كان ثلاثة أجيال من عائلتها في خضم الانتفاضة منذ عام 1925، والدها الذي يدعى عبد الحميد انخرط في ثورة 1925 عندما كانت تبلغ من العمر13-14 سنة، تعرض شقيقها لازكين (زاغروس) للتعذيب ثم انضم إلى صفوف قوات الكريلا، ووصل إلى مرتبة الشهادة خلال اقتحام مخفر روباروك للاحتلال التركي، كما اعتقل شقيقها الأصغر رودي، الذي كان لا يزال طالباً في المدرسة الثانوية، وقتل من قبل إدارة سجن زيليا توكاي، عندما كان مشاركاً في حملة الإضراب عن الطعام في 22 تشرين الثاني 1996، كما تنخرط أبنتها زلال بيلكَين بأنشطة المؤتمر الاجتماعي الديمقراطي وتعتقل الآن في سجن سينجان.
تحدثت آيفر بلكَين لوكالتنا عن والدها، أشقائها والسجناء السياسيين في المعتقلات التركية.
كانت تتوق لمعرفة اختباء شيخ شريف
أين ولدتي؟ كيف كانت فترة طفولتك؟كم عدد أفراد العائلة من الأشقاء والشقيقات؟
كنا 9 إخوة وأخوات، 6 أخوات و3 إخوة، يقيم والدي في سوريا لمدة 16 عاماً بعد عام 1925، وعاش بمفرده في المنطقة الريفية بعد عودته من سوريا، ولقد بنى منزلاً لنفسه مرةً أخرى، لم يستطع قبوله لكنه بناه على أي حال، فعندما كنت أذهب إليه أحياناً، كان يبكي بحرقة، كنت أتساءل في فترة طفولتي، ما هو ألمه الذي يجعله يبكي من حيناً لأخر، كانوا قد أعدموا الشيخ شريف شنقاً حيث سارا معاً في تلك الجبال، واستشهد الشيخ حسين في السجن، لم يكن يعرف مكان دفن جثمان الشيخ شريف، وكان هذا همه وألمه العميق، فإنه حمل معهم السلاح عندما كان يبلغ من عمره 14 عاماً، إنه كان يملك حياةً مليئة بلحظات صعبة ومؤلمة، لم يكن يقبل مثل هذا الوضع، بينما بعد عودته من سوريا، لم يستمتع بالحياة أبداً، لكنه كان مستقلاً في المنطقة كشخصاً حكيماً، كان له تقدير كبير من قبل الجميع، فعندما كانت تتواجد هناك قضية لشخص ما، كان هو من يحلها.
ما الذي كان يحدث عنه لأطفاله؟
إنه كان ينشائنا دائماً بأساليب شجاعة، كان يكن محبة كبيرة للسلاح، ودرب أبنائه على استخدامه، لقد علمني أيضاً، كان يدرسهم دائماً، كما إنه كان يردد دائماً لا يمكن حل أي شيء دون المطالعة والحكمة.
كما إنه بنى منزلاً في مدينة آمد لتعليم أبنائه، كنت أنا وشقيقي سادات متواجدين هناك، كان لازكين لا زال يبلغ من العمر عاماً واحداً، وبعد تعليمنا هناك عدنا إلى جوليك مرة أخرى، كان قد نشأ أشقائي، التحق لزكين بالمدرسة عندما كان عمره 6 سنوات.
من الآن فصاعداً...سأكون أخاً لكل أبناء الشعب الكردي
كيف كان لازكين في طفولته؟
كان لازكين اجتماعياً للغاية بحيث كان يجتمع مع الكل، وكان محبوباً من أشخاص من حوله، كان شاباً ذكياً، أي أنني لم أرى كيف نشأ لزكين، كان لزكين دائماً عظيماً في فكره، وفي النهاية ودعنا وغادر.
