خلال الأعوام المنصرمة، تصدرت تركيا ترتيب أسوأ معدلات الاعتقال والسجن في دول مجلس أوروبا، بمعدل 357 سجيناً لكل 100 ألف نسمة، متقدمة على روسيا وجورجيا وأذربيجان، ومع ارتفاع هذا المعدل ومع الأخذ بالاعتبار أن هنالك عشرات السجون التي يتم انشاؤها، يقبع الآلاف من السياسيين والصحفيين والمحاميين والفنانين ونشطاء المجتمع المدني في تلك السجون والتي تكون أغلبها سرية ويتم فيها تصفية المعارضين للتحالف الحاكم في تركيا (العدالة والتنمية، الحركة القومية)، ولعل أبرز تلك التهم التي توجه إلى أولئك المعتقلين هي (الانضمام إلى التنظيم أو الدعاية له) والتي توجه بشكل متعمد إلى السياسيين الكرد، ومنها أيضا تهمة إهانة الرئيس التركي والتي أصبحت واقع مع سن عدد من القوانين من قبل التحالف الحاكم والذي يسيطر على جميع مفاصل الدولة.
وهو ما أوضحه تقرير لموقع Insider الإخباري حول السجون في تركيا والذي أشار في مضمونه إلى سجن سيليفري في مدينة إسطنبول، والذي صنف ضمن أضخم 7 سجون مكتظة عالمياً، حيث يحوي ضعف طاقته الاستيعابية، ونوه التقرير أن الطاقة الاستيعابية للسجن تبلغ 11 ألف شخص، لكن السجن يضم نحو 22 ألف سجين.
ارتفاع عدد السجون في البلاد
وتشير الإحصائيات والدراسات التي أعدتها شخصيات ونشطاء من المجتمع المدني إلى ارتفاع أعداد السجون التي تم بناؤها في تركيا خلال الأعوام الماضية والتي بلغت أكثر من 140 سجناً رسمياً بالإضافة إلى سجون أخرى يتم بناؤها حالياً وهي قيد الإنشاء.
وتقول السلطات التركية إنها ستشيد 228 سجناً جديداً خلال السنوات المقبلة، يأتي ذلك وسط تأكيد وزارة العدل التركية إنه يوجد في البلاد 385 سجناً ومركز توقيف، الأمر الذي لا يتفق معه الكثير من الحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني الذي يشيرون إلى وجود أعداد كبيرة من السجون في البلاد بالإضافة للسجون السرية منها.
الانتهاكات في السجون التركية
كثيراً ما يتم تداول المعلومات وشهادات المعتقلين حول الانتهاكات في السجون التركية، ومنها الحرمان من الحقوق الصحية وتلقي العلاج أو حق التواصل مع العالم الخارجي من خلال الزيارات العائلية أو زيارات المحاميين، لكن أبرز تلك الانتهاكات وأخطرها هي تلك التي برزت وظهرت للعلن مؤخراً، والتي تمثلت بتفتيش النساء وهن عاريات بهدف اذلالهن، والتي أثارت غضب المجتمع المدني والمنظمات المعنية، والتي تم تأكيدها من خلال شهادات مروعة من نساء معتقلات في تلك السجون.
وأمام تلك الشهادات التي تناولتها وسائل الإعلام بكثرة اعترفت السلطات التركية بتفتيشها للنساء وهن عاريات بذريعة أن تلك الممارسات ضرورية في سجونها، الأمر الذي تعتبره الكثير من المنظمات الحقوقية انتهاكاً لحقوق الإنسان والسجناء.
منظمات دولية ترصد الانتهاكات التركية في السجون
ترصد العديد من المنظمات الدولية المعنية، الانتهاكات في السجون التركية والتي عادة تصدر بيانات كتابية حولها دون أي تحرك دولي أو قضائي حيالها ولعل أبرزها التقرير الذي صدر في يناير/ تشرين الثاني عام 2019، من قبل منظمة "هيومن رايتس ووتش" والتي أشارت فيه إن مزاعم التعذيب وسوء المعاملة والمعاملة القاسية اللاإنسانية أو المهينة في أماكن الاحتجاز والسجون، تزايدت بشكل ملحوظ، في غياب أي تحقيق ذي معنى.
كما أورد تقرير لجمعية حقوق الإنسان التركية خلال الأعوام المنصرمة، أن السجون التركية تضم 743 طفلاً بجانب أمهاتهم، الذي اعتبرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بالمثير للقلق.
وينص القانون التركي على أنه يجب أن تتم محاكمة النساء اللواتي لديهن أطفال صغار دون وضعهن في الحبس، ومع ذلك تقبع المئات من النساء مع أطفالهن الرضع في السجن.
وخلال الأعوام الماضية، أورد تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، شهادات عن قيام الأمن التركي بتعذيب المعتقلين وتهديدهم بالاعتداء الجنسي والاغتصاب، في محاولة لإجبارهم على الاعتراف بالانتماء لجماعات تصفها أنقرة بالإرهابية.
ومن جانبه، نقل مركز "ستوكهولم للحريات" إحصائيات صادرة عن وزارة العدل التركية، أشارت فيها إن 260,144 شخصاً مسجونون في البلاد، وهو ما يصفه نشطاء المجتمع المدني بـ (أرقام غير حقيقية).
كما وسلط "مركز ستوكهولم للحريات" في إحدى تقاريره بعنوان "حالات وفاة مريبة وانتحار في تركيا"، الضوء على ارتفاع أعداد الوفيات الغامضة في السجون ومراكز الاحتجاز التركية، بسبب التعذيب.
ونشر المركز أن 120 حالة وفاة وانتحار مشبوهة على الأقل سجلت بين المعتقلين في تركيا خلال عامين فقط صنفتها السلطات التركية أنها "انتحار".
ولعل من أخطر تلك التقارير ما كشفه تقرير الإحصاء الجنائي السنوي لمجلس أوروبا، أن 297،019 سجيناً يقبعون في السجون التركية، أي ما يعادل نحو 358 نزيلاً لكل 100000 نسمة من السكان، وهو رقم أعلى بأكثر من ثلاثة أضعاف المعدل الأوروبي المتوسط البالغ 103 سجين لكل 100 ألف شخص.