وافتتح الناشط السياسي المحامي علاء الدين الخالد كالو مقاله بالقول "تُشير التحركات الميدانية للجيش السوري وحلفائه في جبهات إدلب والشهباء والباب مقابل استمرار تدفق الجنود الأتراك؛ إلى إحتمالية حدوث تصعيد عسكري آخر لدرجة تصادم روسي تركي وإنهيار إتفاق وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد المبرم بينهما؛ لتبدأ تركيا بالمراهنات على عامل الوقت واللعب على حبل الخلافات الأمريكية الروسية عبر توجيهها التهديدات المباشرة بإقتحام تل رفعت؛ وعلى مدينة حلب وذلك حسب ما جاء على لسان قائد الجيش الثاني في تركيا الجنرال سنان يايلا في عام 2020...
ووفق المعطيات الميدانية اليوم تكمن الخاصرة الرخوة لمدينة حلب في منطقتي الباب وتل رفعت وشيراوا التي يحكمها وقف إطلاق نار ضمني وهش بين كلاً من روسيا وتركيا مبني على تحقيق مصالح متبادلة بينهما في عدة أمور لسنا بصدد ذكرها الآن...
وبالمقابل يتخوف مهجرو عفرين المحتلة القاطنين في رقعة جغرافية تل رفعت من توصل أنقرة وموسكو إلى إتفاق شبيه بذلك الحاصل في عفرين مطلع 2018 حينما سحبت روسيا عناصرها من المدينة وفسحت المجال للغزو التركي مقابل ممارسة تركيا نفوذها وسلطاتها على الفصائل المسلحة وإجبارها على الإنسحاب من الغوطة الشرقية وحمص"
ما هي أهمية تل رفعت بالنسبة لمحور آستانا الثلاثي روسيا وإيران وتركيا؟
ويشير" تقع مدينة تل رفعت شمال حلب وتبعد عن الحدود التركية حوالي خمسة وثلاثون كيلو متراً؛ في مثلث تتوزع فيه قوات ضامني آستانا على الأرض السورية، إضافة للوجود الكردي المتمثل بمهجري عفرين والذي يبلغ تعدادهم في تلك الرقعة الجغرافية المعروفة بالشهباء وشيراوا زهاء مئة ألف نسمة....
وتتوزع نقاط مراقبة روسية وسط إنتشار قطعات للجيش السوري المطعم بقوات إيرانية ومجموعات محلية موالية لها على طول جبهات الشهباء وشيراوا مع القوات التركية وفصائلها المسلحة....
وتشكل تل رفعت والجبهة الممتدة من بلدتي نبل والزهراء وصولاً لريف الباب ومنبج، منطقة إستراتيجية لكلاً من إيران وروسيا وتركيا معاً؛ إذ تحاول روسيا إعادة فتح الطرق التجارية والسيطرة على معبر باب السلام في إعزاز؛ وهنا يشكل طريق غازي عنتاب - حلب أهمية قصوى لها؛ في حين تحاول إيران الحفاظ على نفوذها في مدينة حلب وريفها عامة؛ وفي وبلدتي نبل والزهراء اللتان تشكلان نقطة إرتكاز لها للتغلغل في حلب والوصول لإدلب خاصةً....
أما تركيا فتحاول عبر ترويجها المتكرر لمهاجمة تل رفعت إعادة شحن الفصائل الموالية لها والتي شاركت في غزو عفرين وسري كانيه/ رأس العين؛ وكري سبي/ تل ابيض مقابل إعادة تركيا سيطرتها على مناطق بريف حلب وشرق الفرات وضرب المشروع الديمقراطي الكردي في سوريا؛ ومحاولة إبادته بكل السبل الممكنة بغض النظر عن مشروعيتها وتصدير أزماته السياسية والإقتصادية الداخلية إلى دول الجوار....
