"كوباني ترفع علم الحرية من جديد"

سّطرت كوباني التي تعتبر من أصغر المدن وأكبر قلاع المقاومة، أروع ملحمة بطولية في صفحات التاريخ، وقاومت لـ 134 يوماً بكل بسالة وبشتى الوسائل والطرق، حيث أصبح كل شبر ملحمة وأسطورة في معركة كوباني، وستبقى كوباني هكذا دائماً.

يقول القائد عبد الله أوجلان؛ "لا حياة في كردستان من دون الثورة، وإن الحياة الثورية ضرورية وهي حق شعبنا"، ناضل شعب روج آفا من أجل البقاء بهذه القوة وفتح صفحة جديدة في التاريخ ضد الموت.

وفتح الكرد أعينهم ضد الإبادة الجماعية ووقفوا على أقدامهم. ويريد المستبدون الذين احتلوا كردستان الآن أن يسلبوا هوية الكرد منهم ويتركوهم كأجانب، وسار الشعب السوري على طريق المقاومة ضد نظام البعث مثلما دافع الكرد عن كردستان ضد الدول المستبدة، وأصبحت الثورة التي بدأت بالنساء والشبيبة ضد السلطة، شرارة دمرت السلطة المستبدة وأقامت ثورة النهضة.

وشاركت شبيبة كوباني تدريجياً في الثورة بعد اندلاع ثورة روج آفا، كان الجميع ينتظر هذا اليوم، اُجبرت الشبيبة على الالتحاق بالجيش بعد ان احتلت تلك الاستبدادية كردستان، وكان الكلام والحياة وفقاً لهم، وحُظر كل شيء للكرد، وكان التحدث بلغتهم مقابل مال.

لقد أصبح هذا الحلم حقيقة

كما انضمت الشبيبة إلى صفوف وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة بدافع الحب، كان التعبير عن الذات من خلال اللغة واللون والوجود حلم الجميع، وبعد سنوات عديدة من بناء الذات، أصبح التحدث باللغة الكردية بمثابة حياة مختلفة، حرية التعبير لكل شخص وأمة، كان هذا اليوم حلماً لكل كردي، لكن هذا الحلم تحقق بالنضال والمقاومة.

وانقضى عامان على ثورة النساء والشبيبة في روج آفا، لقد حاولوا تدمير الثورة، وهاجموها بكل الطرق، جيش الحر وجبهة النصرة وأصبح فيما بعد داعش، حيث ان الفكرة كانت واحدة لكن الأسماء اختلفت.

كيف تم تأسيس داعش؟

وبحسب بعض المصادر والوثائق فإن تنظيم مرتزقة داعش قد تأسس عام 2003 على يد أبو مصعب الزرقاوي تحت اسم جماعة التوحيد والجهاد في العراق، وفي عام 2004، انضم إلى بعض قوات المرتزقة الأخرى وأطلق على نفسه اسم "تنظيم قاعدة للجهاد في بلاد الرافدين"، أضافوا بعض قوات المرتزقة الأخرى عام 2006 وغيروا اسمهم إلى "مجلس شورى الجاهدين"، وفي 12 تشرين الأول 2006، غيرت اسمها إلى "دولة العراق الإسلامية"، وبعد مهاجمة سوريا في 8 أيار 2013، غيرت اسمها إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروفة باسم داعش.

وفي الفترة بين عامي 2014 و2019، احتل تنظيم داعش مساحة كبيرة من سوريا والعراق، وفي ذلك الوقت، احتلت مرتزقة داعش الذين قدموا من دول مختلفة أكبر مدن العراق وسوريا؛ مثل الرقة ودير الزور وتكريت والفلوج والموصل.

لماذا كوباني؟

وكانت العيون الوحشية دائماً في المدن الكردية، وتركز اهتمامهم بشكل خاص على مدينة كوباني؛ وهي المدينة التي عبر فيها القائد عبد الله أوجلان إلى سوريا للمرة الأولى، وهي المدينة التي اشتعلت فيها شرارة ثورة 19 تموز.

لقد جعلت مرتزقة داعش من احتلال كوباني هدفها، وقالت؛ "سنصلي صلاة العيد في كوباني"، ولم يتحقق هدفهم، ولم يعلموا أن كوباني ستقف أمامهم، كانت كوباني الخطوة الأولى لمقاومة الشعوب، لقد أرادوا تدمير ثورة الشعب التي انطلقت من كوباني، لكنها لم تكن تعلم أن كوباني ستصبح ثغرة في قلوبهم.

بدأ الهجوم على كوباني

بدأت مرتزقة داعش بمهاجمة كوباني ليلة 15 أيلول، وهاجموا كوباني بالأسلحة الثقيلة من الغرب والجنوب والشرق، حيث بدأ الهجوم في قرية تلكه غرب كوباني، ومن أجل منع مرتزقة داعش من الدخول إلى مدينة كوباني، قام مقاتلو وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة بالعديد من العمليات الفدائية في هذا المكان، مثل الملحمة البطولية في 16 أيلول في مدرسة سرزوري، مثل كري دولي وقرية كولمتي وكوركي، ومثل مشتنور، التي خلقت آرين أساطير فيها بجسدها.

