لم تكن كوباني مثل الموصل بل قاومت حتى النهاية
قالت الصحفية خزنة نبي التي تابعت مقاومة كوباني: كان هناك طريقين؛ إما كوباني كانت ستصبح مثل الموصل أو أنها ستقاوم حتى النهاية، وبدون شك، قرر الكرد خوض الحرب حتى النهاية والدفاع عن أنفسهم".
قالت الصحفية خزنة نبي التي تابعت مقاومة كوباني: كان هناك طريقين؛ إما كوباني كانت ستصبح مثل الموصل أو أنها ستقاوم حتى النهاية، وبدون شك، قرر الكرد خوض الحرب حتى النهاية والدفاع عن أنفسهم".
قيّمت الصحفية خزنة نبي، التي واكبت مقاومة كوباني عن كثب لحظة بلحظة، وآثار المقاومة وكيف انتشر صوت الحقيقة عبر المراسلين الحربيين والتي أسفرت عن إعلان الأول من تشرين الثاني يوم كوباني العالمي واليوم الثاني من تشرين الثاني يوم العالمي لـ روج آفا، لوكالة فرات للأنباء (ANF) .
وأوضحت خزنة نبي أن انتصار كوباني كان مهماً لكل من الكرد وكذلك مرتزقة داعش، وقالت بهذا الصدد: "لو تمكن مرتزقة داعش من تحقيق النصر في كوباني، لكانت الخطوط الحدودية -من حدود حلب إلى حدود بغداد- خاضعة لسيطرة الدولة التركية، ولكانت مناطق الكرد أي الجزيرة وعفرين وكوباني قد انفصلت عن بعضها البعض، ولكان قد حصل انكسار كبير، حيث لم تكن مجرد حرب جغرافية، فالحدود التي رُسمت، والمشاريع التي أنُشئت، والتغيير والتحول الذي حدث، كلها كان قد تم تحقيقها بالدماء، ولهذا السبب، أُبديت مقاومة كبيرة في كوباني، حيث كان هناك خياران؛ إما أن كانت كوباني ستصبح مثل الموصل أو أنها سوف تقاوم حتى النهاية، وبدون شك، قرر الكرد خوض الحرب حتى النهاية والدفاع عن أنفسهم".
كانت هناك سلاح واحد للدوشكا على ثلاث جبهات
وأوضحت خزنة التي قالت: "أنا كامرأة كردية شابة كنتُ مرتبطة بهدف، ولم تكن مجرد مدينة، بل كان متمثلاً بفكرة إما أن تحقق القضية الكردية النصر أو أن يكون هناك نصر"، أنه في الوقت الذي كان الجميع يتحدث عن سقوط كوباني، لم يكن أحد يتطرق بالحديث عن الهزيمة، وتابعت قائلةً: "أنا لا أتطرق لذكر هذا الأمر من أجل الشعارات فقط، بل كنتُ قد شهدت تلك اللحظات، حيث أن المقاتلين والمقاتلات والقياديين دافعوا عن كوباني بروح فدائية ومقاومة عظيمة، كان هناك مشهد من هذا القبيل، لدرجة أتمنى أن يُعرض ما سُجل في ذاكرتنا وما رأته أعيننا من أشياء على الشاشة، حيث حملت المرأة الكردية سلاحها وأظهرت مقاومة عظيمة، وإن تجيش المرأة يعود إلى فترات سابقة، إلا أنها كانت الأولى من نوعها في روج آفاي كردستان، فعندما شن مرتزقة داعش الهجوم في شرق كرباني، كنتُ شاهدة على تلك المشاهد، حيث كانوا يهاجمون مثل قطيع أبناء آوى، فإن مجرد مشاهدة تلك المشاهد يخلق الرعب، انطلاقاً من ملابسهم والمعدات العسكرية التي كانت بحوزتهم، حيث لم يكن أحد يستطيع خوض المقاومة ضدهم مثل الشعب الكردي، كما أنه لم يكن هناك في كوباني إلا سلاح واحد للدوشكا على ثلاث جبهات، وكان يتنقل على الجبهات، وهو أيضاً تعطل في الأخير وبقينا بدون دوشكا.
