كوباني.. اندحار "داعش" بدأ من قلعة الصمود (الجزء الثاني)

بعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في مدينة كوباني، تتالت هزائمه،  في سوريا وبالمقابل بدأ عناصر التنظيم الإرهابي في تنفيذ هجمات إرهابية في أوروبا والمناطق الكردستانية، كما بدأت تركيا بدورها بالتدخل لحمايته والقضاء على مكتسبات الشعب الكردي.

بعد أنت تمكن تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على مدينة الموصل العراقية وإعلانه دولة الخلافة في العراق والشام، توجه إلى مناطق أخرى وتمكن من السيطرة على مدينة الرقة السورية وأعلنها عاصمة للخلافة. وبدأت تركيا، التي تنظر إلى الشعب الكردي على أنه تهديد لها، بدعم التنظيم الإرهابي بهدف القضاء على مكتسبات الشعب الكردي في شمال وشرق سوريا وقامت بدفعه نحو مدينة كوباني.

وبالقابل فإن مقاومة مقاتلي وحدات حماية الشعب والمرأة (YPG/YPJ) الشرسة في مدينة كوباني، انضمام المقاتلين إلى مقاومة كوباني من أجزاء كردستان الأربعة وانضمام المقاتلين الأممين، التضامن العالمي مع مقاومة كوباني حال دون سقوط المدينة في أيدي التنظيم الإرهابي، لتبدأ سلسلة هزائم داعش انطلاقاً من قلعة الصمود كوباني.

وبدأ تنظيم داعش الإرهابي بشن هجماته على مدينة كوباني في الخامس عشر من أيلول 2014 وبعد مقاومة شرسة دامت لمدة 134 يوماً، هزم التنظيم في المعركة بتاريخ 27 كانون الثاني 2015، وبعد هذه الهزيمة لداعش، تشكل أمل القضاء على هذا الإرهاب لدى كل العالم، وهنا بدأت الكثير من الحملات ضد هذا التنظيم الإرهابي.

وبعد تحرير كوباني بدأت عمليات تحرير باقي المناطق من مرتزقة داعش انطلاقاً من مدينة كري سبي (تل ابيض)، مروراً بمدن عين عيسى، تشرين، سرين، منبج، الطبقة، الرقة، تل حميس، تل براك، الهول، الشدادي وصولاً إلى ريف دير الزور الشرقي وخلالها تم تحرير آلاف النواحي، البلدات، القرى والمزارع وتحرير ملايين المدنيين في تلك المناطق.

بعض القوى والأطراف الإقليمية والدولية كانت تضع مخططاتها للسيطرة على المنطقة من خلال بقاء هذا التنظيم، لكن وبعد أن تمكن الكرد من القضاء على هذا الإرهابي، بدأت نفس القوى تراهن وتضع مخططها في الاتجاه المعاكس.

في الجزء الأول من هذا الموضوع تحدثنا عن كيفية نواة تشكيل داعش، الفكر، الإيديولوجيا، العقيدة، تطور وتمدد داعش في العراق وسوريا، وفي هذا الجزء نستعرض سلسلة هزائم داعش وتقلص نفوذه، الهجمات الإرهابية التي نفذها التنظيم الإرهابي ضد الشعب الكردي والدول الأوروبية وتحول التنظيم الإرهابي إلى حليف وأدوات بيد الدولة التركية.

أثناء مهاجمة تنظيم داعش على مدينة كوباني والسيطرة على غالبية المدينة، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حينها رئيساً للوزراء وفي كل المناسبات كان يروج للتنظيم الإرهابي ويخرج على وسائل الإعلام مصرحاً بالقول: "كوباني ستسقط في يد داعش، كوباني سقطت".

ومع اشتداد الهجمات على المدينة وتقدم داعش صرح القائد العام لقوات الدفاع الشعبي (HPG) مراد قريلان، مؤكداً أن كوباني لن تسقط. وتحقق ما قاله قريلان في الخامس عشر من حزيران/يونيو 2015.

بعد تحرير مدينة كوباني ومدينة كري سبي التي كانت صلة الوصل بين التنظيم الإرهابي والدولة التركية، بدأت وسائل الإعلام التركية بمهاجمة القوات الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD ، وسائل الإعلام التركية بدأت بإثارة الأكاذيب وتخويف العالم والشعب التركي من القوات التي تحارب داعش في محالة للتمهيد للتدخل والقضاء على مكتسبات الشعب الكردي بمعنى إتمام ما فشل تنظيم داعش في تحقيقه.

مع تهديدات أردوغان بدأت تنظيم داعش بمهاجمة الشعب الكردي والقوى الديمقراطية في شمال كردستان وتركيا، وفيما يلي نرصد هذه الهجمات:

_ 5 حزيران/يونيو 2015: قبل يوم واحد من الانتخابات التشريعية، نفذ تنظيم داعش عملية إرهابية خلال فعالية لحزب الشعوب الديمقراطي(HDP) في مدين آمد. وأدى التفجير الإرهابي إلى مقتل أربعة مدنيين وإصابة المئات.

