وقد كان للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عديداً من الرسائل في كلمته اليوم منها تجديد موقف مصر الذي يرفض مخططات تهجير الفلسطينيين، أمام عشرات من الرؤساء والزعماء وممثلي الدول والمنظمات الدولية التي كانت مشاركة في القمة وفي حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

بيان مصري دون بيان ختامي

وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة إنه لم يصدر بيان ختامي عن القمة بسبب مواقف الدول الغربية التي كانت تريد أن يأتي البيان متضمناً إدانة فقط لحركة حماس الفلسطينية وألا يتضمن أية إدانة لإسرائيل أو دعوات لوقف إطلاق النيران أو التوصل إلى تهدئة في القطاع، وضمان وصول المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع المحاصرين، بل إن الدول الغربية لم تكن من الأساس ترغب في إصدار بيان من الأساس.

في المقابل، أصدرت رئاسة الجمهورية المصرية بياناً عبر عن الموقف المصري من الأوضاع في قطاع غزة، ويبدو أنه حمل ما كانت القاهرة تأمل أن يخرج عن قمة السلام، حيث قالت إن "مصر لن تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات، مستعينة في ذلك بالله العظيم، وبإرادة شعبها وعزيمته".

ولعل هذا أيضاً ما جاء على لسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في افتتاح أعمال القمة، حين أكد أنه يتحدث بلسان مبين عن إرادة كل المصريين، ورّد بأن "مصر لا تسمح ولن تسمح أبداً بتصفية القضية الفلسطينية، مشدداً على أن حل القضية الفلسطينية ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله بل إن حلها الوحيد هو العدل بحصول الفلسطينيين على حقوهم المشروعة، كما أكد أنه يخطئ في فهم طبيعة الشعب الفلسطيني من ظن أن هذا الشعب راغب في مغادرة أرضه".

وتعليقاً على الموقف الغربي، يقول محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن "الحديث عن فشل قمة القاهرة للسلام لعدم صدور بيان ختامي هو نوع من الافتراء ومحاولة لتقليص الدور المصري، بل أؤكد أن هذه القمة نجحت في كشف ازدواجية العالم الغربي وسياسة الكيل بمكيالين وتجاهل تلك الدول توجيه اللوم لإسرائيل على ما ارتكبته في غزة".

وأضاف "الشريف" أن مصر قامت بما يلزم من أجل إقامة هذه القمة التي كان الهدف منها بالأساس خلق نافذة يمكن من خلالها على المدى القصير وقف التصعيد في قطاع غزة، وعلى المستوى البعيد إعادة إحياء مسار عملية السلام المتعثرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار مبدأ حل الدولتين، لكن يبدو أن الدول الغربية لا تزال تقف عند حدود معينة ونظرة ما منحازة نحو تل أبيب.

ودخلت الأوضاع في قطاع غزة أسبوعها الثالث السبت، لكن الإشكالية الأخطر ظهرت في الاتجاهات المعلنة داخل إسرائيل من أجل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية، وإلى جانب ذلك فإن الأمر كشف المطامع الإسرائيلية وربما الغربية في سيناء ومحاولة اقتطاع هذه المنطقة التي لها رمزية كبيرة لدى المصريين، حسب تعبيره.

هذه هي مكاسب القمة

بدوره، يقول الدكتور محمد صادق إسماعيل مدير المركز العربي للدراسات السياسية، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن "قمة القاهرة للسلام كانت لديها أهمية سواء في توقيتها أو دلالتها، فمن حيث التوقيت فقد جاءت بدعوة عاجلة من القيادة السياسية المصرية لبحث التطورات الصعبة التي يعيشها قطاع غزة منذ يوم السابع من تشرين الأول الجاري".

وأضاف "إسماعيل" أنه من حيث دلالة القمة فإنها حملة أهمية من جانبين أولهما ضرورة وقف كل الأعمال العسكرية ضد المدنيين في قطاع غزة، ومناشدة الضمير العالمي حول ما يجري، والرئيس المصري كان عبر عن الاستغراب والاندهاش من وقوف العالم موقف المتفرج تجاه ما يجري في القطاع من تدمير ومحاولات من أجل التهجير القسري.

ولفت الخبير السياسي المصري إلى أن الجانب الثاني في دلالات هذه القمة هو التأكيد على أهمية دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وقد رأينا دخول بعض القوافل الطبية اليوم ونتمنى أن تكون هناك استمرارية لدخول تلك المساعدات، مشيراً إلى أن القمة أشارت إلى مسألة البحث عن آلية جديدة لإقرار السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وضرورة أن تتسم إسرائيل بنوع من إعادة النظر مرة أخرى في مسألة إحلال السلام بالشرق الأوسط.