لنعود إلى مسألة روج آفا، ذكرتم بأنه لا ينبغي وصف روج آفا على أنها تابعة لحزب العمال الكردستاني، فإذا كانت روج آفا ليست تابعة لحزب العمال الكردستاني، إذاً لماذا تعادي الدولة التركية قوات ثورة روج آفا؟
بشكل رئيسي، يمكننا قول هذا، كانت الدولة تخاف من ثورة روج آفا، ولهذا السبب أرادوا في البداية إجراء العلاقات والسيطرة عليها، لقد دعوا صالح مسلم واجتمعوا معه عدة مرات في أنقرة، ثم وجدوا أنهم لا يستطيعون السيطرة، وتضاعف خوفهم أكثر من ذي قبل، كانت أهدافهم بشكل أساسي على النحو التالي، إن روج آفا هي أصغر جزء في كردستان، يبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة، فإذا حصل الشعب الكردي على مكانته في سوريا، على سبيل المثال إذا مُنِحوا إدارة ذاتية مستقلة، طبعاً هناك إقليم فدرالي كردي في العراق، سيخلق هذا الشيء وضعاً بحيث يُقال "في شمال كردستان يوجد 20 مليون كردي، لماذا هم أيضاً لا يكون لهم نفس الشيء"، لهذا، أنهم وصلوا إلى تلك القناعة بأن الكرد في شمال كردستان سيطالبون بالتأكيد بالإدارة الذاتية، لذا، ويمكن أن تصل إلى مستوى أكثر خطورةً وتهديداً، وفي هذا الصدد، يمكن القول أنها " ضخمت المشكلة، وحولتها إلى قضية وجود، ودخلت في الصراع ضدها"، كما أنهم حاولوا إظهار ثورة روج آفا كجزء من حزب العمال الكردستاني، من خلال إتباع نهج أن "حزب العمال الكردستاني مدرج على قائمة الإرهاب للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي".
الآن هناك حوالي 5 ملايين شخص في شمال وشرق سوريا، ويعادل سكان دولة، لا يوجد هناك تنظيم، هناك فقط إدارة ذاتية محلية، ربما يكونوا مقرّبين من خط القائد أوجلان، لكن ليس من الصحيح تعريفها واعتبارها على أنها جزء من حزب العمال الكردستاني على الفور، هم يطبقون هذا النهج لأنه يناسب أهدافهم.
يمارسون النهج نفسه ضد المؤسسات القانونية في تركيا أيضاً، وكذلك في شرق كردستان أيضاً، يعتقدون بأنهم سيتمكنون من الهجوم بسهول بهذا الشكل، لهذا، فهم يسعون للقضاء على مكتسبات الشعب الكردي بالنهج والاقوال من هذا القبيل، وما يخافون منه هو أن يكون لشعب روج آفا مكانة واعتراف، وأظهروا بأن هذا سيكون مثالاً، وسيطالب الشعب الكردي في شمال كردستان أيضاً بحقوقهم بكل تأكيد، لن يتمكنوا من إعاقة هذه المطالب، وقالوا ’ سوف يقسّمون بلادنا وسيؤسسون دولة إرهابية‘.
لهذا السبب يحاولون إظهار حزب العمال الكردستاني وروج آفا على أنهما نفس الشيء، حسناً، ربما يكون هناك علاقة لكنها ليست الشيء نفسه، في البداية، فعندما يتم ذكر حركة القائد أوجلان، فعندئذ لن يكون قول ’سيبنون دولة‘ قولاً صحيحاً، لذلك فإن هذه الكلمات هي تماماً السيناريوهات التي تم إعدادها على الطاولة، لكن فكر القائد أوجلان وفلسفته ضد بناء الدولة، حركتنا التي تناضل وفق فكر القائد أوجلان ونهجه، ليس لها خطة لبناء دولة، إن هدفنا هو مكانة مستقلة، يعني بدلاً من الدولة، نريد تأسيس نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية القائم على نظام اتحادي طوعي، بحيث يعيش جميع الشعوب تحت ظلها باستقلالية بناءً على منظور الكونفدرالية الديمقراطية التي تكون الإدارات المحلية فيها في المقدمة.