_ 20 تموز/يوليو 2015: هجوم آخر للتنظيم ضد نشطاء اتحاد جمعيات الشبيبة الاشتراكية في مدينة سروج. أدى الهجوم إلى مقتل 34 مدني وإصابة العشرات.

_ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2015: قامت العديد من الحركات والتنظيمات الديمقراطية بتنظيم فعالية السلام في العاصمة أنقرة. تنظيم داعش استهدف الفعالية بهجوم إرهابي أدى إلى مقتل 103 مدنياً بينهم أطفال وإصابة المئات. هذا الهجوم جاءت قبل موعد الانتخابات التشريعية المبكرة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر والهدف منها تركيع المجتمع وترهب الشعب.

_ 20 آب/أغسطس 2016: قام التنظيم الإرهابي بشن هجوم على أحدى الأعراس الكردي في ناحية شاهين بي, وقل في الهجوم 59 مدنياً بينهم أطفال وأصيب 90 مدني أخر. بعد هذا الهجوم كان زريعة لاردوغان للبدء بعملية احتلال الأرضي في شمال سوريا انطلاقاً من عملية درع الفرات.

ولم يكتف تنظيم داعش الإرهابي بمهاجمة الشعب الكردي فقط بل بدأ بتنفيذ هجمات إرهابية في الدول الأوروبية أيضاً، عدد كبير من مرتزقة داعش توجهوا إلى أوروبا لشن هجمات إرهابية عن طريق تركيا، وتلك الهجمات كانت تنفذ بعد كل تهديد للرئيس التركي أردوغان لدول الغرب، وظهرت الكثير من الوثائق والأدلة التي تثبت علاقة تركيا الوثيقة مع تنظيم داعش.

ونفذ داعش هجمات إرهابية في سبعة دول أوروبية أدت بمجملها إلى مقتل 331 مدنياً بينهم أطفال ونساء وإصابة المئات.

وكانت فرنسا أكثر الدول الأوروبية التي استهدفها التنظيم حيث نفذت عشرة هجمات إرهابية أدت إلى مقتل 227 مدنياً، بلجيكا ثلاثة هجمات وقتل خلالها 36 مدنياً، إنكلترا أربعة هجمات قتل خلالها 36 مدنياً، الدنمارك هجومين قتل فيهما شخصين، ألمانيا أربعة هجمات وقتل خلالها 13 مدنياً، السويد هجومين أودت بحياة أربعة أشخاص، وإسبانيا هجوم وحيد أدى إلى مقتل 13 مدنياً.

_ 7 كانون الثاني 2015: هاجم مسلحين من داعش مقر مجلة "شالي إيبدو" الساخرة في العاصمة الفرنسية باريس بالأسلحة. وقتل في الهجوم 12 مدنياً وأصيب 11 أخرين.

_ 9 كانون الثاني 2015: قتل أحد مرتزقة داعش شرطياً فرنسياً وأربعة مدنيين في متجر في منطقة فينسيا في العاصمة باريس.

_ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015: هجمات إرهابية في توقيت واحد على عدة أماكن في العاصمة باريس بالقنابل والأسلحة، أدت في مجملها إلى مقتل 130 شخصاً وإصابة أكثر من 300 آخرين. حينها تنبى تنظيم داعش الهجمات.

_ 22 آذار/مارس 2016: سلسلة هجمات استهدف العاصمة البلجيكية بروكسيل، سلسلة تفجيرات في مطار بروكسيل الدولي وآخرين في محطة المترو "مالبيك"، أدت الهجمات إلى مقتل 32 شخصاً وإصابة نحو 300 آخرين. هذا الهجوم جاء بعد تهديدات الرئيس التركي أردوغان لبلجيكا. وتنبى تنظيم داعش الهجمات.

_ 14 تموز/يوليو 2016: في يوم العيد الوطني "الباستيل" قام آحد مرتزقة داعش بعملية إرهابية، حيث قام الإرهابي بدهس عدد من المواطنين بشاحنة كبيرة أثناء الاحتفال وأدى الهجوم إلى مقتل 84 شخصاً.

_ 19 كانون الأول 2016: هجوم إرهابي بواسطة شاحنة كبيرة استهدف سوقاً في العاصمة الألمانية برلين، وأدى إلى مقتل 12 شخصاً، وإصابة 56 آخرين. وجاء هذا الهجوم بعد تهديدات أردوغان للحكومة الألمانية عبر اللاجئين. وتبنى تنظيم داعش هذه العملية أيضاً.

_ 22 أيار/مايو 2017: هجوم إرهابي يستهدف مدينة مانشستر البريطانية، حيث انفجار استهدف حفل غنائي للمغنية "أريانا غراندي" وادى الهجوم إلى مقتل 23 شخصاً و إصابة أكثر من 250 أخرين. وتنبى التنظيم هذه العملية. 

_ 3 حزيران/يونيو 2017: نفذ تنظيم داعش سلسلة هجمات إرهابية في العاصمة البريطانية لندن، وأدت الهجمات إلى مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 48 أخرين.