ماذا قال لك أثناء مغادرته؟
عندما قتل صديق، تشتت العائلة، اعتقل المعلم، لقد اعتمدنا أيضاً على لازكين، كان لازكين هو ملبياً لكل احتياجاتنا، لقد كان كل شيء بالنسبة لنا سواء في العائلة أو في المحيط، التحق بالجيش الإلزامي، بعدما أتى، لم يعطوا لـ لازكين فرصة، بالتالي توجه لازكين إلى الجبال، كان لديه أيضاً مزرعة، وكان قد باع الماشية والمزرعة، لقد أخبرنا الراعي عن ذلك، بعد أن غادر، قال لازكين العدو لم يعطينا فرصة أخرى.
كيف سمعتم نبأ استشهاده؟
بقي لازكين في خضم الأنشطة لعدة أشهر، كنا نعلم أنه سيتوجه إلى الجبال، لقد حدثنا عن ذلك، لم يكن هناك شيء مخفي، إنهم لا يمنحوننا أي فرصة، لذا من الأفضل أن أواصل مقاومتي هناك، وقال "من الآن فصاعداً، أنا شقيق كل أبناء الشعب الكردي" وغادر.
شقيقك الأخر "رودي" اعتقل بسبب أنشطته السياسية وتعرض للتعذيب خلال فترة اعتقاله بالسجون التركية، هل يمكنك أن تتحدثي لنا قليلاً عن طفولته؟
كان أخي رودي طفلاً هادئاً وحساساً للغاية، كان دائماً برفقتي، كان يذهب إلى المدرسة الإعدادية.
وخلال دراسته الثانوية، كان يقع المنزل مقابل مدرسته الثانوية، ذات يوم هاتفني الموجه، قال إن "السلطات جاؤا لرؤية رودي اليوم، لكننا لم نمنحهن الإذن"، وقلت له أيضاً لا يمكنكم أن تسلموا رودي من المدرسة، لكن بعد مرور يومين أو ثلاثة أيام طرق الباب، جاء أصدقاء رودي وكتبه في أيديهم، قالوا "يا أختي، أنهم اعتقلوا رودي"، عندما اعتقلوا رودي كان يقدم أخر فصل من دراسته الثانوية، اقتادوه إلى آمد وطلبوا منه أن يريهم منزل شقيقه لازكين، كان شقيقه قد غير منزله في ذلك الوقت، لم يكونوا يعرفون عنوان منزلنا الجديد، وأتوا به مرة أخرى إلى حيث ما أقتادوه، لقد فتشوا منزلنا رأساً على العقب، منزلي كان يقع في حي دارا حني في جوليك، جاءوا ذات يوم مرة أخرى إلى أمام المنزل وأضاؤوا الضوء على وجهي، قلت لا ينبغي أن نبقى هنا أكثر ونقلنا منزلنا إلى خاربيت، في الساعة الثانية ليلاً، هاتفتني والدتي وقالت إن السلطات اقتيدت رودي مرة أخرى.
هل كان رودي منخرطاً في الأنشطة السياسية في ذلك الوقت؟
كانوا يعتدون على أوزغور غوندم، كان صحفياً، ذهب إلى ملاطيا، كان قد أجريا حواراً مع مراد بوزلاك، ومن هناك تعقبوا تحركاته.
اعتقلوا رودي وافرجوا عنه مرة أخرى
هل كنتم تذهبون لزيارته عندما كان معتقلاً في السجن؟
اعتدت أن أذهب إلى السجن كل يوم سبت لرؤيته، لكنه بعدما كان في خاربت، أطلقوا سراحه بعد 40 يوماً، لكنهم مرة أخرى داهموا المنزل، تقول لهم والدتي، إنه يقيم مع أخته، إنه يذهب إلى أمي دون أن يبلغني، تقول والدتي له "لقد جاؤوا اليوم وطلبوا أن تذهب إلى مديرية الشرطة، يجب على أكرم أن يسأل الشرطة"، يذهب الصبي هكذا، يقول ليس هناك ما أخشاه حتى لا أذهب إليهم.
هاتفني المحامية بيريتان أردوغان في الصباح باكر، وقالت "أختي، هل تعلمين أن رودي تم اعتقاله، أنا ذهبت إلى مكتب العدل، فأنهم أخذوا رودي إلى السجن، تعالي خذي ملف قضيته"، أعتقلوه وأطلقوا سراحه مرة أخرى.