لا يوجد لدينا غاية لتقسيم تركيا...
بدون شك، ليس لدينا غاية لتقسيم تركيا، بل نسعى لتحويل تركيا إلى تركيا ديمقراطية، وبناء وحدة الكرد الطموحة من خلال نظام ذاتي ضمن نظام الجمهورية الديمقراطية، أي بعبارة أخرى، لا نريد تقسيم تركيا، بل نريد بناء وتعزيز وحدة الشعوب الطموحة في تركيا، وما يُراد من بناء الوحدة عبر الأسلحة والدبابات والقذائف والطائرات، هو تحويلها إلى وحدة طموحة، لهذا السبب، نقوم بحماية هذا الأمر، لكي يعيش الجميع في ظل عدالته وحقه وقانونه واستقلاليته، وما نقول عنه الإدارة الذاتية الديمقراطية، هي في الحقيقة هذا الأمر؛ أي وحدة الشعوب القائمة على المساواة والحرية، وهذا هو هدفنا، وما يتم اتهام حركتنا في هذا الصدد من قِبل حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وبعض القوى الأخرى ومسؤولي الدولة التركية بمفهوم الانفصال، عارية عن الصحة، فنحن نتحدث عن الخط الأيديولوجي والسياسي الذي يُراد به بناء الوحدة الطموحة، وفي الحقيقة، إن خطر الانفصال في تركيا ليس حاضراً من جانبنا، بل إنه نابع من الذهنية المتزايدة والقائمة على التتريك تحت مسمى العنصرية، وكل من يتصرف ويتبنى هذه الذهنية فهم انفصاليون، وهذه هي حقيقة هذا الأمر.
هناك بيان آخر لحزب العدالة والتنمية ضد نضالكم، ألا وهو أنكم تخوضون هذه الحرب بمساعدة من القوى الخارجية، ماذا تقولون عن مثل هذه البيانات؟
لقد سعت الدول المهيمنة دائماً على مر التاريخ للحصول على دعم القوى الخارجية وراء القضية والمطالب المشروعة للشعب الكردي، ففي إيران، عندما ينزل الشعب إلى الشوارع عبر شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية"، فإنهم يصرحون بأن هناك قوى خارجية تقف وراء ذلك، والدولة التركية أيضاً، ربطت مطالب الشعب الكردي الذي يرزح تحت معاناة كبيرة ومهمش من الناحية السياسية والدبلوماسية، منذ حقبة الشيخ سعيد وما بعد بالقوى الخارجية، وارتكبت المجازر ضد الشعب الكردي، فقد لجأوا إلى فعل وقول كل شيء لتبرير ذرائع هجماتهم الوحشية.
وإن الحقيقة الأساسية في هذا الصدد، هو أن القوى الخارجية تقف إلى جانب الدولة التركية، حيث حصلت الدولة التركية في الحرب التي تخوضها ضد حركتنا على الدعم السياسي والعسكري دائماً من حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، ولا تزال تتلقى هذا الدعم حتى الآن، فإن لم يمنح الناتو دعماً سياسياً وعسكرياً من هذا القبيل، لما كان بإمكان الدولة التركية مواصلة هذه الحرب لفترة طويلة وربما كانت قد لجأت إلى حلول أخرى، بعبارة أخرى، إن دعم المقدم من الناتو ليس في صالح الشعوب في تركيا، لأن موقفاً من هذا القبيل، يظهر أنه يدعم الحرب ويحرض عليها، لهذا السبب، فإن هذه الحرب التي استمرت طويلاً ليست حرب الشعوب، بل إنها حرب أولئك الذين يدعمون سياسة العنف للدولة التركية، وبما أنهم يعتبرون الحرب وفقاً لمصالحهم الإمبريالية، فإن هذه الحرب تتواصل على تلك الوتيرة، وتُعتبر الذهنية القائمة على العنصرية والإبادة الجماعية في تركيا ضمن الدولة والمصالح الإمبريالية للقوى الخارجية من الأسباب الرئيسية لاستمرار هذه الحرب.