شن داعش هجوماً واسع النطاق على كوباني من عدة جهات في 15 أيلول 2014، لكن مع مقاومة مقاتلي وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، فشل داعش وخططه.

ان يوم 15 أيلول هو يوم أكثر وحشية في مخيلة كل كوباني، حيث بدأت الهجمات من كافة جهات كوباني غرباً وجنوباً وشرقاً، وتم الهجوم على كوباني بكل الأسلحة الثقيلة وبطريقة واسعة، وقومت قرى غرب كوباني وجنوبها وشرقها بشكل تاريخي.

يد على قلوبهم وأخرى على تراب كوباني

بدأ الهجوم من غرب كوباني، وسقطت قرى عديدة في أيدي داعش، حيث أصبح داعش، المعروف بوحشيته، مصدر خوف للجميع، هاجم بكل الدبابات والمدافع وقذائف الهاون، لكن مقاتلي وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة فقط هم من يملكون ذلك السلاح والإرادة القوية، وضعوا يداً على قلوبهم وواحدة على تراب كوباني ووعدا بحماية أرضها حتى آخر قطرة دم.

وأصبح الهجوم أكثر صعوبة كلما مر، وكانت مقاومة مقاتلي القائد آبو كبيرة أيضاً، حيث كُتبت العديد من الاساطير والملاحم التاريخية في معركة كوباني، وضحى العديد من الأبطال بحياتهم مقابل الحرب، وأصبحوا رموزاً للحرية، كما قالت زلاغيط مقاتلات وحدات حماية المرأة، التي هزت السماء، سننتصر، نحن نملك هذه الأرض، سنملك هذه الأرض حتى النهاية.

لقد كُتبت العديد من ملاحم البطولة، وسيكتب المقاتلين الحرب في قرية تعلك بالأحرف الذهبية في التاريخ، يقولون إننا وضعنا الخرسانة على الكرد، لم يعد الكرد موجودين، لكن هذا الخرسانة تحطمت وعادت الحياة للكرد مرة أخرى، وستبقى هذه المقاومة دائماً في صفحات التاريخ.

وان كل من زوزان وإيريش شهود على مقاومة تبي دولي، قاوموا الدبابات والأسلحة الثقيلة، بسلاحهم الصغير، حتى الرصاصة الأخيرة التي وعدوا بها أرض كوباني، القنابل في أيديهم والدبابات في مقابلهم، أصبح كل منهما أحد رموز مقاومة كوباني، لقد هزما العدو بتفجير دبابته وأصبحا أحد حمائم الحرية في عالم كوباني.

كما ان تبي سيفي شاهدة على تلك المقاومة التي قاتلت حرب الوجود والعدم، قالوا سنكسرهم ونلوح بعلم الحرية في سماء كوباني، وقد تحقق هذا الأمل، مدرسة سرزوري التي تضم 13 بطلاً سيتفرعون في نهاية المطاف في دماغ كوباني، ولقد جعلت المقاومة التي حدثت، للعدو بالانكسار وفشل الكثير من خططهم القذرة، ولكن أصبحت مدرسة سرزوري مرة أخرى إحدى المدارس التي ستترك وراءها آلاف الملاحم والأساطير بالوعد والإرادة القوية.

وصلت الحرب إلى كوباني، وقد حظيت مشتنور بمقاومة لا مثيل لها، في البداية أثبت ريفان ومن ثم أرين بجسديهما أن كوباني لن تسقط، لقد قطعوا وعداً وحافظوا على هذا الوعد؛ لقد هزموا داعش بجسديهما وقضوا عليه.

وعلى مدار 134 يوماً، كانت كل لحظة فيها كتاب، لقد قاوم المقاتلون وأنقذوا كوباني، وقال رئيس دولة الاحتلال التركي: "كوباني على وشك السقوط"، أنت لا تعلم أن أتباع القائد عبد الله أوجلان قد وعدوا بالأرض المقدسة فقط، وانتصرت كوباني بعد 134 يوماًّ من المقاومة.

تجمع المقاومون في بلدة صغيرة مع أقل الفرص في البرد والحر، وتمركزوا في قلب كوباني، وصل إلى كوباني من جميع أنحاء كردستان الأربعة. لقد كانوا يعلمون أن الكرد ليسوا من النوع الذي يخضع للعدو. رسمت كوباني قلعة المقاومة، خريطة النضال والبطولة في صفحات التاريخ.

انتهت وحشية داعش في الأراضي المحررة، حيث تم القضاء على أخطر العصابات بإرادة الأبطال، لقد تم إنقاذ هذه الأرض بفضل أبناء هذا الشعب، وهناك آثار الأبطال في كل حي من أحياء كوباني.

ولم تتمكن الدولة التركية، التي تُعرف بأنها الداعم الأكبر لداعش، من الصمود في وجه هزيمة داعش، لذلك تشن هجمات على مناطق شمال وشرق سوريا منذ عام 2015، لكن أبناء هذه الأرض ما زالوا يعدون بالمقاومة، ومن يمد يده إلى أرض كوباني سيواجه كل شيء.