"الكشري" يتحدى الندرة المائية في مصر

"الكشري" سلاح الفلاحون في مصر لتحدي الندرة المائية وتناقص "حصة النيل" وحرمانهم من زراعة الأرز.

نقابة الفلاحين بالشرقية تتبني فكرة زراعة الأرز "الكشري" وتطالب الحكومة بتعميمها على مستوى الجمهورية..... "الكشري" يوفر نصف المياه التي يستهلكها المحصول العادي.. وتصديره يؤدي إلى توافر العملة الصعبة لأنه مفيد لأصحاب مرض السمنة والسكري... نسبة البروتين أعلى في "الكشري" والطعم أفضل .. والتقاوي لم تتعرض للعبث في جيناتها الوراثية.

 تعيش مصر واقع مرير في أزمة نقص مياه الري وتناقص حصة مصر من مياه نهر النيل بسبب سد النهضة الإثيوبي الذي يبتلع كميات متزايدة سنويًا من المياه، مما دفع البرلمان إلى إقرار قانون يقلل من مساحات زراعة الأرز بوصفه يستهلك الكمية الأكبر من المياه بين كافة الزراعات، فضلا عن توقيع عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة بدلا من الغرامة فقط لمن يزرع الأرز من الفلاحين خارج المساحات المحددة من وزارتي الزراعة والري، فضلا عن قيام الأخيرة بحرمان آلاف الأفدنة من زراعة الأرز فيما توقع الخبراء أن تتفاقم الأزمة المالية في المستقبل ويصعب السيطرة عليها.

 وكالة "فرات نيوز" كانت شاهدة على إحدى محاولات حل الأزمة من خلال قيادات نقابة الفلاحين في محافظة الشرقية - شمال شرق القاهرة- في النقابة التي يقودها السيد محمد العقاري، حيث أشرفوا على تنفيذ وسيلة جديدة لمواجهة تلك الأزمة من خلال زراعة نوع جديد من الأرز اسمه "أرز الكشري" لأنه يظل شهر كامل لا يحتاج إلى المياه، مما يوفر في الحصة المائية التي من المفترض أن يحصل عليها المحصول، والكشري هنا ليس الوجبة الشعبية المعروفة في مصر ولكنه نوع جديد من محاصيل الأرز.

المبادرة نفذها عدد من شباب الفلاحين في مركزي كفر صقر وأولاد صقر بالشرقية، وننقل تلك التجربة علها تكون نافعة للحكومة المصرية، خصوصًا وأن نقص زراعة المحصول ستؤدي بالتبعية إلى ارتفاع أسعار المنتج النهائي كمحصول استراتيجي شعبي يمثل جوهرة المائدة المصرية مما سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على المجتمع المصري وقطاعي الزراعة والري.

في البداية أكد عبد الرحمن حسن أمين الشباب بنقابة الفلاحين بالشرقية، أن فكرة زراعة الأرز "الكشري" عبقرية نجحت في التقليل من كميات المياه التي من المعتاد إهدارها في زراعة الأرز، وأن سبب التسمية هو أن "وجبة الكشري" هي الوجبة الرخيصة التي تنقذ المصريين من الجوع ، خصوصًا وأن تلك الفكرة ستوفر نصف المصاريف التي يدفعها الفلاح لزراعة الأرز العادي.

وأضاف عبد الرحمن أن تلك التجربة تم تنفيذها تحت إشراف صاحب الفكرة الدكتور سعيد سليمان أستاذ ورئيس قسم الوراثة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق ورئيس مشروع التربية لتحمل الجفاف في الأرز، مضيفًا أن تلك التجربة تمتاز بتحمل نسبة من الملوحة، وبالتالي إمكانية زراعتها في المناطق المالحة بنصف المياه، فضلا عن الجودة الغذائية العالية، وجودة طهى متميزة بفضل ارتفاع نسبة التبييض فيها، مضيفًا أنها صحية جدا ونسبة البروتين بها مرتفعة وطعمها أفضل، كما أن نسبة النشا فيها قليلة جدا، إضافة إلى أن هذه الأصناف تحتاج 50 كيلو تقاوى فقط، بينما الأرز العادي يحتاج 100 كيلو، وبزيادة إنتاجية طن للفدان، وأنه ثبت أنه لم يحدث أي تغيير في جيناتها الوراثية.

وأشار أحمد محمد أحمد أمين شباب نقابة الفلاحين بمركز كفر صقر إلى أن محصول الأرز "الكشري" يستهلك فقط 4 آلاف متر مكعب من المياه ويوفر 3 ألاف متر أخرى كان يستهلكها المحصول العادي، كما يمكن ريه بالرش وليس بالغمر كما في المحصول العادي، فضلا عن ارتفاع إنتاجيته، مضيفًا أن إنتاجية الفدان تتراوح بين 4 و5 طن، وتصل أحيانًا إلى 6 طن في حالة زراعته بطريقة التكثيف.

الحاج محمد جمعة: يجب أن تعود الجمعية الزراعية إلى سابق عهدها وتتسلم المحاصيل من الفلاح .. ويتم اعتماد الزراعة التعاقدية.

فيما طالب الحاج محمد جمعة أمين عام النقابة بالشرقية ونقيب مركز أولاد صقر، وزارة الزراعة بتعميم تلك التجربة على مستوى الجمهورية بزراعة الأرز على شرائح أو بالتكثيف بهدف تغيير العادات الزراعية الموروثة لدى الفلاحين وتحويلها إلى طرق منتظمة في الزراعة والشتلات وتسوية الأرض بالليزر وتسطير الأرض ووضع البذور على مسافات متساوية.