واليوم، يعلم الجميع بأن المجال الجوي العراقي يقع تحت سيطرة الإمبريالية، ومن المعروف أيضاً أن قسماً من المجال الجوي السوري يقع تحت سيطرة روسيا وقسماً آخر يقع تحت سيطرة أمريكا، حسناً، إن لم تدعم أمريكا تدعم هجمات تركيا ضدنا ولا تساعد حركتنا، فكيف بإمكان الطائرات الحربية والطائرات المسيّرة التركية اختراق 250 كيلومتراً داخل الأراضي العراق، ومن المعروف جيداً؛ أنه إذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يمكن حتى لطائر صغير أن يحلق في الأجواء، فحتى لو اجتاز طائراً صغيراً الحدود، فإنها سوف تضربه! حسناً، لماذا لا يقول شيئاً عن الطائرات التركية؟ لأنها بالأساس تقدم الدعم لها، ومرة أخرى، على سبيل المثال، تبقى علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع قوى روج آفا دائماً حديث الساعة، ولكن على سبيل المثال، لقد رأينا جميعاً أن الولايات المتحدة أفسحت الطريق في العام 2019 أمام هجمات الدولة التركية على سري كانيه وكري سبي (تل أبيض).
وما هو واضح وجلي في هذا الصدد؛ هو أن الدولة التركية اعتمدت دائماً على القوى الخارجية، وأرادت القضاء على الحركة الكردية، وتقوم بذات الأمر في الوقت الراهن، ولا تقوم بذلك الأمر بمساعدة من حلف الناتو فحسب، بل تبذل جهوداً حثيثة للحصول على دعم من روسياً ايضاً، فألم يجري شن الهجوم على عفرين بدعم من روسيا؟ وألم تحصل على موقف معادي ضد الكرد في أماكن مختلفة من سوريا بدعم من روسيا؟ وقامت بهذا الخصوص بتقديم كل ثروات تركيا للقوى العظمى في العالم، للحصول على الدعم ضد الكرد، وسعت لفعل كل شيء بهذا الصدد وتريد إعادة توطيد العلاقات التي تجريها مع سوريا مرة أخرى.
إلى جانب هذا، يتم الإدلاء بالتصريحات من قبل بعض الدوائر، يذكرون فيها أن حركتكم هي مشروع الولايات المتحدة الأمريكية (DYE)، على أي أساس يقولون هذا، لماذا يدعون ذلك؟
من الواضح، أن هنا يوجد وضع مجرد من الضمير، إنهم يريدون أن يدفعوا جميع القوى العظمى في جميع أنحاء العالم ضد الحركة المناضلة من أجل حرية الشعب الكردي، وبالتالي القضاء على عموم أفراد الشعب الكردي، ناهيك عن ذلك، يدعون بأن هناك علاقة لحزب العمال الكردستاني مع الولايات المتحدة أو مع قوى أخرى، ويدعون بأن هذا مشروع فيما بينهما، وعندما يفعلون ذلك، لا يشعرون بالخجل قط.
