمرة الثانية نتيجة غير متوقعة لحزب العدالة والتنمية في إسطنبول، التي تمثل أكبر بلدية في البلاد، ومركز ثقل تقليدي للحزب الحاكم".
"أردوغان يواجه تداعيات خسارة إسطنبول المدوية"، هكذا تناولت الصحيفة الأمريكية في تقرير آخر نتائج الهزيمة المدوية التي تعرض لها الرئيس التركي، حيث أشارت إلى أن أردوغان أصبح يواجه الاتهامات داخل حزبه الحاكم وفي الدائرة الأوسع من مؤيديه،
وتابعت "نيورك تايمز": "سيكون أردوغان مشغولا بالكامل في احتواء الآثار المترتبة على الهزيمة الانتخابية، وهي أكبر هزيمة في مسيرته السياسية، والتي جاءت بعد قراره الكارثي بالدفع إلى إعادة الانتخابات البلدية عقب فوز إمام أوغلو في الجولة الأولى، في آذار/ مارس". ونقلت الصحيفة بعض عناوين الصحف المحلية التركية التي وصفت الهزيمة بأنها "صفعة" وجهتها الجماهير إلى نظام الرئيس التركي.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن أسلي أيدينتاسباس، وهو باحث بارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله: "السؤال الكبير هو: هل سيلتزم في نهاية المطاف بالتحالف القومي المتطرف ويواصل حالة الأمن المصحوبة بجنون العظمة أم أن يسير في الاتجاه المعاكس ويحاول الإصلاح؟". وأكدت أن إمساك إمام أوغلو بالسلطة ستجعله يصل إلى العديد من الملفات التي تثبت الفساد والمحسوبية التي تورط فيها نظام الرئيس التركي خلال سيطرته لمدة ربع قرن على بلدية إسطنبول، لتحويل المدينة التي تمثل عاصمة إقتصادية للبلاد إلى بلدية غارقة في الديون.
وقالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية في نسختها العربية إن فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو بمنصب عمدة إسطنبول، يمثل هزيمة شخصية لأردوغان، وتحدياً غير مسبوق للسلطات الواسعة لنظامه الرئاسي الجديد، وذلك بعد أن حوّل الرئيس التركي المشهد إلى ما يشبه الانتخابات الرئاسية أو الاستفتاء على شعبية أردوغان ونظام حزب العدالة والتنمية، الذي هيمن على إسطنبول، التي تمثل صورة مصغّرة من مجمل الحالة السياسية في البلاد.