مجلة ألمانية: الحملة القمعية ضد رؤساء البلديات تثبت أن أردوغان في حالة من الذعر

ذكرت مقالة بمجلة "زينيت" الألمانية أن قرارات حكومة العدالة والتنمية القمعية بحق رؤساء البلديات الكرد يكشف عن حالة الذعر التي يعيشها أردوغان بسبب التحولات التي تشهدها المعارضة التركية.

وقال مقال تحليلي للكاتب Walter Posch أن الحملة القمعية التي شنها أردوغان ضد رؤساء البلديات من حزب الشعوب الديمقراطي تستهدف هوية الحزب اليساري الديمقراطي الذي يمقت العنف، والأهم من ذلك هو استهداف الصوت الكردي الذي كان فعالا ومرجحا للفوز الذي حققته المعارضة في الانتخابات المحلية وأفقدت أردوغان قبضته على السلطة، ما جعله يسعى لاستهداف الحزب لتشتيت المعارضة عن تحالف استراتيجي يتشكل للخلاص من القومية اليمنية المتطرفة.

"معظم المراقبين يتفقون على أن التصويت الكردي هو الذي كفل نجاح إمام أوغلو في اسطنبول. كان يمكن لأردوغان أن يأمل أن يشعر الكرد بالإحباط سريعًا من إمام أوغلو، حيث يضم ائتلافه حلفاء يمينيين أكثر بكثير في صلاتهم القومية والإسلامية مقارنة باليساريين. ومع ذلك، فإن التفاعل بين سياسيي حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي قد زاد على ما يبدو، مما قد يضع الأساس للمصالحة بين حزب أتاتورك والكرد - وبدء التغيير من تحالف تكتيكي إلى شراكة استراتيجية."

وأعتبر التحليل أن "إن حملة تطهير مجالس البلديات التي يقودها حزب الشعوب الديمقراطي في جنوب شرق تركيا سيثير في نهاية المطاف الحاجة الماسة لاستئناف المفاوضات."

علاوة على ذلك، يواجه حزب العدالة والتنمية مشكلات داخلية خاصة به ويواجه انفصالاً وانقسامات وانشقاقات لشخصيات بارزة في الحزب مثل علي باباجان وأحمد داود أوغلو، واشار التحليل الى ان تصفية حزب العدالة والتنمية من الشخصيات المقبولة من شأنه أيضا أن يخسر كل الاصوات الكردية المحافظة التي كان يحصل عليه، في مقابل تعزيز علاقته بالأيديولوجية الفاشية وتحالفه مع حزب الحركة القومية اليميني المتطرف.

وتابع التحليل: "أن أردوغان يعتمد أكثر من أي وقت مضى على حزب MHP القومي المتطرف (الفاشية سابقًا)"، مؤكدا ان ذلك كان من بين الاسباب التي دفعته لقمع الكرد لارضاء حلفاءه وأنصاره الفاشيين وتعزيز علاقته بهم.

"هناك ارتدادات عكسية لسياسة تركيا نحو سوريا، فالدور التركي في سوريا المجاورة يرتد في السياسة الداخلية التركية". ووصف التحليل السياسة الخارجية التركية المتعلقة بسوريا بأنها "كارثة"، حيث يبدو أن الحكومة التركية لم تقم حتى بصياغة استراتيجية متماسكة، ناهيك عن أنها حتى لا تستحق أن توصف بأنها "سياسة" بالنظر إلى تصرفات النظام فيما يتعلق بكيان روجافا وشراكة وحدات حماية الشعب الكردية مع الولايات المتحدة.

أردوغان يعاني من نكسات ومواجهة الكرد وسيلته المفضلة للهروب منها

ويعاني أردوغان من نكسات على جميع الجبهات السياسية ويواجه ركودًا اقتصاديًا متصاعدا، ويعتمد أردوغان على طريق الهروب الراسخ في السياسة التركية، وهو: "جعل القضية الكردية مشكلة إرهابية وقمع ممثلي الكرد كلما أمكن ذلك". صحيح أن روجافا ستكون ساحة أكثر إغراء بينما يقوم الجيش بالفعل بعمليات في محافظة هكاري في الطرف الجنوبي الشرقي لتركيا، حتى يعبر إلى إقليم كردستان العراق. لكن هذه العمليات لا ترقى إلى أكثر من طريق مسدود دموي بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي - وهي المواجهة التي تنتج سلسلة من العناوين الصحفية، ولا ينتج عنها أي نتائج سياسية أو استراتيجية.

ومع ذلك، فإن الهجوم الشامل على روجافا، من المرجح أن يؤدي إلى تدفق لا يمكن السيطرة عليه من اللاجئين - بما في ذلك ربما الآلاف من الإسلاميين المعتقلين حاليا في مخيم الهول تحت سيطرة وحدات حماية الشعب. وذكر التقرير إلى شن العملية العسكرية ضد أهداف حزب العمال الكردستاني في شمال العراق والتهديد بغزو وشيك لروجافا - دون سيناريو خروج في متناول اليد - لا يترك للحكومة التركية الكثير من الخيارات. واحد منهم هو حملة على الممثلين المنتخبين في مجالس المدن داخل تركيا.

المسألة الكردية هي أهم قضية في السياسة التركية

من الواضح أن أردوغان يعتقد أنه ضرب عدة طيور بحجر واحد: أولاً، استعاد المبادرة السياسية. ثم، خوفًا من تقارب CHP-HDP، يحاول القضاء على احد عناصر القوة لحزب الشعوب الديمقراطي وهو  مقاعد مجالس المدن التي يشغلها أعضاء الحزبين. وأخيراً، يقوم أردوغان بإعادة صياغة المقولة القديمة المتمثلة في مساواة المسألة الكردية بالإرهاب، وبالتالي تسديد ديونه لحزب الحركة القومية وحماية نفسه من "الدولة العميقة" - على الأقل لاكتساب ما يكفي من الوقت لإعادة هيكلة الجيش التركي كما يحلو له. لكن في الواقع، ما يقوم به أردوغان ليس سوى رد فعل لشخص مذعور يدرك تمام الإدراك أنه ورفاقه أمام منحدر زلق نحو السقوط وفقدان السلطة.

وسواء أعجب ذلك السلطات التركية أم لا، فإن المسألة الكردية هي أهم قضية في السياسة التركية وستظل كذلك حتى تتم المصالحة الحقيقية. وبالمحصلة، فإن الحملة القمعية في نهاية المطاف ترفع من تكاليف ومخاطر استئناف المفاوضات. وبغض النظر عن ما إذا كان استئنافها هذا سيؤدي إلى إنقاذ أردوغان وأصدقائه أم لا، فلا يزال الأمر مشكوكًا فيه، لكن هذه الحملة تفسر ذعره. وهذا ما يفسر سبب دفع الكرد هذا الثمن.