إذاً.... تداخل مصالح ثلاثي آستانا في ريف حلب الشمالي وإدلب يفتح الباب لإحتمالات عدة في شمال غرب وشرق سوريا؛ وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال الذي يفرض نفسه ألا وهو :
ما هو موقف الدولة السورية والإيرانية من مخاوف أهالي الشهباء ونازحي عفرين وقوات تحرير عفرين من جراء التهديدات التركية؟
- إن الوضع في الشمال السوري تُسيطر عليه توازنات مُحكمة ودقيقة مبنية على تبادل المصالح فيما بين روسيا وتركيا وإيران؛
لذلك أستبعد حدوث أي مساومات بين أطراف الصراع في إدلب على حساب مناطق أخرى وخاصة تل رفعت نظراً للمصالح السياسية والعسكرية التكتيكية التي تجمع هذه القوى لمواجهة التمدد التركي ومرتزقته الهادف لتنفيذ بنود الوثيقة الملية وإعادة أمجاد الخلافة العثمانية....
وبما إنني مقيم في الشهباء ومطلع على أرض الواقع ميدانياً وقريب من تل رفعت؛ فإنني أرى بأن إيران والدولة السورية هما المستفيدتان من وجود مهجري عفرين في تل رفعت؛ ومن مخيمات النزوح في الشهباء ومن تواجد قوات تحرير عفرين؛ وللعلم بأن إنتشار قوات الحكومة السورية في تلك المنطقة جاءت بفضل الدعم الإيراني العلني عسكرياً وسياسياً ولوجستياً وإستقوائها بأهالي عفرين المهجرين قسرياً والذين تشبثوا بصمودهم في مناطق الشهباء بالقرب من عفرين رغم عدم رضاء الروس بذلك في بداية الأمر؛ إضافة لتهرب تركيا من إلتزاماتها بتنفيذ بنود ومخرجات آستانا بما يخص منطقة خفض التصعيد في إدلب؛ لذلك أرجح بأن مسألة أمان وسلامة تل رفعت ومحيطها قد حسمت لأن إيران وسوريا قد غيرتا الإتفاق التركي الروسي في تل رفعت؛ إلى إتفاق إيراني روسي من خلال إستثمارها لوجود مهجري عفرين وأهالي مناطق الشهباء وقوات تحرير عفرين كعوامل لتقوية وجودهما في المنطقة والحصول على ضمانات روسية تمنع تركيا وإرهابيها من أي تصعيد عسكري في تل رفعت وبلدتي نبل والزهراء الشيعتين لإعتبارها خط دفاع لمدينة حلب وريفها من جهة.
وأمن واستقرار مدينتي نبل والزهراء الشيعيتين من جهة ثانية؛ لذلك وصلت روسيا إلى قناعة بأن أي مقايضة أخرى مع تركيا سوف تجلب لها الكثير من المتاعب والمصاعب؛ أكثر بكثير من المكاسب التي ستحصل عليها من تركيا؛ وعلى هذا الأساس أستبعد كلياً إقدام روسيا إجراء أية مقايضات جديدة قد تؤدي لإندلاع حرب مباشرة بين إيران وتركيا من جهة.
وتفسح المجال لقوى دولية أخرى الولوج والدخول إلى مناطق الشهباء؛ والروس بغنىً عنها من جهة ثانية؛ لأن أي تقدم تركي في الأراضي السورية يعتبر إنجازاً لحلف الناتو عامةً على حساب التواجد الروسي في الشهباء....
ولهذه الأسباب أستبعد أي هجوم تركي على تل رفعت نظراً لتغيير التوازنات محلياً وإقليمياً ودولياً وأممياً من جهة.
ولعدم حصول تركيا على ضوء أخضر روسي وأمريكي إلى هذه اللحظة من جهة ثانية.
وأستبعد الإنسحاب الإيراني من سوريا حالياً؛ أو على الأقل من حلب ومحيطها رغم كل الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية والرضى الضمني لروسيا من جهة ثالثة....
وربما ينقلب السحر على الساحر؛ ويحصل هجوم معاكس ضد تركيا وتحرير الأراضي المحتلة وعودة المهجرين إلى ديارهم من جهة رابعة....
ومع كل ذلك؛ يجب أخذ كل وسائل الحيطة والحذر؛ لأن سياسة المصالح الدولية لا دين له ولا مذهب ولا أخلاق ولا إنسانية؟!."