الخبر العاجل: الاحتلال التركي يقصف محيط سد تشرين

القائد آبو و ’حق الأمل‘: النظام الخارج عن القانون منذ 26 عاماً

لا يزال النظام الخارج عن القانون ضد القائد آبو في إمرالي مستمراً على مدى 26 عاماً، والدولة التركية، التي أدانتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مرات عديدة لانتهاكها حق الأمل، مضطرة لإجراء تعديلات في قوانينها حتى حلول أيلول 2025.

إن مرحلة المؤامرة الدولية، التي بدأت بإخراج القائد آبو من سوريا في 9 تشرين الأول 1998 وإحضاره إلى تركيا في 15 شباط 1999، لا تزال مستمرة منذ 26 عاماً، وأحد مستويات النظام الخارج عن القانون الذي تم تطبيقه في إمرالي هو حكم السجن المؤبد المشدد الذي صدر خصيصاً بحق القائد آبو، حيث لم يكن له مكان لا في القانون الدولي ولا في قانون العقوبات التركي (TCK) حتى احتجاز القائد آبو، وبذلك يكون ما جرى من أمور على مستوى قانون المؤامرة الدولية قد تم تنفيذه وتطبيقه كجزء من سياسة التصفية، وكان أحد أهم بنود جدول أعمال حملة ”الحرية للقائد آبو، الحل للقضية الكردية“ التي انطلقت في 23 تشرين الأول 2023، هو ”حق الأمل“ للقائد آبو، وحق  الأمل، الذي ورد ذكره في قرار المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية في عام 1977، والذي قضى بأنه ليس من الإنسانية أن يبقى الشخص في السجن حتى الموت، ونتيجة لسلسلة من الطلبات التي قدمها محامو القائد آبو للاستفادة من حق الأمل، منحت اللجنة الوزارية في مجلس أوروبا تركيا مهلة سنة واحدة في اجتماعها الذي عُقد في الفقرة ما بين 17-19 أيلول من العام الماضي، وفي أعقاب الدعوة التي أطلقها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي في 22 تشرين الأول، تطرقت الدولة التركية بالتعبير عن نظام التعذيب والإبادة المفروض على القائد آبو وكذلك حق الأمل لأول مرة. 

صدر قرار الإعدام من خلال جلسات صورية

على الرغم من أن عقوبة الإعدام لم تُطبق بشكل فعلي في تركيا منذ عام 1984، إلا أن عقوبة الإعدام كانت لا تزال سارية المفعول في 15 شباط 1999 عندما تم تسليم القائد آبو إلى تركيا، وقدم المدعي العام لمحكمة أمن الدولة الخامسة والثلاثين في أنقرة لائحة اتهام في 24 نيسان 1999، مستشهداً بالمادة 125 من قانون العقوبات التركي كأساس لطلبه الحكم على القائد آبو بالإعدام، وعقب تسليمه إلى تركيا وحتى 24 نيسان 1999، لم يتمكن القائد آبو من مقابلة محاميه سوى 12 مرة لمدة 739 دقيقة.

وعُقدت جلسات الاستماع في محكمة أمن الدولة الخامسة والثلاثين في أنقرة في الفترة الممتدة ما بين 24 و30 آذار، إلا أن القائد آبو لم يكن موجوداً في قاعة المحكمة، وفيما بعد، استمرت جلسات الاستماع في سجن جزيرة إمرالي، وبعد جلسة الاستماع الأولى في 31 أيار التي حضرها القائد آبو، عُقدت 7 جلسات أخرى صورية، وصُدر قرار النطق بالحكم في الذكرى السنوية لإعدام شيخ سعيد، أي في 29 حزيران، وكان القرار قد صُدر قبل ذلك، إلا أنه أُفصح عنه في 29 حزيران 1999.

المصادقة عليه من قِبل المحكمة العليا

وأفصحت المحكمة العليا عن قرارها بشأن الاستئناف في 25 تشرين الثاني 1999، وأعلنت أنها صادقت على قرار عقوبة الإعدام من كافة الجوانب، وشكّل هذا القرار تأثيراً كبيراً على الشعب الكردي، فانتفض الكرد في كردستان وفي جميع أنحاء العالم، وفي 3 تشرين الأول 2001، تم إجراء تعديل على المادة 38 من الدستور التي تتضمن أحكاماً تتعلق بعقوبة الإعدام، وبهذا التعديل، ألغيت عقوبة الإعدام، ولكن تم استثناء ”الإرهاب والتهديد بالحرب“ من هذا النطاق.

نظام التعذيب والإبادة المشدد

تحولت أحكام عقوبة الإعدام إلى عقوبة السجن المؤبد المشدد بموجب القانون رقم 4771 الصادر في 9 آب 2002، وذكر محمد علي شاهين، نائب رئيس الوزراء آنذاك، في إشارة إلى القائد آبو، أن المحكومين عليهم بالإعدام لديهم احتمالية الإفراج عنهم بعد 36 عاماً وفقاً للمادة 17، وكان القائد آبو حينها، محتجزاً في السجن لمدة 3 سنوات ونصف في ذلك الوقت، وذكّر محمد علي شاهين، أنه ربما يمكن الإفراج عن القائد آبو بعد 33 سنة ونصف، وأشار شاهين إلى أنهم يعملون على الحيلولة دون تحقيق ذلك.