كنت أعرف دوغو برينجك وتحدثت معه أيضاً، والجميع يعلم نوع الشخصية التي تحوّل إليها، ففي الوقت الراهن، يوضح بأنه ضد أمريكا، وحركتنا هي مشروع للولايات المتحدة الأمريكية، حسناً، لماذا لا يحدث له أي مكروه عندما يدعي بأنه ضد أمريكا، لكن الولايات المتحدة تقدم مكافأة بملايين الدولارات مقابل اعتقالنا...؟ دعكم من هذا التناقض، إنه مع حزب الحركة القومية (MHP) الممثل لتنظيم الغلاديو التابع لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما أنه يظهر التقرب الطوعي بهدف انضمامه إلى التحالف من خلال هذا المشروع، لهذا، فإن الحقيقة مختلفة كلياً، إن أولئك الأشخاص الذين يظهرون مثل هذه النظريات الفاسدة، وجميع مزاعم إرهابيو حزب العدالة والتنمية في هذا الصدد، خاطئة وعارية عن الصحة، هذه الادعاءات جميعها منافية للأخلاق والضمير، ولا شيء آخر، باختصار، إنهم يحاولون تلقي الدعم ويد العون من جميع أنحاء العالم، بهدف القضاء على الشعب الكردي، ولا يكتفون بهذا فحسب، بل يقولون "هناك علاقة للشعب الكردي مع قوى خارجية، الكرد سيقسمون تركيا"، يمكن للمرء القول "لا يمكن الوضع أن يكون بهذا القدر" لكن هذا هو الواقع المُعاش.
كيف يجب أن يفهم المرء علاقات القوى الثورية في روج آفا مع الولايات المتحدة الأمريكية؟
تطورت علاقات مكونات روج آفا مع الولايات المتحدة الأمريكية في سياق الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي، في ظل ظروف طارئة للغاية وأيضاً في ظروف مختلفة جداً، كما ذكرت سابقاً، روج آفا ليست حزب العمال الكردستاني، ربما يكونوا متأثرين بخط القائد أوجلان، وهناك من يسير على خط القائد أوجلان، لكن حزب العمال الكردستاني ظاهرة مختلفة، وأيضاً أن العلاقة بين قوات روج آفا والولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي ليست علاقة سياسية، إنها علاقة قائمة على النضال المشترك ضد إرهاب داعش، مثال على ذلك، حتى لو كان الجيش الأمريكي متواجد هناك، فليس هناك أي دعم سياسي لشمال وشرق سوريا، لا يزال من المستحيل معرفة المكانة السياسية لـ روج آفا، لم يشارك ممثلون عن شمال وشرق سوريا في اجتماعات الأمم المتحدة بشأن سوريا، لعدم دعمهم، فإذا كان هناك دعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، لكان ممثلو روج آفا وشمال وشرق سوريا مشاركين أيضاً، باختصار، هناك تعاون ضد داعش وليس واضحاً إلى متى سيستمر هذا الوضع أيضاً.
فإذا ربط المرء هذا الوضع الذي لا مثيل له هنا بحركة التحرر الكردستانية أو يظهر حركة التحرر الكردستانية كمشروع أمريكي، فيعد ذلك تناقض وكذبة كبيرة، من جهة يتلقون دعمهم ويستهدفوننا ومن جهة أخرى يتهموننا بأن لدينا علاقات معهم، يناقش إرهابيو العدالة والتنمية هذا الأمر على الفضائيات يومياً، دون أن يخجلوا من أنفسهم، يقولون بأنه لدينا علاقات مع القوة يعتمدون عليها والتي نحاربها نحن.
ذكرتم سابقاً في إحدى تصريحاتكم أن حزب العدالة والتنمية (AKP) أصبح خبيراً في إظهار شيء غير موجود على أنه موجود وشيء موجود وكأنه غير موجود...