وأشار إلى أن ذلك يؤدي إلى تقليل عمر الشتلات من 30 إلى 15 يوما وهو ما يقلل من كميات المياه المستخدمة، مع ضرورة أن تكون هناك مسافات منتظمة بين الشتلات مما يساعد على توحيد الكثافة الضوئية للأوراق في كامل الحقل ويحسن من حالة المحصول والإنتاجية الزراعية، مضيفًا أن طريقة الري بالغمر الكامل عفا عليها الزمن وأنه مع الأسلوب الحديث في الزراعة "أرز الكشري" لا يصل مستوى المياه في الأرض لأكثر من 3 سم مما يمنح التربة فرصة في التهوية بعد جفافها ثم ريها مرة أخرى وهو ما يعود بالإيجاب على الإنتاجية النهائية، فضلا عن أنه يوفر مصاريف ماكينات المياه من جاز وزيت وعمالة في حالة زراعة المحصول العادي.

الحاج عبد العزيز عبد الرحمن: "الملح الأميني" مبيد محرم دوليا يصيب الإنسان بالسرطان لكنه للأسف منتشر لدى تجار السوق السوداء.

فيما أكد الحاج عبد العزيز عبد الرحمن نائب نقيب الفلاحين بالشرقية أن سلالة "أرز الكشري" تتميز بأنها تماثل سلالة الأرز العادية وتتميز عنها بكونها صحية لأنه لم يتم التلاعب في الجينات الوراثية الخاصة بالتقاوي الخاصة بها, موضحًا أن ذلك يجعل نسبة البروتين بها مرتفعة ويمنحها جودة أفضل في الطعم, وأنها تعتبر فرصة ثمينة لمن يعانون من أمراض السمنة والسكري، مشيرًا إلى أنه لو تم تعميم التجربة سيؤدي ذلك إلى حل أزمة العملة الصعبة لأنه سيتم تصديره لدول الخليج وأوروبا وأمريكا وروسيا بكميات كبيرة ومبالغ مرتفعة، مطالبًا بضرورة زيادة كميات الأسمدة التي يتم صرفها للفلاحين لأن ذلك النوع من المحاصيل يحتاج إلى كميات مضاعفة من الأسمدة.

وكشف الحاج عبد العزيز عبد الرحمن، عن وجود نوع معين من المبيدات المختصة بمكافحة الحشائش يطلق عليه اسم "الملح الأميني"، وهو من أخطر أنواع المبيدات حيث يتسبب في الإصابة بالسرطان كما أنه محرم دوليًا، مطالبًا الدولة بضرورة فرض رقابة على الأسواق وتجار السوق السوداء على وجه التحديد لأن ذلك الخطر يمتد بالتبعية إلى المستهلك النهائي وتتزايد آلام المصريين وأوجاعه بتفشي الأمراض الخطيرة.

وقال الحاج محيي الحجار نقيب المحافظة، أن مجلس النقابة يقوم بزيارة ثابتة أسبوعيًا لجميع قرى وكفور المحافظة بهدف حل المشاكل الأساسية التي يعاني منها الفلاحين خصوصًا مشاكل المياه والري والصرف الزراعي وتطهير الترع، مضيفًا أنهم يعملون بدون مقابل تطوعًا لخدمة الفلاحين، وأنهم رفعوا ألمر إلى النقابة العامة بقيادة الحاج حسين أبو صدام بعدما رفضت مديرية التموين بالشرقية التعاون معنا، وأن النقابة ظلت تتابع الموضوع حتى انتهى وتم حله في اليوم التالي.

الحاج علي الفقي: نحاول التغلب على نقص مياه الري بأقل الإمكانيات

وأضاف الحاج علي أحمد ابراهيم الفقي نقيب مركز صان الحجر، أن الأهالي والفلاحين في مركز صان الحجر والمراكز المجاورة في شمال الشرقية يعانون من قلة مياه الري، وهو ما يجعل الفلاح في حيرة من أمره مع ارتفاع نسبة ملوحة الأرض بحيث لا يستطيع الاستعانة بالمياه الجوفية، مضيفًا أن تلك الأراضي كان يملكها أحد الإقطاعيين في عهد الملكية، وعندما قامت ثورة 1952 قام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بتوزيع الأراضي على الفلاحين، ولكن الآن الحال تغير إلى الأسوأ لأنه ليس هناك مكان ثابت للري سوي المياه القادمة من مصرف حادوث، مضيفًا أنهم تحدثوا مع المسئولين أكثر من مرة لكن ليست هناك استجابة، خصوصًا وأن تلك المراكز في نهاية حدود الشرقية مع محافظتي بورسعيد والدقهلية.

وأوضح الحاج علي أحمد إبراهيم أن الفلاحين في مركز أولاد صقر كانوا يروون أراضيهم قبل 20 سنة من الترعة الرئيسية القادمة من مدينة أولاد صقر لكن انقطعت المياه واضطر المسئولين لكي تصل حصة القرية من المياه أن يفتحوا فتحة من مصرف حادوث وهو مصرف للصرف المغطى والمياه الموجودة به عبارة عن خليط من مياه صرف صحي والمياه المنصرفة من الأراضي السابقة لقرى المراكز المجاورة، مشيرًا إلى أن الفلاحين يضطرون لاستخدام تلك المياه التي تصيبهم بالأمراض خصوصًا مع الرغاوي التي تطفو على سطح المياه بعد رفعها من الترعة.