إن اللامبالاة تجاه اللغة الكردية تهدد مستقبل اللغة، فوفقاً لمعلومات اتحاد معلمي كردستان (YMK)، هناك عدد قليل جداً من الطلاب في المدارس الألمانية التي يتم إعطاء دروس اللغة الكردية فيها، وهذا الوضع يتسبب في اختفاء الوجود الكردي وعدم استغلاله يوماً بعد يوم، لذلك؛ دعا معلمو اللغة الكردية إلى حماية اللغة ووحدتها، وقالوا دعونا نمنع ذلك باتخاذ الإجراءات المناسبة.
كما لفت رئيس المعهد الكردي، المعلم فوزي أوزمن الانتباه إلى هذه الحقيقة قبل وفاته وقال: "إذا استمر الأمر على هذا النحو، فسوف يُنسى الوجود الكردي تماماً بعد 30 عاماً أخرى، ولهذا السبب علينا أن نهتم بهذه اللغة".
وشارك الاتحاد صحيفتنا معلومات عن الأطفال الذين يحضرون حالياً دروس اللغة الكردية في ألمانيا، فعندما ينظر المرء إلى عدد الكرد في ألمانيا، تبدو بيانات الاتحاد ضئيلة للغاية، وهذا يدل على عدم اهتمام الكرد بتدريس الكردية لأطفالهم وأنهم بعيدون عن لغتهم الخاصة، حيث يعلم مدرسو اللغة الكردية أن هذا العام الدراسي توجد دروس كردية في كل من ولاية هامبورغ، نيدرساشن، نوردرين فيستفالن، راينلاند – بفالز، برلين وبراندنبورغ، و في المجمل، يقوم 35 معلماً باعطاء الدروس الكردية لأكثر من 3000 طفل في 43 مدرسة، حيث يتم التعليم بثلاث لهجات كردية، الكرمانجية، الكرمانجكية والصورانية.
حيدر دنيز، الذي عمل مدرساً في تركيا لـ 21 عاماً، يعيش في برلين منذ ثلاث سنوات، و يقوم بتدريس اللغة الكردية في المدارس العامة في برلين، حيث يقوم بتدريس الأطفال باللهجتين الكرمانجية والكرمانجكية، ولفت حيدر الانتباه إلى عمليات الصهر وقال: "لكي تتقدم اللغة الأم، يجب أن تصبح لغة التعليم واللغة الأكاديمية، فمن الممكن أن يوسع الناس آفاقهم من خلال تعلم اللغات؛ لكن اللغة الأم لها مكانة خاصة، لذلك يتحدث الناس لغتهم الأم لأول مرة ويقيمون على أساسها علاقات في دنياهم، ولهذه الأسباب، تعتبر اللغة الأم أيضاً أساس الشخصية والهوية والتطور الذهني، لكن من المعروف أنه لا توجد لغة يمكن أن يتم إتقانها من خلال المحادثات اليومية، فالسياسات الوطنية للدول جعلت لغات الأقليات القومية تختفي، لذا من المهم القول أن تعدد اللغات هو علامة على الثراء الثقافي لأي بلاد، ولكن عندما تريد تنفيذ سياسة الصهر في مجتمع ما، فإن حظر لغة ذلك المجتمع يكفي، إن المجتمع الذي ينسى لغته يفقد أيضاً تاريخه وذاكرته، كما أنه يظل دون هوية".
وأوضح المدرس سمير خضر عبدي، الذي يقوم بتدريس 190 طفلاً كردياً في 5 مدارس في مدينتي بوخوم وهيرنه، بالإضافة عمله كرئيس للاتحاد خلال العامين الماضيين، مشكلة اللغة في الجالية بالطريقة التالية: "المشكلة الأكبر هي وعي كردنا" وقال عن أعمال الاتحاد: "انتهينا من كتابنا المسمى "كنز الكلمات" وقمنا بطباعة 3000 نسخة منه، نحن نركز أيضاً على ثلاثة كتب مختلفة معدة للمدارس الابتدائية، المتوسطة والثانوية، لدينا عدة كتب بمحتويات مختلفة ونحن نعمل على تلك الكتب، لكن هذا العمل لا يكفينا، ناهيك عن أن الكتب التي نستخدمها في المرحلة الابتدائية ضعيفة وهناك عدد قليل من الكتب مثل القصص المكملة للكتب الرئيسية، إننا نحاول في الاتحاد نشر المزيد من الكتب في هذا المجال".
