تواصل تركيا سياساتها التصعيدية في المنطقة خاصة تجاه ليبيا التي يتعامل فيها المسؤولين الأترك وكأنها ولاية تركية، كما أنها تسعى لإدخال أذربيجان على خط الأزمة في الإقليم بالحديث عن اتفاق تركي أذري بشأن التنقيب عن نفط المتوسط وليبيا هول هذا الموضوع استطلعت وكالة أنباء فرات ANF آراء عدد من الباحيثين والمتخصصين المصريين بهذا الشأن.
وفي بداية حديثه أكد محمود الشناوي، مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن مستقبل المحادثات المصرية التركية في مهب الريح، بسبب طموحات أنقرة في مجال النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، واستخدام ورقة الإرهاب والمرتزقة كآداة في تنفيذ تلك الطموحات، إضافة إلى تأكيد حضورها القوي داخل الوضع الليبي الملتهب، وهو ما جعل أنقرة تضرب عرض الحائط بكل التفاهمات والتوافقات التي أتت بحكومة عبد الحميد دبيبة.
وأضاف "هذا ما ترجمته أنقرة بالإبقاء على عشرات الآلاف من المرتزقة، داخل مناطق شاسعة من ليبيا، رغم الهدوء النسبي وعدم وجود اشتباكات يومية كما كان يحدث قبل التفاهم مع مصر".
وأوضح: تركيا تعتبر وجودها في ليبيا حقا تاريخيا، وفي زيارة غير مقررة ودون إخطار مسبق للسلطات الليبية في الغرب، هبطت طائرة وزير الدفاع التركي خلوصى أكار يرافقه وزير الداخلية ومدير جهاز المخابرات في مطار معيتيقة، في “زيارة محتل” تكسر كل قواعد السيادة، مجددًا خطابه عن “العلاقة التاريخية” التي تمتد إلى 500 عام بين ليبيا وتركيا، وزار مبنى القيادة التركية بالقاعدة وتفقد جنوده وضباطه؛ وهو ما يعيد للأذهان مصطلح “الحق التاريخي” الذي كان يستخدمه، أردوغان عندما كان يبرر التدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار ومغامراته العسكرية التي ارتبطت بالإعلان عن “العثمانية الجديدة”.
وتابع: أما بخصوص إدخال أذربيجان على خط الأزمة وحديث أردوغان عن التنقيب بمساعدتها، فإن ذلك يعتبر بمثابة محاولة من أنقرة لإثبات وجودها القوي في مجال النفوذ التقليدي لروسيا، تدعيما لموقف تركيا داخل حلف الناتو، فالاجتماعات التحضيرية لقمة الناتو أظهرت مدى الاهتمام بالصين وروسيا وآسيا بشكل عام، وهو ما ألتقطه أردوغان وترجمه بزيارة أذربيجان، ليبيا برسالة بالغة الوضوح، تقول أنه يتحرك في الفناء الخلفي لروسيا وفي منطقة بحر قزوين والمجال الحيوي التركي في منطقة “اورآسيا” الذي يعد أيضا مجالا حيويا للحلف، حيث تركز الدراسات المستقبلية على أن إنها منطقة النفوذ الجديدة، ومنطقة الصراعات والمنافسات المؤلمة مستقبلا.
ولفت إلى أن أردوغان في تلك الرسائل أراد التأكيد مجدداً على أن موقع تركيا الجغرافي هو أحد أكثر المواقع حساسية وأهمية بالنسبة لحلف الناتو، حيث تلعب على هواجس الحلف وواشنطن، فالولايات المتحدة لا تريد باي حال من الأحوال اي تقـارب أو تفـاهم تركــي- روسي، لأن ذلك يقوض مساعيها للهيمنــة والحفاظ على مصالحها في أقــاليم البلقــان والشــرق الأوســط وآســيا الوسطى والقوقاز، الأمر الذي يفسر سعي واشنطن لافساد صفقة s 400.