لقد ظل معتقلاً في سجن خاربيت لمدة شهرين كاملين، كنت أذهب لزيارته في كل أسبوع، وتم ترحيله من هناك إلى سجن ألبستان، وفي كل سبت كنت أذهب إلى هناك أيضاً، بدأت حملة الإضراب عن الطعام مجدداً بداخل السجن، كان السجناء يتعرضون للمزيد من التعذيب.
ماذا كانوا يقولون لك عندما ذهبت لزيارته؟
عندما ذهبت لرؤيته، قال لي "الطريقة التي يعلموننا بها، يجب أن تعامليهم أيضاً بطريقتهم هذه"، عندما كنت أذهب إلى مكتب إدارة السجن كان يستدعيني المدير وكانوا يحققون معي ويطرحون أسئلة مختلفة، كان الرفاق في الداخل، كان هناك 15 شخصاً بينهم رودي أيضاً، لقد أتوا بجميعهم إلى هناك من مناطق مختلفة، كانت الفرص قليلة جداً، كان يقول لي: "كل أشيائنا مشتركة" فعندما كان يطلب شيئاً مني كنت أشتري 15 قطعة لرفاقه أيضاً.
كان ينصح جميع الأشخاص في الخارج، كانت الفتيات يذهبن إلى المدرسة الثانوية، كان ينصحهن ويقول لهن واصلن طريقكن هذا.
رودي يرتقي إلى مرتبة الشهادة...
ماذا قال لك في آخر مرة التقيتما فيها؟
عندما زرته آخر مرة، كان قد تم ترحيله إلى توكات، كانوا قد رحلوهم إلى سجن توكات – زيله، عندما ذهبت إلى هناك، أعطاني قائمة مرة أخرى، كان يريد مني أن أخذ لهم شفرات الحلاقة، مقص، وكولونيا، لم يكن لدي سوى القليل من الوقت، ركبت سيارة أجرة وذهبت إلى السوق مسرعة، لم أكن أعرف، كنت قد اشتريت كولونيا في الزجاجة، فكنت قد اشتريت بالفعل مقص وكولونيا، كذلك كان قد طلب المخللات، وكرتونة اللحوم وغيرها من الاحتياجات، في ذلك الوقت، كانوا يأخذون مثل هذه الأشياء للسجناء، والآن أبنتي زلال معتقلة في السجن أيضاً، لكنهم لا يأخذون شيئاً إليها، أخذت تلك الاحتياجات إلى باب السجن، قالوا بأنهم لن يسمحوا بإدخال المقص وزجاجة الكولونية فهذه الأشياء محظورة بالداخل، ثم قال "سأستدعي المدير"، جاء المدير وقال لي "أختي، ما الذي سيفعلونه بهذا المقص؟" غضبت وقلت له "هل سيقتلون أحدهم، هل تخافون من أخذ المقص إلى الداخل، هل أنتم تخافون من المقص وزجاجة كولونيا؟" ثم أخذوا المقص والكولونيا أيضاً.
في ذلك الوقت لم أكن أعلم لماذا كان يتصرفون بمرونة، قلت لهم، لقد قطعت كل هذه المسافة من أجل الوصول إلى هنا، دعوني أعانق رودي لوهلة، كنت أرغب في زيارة مفتوحة، فقالوا لي: "انتظري حتى يذهبوا هؤلاء الذين جاؤوا للزيارة ثم سندخلك إلى ساحة السجن من أجل لقائك به"، والذي قال مثل هذه الكلمات هو مدير السجن، انتظرت هناك، لكن رودي غاضباً جداً، وقال "إما الجميع معاً أو لا أحد!" وبعد الانتظار دخلنا إلى السجن، رأينا أن السجناء يصنعون الشاي في الصالة الكبيرة، لقد التقطنا أيضاً صوراً هناك مع المجموعة بأكملها.
