لايزال الوضع في إمرالي غامضاَ غير واضح. إذ لا يُستجاب للطلبات التي يقدّمها المحامون لزيارة إمرالي ومقابلة القائد آبو. ولا تدلي لجنة مناهضة التعذيب بأي بيانٍ جديد رغم العديد من الفعاليات والمناشدات التي وجّهت لها. هذا هو الحال حتّى لحظة إعداد هذا المقال، وهذا ما يزيد القلق بخصوص صحّة القائد آبو وأمنه. ويبدو أنّ النضال الحالي غير كافٍ للوصول إلى الحل.
لذا يجب تصعيد وتيرة النضال وتنويعه. فلا يمكن توضيح المواقف الغامضة وغير الواضحة إلّا عبر النضال، لذا لا حلّ إلّا تصعيد النضال وتعزيزه.
بالطبع، لنا الحق في التشكيك في هذا الوضع الغامض. لأنّ لجنة مناهضة التعذيب قالت فجأةً في إحدى الأيام "إنّها زارت إمرالي والتقت بالموجودين هناك واحداً بواحد". وقد انتقدنا هذا البيان لأنّنا نعتبره غير كافٍ، لأنّ المعلومة التي قدّمتها من إمرالي أعجبتنا. لكنّ بيان مكتب العصر القانوني الذي جاء مناقضاً لبيان لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية، وضعنا في حيرةٍ من أمرنا. ثمّ أصدرت الرئاسة المشتركة للهيئة القياديّة لمنظومة المجتمع الكردستاني أيضاً بياناً. لذا من غير الممكن ألّا تثير هذه المواقف والأحداث الحيرة لدى الشخص. ولأنّ لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية التي تعدّ منظمة معنية بهذا الأمر لم تدلِ بأي بيانٍ جديد فقد تزايدت المخاوف وتزايد القلق.
والآن تقول بعض القوى والأطراف؛ إنّ لجنة مناهضة التعذيب لا تتحمّل مثل هذه المهمّة والمسؤولية الكبيرة. فقد أصدرت العديد من التقارير حول إمرالي وانتقدت العديد من الممارسات وأرادت تغييرها لكنّها لم تتمكّن من تنفيذ أيٍ منها. أي أنّها تقريباً منظّمة غير فعالة! لا نعلم جيّداً ما إن كان الوضع بهذا الشكل أم لا. لكنّنا نعلم جيداً أنّ النظام الأوروبي حافل بالألاعيب والنقاشات. ويبدو أنّ الوضع في إمرالي هو أيضاً ضمن الألاعيب المذكورة أعلاه. ربّما لجنة مناهضة التعذيب مستاءةٌ لأنّه تمّ تكذيبها. لكنّ الوضع في إمرالي وواقع القائد آبو ليس وضعاً يتحمّل التقييم بالاعتراضات والألاعيب. فالموضوع هنا يشمل تاريخ ووجود شعبٍ كامل بالإضافة إلى الوضع الإنساني. وبدلاً من التعبير عن الاستياء والسخط يجب على الجميع التعاون والمساهمة في الوصول إلى الحل والتصرّف بشكلٍ جدّي وحازم.
لكن الوضع العملي لا يبدو على هذا النحو. إذ يتجاهل الجميع هذا الوضع متّخذين دور الأعمى والأصم والأبكم. ولا يقول من يتوجّب عليهم الحديث كلمةً واحدة حتّى. يمكن أنّ تكون فاشية حزبي العدالة والتنمية مستاءة جدّاً بسبب هذا وتسعى للتخطيط لألعوبة حربٍ خاصة جديدة. فمنع زيارة العائلة والمحامين إلى إمرالي يزيد هذا القلق. حسناً، كيف يمكن أنّ نحلّ هذا الوضع ونفشل ألعوبة الحرب الخاصة هذه؟ بدون أي شك يجب على لجنة مناهضة التعذيب إصدار بياناتٍ وتسليط الضوء على هذا الوضع بدلاً من التزامها للصمت. ولتحقيق ذلك علينا تعزيز النضال على مدار اليوم والساعة، فلا حلّ آخر لهذا الوضع.
لكنّ النضال الجاري حتّى الآن هو نضال ضعيف وغير كافٍ. فبدلاً من تصعيد النضال نرى أنّ بعض الأطراف تكتفي بمناقشة المسألة فحسب. وبالطبع فإنّ النقاشات الجارية مبنيّة على التفسيرات الخاصة. إنّ التحليل والتفسير مهمّان جدّاً للوصول إلى الحقيقة، لكنّها أحياناً تشوّه الحقيقة. والعديد من التفسيرات والتحليلات المتعلّقة بإمرالي تجري في هذا السياق. فالجميع بما فيهم المحامين يوضّحون أنّ صحة القائد آبو وأمنه في خطر. لكنّ المحلّلين يبالغون في تحليلاتهم؛ ويزعمون أنّ القائد آبو لم يلتقِ بلجنة مناهضة التعذيب "كعمل إدانةٍ واحتجاج"، مع أنّ لا وجود لأيٍ تأكيدٍ يدعم هذا الادعاء. هناك مقولة مأثورة مفادها أنّ "الأصمّ لا يسمع بل يتحدّث مع نفسه"، والوضع مشابه لهذا.