سجل حزب العدالة والتنمية مليء بالفساد، لهم العديد من الادعاءات الكاذبة، وفي بعض الأحيان، تكشف صحافة المعارضة مثل هذه الأكاذيب، أعتذر على هذا القول، فهم يعتبرون شعب تركيا كقطيع، يعتقدون أن أهل الأناضول سيقبلون ما يقولونه على الفور، ويعتقدون بأنهم إذا مارسوا الضغط والقمع، سيخاف الشعب الكردي منهم ويتراجعون حينها، لا يوجد شيء من هذا القبيل، لقد مضى ذلك الوقت، مثلاً تصريح وزارة العدل التركية الأخير التي أدعت فيه "منحنا الشعب الكردي حقوقهم"، فلو منحتم الشعب الكردي حقوقه كما تدعون، سترفعون الحظر على اللغة الكردية، في ذلك الوقت، لماذا تعتقلون السياسيين الذين يخدمون اللغة الكردية ويظهرون الثقافة الكردية، وتزجونهم في السجون!، يوجد نحو عشرة آلاف سياسي كردي في تلك السجون الخاضعة لسيطرة وزارة العدل، بعض منهم في أجنحة التنظيم المسلح، يعني هل اعتقلوا عندما كانوا يقومون بالكفاح المسلح...؟، عددهم لا يتجاوز المائة، الباقي جميعهم عمال سياسة، كلهم تعرضوا للعقوبات لأنهم كانوا يقومون بأعمال ثقافية، بسبب كرديتهم ونضالهم من أجل هويتهم، من جهة، يمارسون مثل هذا القمع، ومن جهة أخرى يدعون بهذه الأكاذيب، فعندما يقدمون على فعل كل هذه الممارسات المخزية لا تحمر وجوههم خجلاً، وحينها يصبحون خبيرين في الكذب.
ما أثار الانتباه في قائمة حزب الخضر اليساري لانتخابات 14 أيار المرشّحَين، حسن جمال وجنكيز جاندار، حيث انتقدت بعض الفئات اليسارية المحيطة بحزب الشعوب الديمقراطي بترشيح هذين الشخصين، كيف تقيّمون موضع الترشيح هذا؟
نعم، لقد علمنا بمناقشات من هذا القبيل عن طريق الصحافة، وفي الواقع، لم نجد أي خطأ في أن حزب اليسار الأخضر قدم كل من حسن جمال وجنكيز جاندار كمرشحين، بل على العكس من ذلك، وبسبب مقاربتهما للحل الديمقراطي للقضايا الرئيسية لتركيا والكرد، وقد أدركنا في طريقة محاولة إعداد القائمة التي من شأنها أن تلعب دوراً في ذلك الصدد، وبالتأكيد، ليست لدينا أي معلومات، لكن آمل أن يكون الأمر هكذا؛ وعلى الأقل أقيّم الأمر هكذا، فعندما يُنظر للأمر من الخارج، يُشاهد هكذا، هذا صحيح؛ لقد حصل هناك نقد من قِبل بعض الأحزاب اليسارية المعروفة في تركيا تقديم هؤلاء الأشخاص كمرشحين، وأنا أعلم أيضاً أن بعض الأشخاص الذين يقولون عن أنفسهم على أنهم "قوميين" لم يعبروا عن عدم ارتياحهم فقط بشأن هذين الشخصين، بل عن عدم ارتياحهم تجاه مرشحي الحركات اليسارية في تركيا، لكننا من نجد من الخطأ تبني مقاربات من هذا القبيل، وربما قد يقومون بالانتقاد، ولكن هذه حقيقة قائمة؛ وهي أن هذين الشخصيين كتاب وصحفيين معروفين في تركيا، فهذين الشخصين كانا يعتبران القضية الكردية قضية قائمة بحد ذاتها قبل أي شخص آخر، وكان يصرحان بشجاعة أن حل القضية الكردية يكمن عبر ترسيخ الديمقراطية في تركيا، وكانا لديهما موقف مصر بخصوص هذا الأمر، ومن هذه الوجهة، فإن ترشيح هذين الشخصين كمرشحين من ناحية، يعبر عن نهج الوفاء ومن ناحية أخرى نهج إعطاء الدور لهما، لذلك، نفهم أن حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الخضر اليساري يصران على حل القضية الكردية في إطار تركيا، ونتيجةً لإصرارهما، ستكون ذات تأثير في السياسة التركية، ويسعيان إلى جمع الكثير من الأشخاص القيّمين الذين على مستواهم تحت مظلتهما، وهذا أمر جيد، بحد ذاته، من ناحية تركيا من أجل حل النضال الديمقراطي العام وقضاياها، وينبغي على شعبنا أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار بشكل أساسي، واحتضان أناس مثل هؤلاء بقوة.
