سياسيون عن بيان إمرالي: أوجلان رجل سلام وعلى النظام التركي اتخاذ خطوات للأمام

لا تزال ردود الأفعال تتواصل حول تحركات وفد إمرالي ومخرجات لقاءاته، وسط إجماع على أن النظام التركي هو المطالب الآن باتخاذ خطوات للأمام؛ إذا أراد تحقيق السلام مع الكرد.

أصدر حزب المساواة وديمقراطية الشعوب بياناً عقب تحركاته التي بدأها بالذهاب إلى إمرالي ولقاء القائد عبدالله أوجلان في نهاية العام المنصرم، تلاها إجراء لقاءات مع الأحزاب السياسية والمنظمات والمؤسسات الفاعلة في تركيا، وأكد الحزب في بيانه على الأجواء الإيجابية التي رافقت اللقاءات التي أجراها الوفد، سواءً داخل البرلمان التركي أو خارجه، والتي جاءت ضمن مخرجات اللقاء مع القائد عبدالله أوجلان، موضحاً أن هناك زيارة أخرى مرتقبة إلى إمرالي للقاء القائد عبدالله أوجلان مجدداً.

ورغم أن بيان الحزب لم يكشف تفاصيل كثيرة بشأن تلك النتائج التي وصفها بـ"الإيجابية"، إلا أن لغة البيان يُفهم منها بقدر كبير أن هناك انفتاحاً في الداخل التركي على حل القضية الكردية، في وقت يؤكد مراقبون أن الأمر بيد النظام التركي وعليه أن يثبت رغبته في الحل، في المقابل فإن القائد عبدالله أوجلان رجل سلام ومتمسك به منذ أسره، إذ يعبر باستمرار عن رغبته في تحقيق التعايش بين شعوب المنطقة.

السلام رسالة أوجلان

لا يتوفر وصف.

يقول السياسي الكردي سليمان جعفر، إنه منذ بدء المؤامرة الدولية لاعتقال المناضل الثوري عبدالله أوجلان، كونه الكردي الوحيد في العصر الحديث الذي تجرأ ووقف في وجه غطرسة الدولة التركية (طفلة الناتو المدللة)، وبعد نجاح المؤامرة وأسر هذا الشجاع وإيداعه سجن جزيرة إمرالي، كان أول تصريح له أنه يسعى للسلام.

واستدرك في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF) قائلاً: "لكن الدولة التركية لا تفهم سوى لغة العنف والسلاح، وليس لديها أي مسعى لتحقيق السلام، ورغم مرور 26 سنة على وجود المناضل عبدالله أوجلان في سجنه الانفرادي، تواصل السلطات التركية فرض نظام التعذيب والإبادة عليه"، منوّهاً إلى أنه عند كل لقاء معه، يصر القائد عبدالله أوجلان على حقوق شعبه، ومع كل رفض للإملاءات التركية، تعمد إدارة السجن إلى تشديد نظام التعذيب والإبادة بحقه.

ويقول السياسي الكردي إنه في آخر زيارة قام بها وفد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî) ، بدا أن القائد الأسير ثابت على موقفه ورؤيته بشأن وصول جميع الشعوب المقهورة في الشرق الأوسط إلى حقوقها، مشيراً إلى أنه على الرغم من عدم تسريب أي معلومات عن فحوى اللقاء، إلا أننا نرى فيه بداية لأفق جديد، وكلنا أمل في إنهاء هذا الصراع الذي لا يجلب سوى المآسي للشعوب.

وأعرب سليمان جعفر عن اعتقاده بأن إنهاء الصراع وتحقيق السلام ممكنان، بشرط أن تتخلى الدولة التركية عن عنجهيتها وفرض لغتها وثقافتها على باقي الشعوب، كما ينبغي عليها التخلي عن قضم أراضي دول الجوار، وقبول الحقوق والحريات الأساسية للشعوب والاعتراف بها، فهذه خطوات ضرورية للمضي قدماً نحو الأمام.

وتتزامن تحركات وفد إمرالي مع التهديدات التركية المتواصلة على مدار الأسابيع الماضية بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في إقليم شمال وشرق سوريا، والتي تصاعدت بعد سقوط نظام بشار الأسد وقدوم هيئة تحرير الشام وتوليها مقاليد السلطة، وهو ما يلقي بظلاله على المساعي الرامية إلى تحقيق السلام.

المخاوف من انتكاسة

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول هاني الجمل، الباحث السياسي المصري في الشؤون الإقليمية والدولية، إن وفد إمرالي يسعى، من خلال زيارته للقائد عبدالله أوجلان ولقائه بالعديد من الأحزاب التركية، إلى تحقيق توافق يؤدي إلى سلام شامل، كما يحاول الوفد الحد من التغوّلات التركية في مجابهة الكرد، سواءً في سوريا أو في مناطق أخرى.

وأكد، في اتصال هاتفي مع وكالة فرات للأنباء  (ANF)، أن هذه الخطوة يمكن البناء عليها، لا سيما أن أفكار القائد عبدالله أوجلان تعتبر أفكاراً حيوية يمكن تطبيقها على مناطق الشرق الأوسط، بل إنها كانت واحدة من أهم المفاتيح التي يمكن البناء عليها لخلق التعايش السلمي، خاصة أننا في مرحلة جديدة من تشكيل الشرق الأوسط.

ويضيف الجمل أن تحركات وفد إمرالي تأتي في وقت يسعى فيه الرئيس التركي أردوغان إلى إعادة إنتاج نفسه، عبر كتابة دستور جديد، كما يُلاحظ تغير في حديثه بشأن الملف الكردي، ما قد يتيح لوفد إمرالي فرصة لصياغة شكل جديد في العلاقات التركية – الكردية، منوّهاً إلى أن هذا يأتي أيضاً في ظل أجواء من الحذر من الطرفين الكردي والتركي بسبب ما يجري على الأرض السورية.

ويرى الجمل أنه رغم حالة الحذر هذه، فإن تحركات وفد إمرالي يمكن أن تكون نقطة تحول تجعل الداخل التركي يهتم أكثر بحل قضية القائد عبدالله أوجلان وتضعها في عين الاعتبار، وهي القضية التي يعتقد أنها ستكون مفتاحاً مهماً جداً لحل العديد من الأزمات، سواءً كان في الداخل التركي أو في القضية الكردية بصفة عامة.

ويؤكد الباحث السياسي المصري أيضاً أن أي تحرك عسكري تركي ضد الكرد في سوريا في الفترة المقبلة يشكل نقطة مفصلية في مسيرة عملية السلام المرتقبة، فإذا لم يحدث ذلك، ولم تتعاون الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام مع أنقرة في هذا الشأن، فإننا سنكون أمام وضع يمكن البناء عليه، أما إذا حدث خلاف ذلك، فقد نكون أمام انتكاسة، داعياً أوروبا والولايات المتحدة ومختلف شعوب العالم إلى ممارسة ضغوط على تركيا من أجل الوصول إلى نتيجة إيجابية.

وحسب مجريات اللقاءات التي يجريها وفد إمرالي، يبدو أن مواقف المعارضة التركية إيجابية بدرجة كبيرة إزاء إرساء السلام والتوصل إلى حل للقضية الكردية، وكذلك الحال بالنسبة للبرلمان التركي، وهو أمر يتناغم مع ما أكده القائد عبدالله أوجلان من أهمية للمعارضة التركية ودور البرلمان وأهميته المركزية، وفقاً لمخرجات لقاء سابق معه.