عدولات ودراويش هذا العصر
تظهر شخصية درويش وعدولة أمامنا في جبال كردستان بوجوه مختلفة، ونشهد مرة أخرى على ملاحم درويش وعدولة المعاصرة التى تُكتب في بوطان وزاب وآفاشين ومتينا وجميع أرجاء كردستان ...
تظهر شخصية درويش وعدولة أمامنا في جبال كردستان بوجوه مختلفة، ونشهد مرة أخرى على ملاحم درويش وعدولة المعاصرة التى تُكتب في بوطان وزاب وآفاشين ومتينا وجميع أرجاء كردستان ...
عندما نلقي نظرة على مشاهد مقاومة ورخليه، يصبح في قلب كل صاحب ضمير كـ جرح أليم.
اللحظات الأخيرة للرفيق باز والرفيقة هلبست وهما يصارعان الأسلحة الكيماوية ويستشهد كل منهما في النهاية.
كلها تدمي قلوبنا جميعاً، وتزيد من غضبنا.
لقد قصرنا كثيراً، ولم نكن كفاية لهم، لهذا نعد بوعد الانتقام.
مقاتلٌ من الكريلا يضع رأس رفيق دربه المصاب على ركبته ويمسح عرقه ودمه، ويشهد على اللحظات الأخيرة لحياته، يريد أن يجعل أنفاسه بين أنفاس رفيق دربه، ويأمل ألا يستشهد.
هل خطر على بالنا، عندما يستشهد أحد رفاق الكريلا، كيف هو موقف وشعور رفيق الدرب الذي يرافقه؟ أية مشاعر تنهمر من القلب؟ في تلك اللحظة ، كيف يصبح الحاضر تاريخاً ، وكيف يصبح التاريخ حاضراً؟ أي قسمِاً تؤديه الكريلا؟ كيف تُنقش هذه الكلمات في التاريخ؟
ما هذا الشعور والحس، وما هذا الفكر، فالكلمات التي تنبع من القلب لا يمكن أن تُنسى أبداً.
كتبت القائدة زريان دنيز آمد (عائشة غول كاجار)، إحدى قياديات مقاومة الإدارة الذاتية في شرناخ، تلك اللحظة في مذكراتها ونقشتها على التاريخ، أثناء حصار مدينة شرناخ والقصف الشديد عليها.
جعلت من استشهاد رفيقات دربها ومشاعرها ميراثاً للتاريخ والإنسانية.
عدولة العصر تنقش في صفحة يوم 22 نيسان 2016، من دفتر مذكراتها، هذه الجمل:
"أحاول إيجاد وصفٍ لمشاعري الأخيرة، تتبادر إلى ذهني فقط أمثلة تاريخية، ملحمة عدولة ودرويش تتكرر من جديد، قائدنا والكريلا يشبهون عدولة إلى حد كبير ، وتُخلق الملحمة الثانية عشرة لهذا العصر من جديد.
كانت عدولة فتاة أصيلة من عشيرة الملليه، وأنا أيضاً من نفس العشيرة، يعني أنا أيضاً مللية، ودرويش كان رجلاً كردياً شجاعاً، مقاتلاً وأهل للكرامة والنخوة.
عندما تفقد عدولة درويشها وبطلها، تبكي عليه، وترثيه باسم دلالا درويش، ويلفظ درويش أنفاسه الأخير على ركبة عدولة.
إذا ما شبهت شخصي بـ عدولة، فسوف لن يكون ذلك وصفاً أو تعريفاً خاطئ، فعلى ركبتي أيضاً لفظ الشبان الكرد الأبطال أمثال درويش أنفاسهم الأخيرة، لكن لم تتح لي الفرصة للبكاء عليهم، وأرثيهم حزناً، لقد فقدت عدولة درويشاً واحداً وبكت عليه بألم، فأما أنا، فكم درويش فقدتُ؟
لقد كانوا دراويش العصر، حاربوا ببطولة عشق الوطن، وقد انتاب قلبي هذا الشعورأكثر من أي وقتٍ مضى عندما فقدتُ بوطان وزانا، كان بوطان يهتف ويصرخ بقوة على ركبتي، كان يقول وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة "يحيا القائد أوجلان"، كان ممسكاً بيدي ويوصيني وصيته، وأنا بدوري هكذا كنتُ أفقد الكثير من الدراويش بهذا الشكل، باز، ديار، رشو، مظلوم، دمهات، سفكان، زانا، ريزان، أشرق، كفر و الجميع، أحاول جاهدةً أن أعطي اسماً لهذا الحب، فإذا قلتُ أنهم مثل إخوتي وأخواتي، فلن يكون ذلك كافياً، لأنني في تلك المرحلة لم أكن حتى على صلة بإخوتي وأخواتي، لم ينتابني مثل هذا الوفاء والولاء من قبل، لقد كان نابعاً من القلب لدرجة أنه كان لا يُقاس وإلى درجة الموت، فالحب الأكثر قداسةً هو أنك تضع الموت بين عينيك من أجلها.
والآن، توصلتُ إلى التعريف والوصف الحقيقي للحب، فنحن نحافظ على وعدنا في أصعب وأحلك تجربة في الحياة، فعندما نبني الأمة الديمقراطية، فإننا نهزم جميع المصاعب والمآسي بالعشق، فعشقنا هو عشقٌ مشترك، وها أنا أحب هؤلاء الرفاق بالعشق المشترك.
فـ نحن عدولات ودراويش الزمان."
وبهذه الطريقة، نفهم بعض الشيء كيف تنتاب في مثل هذه اللحظات شعوراً كهذه في قلب الكريلا ، والقائد\ة.
فـشرناخ تصبح ورخليه، وتصبح شكفتا برينداران، وتصبح كاركر، وتصبح زاب.
زريان تصبح باز، وهلبست وتصبح المئات من الكريلا الذين يقاومون الآن أيضاً أمام الأسلحة الكيماوية.
فـ درويش وعدولة تظهران أمام أعيننا في جبال كردستان بأوجه مختلفة جداً.
ونشهد مرة أخرى على كتابة ملاحم درويش وعدولة هذا الزمان، في بوطان وزاب وآفاشين وماتينا وجميع أرجاء كردستان ...