صحيح أنّ تركيا تشهد أشدّ المراحل حرجاً في تاريخ الجمهوريّة، والديكتاتوريّة الفاشيّة لحزبي العدالة والتنمية تنهار أكثر فأكثر يوماً بعد يوم، لكنّ دكتاتوريّة أردوغان- بهجلي لا تريد التخلّي عن السلطة. ولهذا تحيك مختلف أنواع الألاعيب والمخططات عبر إمرالي. والكرد كشعب وحركة التحرر الكردستانيّة يدركان هذه الحقيقة جيداً، ولهذا لا يقعان في فخّ ألاعيب الحرب الخاصة هذه ويتحرّكان بشكل أكثر حذراً. وستكون الأقوال والمقاربات التي ستُنتهج من الآن فصاعداً بهذا الشكل.
لكنّ الوضع الحالي مختلفٌ عن هذا. فحتّى لو كانت بداية ألعوبة الحرب الخاصة؛ فإنّ الوضع في إمرالي غامضٌ غير واضح. وهذا يعني أنّ هناك قلق وخطر حقيقي على أمن القائد آبو وصحّته. فلا ترد عنه وعن باقي المعتقلين في إمرالي أي معلومات منذ 21 شهراً. ولا يتمّ تطبيق القانون التركي إذ لا يستطيع محامو المعتقلين وأسرهم زيارة إمرالي. وفي مثل هذه الحالة؛ فإنّ البيانات المتضاربة للجنة مناهضة التعذيب الأوروبية ومكتب العصر القانوني زادت الوضع غموضاً وسوءاً. وهذا يشير إلى خطورة الوضع من جميع النواحي.
إنّ الفعاليات التي أُقيمت خلال الأسبوع الفائت سلّطت الضوء على الوضع ووضعته على الأجندة إلى حدّ ما، لكنّه لا يزال غير كافٍ لخلق أجندة مؤثّرة وتوضيح هذا الوضع الغامض. فقد وضعت فاشية حزبي العدالة والتنمية أحداثاً جديدة على جدول أعمالها في سياق الحرب النفسيّة وسعت لقلب الأجندة. لاشكّ أنّ هناك بعض الأطراف اليساريّة والديمقراطية لم تتبع هذه الأجندة ولم تسر على هذا النهج، واتبعوا مباشرةً قلب الأجندة هذا. أي أنّهم وقعوا تقريباً في فخّ الحرب النفسية الخاصة باسم حماية حقوق المضطهدين ولم يشعروا أنّهم انقطعوا عن الأجندة الأساسيّة.
يبدو أنّ نهاية هذا الأسبوع ستشهد فعالياتٍ أشمل وأوسع. إذ تُضاف فعاليات آمد ووان إلى سلسلة الفعاليات الجارية في روج آفا والخارج. كما ستُقام سلسلة فعالياتٍ صغيرة وكبيرة بالإضافة إلى هذه الفعاليات الرئيسة. وبالطبع ستسلّط هذه الفعاليات الضوء على هذا الموضوع بشكلٍ أكبر وتشكّل ضغطاً في موضوع تقديم معلوماتٍ عن القائد آبو. ولكن من غير المعروف إلى أي مدى ستكون هذه الفعاليات كافية، وما إن كانت ستساهم في الحل والحد من القلق والمخاطر على صحّة القائد آبو وأمنه أم لا.
من الواضح أنّه لا يمكن حلّ المشاكل وتوضيح المواقف الغامضة إلّا عبر النضال. كما يجب على الشخص مدّ النضال إلى كلّ مكان وخوضه بلا هوادة. يجب التحرّك كحالة تعبئة واستنفار. والمطالبة بالسماح لمحامي القائد وباقي المعتقلين في إمرالي وأسرهم بزيارتهم فوراً. كما يجب مطالبة لجنة مناهضة التعذيب والمنظمات المماثلة لها بتطبيق الإطار القانوني في إمرالي. ورفع مستوى الفعاليات بهدف تحقيق الحرية الجسديّة للقائد آبو.
من الواضح أنّه لا يمكن حلّ المشاكل وتوضيح المواقف الغامضة إلّا عبر النضال. لا يجوز الاكتفاء بقول إنّ فاشية حزب العدالة والتنمية والحركة القوميّة تحيك الألاعيب، كما لا يجوز القول أنّ لجنة مناهضة التعذيب الأوروبيّة لا تدلي بأي بيان ثمّ التوقف عند هذا الحد. من الواضح أنّهم يتحرّكون بما يتماشى مع مصالحهم. لذا علينا نحن أيضاً خوض النضال بما يتماشى مع مصالحنا وأهدافنا. إذ علينا تصعيد النضال في كلّ مكان وفي جميع المجالات ليتمّ توضيح هذا الوضع الغامض وحل المشكلة الأمينة والصحيّة للقائد آبو. وهذه هي المهمّة الثوريّة والوطنية التي يفرضها علينا هذا العهد. لذا سنلتزم بمهمّتنا هذه ونؤدّيها بنجاح دائم.
المصدر: يني أوزكور بوليتيكا (YENÎ OZGUR POLÎTÎKA)