وتعد زيارة وزير الخارجية الإيطالي إلى مصر هي الأولى على هذا المستوى منذ عام 2015، وتستمر لمدة يومين.
وتناول الوزيران كيفية تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، فضلاً عن العديد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الأوضاع في ليبيا، والمتوسط، وقضية الهجرة غير الشرعية.
مصر مركز إقليمي للطاقة رغم نوايا أردوغان
وخلال لقاءه ميلانيزى أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي حرص مصر على الارتقاء بالتعاون المشترك بين مصر وإيطاليا في مختلف المجالات الثنائية وبخاصة العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وذلك بالنظر إلى ما تمثله إيطالياً كشريك تجاري رئيسي بالنسبة لمصر، مشيدا بالتعاون المثمر والبناء مع الشركات الإيطالية خاصة في مجال الغاز والطاقة.
وأعرب الرئيس المصري عن تطلعه إلى مزيد من التعاون في هذا المجال خاصة في ظل سعى مصر لتصبح مركزاً لتداول وتجارة الغاز والطاقة في جنوب المتوسط.
وبدوره أشاد الوزير شكري بالدور المحوري الذي تلعبه إيطاليا لمساندة مصر في مساعيها للتحول إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة ونقلها إلى القارة الأوروبية، مشيراً إلى استمرار عمليات التنقيب والاستكشاف التي تقوم بها شركة ENI، فضلاً عن العقد الموقع مؤخراَ بين وزارة البترول وشركة TECHNIP الإيطالية لرفع القدرة التكريرية لمعمل MIDOR بالإسكندرية بتكلفة تتجاوز 1.5 مليار دولار.
وحول اكتشاف الغاز قال "شكري" خلال مؤتمر صحفي مشترك بين الجانبين، إن التعاون القائم بين مصر وشركة اينى الايطالية، واكتشاف الغاز في حقل ظهر هو علامة في غاية الأهمية في العلاقات بين البلدين، ومصر ليس لديها ما يكفي من الموارد لاستكشاف الغاز وحدها ولكن يتم ذلك من خلال التعاون مع الشركاء في المتوسط، وهناك مناقشات للتعاون مع ايطاليا واليونان وقبرص من اجل تطوير الموارد وتوفير أمن الطاقة وسنواصل هذا التعاون.
ويدور صراع مكتوم في شرق البحر المتوسط حول الثروات الطبيعية وخاصة اكتشافات الغاز الحديثة في المنطقة، ففي الوقت الذي شكلت فيه القاهرة تحالفا متينا مع اليونان وقبرص للتعاون في هذا الملف وتوسيع الشراكة في كل ما يتعلق بقضايا شرق المتوسط، فإن النظام في تركيا يرى أن بلاده تتعرض لمؤامرة وحربا اقتصادية نتيجة للعزلة المتزايدة التي خلقتها السياسة الخارجية المرتبكة للرئيس أردوغان.
الأزمة الليبية: اتفاق على تهيئة الظروف المناسبة لعقد الانتخابات عبر الحوار
وتناولت المشاورات السياسية بين الوزيرين تطورات الأوضاع في ليبيا نظراً للاهتمام المشترك الذي يوليه الجانبان للشأن الليبي، حيث استعرض الوزير شكري رؤية مصر تجاه الأزمة الليبية والجهود التي تبذلها لتحقيق الاستقرار، مرحباً بالتعاون مع الجانب الإيطالي للتوصل إلى صيغة شاملة تحقق الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، وتواجه الإرهاب، وتعيد بناء مؤسسات الدولة الليبية، وتعالج الخلل القائم في توزيع الموارد بين المناطق الليبية المختلفة، وتتيح إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في أقرب فرصة.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي تلا المشاورات، وقال "شكري" إنه ناقش ونظيره الإيطالي الوضع في ليبيا وأهمية السير قدما في إطار خطة المبعوث الأممي ومقررات الوصول إلى حلول ليبية-ليبية تقضي على الإرهاب وتمكن المؤسسات من القيام بواجباتها في حماية الشعب الليبي.
وردا على سؤال حول الدور المصري في الأزمة الليبية، وموقف القاهرة من المؤتمر الذي ستستضيفه ايطاليا في الخريف القادم في هذا الصدد، قال الوزير المصري انه تم بحث جهود المبعوث الأممي، والتنسيق بين دول المنطقة مصر وتونس والجزائر ومجموعة جوار ليبيا.. مشيرا الى أن دور مصر داعم لاتفاق المسار السياسي واستمرار الحوار مع كافة الأطراف السياسة في ليبيا للوصول الى حوار ليبي-ليبي.