تحدثنا مع سجناء آخرين لمدة 10-15 دقيقة، فقال المدير: " هل تريدين شيئاً آخر؟ انظروا كم هو لطيف"، لم أفكر في الأمر حينها، وقلت "رودي أنظر إليه، إنه شخص جيد، كان حديثه مرناً، وأنه أدخلنا إلى السجن، وسمح لنا بالزيارة المفتوحة"، وقال رودي أيضاً، "لا، فأنهم يتصرفون على هذا النحو من أجل فرض سيطرتهم علينا، ليس هناك شيئاً من هذا القبيل"، إنه بالفعل قد حث من حوله، وقد أرسلت سيراج بوسولايك لزيارة أخي، لم أذهب لزيارته أسبوع واحد، وبعد هذا الأسبوع، استشهد رودي.
قتلناه..هيا تعالوا خذوا جثته!
لقد كنت قد أخذت من مدير السجن رقم هاتف، قلت له "خاربت بعيدة، ربما يكون رودي محتاجاً لشيء ما عندما أتي إلى هنا، أعلمني عندما يحتاج شيئاً، في الساعة الرابعة صباحاً، طرق أبن عمتي الباب، فتحت الباب، وفور فتح الباب ألقى بنفسه على الأرض وقال "روديييييي" لم أصدق ذلك، قمت بمهاتفة السجن قالوا لي كلمة مؤلمة جداً، قالوا "لقد قتلناه هيا تعالوا خذوا جثته!".
هل شاركك رودي حديثاً عن ممارسات التعذيب في داخل المعتقلات؟
كانوا مضربين عن الطعام، لكنه لم يخبرني شيئاً عن إضرابهم، لقد سمعت عن ذلك فيما بعد، كان هناك ضغط، أنا اعرف ذلك بنفسي لكنه لم يحدثني عن ذلك، رودي لم يقل أي شيء قط، عندما تم ترحيلهم من خاربت كان قد ارتقى أحد المضربين إلى مرتبة الشهادة في هذا الحدث، فكانوا قد تعرضوا للتعذيب كثيراً في ذلك الوقت، كانت ملابسهم كلها ممزقة، رغم ذلك لم يكن يقول شيئاً، لكن أحد رفاقه ذكر لي كل هذه الممارسات، وعندما تم ترحيلهم إلى توكات أيضاً تعرضوا للممارسات نفسها...نعم، كان رودي هو المسؤول هناك، لكنه لم يتحدث قط عن التعذيب الذي تعرض له، لكني سمعت من الذين شهدوا ذلك هناك، عرفت أنه مضرب عن الطعام منذ 15 يوماً، لكن كل يوم سبت كنت أشتري اللحوم والأدوات اللازمة وأخذها لهم، فقط كان هو واثنين من رفاقه مضربين عن الطعام، لم يكن يذكر ذلك قط، لكنه كان مليئاً بالغضب والكراهية.
في البداية والدك، ثم إخوتك وبالطبع أعمامك ناضلوا أيضاً من أجل كردستان، ابنتك اليوم في السجون التركية، ماذا تودين أن تقولي بهذا الشأن؟
السجن ليس هو الحل، هذا ليس حلاً بالتأكيد، شيئا فشيئا، سيكبر هذا النضال وسينمو، يستحيل أن ينسى أحد هذه القسوة، لقد قاموا بخلع أظافر سراج واحداً تلو الآخر في سجن كارتال بإسطنبول، هل اكتفوا بذلك؟ لا، لم يكتفوا، بل تشعب الأمر أكثر، وامتلأ الشعب الكردي بالكراهية أكثر، الاعتقال ليس هو الحل، يقبع الآن عشرات الآلاف من الكرد في السجون، كم عدد أتباع كل كردي؟ كم عدد الأشخاص في عائلته؟ كل كردي لديه 10-15 قريباً أو صديقاً.. لماذا هؤلاء الناس في الداخل؟ لا أحد يستطيع إنكار الأمر.. قبل أن تتواجد الأبجدية كردية، قمنا بإخفائها خشية، لكن هل من الضروري الاختباء اليوم؟ لقد تم تحريم العديد من الأمور؛ حتى أنهم حظروا صحيفة الجمهورية، لكنهم لن يتمكنوا من تحقيق أي شيء مع هذه القيود، لا شيء سيتغير مع سياسة الحظر والسجون، من المؤكد أن الحل سيتحقق يوماً للشعب الكردي، وسوف يقبلون.. ليس لديهم خيار آخر.