_ 17 آب/أغسطس 2017: حادثة دهس بالسيارة في منطقة "رامبلاس" السياحية في مدينة برشلونا الإسبانية. تنظيم داعش تنبى العملية الإرهابية وأدت إلى مقتل 13 شخصاً وإصابة أكثر من مئة أخرين.

بعد انتصار وحدات حماية الشعب والمرأة YPG/YPJ على داعش في مدينة كوباني أعلنت حملات تحرير المنطقة من إرهاب داعش انطلاقاً من مناطق شمال وشرق نهر الفرات. قوات YPG/YPJ وفيما بعد تشكيل قوات سوريا الديمقراطية (QSD) تمكنوا من تحقيق الانتصارات المتتالية.

_ 7 آذار 2015: تمكنت قوات YPG/YPJ/QSD من تحرير بلدة "شيخلر" غرب مدينة كوباني.

_ 15 حزيران/يونيو 2015: تم تحرير مدينة كري سبي (تل ابيض).

_ 23 حزيران/يونيو 2015: تم تحرير بلدة عين عيسى.

_ 25 حزيران/يونيو 2015: قامت مرتزقة داعش بمهاجمة مدينة كوباني من جديد قادمين من تركيا وارتكبوا مجزرة في تل حاصل وتل عران أدت إلى مقتل 233 مدني وإصابة 273 أخرين.

_ 27 تموز/يوليو 2015: تم تحرير بلدة صرين جنوب مدينة كوباني من مرتزقة داعش.

_ الأول من آب/أغسطس 2015: تحرير مركز مدينة الحسكة من تنظيم داعش الإرهابي.

_ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2015: انضمام 13 الف مقاتل من الفصائل الثورية في سوريا إلى قوات سوريا الديمقراطية.

_31 تشرين الأول/أكتوبر 2015: قوات سوريا الديمقراطية تبدأ أولى حملاتها ضد مرتزقة داعش في الريف الجنوبي لمحافظة الحسكة في إقليم الجزيرة.

_ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2015: تحرير بلدة الخاتونية وبحيرة الخاتونية من مرتزقة داعش.

_ 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2015: تحرير بلدة الهول من مرتزقة داعش.

_ 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2015: تحرير طريق شنكال-الموصل- الحسكة والرقة من المرتزقة وقطع الطريق الامداد لداعش.

_23 تشرين الثاني/نوفمبر 2015: حملة جديدة لتحرير كامل جنوب مقاطعة كوباني من مرتزقة داعش, وتمكنت قوات QSD من تحرير الكثير من القرى من داعش.

_ 26 كانون الأول 2015: قوات QSD تحرر سد تشرين من داعش.

_ 15 آب/أغسطس 2016: قوات QSD تحرر مدينة منبج من داعش.

_ 10 أيار/مايو 2017: تحرير سد الطبقة من مرتزقة داعش.

_  17 تشرين الأول/أكتوبر 2017: تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من تحرير محافظة الرقة من مرتزقة داعش خلال حملة عسكرية تمت على خمسة مراحل خلالها تم تحرير مئات البلدات, القرى والمزارع.

_ 9 أيلول 2017: بدأ المرحلة الأولى لحملة عاصفة الجزيرة لحرير الريف الشرقي لمحافظة دير الزور.

وتوالت سلسة هزائم داعش على أيدي مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، كما استمرت قوات QSD في التقدم وتحرير المناطق من تنظيم داعش الإرهابي إلى أن وصلت الحملة إلى بلدة الهجين في ريف محافظة دير الزور، وعدد كبير من القرى في محيطها آخر معاقل التنظيم. تمكن من هزيمة التنظيم على أطراف نهر الفرات شرقاً وتحرير البلدة بشكل كامل.

وتمكنت قوات قسد من القضاء على قوة التنظيم الإرهابي عسكرياً، لكن خبراء يؤكدون أن التنظيم لا يزال يملك خلايا نائمة في المناطق المحررة، من أجل القضاء على هذه الخلايا هناك حاجة إلى المزيد من الوقت والمتابعة. في نفس الوقت انضم الكثير من بقايا التنظيم الإرهابي عبر تركيا إلى الفصائل والجماعات المسلحة التي تسيطر على مناطق مثل عفرين، إدلب وكذلك يتواجدون داخل تركيا.

وبالحديث عن التدخل التركي لاحتلال أراضي شمال سوريا انطلاقاً من عملية درع الفرات والدخول إلى مدينة جرابلس بدون أي قتال. وقال أمراء في تنظيم داعش: "نحن لم نخرج من جرابلس فقط قمنا بحلق ذقوننا وبدلنا هيئتنا".

ويدل هذا على أن تنظيم داعش انهار شكلياً، لكن لايزال يملك الفرصة ليعود من جديد ويستعيد قوته إلى حد ما ويشن هجماته كما أنه يؤكد أن فكر داعش لا يزال موجود وهناك حاجة إلى مواصلة المقاومة حتى القضاء على هذا الفكر بشكل نهائي.