لا يمكن لها ان تسقط
لم يكن هناك شيء باسم الهزيمة. الشعب، المقاتلين، القادة، والصحفيين وكل من اخذ مكانه في مقاومة كوباني، كان عليه إما النصر أو الموت. لم يكن لديهم خيار آخر. نتحدث اليوم عن تلك الأيام، ولكن آنذاك كانت المشاعر متداخلة جداً. حينها كان يصعب الشرح، كان هناك شيء واحد يجول في خاطرنا؛ لن نترك كوباني ولن نغادرها. عندما تدخلون ساحة الحرب، ستفهمون معنى الإصرار ولماذا يقاوم هؤلاء المقاتلين. يمكن أن استشهد، ولكن لن تسقط كوباني ولا يمكن لها ان تسقط، هذا ما كان يدور في مخيلة الجميع.
هل سنعود مرة أخرى؟
كان المشهد حزيناً بعد ما وصلت الحرب الى المنازل داخل المدينة. صدر حينها قرار بمغادرة الأهالي لبيوتهم وحواريهم، ليتوجه الشعب من جميع الأرجاء نحو كوباني. توافد الشعب من ثلاثة اتجاهات الى داخل كوباني، أوجع قلوبنا. كان الشعب قد شهد مآساة شنكال، ترك كل شيء خلفه ورحل. كان هجوماً وحشياً، الشعب كان بحاجة للحماية. العوائل التي نزحت من أماكنها حافية، والأمهات اللاتي كن يحتضن أطفالهن، وكبار السن الذين قضوا جلّ حياتهم في كوباني، عندما رأونا نحمل كاميراتنا، كانوا يسألوننا؛ هل سنعود مرة أخرى؟ كانوا يرحلون مع أمل العودة، هذا ما كان يوجع قلوبنا.
تم تحريرها واحدة تلوى الأخرى
سردت خزنة بعض اللحظات التي وضعت بصمتها على حياتها قائلة: "إن حرب المدينة ومجيء مجموعة حلب إلى كوباني من اللحظات التي لا يمكن نسيانها، أضافت بمعنوياتها وحماسها لوناً آخراً للحرب، أصبحت الحرب حرب المواجهة لمقاتلين وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة YPG-YPJ مع مرتزقة داعش، عندما وقعت تلة مشتى نور بيد داعش ورفرفت الرايات السوداء، اعتقد الشعب أن كوباني قد هُزمت، لقد كانت تلة استراتيجية من ناحية الهجوم وأيضاً من ناحية الدفاع، كما كان هناك الكثير من اللحظات التي وضعت بصمتها على صفحات التاريخ أيضاً، انعكست رويداً رويداً صورة هؤلاء الذين تركوا بيوتهم وهُجروا، كانت تتحقق انتصارات، لقد كانت هجمات داعش في 28 تشرين الثاني في مرشد بنار صعبة جداً، كانت الانفجارات والهجمات تشن من ثلاثة جهات... في النتيجة تم هزيمة داعش، فيما بعد تم تحرير الأحياء، الشوارع والقرى بشكل يومي من جديد من مرتزقة داعش.
خرجت روح جماعية إلى الساحة
كانت هناك تفاصيل صغيرة تحدث في بيئة المعركة يصبح الإنسان سعيداً بها، كانت تكتيكات الحرب لمقاتلي وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة YPG-YPJ في غاية الأهمية، كان كل واحد منهم يملك روح التفاني للتضحية بنفسه لحماية رفاقه، كل واحد منهم كان لديه قلب ليموت عشر مرات من أجل حماية صحفي، كانوا يدافعون دون خوف، كان هناك المقاتلين الذين يتشاركون قطعة الخبز مع رفاقهم، كان هناك النفير العام للإنسان للبحث عن الغذاء والماء من اجل الجبهات، واللحظات التي كانت تنفد فيها الذخيرة وكنا نبحث في الأرض عن الرصاصات، كانت هناك روح جماعية.
كانت السعادة والألم ممزوجان مع بعضمها
كان تنسيق رفيقاتنا للحرب، حربهن في الجبهات، قيادتهن للمقاومة، إرادة النصر على وجوههن، كانت لحظة تحرير كوباني أجمل أوقاتنا بالرغم من الحزن والألم الذي رافقها، حققنا اللحظة التي كانت الجميع بانتظارها، تحررت كوباني، كانت تعيش حرية كوباني السعادة والحزن معاً، كان العديد من مقاتلين يريدون شرب كوب الشاي على تلة مشتى النور وكانيا كوردان، جودي حلب، خمكين، حمزة ...كنت جالسة على تلة كانيا كوردان، شاهدت حلقات الدبكة التي عقدها رفاقنا، وفي الواقع أنني لم أستمع إلى الإذاعة التي تقول إن هناك احتمالية لهجوم على التلة، على المتواجدون في الأعلى النزول، كنت بانتظار تلك اللحظة؛ تم إزالة الأعلام السوداء من على الجدران، ورفرفت رايات وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة YPG-YPJ، كوباني حرة ويتم عقد حلقات الدبكة، قال كل من الرفاق الذين تحدثوا لوسائل الإعلام، "أننا سعداء جداً، ولكن هناك جزء منا ضائع"، لأنها كانت رغبة مئات الشهداء رؤية هذه اللحظات".