وحول لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأخير بوزيرة الخارجية الليبية، والتأكيد على سرعة خروج المقاتلين الأجانب، وبالمقابل الموقف التركي منها، قال: إنه ورغم التوصل لتفاهمات وصفقات فيما يخص الأوضاع في ليبيا وشرق المتوسط ،إلا أن السلوك التركي يظل مهددًا لأي تفاهمات، كما أن أسلوب أردوغان ومناوراته يفقده المصداقية لدى الشركاء الدوليين والإقليميين، لأن ما يقوم به أردوغان، وإصراره على تنفيذ مشروعه الطموح وفرض العثمانية الجديدة، سوف يُفشل مجددًا صياغة رؤية استراتيجية؛ ويثبت أن تركيا ما زالت تصر على مشروعها الاستعماري بكل أدواته وبنوده، مع تزايد فرص الانسحاب الأمريكي من المنطقة، ومنحها أدوارًا بالوكالة لعدد من الحلفاء الإقليميين تؤمن المصالح الأمريكية، الأمر الذي يؤكد أن ما بدى للبعض تراجعًا ومراجعة للسياسات التركية في الإقليم كان مجرد سيناريو بديل يسمح لها بمساحات حركة بديلة ومرونة بسبب تزايد الضغوط عليها، وأن هناك قاعدتان أساسيتان لا يمكن لاردوغان التخلي عنهما باعتبارهما أدوات رئيسية وذراعا للسياسة الخارجية التركية، وهما دعم الإرهاب بدءا من تنظيم الإخوان مرورا بكل المجموعات والميلشيات الإرهابية، واستخدام فائض القوة العسكرية التركية مغلفة بالخداع والمناورة لكسب المزيد من الأرض في كل منطقة تخضع لطموحات واطماع أردوغان، الأمر الذي يجعل من توقع تنفيذ اي التزام يقطعه أردوغان على نفسه بخصوص اي قضية ، أمرا عبثيا وغير حقيقي".
وبدوره يؤكد الباحث في الشؤون التركية محمود البتاكوشي أن السياسات التركية، غير الواضحة تعرقل جهود المصالحة بين مصر وأنقرة حيث تحاول تركيا المماطلة والإلتفاف حول المطالب المصرية، ولاسيما تجاه الوضع في ليبيا وسحب المرتزقة من بلد المختار.
وأضاف "ولعل ذلك يعضده نتائج اللقاءات الأخيرة، التي عقدها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية نجلاء المنقوش، والثانية مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، حيث تمسكت مصر بموقها من شركاء شرق المتوسط الراهنين، كما اكد الرئيس المصري على ضرورة سحب المرتزقة من الأراضي الليبية في أسرع وقت ممكن، كخطوة أولى لحل الأزمة في البلاد، مما يؤكد ثبات الموقف المصري تجاه القضية الليبية ووحدة أراضيها وسيادة إرادة الشعب الليبي دون تدخلات خارجية، وهو ما ترفضه تركيا بحسب سياساتها"
وأكد البتاكوشي أن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرغب في اللعب على جميع الأوتار فهو يريد المصالحة مع مصر بشروطه غير المنصفة فهو يريد بلح الشام وعنب اليمن كما يقولون يريد الإستفادة من ثقل مصر الإقليمي دون أن يدفع فاتورة ذلك من سحب قواته والمرتزقة من ليبيا ومحاولة القرصنة على غاز المتوسط بعيد عن حقوق أصحابه الأصليين".
وحول محاولة الرئيس التركي الزج بأذربيجان في أتون الأزمة الليبية، بدفعها مشاركته التنقيب عن النفط في ليبيا، أكد أن ذلك يعقّد جهود المصالحة مع مصر ويجعل الأمور تعود إلى المربع صفر فهو يتعامل بمنطق مالك بلد المختار وأنه لن يرحل عنها مع حدث وهذا يخالف المطالب المصرية فهو ينطبق عليه قول عطاء من لا يملك لمن يستحق.
بالمقابل تؤكد دكتورة نانيس عبدالرازق فهمي، الباحثة في الأمن الإقليمي، نانيس عبدالرازق فهمي أن "موقف مصر من أزمة ليبيا واضح، ذلك مع الأسف، يبدو أن المحادثات المبدئية بشأن المصالحة بين مصر وتركيا تواجه تهديد حقيقي بالفشل، نتيجة عدم الاتفاق بين الطرفين على قضايا أساسية لا يمكن لأي منهما تجاهلها، وعلى رأسها الدعم التركي لجماعة الإخوان الإرهابية والوجود التركي العسكري في داخل ليبيا وهو الأخطر والأكثر تهديداً".
وشددت على أن المجتمع الدولي عليه مسؤولية الضغط على تركيا وخاصة مع انعقاد مؤتمر برلين ٢، الذي تنطلق فعالياته اليوم.