حملات الإضراب عن الطعام مقاومة على نهج مناضلي سجن آمد

لا يكاد يمر عام على تركيا، بدون الإعلان عن فعاليات الإضراب عن الطعام، التي يلجأ إليها المعتقلون والمعتقلات في الكثير من الحالات، رفضا للسياسات الدولة التركية المبنية على الإنكار والإبادة والاضطهاد.

من أبرز عمليات الإضراب عن الطعام التي شهدتها الدولة التركية والتي هزت أركانها هو الإضراب في سجن آمد عام 1982، بالإضافة إلى إضراب الصيام حتى الموت عام 2000، الذي أدى إلى استشهاد الكثير من المعتقلين، والإضراب الذي بدأته نائبة حزب الشعوب الديمقراطي، ليلى كوفن، بتاريخ 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 في سجن آمد، والذي استمر 180 يوماً، للمطالبة برفع الحظر المفروض على القائد عبد الله أوجلان.

مقاومة الإضراب عن الطعام في سجن آمد 1982

شكلت هذه العملية قفزة نوعية في تاريخ النضال التحرري المشرف والتي وصفت بالمقاومة كونها خرجت عن كونها حملة إضراب عن الطعام فقط حيث شكلت هذه العملية ثورة حقيقية يحتذى بها حتى الآن والتي غدت أيضا رمزاً للنضال في مواجهة القمع والابادة والإنكار.

يمكن القول أن هذه المقاومة كانت الأساس الذي بني عليه أو مازالت تبنى عليه جميع حملات الإضراب عن الطعام لأن تلك الحملة بدأت بفكر جديد، عقيدة، فلسفة، أيديولوجيا وأسلوب جديد من النضال، الذي تم تطويره وفق الأسلوب الجديد للمقاومة علمياً مع حقيقة القائد أوجلان.

"نحن نحب الحياة بقدر ما نحب التضحية بأرواحنا في سبيلها"

وصف قائد مقاومة الرابع عشر من تموز الرفيق كمال المقاومة التي خاضوها على هذا النحو: "نحن نحب الحياة بقدر ما نحب التضحية بأرواحنا في سبيلها"، هذا المعنى العظيم كان الخط والموقف والتصميم على تصعيد النضال في كردستان.

ولذلك يدرك جيداً المقاومون اليوم في السجون والمضربين عن الطعام، أن هذه المرحلة هي مرحلة تاريخية وتتطلب إعطاء المعنى الحقيقي لها، المعنى الذي يغدو جسراً يربط بين الماضي والحاضر بدون أي اختلاف في عقلية العدو تلك العقلية التي بنيت على سياسة الإبادة التي فرضت على الشعب الكردي.

واليوم ومثلها ومثل بقية الحملات التي انطلقت قبلها تحتضن حملة الإضراب عن الطعام التي انطلقت في 27 تشرين الثاني من العام الفائت، تلك المقاومة التاريخية بل وتتبنى قيمها ولسان حالها يقول أن المقاومة التي سيرت بقيادة كمال وخيري وسارة وتطورت في كردستان، أصبحت أساساً لنضالنا، وأن مقولة "المقاومة هي الحياة" أساس فلسفة الحياة الحرة في كردستان.

حملة 27 تشرين الثاني

بتاريخ 27 تشرين الثاني وضمن إطار حملة "الحرية لعبد الله أوجلان، الحل السياسي للقضية الكردية"، بدأت حملة اضراب عن الطعام، أطلقها معتقلين ومعتقلات في سجون كردستان وتركيا، من أجل رفع العزلة عن القائد عبد الله أوجلان ونيله حريته، حيث لاتزال هذه الحملة مستمرة حتى الآن.

إذ انطلقت هذه الحملة في الذكرى الـ 45 لتأسيس حزب العمال الكردستاني في 27 تشرين الثاني ضمن سياق حملة "الحرية لعبد الله أوجلان، الحل السياسي للقضية الكردية" والتي من المزمع أن تستمر حتى 15 شباط 2024، ذكرى أسر القائد عبد الله أوجلان بمؤامرة دولية.

وتفرض السلطات التركية عزلة مشددة على القائد عبد الله أوجلان منذ 25 عاماً، إذ لم تتمكن عائلته ومحاميه منذ 33 شهراً من الحصول على أية معلومات منه.

رسالة مضرب عن الطعام في السجون

"سنواصل إضرابنا حتى تلبية مطالبنا" بهذه الجملة لخص المقاوم طالب ياكشر المضرب عن الطعام في سجنه مطالبه ومطالب رفاقه.

وقال: "منذ 27 تشرين الثاني، دخلنا في إضراب عن الطعام من أجل حرية القائد عبد الله أوجلان والحل السياسي للقضية الكردية، وإضرابنا مستمر ولم يتضح بعد كيف ستستمر المرحلة من الآن فصاعداً، نحن السجناء المضربون عن الطعام لسنا بخير، ومع ذلك نتمتع بحماس ومعنويات عالية، وكلما اتحدنا مع روح الحرية كلما اقتربنا من الحرية، ورقصات الحرية على الجبال تمنح الروح لجسدنا، وستبقى رقصات الحرية دائماً على حماسها".

السجون التركية تعيش ظروف عزلة مشددة

المدافع عن حقوق السجناء (كرم جان بولات) صرح من خلال تعقيب على حملة الاضراب عن الطعام، أن السجون التركية تعيش ظروف عزلة شديدة.

وأكد أنهم يريدون لفت الانتباه إلى تلك العزلة، التي تترك الكثير من المسائل السياسية والقضية الكردية دون حل..

كما نوه إلى إهمال سلطات السجون تلبية الاحتياجات الصحية والغذائية للسجناء المضربين عن الطعام، وشدد على ضرورة احترام حقوق السجناء ومعالجة مطالبهم المشروعة.

ويؤكد المضربون عن الطعام من داخل زنزاناتهم انهم سيستمرون في مقاومتهم حتى تحقيق أهدافهم رغم كل الانتهاكات التي يتعرضون لها.