أولئك الذين حققوا الحقيقة
أكدت خزنة إن لمراسلي الحرب في كوباني دور لا يمكن إنكاره في إعلان يوم 1 تشرين الثاني يوم كوباني العالمي و2 تشرين الثاني يوم روج آفا العالمي وقالت: "مثل أي حرب كان الجميع بانتظار النصر، وفي الوقت ذاته كان لدى الجميع أمل بالنصر، يحق لصاحب الأرض المطالبة بالحرية، وكان المراسلون الحربيون ايضاً يظهرون مصادر الحقيقة والمعنويات، أصبح الإعلام الحربي جهة لم تكن فقط تمد الشعب القوة، إنما في الوقت ذاته كانت تسلط الضوء على الحقيقة وإيصالها للشعب، كان طفل كل عائلة من كوباني، وخاصة رأى الشعب الكردي كوباني كأساس القضية الكردية، كانوا يتابعون ما يحدث في كوباني لحظة بلحظة، كان المراسلون الحربيون هؤلاء الذين نقلوا الحقيقة، فقد كان الأشخاص الغير متواجدين في كوباني أيضاً يتحدثون عن كوباني".
كنا مسؤولون عن نقل الحقيقة
الذين كانوا في كوباني لم يكن لديهم معلومات عن الخارج، ولكن كان يعلم هؤلاء الذين يتابعون كوباني من الخارج يعرفون كوباني، كان قد بقي حيين لسقوط كوباني بالكامل، ولكننا كنا مصممين ومؤمنين بأنها لن تسقط، لأنه كانت هناك مقاومة في الساحة وتعزز إيمان المقاتلين مع إعلان المقاومة، في الواقع هكذا تم الإعلان عن يوم 1 تشرين الثاني يوم كوباني العالمي، لو لم تعطي صرخات كوباني صداها في العالم أجمع لما كانت ردة الفعل هكذا، أصبح الإعلام الحربي صوت المقاومة في البلاد وجعل صوت هذه المقاومة مسموعا في كافة أنحاء العالم، ومثل المقاتلين الذين يدافعون عن جبهاتهم، مثل القياديين الذين يلعبون دور القيادة في الحرب كان المراسلين الحربيين أيضاً مسؤولين عن إيصال صوت الحقيقة بكل وضوح للعالم".
كانت هناك كردستان في كوباني
ختمت خزنة حديثها بسردها لذكرى لن تنساها: "عندما بدأت عملية تحرير شرق كوباني، كانت المدرسة السوداء هناك وكان لابد من تمشيطها مرة أخرى، شارك اثنين من المراسيلن الحربيين والرفيقة خوين دا. شاركنا انا والرفيقة خوين دا معاً في العملية، فجأة تم فك رموز مكاننا، كان هناك مرتزقة في الأعلى والأسفل، وأصبحنا محاصرين، وضعت الكاميرا خاصتي على قناص الشهيدة خوين دا، وقامت هي برمي الكاميرا وقالت لي اهربي بسرعة اذهبوا من هنا، فعلت هذا لكي تحميني، كان من الصعب جداً علي رمي الكاميرا خاصتي بالصعوبة التي يتم فيها اخذ سلاح مقاتل منه، لأنه كان سلاحي، قمت بخدعة حملت سلاح، لم أكن أعرف كيفية استخدامه، وفي الوقت ذاته حاولت ان أصل إلى كاميرتي، لأنه إن لم أوثق تلك اللحظة لكانت مقاومة خوين دا مقتصرة علي وعليها، كان الوضع هكذا في جميع الجبهات، لو لم تظهروا ما حدث لكانت مقتصرة فقط بتلك اللحظات، أصيبت في تلك اللحظات يدي التي كنت احمل بها الكاميرا ووقعت الكاميرا من يدي، كان الجميع في كوباني يتحركون وكأن كوباني ملكهم، يريدون تقديم ما بوسعهم، لأنه كان يوجد في كوباني كردستان، أمة، قضية، أنني مدينة للمقاومة بقدر ما لي نصيب فيها".