ومن ناحية أخرى، تريد طبقة السلطة الحاكمة والدولة البورجوازية التركية بجهد استراتيجي عرقلة تلاقي الحركة اليسارية التركية وحركة الحرية الكردستانية، وإذا ما أمعنتم النظر، فقد تم منع الاحتفال بالأول من آيار منذ سنوات طويلة في مدن كردستان، وكذلك تم منع الاحتفال بعيد نوروز في مدن تركيا، حيث إن القيم بمثل هذه الأمور، يصب في خانة عرقلة النضال المشترك لحركة حرية كردستان والحركات اليسارية-الاشتراكية-الديمقراطية، ومن ناحية أخرى، استفادت الدولة التركية الاستعمارية كثيراً في وقتها من حقيقة نهج الحزب الشيوعي في تركيا، إن كان على صواب أو خطأ، حيال المطالب المشروعة للشعب الكردي ومقاومته، بل إنها اتخذت من الموقف الذي تبناه الحزب الشيوعي في تركيا في ذلك الوقت كأرضية من أجل تهميش القضية الكردية على المستوى الدولي، لذلك، فإن هذه القضية ليست قضية سهلة، وقضية في غاية الأهمية، كما أن نفس صفوف السلطة الحاكمة أوقفت على الدوام ترسيخ الديمقراطية في تركيا بسبب الإبادة الجماعية والضغوط الفاشية التي كانت تمارسها في كردستان، من هذه الناحية، فإن ترسيخ الديمقراطية في تركيا هي قضية مهمة للغاية لتطوير الحركة الثورية في تركيا والتعاون والوحدة مع حركة الحرية الكردية، لذلك، أولى القائد أوجلان أهمية كبيرة لهذه القضية في موقفه الأول، وكما هو معروف أن الأشخاص الأوائل من الذين شارك معهم قائدنا أفكاره حول النضال نضال حرية كردستان، كانا رفيقي الدرب حقي قرار وكمال بير، ولم يقيّم القائد أوجلان ثورة كردستان وتركيا على الإطلاق بمعزل عن بعضهما، ولايزال هذا الموقف الذي تبناه قائدنا في البداية مستمراً حتى يومنا الحالي.
وإننا نعتبر اندماج حركة حرية كردستان والحركة اليسارية-الاشتراكية-الديمقراطية في تركيا أمراً في غاية الأهمية، لهذا السبب، اعتبرنا دائماً أن أنشطة التحالف مع الحركات اليسارية في تركيا مهمة، وقد قمنا بتبنيه على المستوى الاستراتيجي، ولم نتقارب على الإطلاق على الأساس التكتيكي، وعلى الرغم من حصول بعض التقصيرات في الممارسة العملية من وقت لآخر، فإن وجهة نظرنا الرئيسية ليست كذلك، لذلك، كنتُ قد صرحتُ، بأن المعيار الرئيسي للنظام الفكري لقائدنا قائم على وحدة الشعوب والشراكة بين ثورة تركيا وثورة كردستان.
وبهذه المناسبة، أهنئ من الآن يوم الأول من آيار، يوم العمال العالمي، على جميع العمال والطبقات المضطهدة وشعبنا الوطني في تركيا، وأتمنى نجاحاً عظيماً لكل الذين يناضلون من أجل المضطهدين منذ عيد نوروز وحتى الأول من مايو في سياق هذه القضية.
تطرقت بعض الأحاديث عن القائد أوجلان، على وجه الخصوص في الأيام الأخيرة في سياق المناقشات الانتخابية، وتتحدث كلا من السلطة والمعارضة عن هذا الوضع، بدوركم كيف تردون على هذه المناقشات؟
في البداية، ليس من الصحيح التحدث عن قائدنا في سياق الانتخابات، إن القائد أوجلان هو قائد استراتيجي للشعب الكردستاني ويقع على عاتقه عبء ثقيل، وعلى الأشخاص ذوي النوايا الحسنة، إبعاد أنفسهم من مكان الخلاف دون التفكير في ذلك.