وأشار المعلم عبدي إلى أنهم نظموا أنفسهم في 43 مدينة والآن مع 35 معلماً يقومون بتلقين الدروس الكردية لأكثر من 3 آلاف طالب للغة الكردية، وفي مدينة آخن، حاولوا تدريس اللغة الكردية، لكنهم لم يستطيعوا بسبب نقص المعلمين، وتبحث آخن وبوركين حالياً عن معلمين لتدريس اللغة الكردية، وأوضح عبدي أن عدد المعلمين في ألمانيا ارتفع في السنوات الأخيرة، وبالنسبة للمعلمين الذين يرغبون في تدريس اللغة الكردية، قال: "يجب عليهم أولاً الحصول على شهادة C1 للغة الألمانية واللغة الكردية، ويتواصلوا بعد ذلك مع الاتحاد ويتقدموا إلى المكاتب التعليمية في المدن المتواجدين فيها، حالياً، لدينا 15 مدرساً تقدموا إلى الاتحاد، ولكن بسبب المشاكل البيروقراطية في ألمانيا، لا يمكنهم بدء عملهم، فعلى سبيل المثال، هذه هي المرة الأولى التي تريد فيها مدينة بوركن شهادة C2 أيضاً، هذه المطالب الجديدة للدول تخلق عقبات أمامنا".
وتحدث المعلم عبدي أيضاً عن قسم علم الكرد في ألمانيا، وقال: "لقد التقت وزارة التربية في إقليم كردستان مع عدة جامعات في ألمانيا، لكن لم يتم التوصل إلى نتائج من هذه اللقاءات، وقد تمت في الأيام الأخيرة بعض الاتصالات بين سويسرا وجامعة دهوك، ونأمل أن تخرج نتيجة لهذه الاتصالات.
وفيما يتعلق باللغة، فإن مسؤولية الجمعيات الكردية في أوروبا والعائلات الكردية ووسائل الإعلام والمعاهد الكردية والأكاديميين كبيرة، فكل عام تطرح المشاكل ذاتها ولكن لا يوجد حلول، ولكي تصبح المؤسسات والجمعيات في أوروبا أكثر دراية باللغة الكردية ولكي يشارك الأطفال في الفصول الدراسية، أورد المعلم عبدي توصياته على النحو التالي: "أولاً، يجب على موظفي مؤسساتنا إرسال أطفالهم إلى المدارس الكردية، بهذه الطريقة سنتقدم بشكل أفضل، لذلك علينا أن نبدأ من أنفسنا، كما يجب على الأحزاب والمؤسسات والجمعيات السياسية أن تتحدث باللغة الكردية وأن تكون بياناتها باللغة الكردية، ويجب أن يكون لدى الجمعيات دورات باللغة الكردية، كما يجب بناء مبادرات عائلية وعليها أن تطالب بدروس ومعلمين باللغة الكردية، بالإضافة إلى ذلك، يجب على جميع الجمعيات والمؤسسات دعم الاتحاد".
كما أوضحت المعلمة جيان أوزتورك أن المشكلة الأكبر في هذا الصدد هي عدم اهتمام العوائل بالدروس الكردية، وقالت: "إن العوائل لا تعرف بوجود دروس رسمية للغة الكردية، حيث تقول بعض العائلات أيضاً أنه إذا تعلم أطفالنا اللغة الكردية، فلن يتمكنوا من التحدث باللغة الألمانية والإنجليزية، كما أن اللغة الكردية ليست لغة التعليم، فلا يرون ضرورة لها، لذلك يجب علينا كمعلمين أن نعزز علاقاتنا مع الأسر ونشرح لهم عن مسألة اللغة بالطريقة الصحيحة، ففي هذا الأمر، كلنا مسؤولون، وعلينا أيضاً أن ننتقد أنفسنا، ولا نربط هذا المشاكل بالعائلات وحدها.
المعلم عمر رشيد عودي الذي تخرج من كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية في جامعة الموصل وقام بتدريس اللغة الانجليزية لمدة 8 سنوات؛ بعد استقراره في ألمانيا؛ بدأ بتدريس اللغة الكردية وتدريس اللهجة الكرمانجية للأطفال، وأشار عودي إلى أن المشاركة في الدروس الكردية في ألمانيا منخفضة، وقال: "إن إفساح المجال أمام اللغة الكردية ضعيف جداً، لكي نتمكن من حماية اللغة الكردية وإحيائها، يجب بناء فسحة قوية في أوروبا وخاصة في ألمانيا تحت قيادة الاتحاد، بالعمل الصادق والمخلص يمكننا أن نجعل اللغة الكردية مقبولة كلغة رسمية، ولكي نتمكن من إنقاذ لغتنا، يجب أن نتحلى بالوحدة ونعمل معاً من أجل لغتنا".
كما قام المعلم أمين أكباش بالتدريس في تركيا لمدة 7 سنوات، ولكن بعد قدومه إلى ألمانيا عمل مدرساً للغة الكردية وهو من أوائل المعلمين الرسميين، لقد كان أيضاً رئيساً للاتحاد لسنوات عديدة ويعمل حالياً بنشاط كمندوب لمؤتمر بريمن لاتحاد المعلمين الألمان (GEW)، كما أبلغ أكباش أن هناك تهديدات للغة الكردية وقال: "إننا نقدر المكاسب التي تحققت على مر السنين، لكننا إذا لم نتكاتف نحن العائلات والمؤسسات والمعلمين الكرد ونضع خطة قوية، فسوف نفقد الإنجازات التي تحققت في مجال اللغة أيضاً.
المصدر: Yenî Ozgur Polîtîka