يحلم كل مسن في هذا العالم بأنه يوم ما عندما يكبر في السن ويحال للتقاعد،بأن يعيش حياة كريمة ملؤها الراحة والسعادة بعد سنوات طويلة من العطاء والعمل الشقاء،لكن وفي ظل الصراع القائم في سوريا منذ عدة أعوام أصبح هذا الحلم مستحيلاً بالنسبة للمسنين في هذا البلد والذي يعاني من ويلات الحرب منذ عدة أعوام،وربما لايخفى على احد بأن معظم أبناء المدن السورية دفعوا ثمناً باهظاً جراء هذه الحرب لكن مالايختلف عليه إثنان فإن مدينة عفرين نالت الجزء الأكبر من دفع ذاك الثمن من خلال تعرضها لحرب شرسة بقيادة دولة يصنف جيشها من الاوائل عسكرياً في حلف الناتو،ذاك الحلف الذي بقي صامتاً أمام إستخدام تلك الدولة لكل انواع الاسلحة الفتاكة ومنها المحرمة دوليا ضد سكان تلك المدينة العزل،ولعل العم (ع.ق)البالغ من العمر 72 عاماً والذي طالب بعدم الكشف عن اسمه وصورته،لأسباب أمنية،من أولئك المسنين والذي كانوا يحلمون بحياة تقاعدية جميلة بعد سنوات طويلة من العطاء والعمل الشاق، لكن آلة الحرب التركية ومن ضمنها مجموعاتها المرتزقة، حالت دون تحقيق ذاك الحلم أثناء إحالته للتقاعد وعزمه على الاقامة في منزله الكائن في مدينة حلب، بل ولم تكتفي تلك الآلة بهذا القدر من الظلم بحقه هو وأفراد عائلته بل لاحقته في كل مكان حتى أصبح اليوم مهجراً لثلاثة مرات متتالية يحمل كل فصل من هذه المرات في طياتها أشد انواع العذاب والظلم والتي رواها لوكالتنا(وكالة فرات للانباء) اثناء زيارتنا لمنزله بعد وصوله الى مناطق الشهباء بعد رحلة محفوفة بالمخاطر،والذي أشار الى بدايات نزوحه من مدينة حلب والتي بقي عالقاً فيها بسبب القصف العشوائي على الاحياء المدنية من قبل المجموعات الارهابية والذين سرقو منزله بعد نزوحه منه باتجاه قريته التابعة لمقاطعة عفرين حيث مسقط رأسه والذي بقي فيها لعدة سنوات حيث توفيت زوجته قهراً على ماآلت اليه ظروفهم، ومع إندلاع المعارك في عفرين واقتراب قوات الاحتلال التركي ومجموعاته المرتزقة من قريته يتوجه الى مدينة عفرين قسراً خوفاً على حياة من تبقى من أفراد عائلته وعيناه لاتكاد تفارق اشيائه ومقتنايته في منزله العتيق ولسان حاله يقول سوق ينهب منزله كما نهب منزله في مدينة حلب لاول مرة،وليحط رحاله في مدينة عفرين بعد نزوحه القسري للمرة الثانية يصف العم(ع.ق)المجموعات التي إحتلت مدينة عفرين بأنهم اشبه بالوحوش وبأنه يعجر عن وصفهم او تشبيههم بأي مخلوق أخر فتصرفاتهم ليست كتصرفات البشر بحسب قوله،ويشير بأنهم استولوا على منازل المدنيين ونهبوها وسرقو المحلات التجارية،وقطعو اشجار الزيتون، ويتهمون الاهالي بتهم باطلة،مشيراً بأنه حاول مراراً وتكراراً الفرار من المدينة لكنه لم يستطيع بسبب سؤء أحواله المادية حيث الخروج من المدينة يخضع لمجموعات من تجار البشر والمهربين ويتم عبر دفع أموال باهضة.
ويضيف العم (ع.ق)سيطرو على منازل سكان المدينة وقاموا بتحويلها الى مساجد، سيطرو على المحلات التجارية عبر تلفيق تهم الى اصحابها إستولوا على المنازل بحجة عدم وجود اوراق ثبوتيه، واسكنوالمستوطنين فيها،واحيانا عند وجود أوراق ثبوتية كانوا يتهمون أصحاب تلك المنازل بالتعامل مع الادارة الذاتية، بهدف إجبارهم على ترك منازلهم.
ويكمل:لقد زرعوا في قلوبنا حالة خوف كبيرة سرقو منزلي في القرية قاموا بسرقه الاسلاك الكهربائية والابواب والنوافذ كنت املك 100 شجرة زيتون، قامو بالاستيلاء عليها،لم أستطع الذهاب الى حقلي منذ ثلاثة سنوات.
ولم يخفي العم (ع.ق) دهشته لإقامة تلك المجموعات صلواتهم في منازل مسروقة حولوها الى مساجد، قائلا هنالك آراضي لها اصحابها ومالكوها فليشتروها ويبنو فيها الجوامع ويصلو فيها.
مضيفاً: كل مايحصل من إنتهاكات في عفرين يحصل أمام آعين قوات الاحتلال التركي وبدعم منهم .
لينهي العم(ع.ق)حديثه ودموعه تحاكي ذاك الوجع الذي عانى منه منذ سنوات بالقول:الارض التي ولدت فيها وترعرعت فيها،آينما ذهبت ومهما كنت سعيداً فلن أشعر بالسعادة الحقيقية بعيداً عنها ،لن أشعر بالارتياح، الشي الذي هو ليس ملكاً لنا بالاساس لن يكون ملكاً لنا يوم ما، ولن نستطيع القول بأنه ملكنا الارض التي ولدت فيها(عفرين) وزرعتها هي ملكي، البيت الذي قمت ببنائه وترعرت فيه هو ملكي، لم نعتدي يوم على الاتراك،عفرين كانت مدينة التنوع والتعايش وهذا مادفع تركيا للاعتداء عليها وإحتلالها،كل مااتمناه هوالعودة الى أرضي يوم ما،هنالك وليس بعيداً من هنا، تقع ارضي التي كنت اعيش فيها واقتاد منها من أصعب المشاهد التي عشناها هو ذاك المشهد الذي يقوم فيه المرتزق بقطع اشجارنا امام أعيننا، اشجارنا التي زرعناها وبذلنا جهد جهدنا لتكبر وتثمر وناكل منها يوم ما.