القتل كل يوم، وليس لمرة واحدة فقط

لقد طبقت الدولة التركية نظاماً خاصاً بالسجن المؤبد المشدد والتعذيب والإبادة ضد القائد آبو على وجه الخصوص في إمرالي، وتم إلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بالسجن المؤبد المشدد، "وأُضيفت إلى القانون عبارة: ’يجب أن يقضي المحكوم عليه بالإعدام في جريمة إرهابية، والذي تم تخفيف حكمه إلى السجن المؤبد، بقية حياته في السجن‘، وبيّن محمد علي شاهين، في خطاب ألقاه بصفته نائباً في البرلمان، قبوله بعدم قانونية الحكم بحق القائد آبو بقوله: ”إذا أعدمتم شخصاً ما، فإنه سيموت مرة واحدة، أما إذا حكمتم عليه بعقوبة مشددة، فإنكم ستقتلونه كل يوم“.

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أدانت بريطانيا

ومع هذا التعديل، الذي ينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، أُريد من خلاله سلب حق الأمل أيضاً من القائد آبو، وقد برز حق في الأمل على الساحة الدولية مع قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية ”فنتر والآخرين“ على جدول الأعمال، حيث تقدم دوغلاس غاري فنتر وجيرمي نيفيل بامبر وبيتر هوارد مور، الذين حُكم عليهم بالسجن المؤبد في بريطانيا، بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 11 كانون الأول 2009 و17 كانون الأول 2009 و6 كانون الثاني/يناير 2010، وتطرق الطلب إلى المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنص على أنه ”لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو للعقوبة أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة“، وتم التأكيد في الطلب على أنه لا يجوز سجن شخص ما دون السماح له بالأمل في الإفراج عنه، والذي يُعتبر منافٍ للكرامة الإنسانية وموقف مهين بحقه، وبعد أن قامت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالتحقيق في الطلب، أقرت بأن بريطانيا قد انتهكت قانون حظر التعذيب الوارد في المادة الـ 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وأدانت بريطانيا، وقد دخلت الحالة المذكورة التاريخ باعتبارها (حق الأمل) من قِبل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

المبدأ الأساسي للقانون

لقد تم التأكيد بشكل صريح على تعريف حق الأمل بالمعنى الحديث في قرارات المحاكم، بدءاً من قرار المحكمة الدستورية الاتحادية في ألمانيا في عام 1977، فقد جاء في قرار المحكمة الصادر في 21 حزيران 1977 أن السجن المؤبد يجب ألا يسبب ضرراً نفسياً أو بدنياً للشخص المسجون، وتم التأكيد على أن العقوبة يجب أن تكون إنسانية، كما أنه تم التأكيد في القرار على أنه لا يكفي أن يكون العفو عن العقوبة كافياً، وأُشير إلى أن الشروط التي يمكن بموجبها تعليق تنفيذ العقوبة يجب أن ينظمها القانون، مع لفت الانتباه إلى مبادئ دولة القانون، و بدورها، قامت العديد من الدول تحت تأثير هذا القرار، بمراجعة أنظمتها الجزائية وأخذها بعين الاعتبار، وبدأ إدراج هذا المبدأ بشكل متزايد في الوثائق الدولية لحقوق الإنسان، واليوم، يُعترف بحق الأمل كجزء مهم من القانون الجنائي وقانون حقوق الإنسان على حد سواء، وقد أصبح هذا الحق مبدأ أساسياً في النظم القانونية الحديثة التي تركز على صون الكرامة الإنسانية وإعادة تأهيل المحكومين.

يجب على الدولة التركية القيام بإجراء التعديلات اللازمة

أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 18 آذار 2014، بأن عقوبة السجن المؤبد المشدد الصادر بحق القائد آبو ينتهك مبدأ حق الأمل وأن هذا الوضع ينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان؛ وطُلب من الدولة التركية القيام بإجراء التعديلات القانونية في هذا الصدد، ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه القرارات، لم تتخذ تركيا أي خطوات خلال السنوات العشر الماضية، وفي أعقاب الطلبات التي قُدمت في إطار حملة ”الحرية للقائد آبو، الحل للقضية الكردية“، أعادت اللجنة الوزارية في مجلس أوروبا تقييم قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن انتهاك حقوق الإنسان في اجتماع عُقد في 17-19 أيلول، وأعاد هذا الاجتماع بما معناه مناقشة هذه القضية مرة أخرى بعد 3 سنوات، وقد طالبت اللجنة تركيا بإجراء التعديلات اللازمة دون تأخير، وذكرت أنه إذا لم يتم إحراز أي تقدم، فإنها ستبدأ في إعداد قرار مؤقت في الاجتماع الذي سيُعقد في أيلول 2025.