أعلنت الولايات المتحدة مجددا دعمها لإستغلال قبرص لمواردها الاقتصادية في وجه التهديدات التركية المتواصلة، فيما جدد الرئيس التركي تهديداته التي أثارت القلق بين دول شرق المتوسط، مؤكدا أن بلاده لن تسمح "بسلب حقوق" القبارصة الأتراك.
وأشارت غاربر في كلمتها مساء الخميس خلال حفل الاستقبال بمناسبة يوم الاستقلال القبرصي وبحضور الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوروبية الآسيوية في الولايات المتحدة ماثيو بالمر، إلى أن الولايات المتحدة تعترف بحق جمهورية قبرص في تنمية الموارد في منطقتها الاقتصادية الخالصة. واضافت "نعتقد ايضاً انه ينبغي تقاسم هذه الموارد بشكل عادل بين الطائفتين في سياق تسوية شاملة. ويحدونا أمل صادق في أن يتم الاستفادة من هذه الموارد قريباً من قبل قبرص الموحدة"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء القبرصية اليوم.
وقالت السفيرة الأمريكية أن اكتشاف المواد الهيدروكربونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة أمر واعد حقاً. وأشارت إلى "أننا نأمل أن تعمل هذه الموارد على تعزيز الرخاء في منطقة شرق البحر المتوسط بأسرها وتساعد على تنويع إمدادات الطاقة في أوروبا".
وأشارت غاربر في كلمتها إلى أن الولايات المتحدة تواصل دعم الجهود التي يبذلها زعيمي الطائفتين في قبرص، برعاية الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للمشكلة القبرص تعيد توحيد الجزيرة ضمن اتحاد فيدرالي ذو منطقتين وطائفتين. وأعربت عن أملها في أن تستأنف المفاوضات قريباً، وقالت أن الجزيرة الموحدة ستوفر مستقبلا أفضل وأقوى لجميع القبارصة.
من جانبه، عبر الرئيس أناستاسياديس في كلمته عن تقدير قبرص العميق للحكومة الأمريكية للموقف الثابت "بشأن هذه المسألة الحاسمة من خلال معارضة خطط الحفر غير القانونية لتركيا ودعمها التام لممارسة الجمهورية لحقوقها السيادية دون عائق لاستكشافها واستغلال مواردها الطبيعية". كما أعرب عن خالص تقديره للموقف المبدئي للحكومة الأمريكية بشأن المشكلة القبرصية والدعم الثابت في التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة.
وأشار الرئيس القبرصي بدوره إلى أن مشاركة شركات الطاقة الأمريكية إكسون موبيل ونوبل في المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص يمثل فصلاً جديداً في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفيما يتعلق بالأعمال التركية غير القانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وصف الرئيس هذا الوضع قائلاً "للأسف، إن هذا يثبط من جهودنا لاستئناف المفاوضات بشأن القضية القبرصية، خاصة في فترة يحاول فيها الأمين العام للأمم المتحدة تقديم زخم جديد لهذه العملية، بعد تعيين المبعوث الخاص السيدة جين هول لوت".
أضاف أنه في الوقت نفسه، ينبغي التأكيد على أن مثل هذه الإجراءات تؤثر سلباً أيضاً على رؤيتنا المشتركة مع الدول المجاورة في إنشاء ممر استراتيجي من شرق المتوسط إلى أوروبا. وكرر الرئيس القبرصي التزامه بالمشاركة الفورية في حوار جديد، شرط أن تنهي تركيا أعمالها التي تنتهك الحقوق السيادية لجمهورية قبرص، حتى تسمح باستئناف المفاوضات على أساس حسن النية بهدف التوصل إلى تسوية عملية وقابلة للتطبيق، حسبما ذكرت الوكالة القبرصية.
بريطانيا تدعم الحقوق القبرصية
جدد وزير بريطاني التأكيد على موقف حكومة المملكة المتحدة من أنها تعترف بالحق السيادي لجمهورية قبرص في استغلال النفط والغاز.
ورد وزير المملكة المتحدة لشؤون أوروبا سير آلان دنكان على خطاب الاتحاد الوطني للقبارصة بشأن التوغل التركي غير القانوني في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وقال الوزير أنه أثار القضية مع السفير التركي في لندن وأن السفير البريطاني في أنقرة قد أثار الأمر مع وزارة الخارجية التركية وحثها على وقف التصعيد، حسبما ذكرت وكالة الانباء القبرصية.
وتابع الوزير قائلاً "لقد كنا واضحين في العلن والسر على السواء أننا نعارض خططهم للحفر"، وحث على "الحوار ووفقاً للقانون الدولي"، وليس "استخدام القوة أو العسكرة أو الإكراه".
وكان رئيس الاتحاد الوطني القبرصي خريستوس كاروليس قد بعث برسالة إلى الوزير عقب إجابته على سؤال شفوي أمام البرلمان من قبل عضو البرلمان بامبوس خارالامبوس في 14 أيار / مايو 2019 وطالب حكومة المملكة المتحدة بالتنديد بالإجراءات التركية، ودعوة تركيا لإزالة سفنها الحربية من المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حدوث ذلك.
اليونان تحذر من الإستفزازات التركية
ومن جهته، قال وزير الدفاع اليوناني إيفانجيلوس أبوستولاكيس، إن تصرفات تركيا في المنطقة، بما في ذلك المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، قد تؤدي إلى وقوع حالات طوارئ في المنطقة، في إشارة للإستفزازات التركية بالقطع البحرية واختراق الطائرات التركية للمجال الجوي لبلاده، وقال: "يجب علينا أن نشعر بالقلق من احتمال وقوع حوادث طارئة يمكن أن تؤدي إلى عواقب سلبية ".
وقال الوزير اليوناني في كلمته خلال مؤتمر لشؤون السياسة الخارجية والأمن نظمته مجلة "فورين بوليسي" بالعاصمة الأمريكية واشنطن، أن تركيا أرسلت يوم 4 مايو الماضي، سفينة الحفر والتنقيب "فاتح"، لتنفيذ أعمال التنقيب في المنطقة الاقتصادية.
وتابع: "أود الإعراب عن قلقي بخصوص الدور المزعزع للاستقرار والمسبب للمشاكل، الذي تلعبه تركيا، والمتمثل في التصريحات، التي تتجاهل سيادتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة".
وجدد أردوغان تهديداته لقبرص، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم أن أبناء جلدته في شمال قبرص لهم حقوق في شرق البحر المتوسط ولن يسمح لأحد بسلبها.
كانت تركيا قد أصدرت إشعاراً بحرياً، أعلنت فيه عن عزمها بدء التنقيب قبالة سواحل قبرص حتى الثالث من أيلول / سبتمبر. وتمركزت سفينة الحفر التركية "فاتح" على بعد 40 ميلاً بحرياً تقريباً إلى الغرب من شبه جزيرة أكاماس و 83 ميلاً بحرياً من السواحل التركية. وتقع المنطقة داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري لجمهورية قبرص. وأعترض الاتحاد الأوروبي ومصر وروسيا والولايات المتحدة على التحرك التركي.
وجدير بالذكر انه تم تقسيم قبرص منذ عام 1974، عندما غزتها تركيا واحتلت الثلث الشمالي من الجزيرة، وأفشلت حتى الآن جميع الجولات المتكررة لمحادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في التوصل الى حل يعيد توحيد الجزيرة.