صوت القيادي لقمان يصل من زاغروس إلى قلوبنا

تُذكّرنا الصور والذكريات التي تركها لنا مقاتل الكريلا لقمان دلشير بوجوده الذي اتحد بـ زاغروس، حيث يصل صوت القيادي لقمان إلى قلوبنا من وديان جبال زاغروس.

لن يُنتسى، كل وادي، وهضبة، وسهل وجبل من جبال زاغروس التي نُقشت ذكراها في أذهاننا، فعندما نسترجع ذكرياتهم وننظر إلى صورهم، فكل وادي، وهضبة، وجبال زاغروس تجعلنا نقول عبارة (زاغروس فخورة)، وبفضل مقاتلي ومقاتلات الكريلا، فقد أصبحت تلك الجبال الشامخة حية في قلوبنا وعقولنا وأمام أعيينا، الآن في كل صورة من صور زاغروس، ينابنا شعورٌ غريب بأن هذه الصور لا يمكن لمقاتلي الكريلا أن تغيب في أذهاننا، فقد أصبحوا رمزاً للحياة الواحدة والمشتركة في الجبال، حيث أصبحت حياة المقاتلين والمقاتلات كقطعة متكاملة من الجبال.

 

عندما رأينا هؤلاء الأشخاص لأول مرة كأساطير، تركوا آثاراً دائمة في ذاكرتنا، واليوم، لا تزال تلك الآثار تعطي معنى لحياتنا، كان صوته يتردد في أذني، كان يوماً شتوياً بارداً، وكانت جبال زاغروس أمامي بكل جلالها، كنت ذاهباً إلى منطقة زاب للمرة الأولى، كان ذلك في أواخر عام 2018، وكان مقاتل الكريلا لقمان دلشير قائد المنطقة، حيث كان الكريلا جالسين على صخرة والتقطنا الصور معاً، ثم غنّى القيادي لقمان أغنية وأردت هذه المرة أن أصوّره، ربما لن تُتاح لي هذه الفرصة مرة أخرى، بدأ أغنيته بترديد هذه الكلمات: "اكتست قمم الجبال بالثلوج ووصلت إلى أرضنا، وأرسى عزرائيل  بظلاله على قريتنا....".

كان لقمان دلشير مقاتل للكريلا وقيادياً من شرق كردستان، حيث في عام 2007، انضم إلى صفوف مقاتلي الكريلا، وبعد أن تعرفتُ عليه، حارب بشكل متواصل في زاب وزاغروس لمدة 6 سنوات، وفي ظل الظروف القاسية التي عاشها النضال الشعبي المقاوم بقيادة رشيد سردار وروجين جودا، شارك في العديد من الحملات والعمليات المهمة، لقد كان أحد هؤلاء المقاتلين الذين يعرفون منطقتي زاب وزاغروس جيداً، ورافق العديد من مقاتلي الكريلا ذوي الخبرة، وكان قادراً على التغلب على الصعوبات والظروف القاسية، وكان دائماً ما يُظهر حبه وإخلاصه لرفاقه، كما أنه كان في الوقت نفسه مغنياً، كان صوته علامة على شخصيته؛ علامة على روح المقاومة في زاغروس.

ستتبقى ذكراه معنا إلى الآبد

في عام 2020، توجه إلى منطقة جيلو بصفته عضواً في قيادة الأيلاة، وعلى مدى عامين أتيحت لنا فرصة الالتقاء به عدة مرات، كان مستعداً لكل ركن من أركان زاغروس، كان قيادياً محبوباً في قلوب رفاقه، حيث كان يتوجه إلى جيلو دائماً مبتهجاً ومستعداً لمهمته، ووضع نصب عينيه مرة أخرى التوجه إلى زاغروس بشغف كبير، كان وجهه يظهر في معظم الصور القادمة من المنطقة، كان دائماً ما يبرز في الصور بابتسامته، في تلك الابتسامة يمكن للمرء أن يشعر بالمعنى العميق للحياة وإخلاصه للجبال.

بعد فترة صعبة من الممارسة العملية، استشهد في 19 آب 2021 في هجوم جويّ شنّه جيش الاحتلال التركي، إلى جانب رفاقه بروسك آرارات (حميد أربان) ومنذر روج آفا (يوسف حاجي) وزانا سكو (كمال خضري)، لا شكّ أنّ القيادي لقمان المخلص، المبتهج، الكادح سيعيش معنا إلى الأبد بكلّ ذكرياته وأغانيه التي غنّاها، حيث تذكرنا الصور والذكريات التي تركها لنا بوجوده الذي ارتبط اسمه بزاغروس، والآن يعيش لقمان في كل صورة من صور زاغروس، ويصل صوته إلى قلوبنا من وديان جبال زاغروس.