أكد مركز ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان أن حالة حقوق الإنسان في تركيا خلال النصف الأول من العام الحال تشهد جملة من الانتهاكات والاستهدافات لكل من يعارض قرارات الحكومة التركية، وفي مقدمة المستهدفين يأتي الصحفيين والمدافعون الحقوقيون، إضافة إلى سياسة استهداف الكرد في شتى المجالات خاصة البرلمانيين والسياسيين.
وأوضح المركز في تقريره نصف السنوي عن حالة حقوق الإنسان في تركيا، إن الحكومة التركية تستخدم قبضتها الاستبدادية عبر استخدام أدوات ممنهجة منها فض الاعتصامات السلمية والتجمعات بالقوة المفرطة، إضافة إلى اعتقال وحبس المعارضيين واستخدام القضاء والإجراءات القانونية لترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان وإسكات أصواتهم بتهم زائفة ليس لها أي علاقة بالواقع.
ولفت المركز إلى أن تهمة «تكدير الأمن القومي» أو «إهانة رئيس الجمهورية» خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت هي التهم الأساسية لكل من يخرج عن صمته لإدانة قرارات الحكومة.
ولم يغفل التقرير استخدام التعذيب وسوء المعاملة ضد المعارضين للنظام بصورة ممنهجة في مراكز الاحتجاز أو السجون بهدف ترسيخ ثقافة الخوف داخلهم، وذلك بهدف إعادة هيكلة آرائهم المستقبلية بناء على هاجس التعرض للعقاب بالمستقبل، بما يجبرهم على السكوت وتكميم الأفواه في محاولة لترسيخ الحكم الاستبدادي.
ولم يغفل التقرير واقع النساء، وتزايد العنف الممنهج ضدهن خاصة العنف المنزلي، لاسيما بعد انسحاب الحكومة التركية من اتفاقية إسطنبول ما يعني ترك المرأة منفردة أمام كافة الانتهاكات التي يمكن أن تُرتكب أو تمارس ضدها.
تكميم الأفواه لترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان
ولفت التقرير إلى أن الأعمال الانتقامية أصبحت سياسة ينتهجها النظام الحالي في تركيا تجاه النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يواجهون الآن حملة من التصعيد الأمني الممنهج، وذلك عبر الاستدعاء المتكرر إلى التحقيق واعتقال بعضهم بناء على تهم واهية وادعاءات زائفة بهدف إخافتهم وتكميم أفواههم.
وفي السياق أشار التقرير إلى عدد من الحالات أبرزهم الحقوقي البارز عمر فاروق أوغلو عضو حزب الشعوب الديمقراطي، وحكم السجن عليه لعامين وستة أشهر، بدعوة نشره دعاية للإرهاب. وكذلك أوزتورك تركدوغان رئيس جمعية حقوق الإنسان واعتقاله بتهم أيضا تتعلق بالإرهاب وأنه رغم خروجه في نفس يوم اعتقاله إلا أنه لا زال تحت الرقابة والمضايقات الأمنية غير المبررة.
ولفت التقرير إلى أن الحكومة التركية، وفي سبيل سياستها في قمع المعارضة الكردية، اعتقلت العديد من السياسيين الكرد بتهم دعم الإرهاب والتطرف، لافتًا إلى محاولات نظام الحكم إلى إيجاد طرق مختلفة لحل حزب الشعوب الديمقراطي الممثل لقضايا الكرد في البرلمان التركي، لافتًا إلى جملة الاعتقالات في صفوف أعضاء الحزب وقياداته حتى أن برلمانييه لم يسلموا من ذلك وطالتهم سياسة الاعتقال بالتهمة الجاهزة الخاصة بدعم الإرهاب.
وأشار التقرير إلى أن شهر مارس مثّل ذروة الاستهداف الحكومي للمعارضة الكردية، وأنه إلى جانب الاعتقالات التعسفية وأوامر الملاحقات القضائية الصادرة ضد الشخصيات الكردية حاول المدعي العام التركي حظر أنشطة الحزب عن طريق تقديم التماس إلى المحكمة الدستورية العليا يفيد باتهام الحزب بدعم الإرهاب والتطرف.
وأكد التقرير أنه حال تطبيق دعوة حظر الحزب فإنه سيتم حران 687 من أعضاء الحزب من تولي أي منصب سياسي لمدة 5 سنوات، لافتًا إلى كافة الانتهاكات التي يرتكبها النظام التركي ضد الكرد عامة وحزب الشعوب خاص، والتي وصلت إلى حد اطلاق النار على مبنى الحزب في إزمير من متطرف ما أدى إلى استشهاد أحد أعضاء الحزب، وهو ما أثار ردود فعل ساخطة على الحكومة التي لم تتخذ أي إجراء.
فرض حصار على حرية الرأي والتعبير
وأشار التقرير إلى أن الحكومة التركية فرضت في السياق حصارًا على حرية الرأي والتعبير، لافتًا إلى أن مالا يقل 74 من الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام في السجن إما رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة أو يقضون عقوبة جنائية في حين ظلت تهمة إهانة الرئيس على وسائل التواصل هي الذريعة الأساسية للحكومة للقبض على منتقدي سياسات الحزب الحاكم.
كما رصد المركز الحقوقي المصري في التقرير الذي وصل وكالة فرات ANF نسخة منه تعرض 12 صحفيًا وإعلاميًا للاعتداء من قبل مجموعات مجهولة، وفي المقابل لم تتخذ الحكومة أي إجراء رسمي جاء لإدانة هؤلاء الأشخاص بما ساهم في تفاقم الانتهاكات تجاه الصحفيين.
استهداف تركيا لسيادة الدول
ولم يغفل التقرير السياسات التركية الخارجية الرامية إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول خلال النصف الأول من العام الحالي 2021، والتي أدت إلى زيادة وتيرة الصراعات في بعض الأماكن، إضافة إلى انتهاك سيادة الدول بما يخالف المواثيق والمعاهدات الدولية التي تنص على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وقد تطرق التقرير في سياسات تركيا تجاه سوريا، لافتًا إلى أن التقارير الحقوقية تشير إلى مقتل 25 مدنيا سوريا، بينهم ثلاث مواطنات وعشرة أطفال على يد القوات التركية في سوريا خلال الفترة من يناير وحتى 16 يونيو بطرق عدة أبرزها القصف المباشر الذي تنفذه القوات التركية.
وأشار التقرير إلى أن القصف التركي للمناطق المدنية في دول الصراع لم يتوقف على الضحايا المدنين فحسب بل أدى إلى إحداث أضرار جسيمة للمرافق المدنية فضلًا عن الإصابات الجسدية في صفوف المدنين، مشيرًا في ذلك السياق إلى عين عيسى والحسكة التي تعرضت في يناير الماضي إلى قصف أدى إلى قطع إمدادات الكهرباء عنها.
وفي السياق عبرت المنظمة أيضًا عن قلقها الشديد لممارسات الحكومة التركية على نهري دجلة والفرات الرامية إلى حرمان الدول المجاورة لها من حقوقها المائية، مُشيرًا إلى انخفاض منسوب الفرات بسبب السدود التي تقيمها تركيا على النهر إضافة إلى تلاعبها في كمية المياة المتدفقة إلى كل من سوريا والعراق بالمخالفة للاتفاقات الدولية الموقعة مع هذه الدول.