القضية الكردية وقضية القائد التي تعد قضيتان رئيسيتان في تركيا، ليست موضوعاً يمكن مناقشتهما في سياق التكتيكات الانتخابية، يجب تناولها وحلها، غالباً ما يذكر أردوغان ودوائر حزب العدالة والتنمية هذا الموضوع، في الواقع، هذه هي القضية الأساسية لتركيا، وإنها قضية جادة لا يجب تناولها من خلال تكتيكات الانتخابات، ليس فقط السلطات، ولكن أيضاً المعارضة التركية، خاصةً الدوائر المحيطة بحزب الشعب الجمهوري (CHP) يناقشونها بطريقة غير محترمة من وقت لآخر، هذه كلها مواقف أساسية لا تأخذ الأمر على محمل الجد، يجب على شعبنا والرأي العام عدم الاعتماد على مثل هذه المقاربات.
على الجميع أن يعرف إنه لا توجد أهداف في حركة التحرر الكردستانية، هناك هدف واحد فقط، مهما يحاولوا، لا يمكنهم من الآن فصاعداً، بناء أهداف مختلفة في التركيبة السياسية والاجتماعية للشعب الكردي، وخاصةً في شمال كردستان، لأنه تم وضع أساس الطريقة والأسلوب الصحيح للحل، سيكون هذا الموقف هو القوة الرئيسية للنجاح.
بدأت مرحلة التصويت في أوروبا في 27 نيسان، بهذه المناسبة، ما هي الرسالة التي توجهونها للناخبين الوطنيين والديمقراطيين في أوروبا؟
كما يتضح في الانتخابات الماضية، فإن الجالية الكردستانية في أوروبا لا تحب الانتخابات، نسبة المشاركة ضعيفة، يجب التغلب على هذا الشيء في المرحلة الحالية، لأنها الآن ليست انتخابات عادية لكل من الشعب التركي والشعب الكردي في تركيا، بل هي انتخابات مهمة ومصيرية، سيحدد شعب تركيا مصيرهم من خلال هذه الانتخابات، وهي انتخابات بين انتصار الديمقراطية وبين بقاء النظام الديكتاتوري، المجتمع التركي سيصوتون لذلك، في هذا الصدد، لهذه الانتخابات أهمية كبيرة.
كما يجب على الشعب الكردي والقوى الديمقراطية اليسارية أن يظهروا بأكثر الأشكال فعالية في هذه الانتخابات على أن لديهم الآن إرادة في سياسة تركيا وأن لديهم دوراً ووظيفة مهمة، ومن المهم للغاية دعم حزب الخضر اليساري والتصويت له من أجل حل القضية الكردية وترسيخ الديمقراطية في تركيا.
وبهذا الخصوص، فإن ندائي لجميع الشعوب الثورية والديمقراطية والوطنية في أوروبا هو: ينبغي علينا ألا نكون لا مبالين ومستهترين بهذه المرحلة الهامة في تركيا وكردستان، وحتماً من الضروري التوجه إلى الصناديق وانتخاب الصف الصحيح، وندائي الخاص لجميع الكردستانيين الوطنيين هو؛ ضرورة المشاركة في الانتخابات والتصويت لتحالف الكدح والحرية، ويجب ألا ننسى؛ أنه إذا ما كان هناك في مكان ما ديكتاتورية أو اضطهاد، فإن التزام الصمت وعدم القيام بشيء حيال ذلك، يعني أنكم تصبحون مشاركين في هذا القمع، وفي هذا الصدد، إذا كان جميع أفراد شعبنا الوطني في أوروبا لا يريدون أن يكونوا جزءاً من هذا القمع الذي يقوم به حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في كردستان، فيتوجب عليهم بالتأكيد التوجه إلى صناديق الاقتراع والتعبير عن استيائهم.