تستسعد مصر لاستئناف اجتماعات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية التي يشارك بها ممثلين عن الاجهزة الأمنية والتشكيلات العسكرية في ليبيا، بهدف الوصول إلى توقيع اتفاق بين المشاركين ينهي انقسام المؤسسة العسكرية، بما يمهد لتوحيد باقي المؤسسات والتغلب على أزمة تنازع الشرعية والمؤسسات الموازية. ويأتي ذلك فيما أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا، الذي يزور القاهرة حاليا لإجراء محادثات مع عدد من المسؤولين المصريين والليبيين وغيرهم، على صعوبة إجراء الانتخابات العامة في ليبيا في الموعد المحدد يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، نظرا للأسباب أمنية وسياسية وقانونية ولوجيستية، أبرزها تأخر اصدار قانون الانتخابات، والهجوم الارهابي على مفوضية الانتخابات، والاقتتال بين الميليشيات في طرابلس والذي انتهى مؤخرا بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية البعثة الأممية.
واستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري" وزير الخارجية، الأحد، "غسان سلامة" مبعوث الأمم المتحدة الخاص بليبيا؛ وذلك للتباحث بشأن مُستجدات الأوضاع الليبية وسُبل دفع الحل السياسي لتسوية الأزمة، فضلاً عن التعامل مع التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية المُرتبطة بها.
وصرح المُستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن لقاء شكري بالمبعوث الأممي يأتي في إطار اللقاءات الدورية التي تجمعهما لتناول الأزمة الليبية؛ بما يعكس مدى حرص مصر على دعم جهود تسوية الأزمة ورفع المعاناة عن الشعب الليبي الشقيق من جانب، وكذا اهتمام الأمم المتحدة بالتشاور والتنسيق الدوري مع القاهرة في هذا الشأن من جانب آخر، وهو الأمر الذي حرص "سلامة" على الإعراب عنه خلال اللقاء.
- المبعوث الأممي اللقاء بإحاطة الوزير شكري بالجهود الأممية المبذولة للتعامل مع التحديات الراهنة على المشهد الليبي؛ وعلى رأسها النجاح في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين المجموعات المُسلحة في طرابلس، مُستعرضاً رؤيته حول سُبل التعامل مع تلك التحديات في ليبيا. هذا، وقد أشاد "سلامة" بالجهود المصرية الخاصة برعاية مسار توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، مُعرباً عن أمله في أن يؤدي ذلك المسار إلى تشجيع العمل على توحيد وإعادة بناء بقية مؤسسات الدولة الليبية الأُخرى.
ومن جانبه، رحب شكري بالجهود الأممية مُؤكداً على ثوابت مصر تجاه الأزمة الليبية، كما استعرض الجهود المصرية المبذولة لدفع مسار تسوية الأزمة، وأكد على مواصلة القاهرة جهودها فيما يتعلق برعاية مسار توحيد المؤسسة العسكرية الليبية؛ حيث أثبتت الاشتباكات العنيفة التي شهدتها طرابلس مؤخراً ضرورة التعامل مع ظاهرة انتشار الميليشيات وأهمية بناء وتوحيد المؤسسات الأمنية الوطنية الليبية لتحقيق الاستقرار المنشود.
واختتم المتحدث باسم وزارة الخارجية تصريحاته بأن اللقاء تضمن تبادل الرؤى حول سُبل دفع المسار السياسي في ليبيا، حيث اتفق الطرفان على ضرورة التنفيذ الكامل للمبادرة الأممية بكافة عناصرها. كما تم تناول مُستجدات الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، واستعراض جهود الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالوضع في ليبيا، والتأكيد على أهمية تنسيق تلك الجهود نحو دعم المسار الأممي لتسوية الأزمة، مع الالتزام بمبدأ الملكية الوطنية لليبيين أنفسهم.
وفي السياق ذاته، استقبل أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، اليوم الأحد الممثل الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس بعثة الدعم الأممية في ليبيا خلال زيارته للقاهرة.
وناقش أبو الغيط مع سلامة أخر تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا والجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة لحلحلة الأزمة الليبية واستكمال المسار السياسي الذي يرعاه المبعوث الأممي، خاصة من أجل تجاوز الصعاب التي تقف أمام إتمام الاستحقاقات الدستورية والانتخابية التي يتطلع إليها الشعب الليبي.
وجدد أبو الغيط الإشادة بهذه المناسبة بالجهود التي يضطلع بها سلامة للتوصل إلي اتفاق وقف النار بين الميليشيات المتناحرة في العاصمة طرابلس ووضع وإنفاذ الترتيبات الأمنية التي تهدف إلي تثبيت الأمن والاستقرار في المدينة؛ كما أعاد أبو الغيط التأكيد على أهمية التوصل إلي حل جذري وشامل ودائم للتهديد الذي تمثله الميليشيات والتشكيلات المسلحة كشرط أساسي لإنجاح المسار السياسي وتهيئة الأجواء السياسية والأمنية المطلوبة لإنهاء المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد.
وشدد أبو الغيط على التزام الجامعة بمواصلة جهودها من أجل مرافقة الأشقاء الليبيين للتوصل إلي تسوية سياسية شاملة للأزمة على أساس خطة العمل التي يرعاها المبعوث الأممي، كما اتفق أبو الغيط وسلامة على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق بين الجامعة والأمم المتحدة في كل ما من شأنه أن يساهم في بناء الثقة وتحقيق التوافق الليبي-الليبي المنشود حول الخطوات المنتظرة لاستكمال وإنجاح العملية السياسية في البلاد.
ومن جانبه، قال مدير المركز الليبي للإعلام وحرية التعبير، إبراهيم بلقاسم، أن المبعوث الأممي غسان سلامة جاء إلى مصر بهدفين، الأول يتمثل في تأكيد دعمه لجهود مصر في توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وذلك من أجل العمل على استئناف وتكثيف تلك التحركات، وهو ما بدى خلال لقاءه بوزير الخارجية المصري سامح شكري والمسؤولين المصريين، أما الهدف الثاني بحسب "بلقاسم" فيتمثل في لقاء المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي من اجل التباحث حول مستقبل الاوضاع السياسية في ليبيا، وسيما مصير المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية في طرابلس، معتبرا أن الأيام المقبلة ربما تشهد تغيرات سياسية في هذا الصدد.
وربط "بلقاسم" في تصريحاته لوكالة فرات للأنباء ANF، بين التطورات المرتقبة على الساحة الليبية، واجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية منتصف أكتوبر الجاري للتباحث حول رؤاهم لمستقبل المجلس الرئاسي الليبي، ومدى الاتفاق على استمرار دعمه والاعتراف به، في مقابل الرؤى الداعية للذهاب مباشرة إلى الانتخابات والاحتكام إلى نتائجها.
ومن جهة أخرى، يرى الباحث المصري في الأمن الإقليمي الدكتور أحمد أبوزيد، أن مصر أخذت على عاتقها رعاية مسار توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، نظرا لاعتبارات كثيرة أولها أهمية دعم الجيوش الوطنية لمواجهة الميليشيات الدينية المتطرفة، فضلا عن دور مصر التاريخي في إنشاء وتوحيد الجيش الليبي منذ عقود طويلة.