يتعرض الكرد في بلجيكا، منذ العام 2010 وحتى الآن، للكثير من الضغوط من النيابة العامة البلجيكية، إلى جانب المضايقات التي تتعرض لها الكثير من الشخصيات المعروفة، ويعاني المواطنون العادييون من ضغوط بسبب مشاركتهم في الفعاليات الكردية.
ورغم أن المحكمة البلجيكية حكمت خلال السنوات الثلاثة الأخيرة لصالح حزب العمال الكردستاني وأعلنت أن العمال الكردستاني ليست منظمة إرهابية إلا أن النيابة العامة تواصل ضغوطها على الجالية الكردية في بلجيكا.
وفي هذا السياق أجرت وكالة فرات للأنباء حواراً مع عضو شبكة "PROGRESS" الحقوقية البلجيكية المحامية سلمى بن خليفة. وأوضحت بن خليفة أن النيابة الاتحادية في بلجيكا ومنذ العام 2010 تمارس الضغوط على المجتمع الكردي وتفتح ملفات تحقيق بحق الجميع.
وقالت: "خلال قراءة الكثير من ملفات التحقيق التي عكفت عليها ما لحظته هو أن ورود الجملة التالية: رغم أن المجتمع الكردي يدرك أن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية إلا أنه يقدم الدعم له.
بمعنى أن النيابة تنظر إلى المجتمع الكردي من باب الشكوك، وعليه تعد ملفات التحقيق وتستجوب العائلات الكردية وتحاول إثبات هذه الشكوك".
وأشارت بن خليفة إلى أن النظر إلى المجتمع الكردي من هذا المنظور هو مشكلة حقيقية يعاني منه المجتمع الكردي.
وقالت: "وفقاً لقانون العقوبات، عندما تكون هناك مخالفة أو انتهاك يبدأ التحقيق، لكن النيابة تجري التحقيقات وتستجوب المواطنين الكرد استناداً إلى شكوك، بكلمة أخرى: هناك احتمال ارتكاب مخالفة للقانون، وعليه تجري النيابة تحقيقاتها على أساس شكوك واحتمالات وهذا مخالف للقانون".
وتابعت بن خليفة: "فالقضية بالدرجة الأولى قضية سياسية، وهذا استناداً إلى نوعية الأسئلة التي تطرحها النيابة على المواطنين الكرد وهي: كيف تنظرون وتقيمون حزب العمال الكردستاني؟، كيف تنظرون إلى أوجلان؟، هل تعلمون أن الـ PKK منظمة مصنفة ضمن قوائم الإرهاب في لوائح دول الاتحاد الأوروبي، رغم أنكم تعلمون هذا تقدمون الدعم المادي للعمال الكردستاني؟، هل تعرفون الشخص الفلاني؟ وهل تقدمون الدعم لحملات التبرع بالمال؟".
وأشارت إلى أن غالبية الأشخاص الذين خضعوا للاستجواب قالوا في إفادتهم: لم أدفع أية مبالغ مالية، والبعض منهم قال أنا ادفع مبلغ مالي للمؤسسة الثقافية الكردية كرسم اشتراك عضوية. النيابة وعلى أساس هذه الإفادة تحاول أن تبين أن هناك من يجبر هؤلاء الناس على دفع مبالغ مالية تجمع لصالح العمال الكردستاني، لكن الحقيقة عكس هذا تماماً.
وأوضحت بن خليفة أنها لا تملك أي إحصائيات عن الذين تم استجوابهم من قبل النيابة في بلجيكا، لكن وبالنظر إلى عدد الملفات المتعلقة بالجالية الكردية فإن جميع العائلات الكردية خضعت للتحقيق والاستجواب.
وهذه مشكلة حقيقية تعاني منها الجالية الكردية في بلجيكا. وقالت: "ما يتعرض له الكرد في بلجيكا من مضايقات وظلم، وتمييز عنصري على أساس العرق. ربما هناك الكثير من حوادث التمييز العنصري في العالم لا تلقى أهمية كبيرة، لكن قضية التمييز على أساس العرق مهمة وحساسة للغاية لأنها تحصل في كل بلد أوروبي".
ولفتت بن خليفة إلى أن ما يحصل في بلجيكا هو محاولة قمع للشعب الكردي بشكل خفي. وأضافت "في بادئ الأمر لم أكن أعلم ما الذي تحقق فيه النيابة وإلى أي نتيجة تريد أن تصل، وكنت أتساءل هل هناك احتمال وقوع هجمات إرهابية؟ لكن بعد ظهور وثائق ويكيليكس في العام 2009 فهمنا القضية، حيث كشفت وثيقة بعنوان " "BELGIUM: PKK UPDATE، ظهرت في حزيران/يونيو 2009، عن اجتماع بين ممثلين عن الحكومة التركية والنيابة الاتحادية في بلجيكا في مقر السفارة الأمريكية العليا في بروكسيل.
وتوضح الوثيقة أن المسؤولين الأتراك مستاؤون جداً من عدم تجاوب الحكومة البلجيكية في محاربة حزب العمال الكردستاني، وأن تركيا تطالب بلجيكا بممارسة الضغط على الحركة السياسية الكردية في بلجيكا.
وتوضح الوثيقة أنه خلال اجتماع حزيران/يونيو 2009، تم الوصول إلى اتفاق بين الطرفين على التضييق على العمال الكردستاني. ومن هنا بدأت النيابة الاتحادية باتخاذ إجراءات بحق المواطنين الكرد، هنا تم استبعاد احتمال أن يكون هناك تحضير أو محاولات تنفيذ هجمات إرهابية، لكن هذه الإجراءات تم اتخاذها بطلب من سفير الولايات المتحدة الأمريكية من أجل مساعدة تركيا في محاربة العمال الكردستاني.
وأوضحت بن خليفة أنهم اعترضوا على هذه الإجراءات بحق الكرد، لكنها تعرضت للتهديد من قبل المدعي العام. وتابعت: "حصلنا على إذن من الولايات المتحدة الأمريكية من أجل نشر وثيقة "ويكيليكس" المذكورة.
لكن تعرضنا للتهديد من قبل النيابة العامة الذي أوضح أن استخدم هذه الوثائق في القضايا القانونية هو جريمة وسيحاسبون عليها".
وأوضحت بن خليفة أن هذا الحديث من قبل المدعي العام هو بمثابة تهديد مباشر لنا، فكلمة "أنتم ترتكبون جرم" كانت تهديد مباشر لشخصي.
وأضافت "نحن اليوم نرى ما الذي يتعرض له الصحفي جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس، لأنه كشف الحقيقة يواجه ضغوطاً كبيرة من قبل العالم ويرفض الجميع الاعتراف بصدقية وثائقه، لكن الجميع يعلم أنها حقيقية وليست مزورة.
المسؤولون في الدول يقولون حتى لو كانت حقيقية فلا يجب الأخذ بها كدليل، بمعنى أن التهديد ليس فقط لمن سرب هذه الوثائق بل لكل من يأخذ بها".
وأشارت بن خليفة وفي ختام حديثها إلى الضغوط، التي تفرضها الجهات العدلية، بهدف التضييق على الحركة السياسية الكردية واللاجئين السياسيين في بلجيكا.