وأوضح أن مصر تبذل جهدا لدعم المؤسسات الليبية على استعادة دورها من خلال الحوار الذي استضافته القاهرة لكي تتجاوز ليبيا مراحل عدم الاستقرار وان تذهب الى إجراء انتخابات وان يتم الخروج من الأزمة التي يعانى منها الشعب الليبي.
وفيما يخص المؤتمر الذي ستستضيفه إيطاليا، أكد شكري أن مصر تدعم كافة الجهود التي تسهم في العمل على استعادة الاستقرار في ليبيا وتستمر في التنسيق مع الشركاء على المستوى الثنائي وأيضا مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي إن بلاده تعمل على الوصول إلى أفضل وضع للشعب الليبي وهو ما يحتم الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية واستعادة الأمن والاستقرار، وسيعقد مؤتمر في الخريف القادم في إيطاليا حول هذا الموضوع بهدف إجراء اتصالات ومحادثات مباشرة مع الأطراف الليبية والمهم هو تحقيق الهدف الأكبر وهو يصب في صالح الشعب الليبي.
وردا على سؤال حول موقف إيطاليا بشأن الانتخابات المزمع عقدها في ليبيا طبقا للمبادرة الفرنسية التي ترفضها ايطاليا قبل اكتمال المصالحة.. قال الوزير الإيطالي إن الانتخابات هي نقطة تحول في ليبيا وينبغي أن تنعقد بعد جاهزية الإطار العام، فعلى سبيل المثال كان هناك تصويت في برلمان طبرق ونتائجه معروفة والوضع لم يصل إلى الاستقرار ويجب أن يتم تحقيق الاستقرار للشعب الليبي حتى يتمكن من التصويت في الانتخابات.
ودخلت فرنسا وإيطاليا في حرب كلامية الشهر الماضي على خلفية تصميم باريس على تنفيذ مبادرتها التي تقتضي إجراء انتخابات قبل نهاية العام وذلك بعد اجتماع جمع الرئيس الفرنسي بمختلف أطراف المشهد الليبي في باريس في مايو الماضي، وقال رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، قبل أسبوعين، إنه أخبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن إيطاليا لن تدعم تسريع العملية الانتخابية في ليبيا قبل إكمال عملية التوافق السياسي بين الفرقاء الليبيين.
وخلال الأسبوع الأخير من يوليو الماضي زار وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان ليبيا للتأكيد على تفاهمات باريس، وذلك بعد تصريح شديد اللهجة لرئيس الوزراء الايطالي قال فيه أن ليبيا ليست ملك فرنسا ولن تكون.
وفيما يتعلق بقضية الهجرة غير الشرعية، أوضح شكري أن مصر استطاعت أن توقف تدفقات الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016، مما يعزز من مصداقية مصر في هذا المجال، مشيراً إلى أن مصر تتحمل الكثير من الأعباء وأثبتت أنها شريك رائد للاتحاد الأوروبي، و أن مصر تتعامل مع قضية اللاجئين في المنطقة من منظور إنساني و ترفض أي حلول قائمة على إيداع المهاجرين واللاجئين في معسكرات أو مراكز تجميع وعزلهم عن المجتمع.
العلاقات الثنائية.. لا تزال بعض القضايا عالقة
واتصالاً بقضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، التي تسببت في أزمة دبلوماسية بين البلدين قبل عامين بعد العثور عليه مقتولا في مصر، ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن وزير الخارجية الإيطالي أعرب عن تطلعه إلى إنهاء هذه القضية في أقرب فرصة ممكنة ومحاسبة المسئولين عنها، مشيداً بالتعاون القائم بين الجهات القضائية في البلدين. ومن جانبه، أكد الوزير شكري أن مصر ملتزمة باستمرار التعاون بين البلدين، وتعتزم بذل كافة الجهود لإظهار الحقيقة حول الجريمة وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.
وجاءت الزيارة التي كانت مبرمجة منذ فترة بالفعل، بعد أيام من رفض الأمن الإيطالي تسليم المتهم الإخواني الهارب الدكتور محمد محسوب وزير المجالس النيابية في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وذلك بعد أن أخلت شرطة مدينة راغوزا سبيل الوزير السابق، بعد توقيفه بالقرب من كاتانيا، على خلفية مذكرة تسليم مصرية صادرة بحقه، وأطلق سراحه لتمتعه بالجنسية الإيطالية.