جنوب كردستان يعش كارثة حقيقية

الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي بدء بالتحرك العسكري وسيطر على المناطق من خانقين,خورماتو, تازه و داقوق وصولاً إلى كركوك. في صباح 17 تشرين الأول كانت مركز مدينة كركوك بما فيها النواحي التابعة لها و جميع المناطق الغنية بالنفط باتت تحت سيطرتهم .

بعد هذا الاحتلال أكثر من 150 الف شخص احبر على النزوح من خورماتو و كركوك . اغلب النازحين من خورماتو توجهوا إلى كلار , كفري , زينان , نيوجولان , كادركرم , كرميان و السليمانية . اما نازحوا كركوك و محيطها توجهوا إلى جمجمال , بيردي, هولير و السليمانية . النازحون ومنذ البداية قصدوا المدارس و المساجد و بعد بدء السنة الدراسية اجبروا على الخروج من المدارس . بعضهم لجئوا إلى أقاربهم و الآخرين إلى أصدقائهم في الريف . اغلب المهاجرين يعيشون في أوضاع سيئة للغاية و يرغبون بالعودة إلى ديارهم في اقرب فرصة .

الخدمات الصحية في قرية فارانين

من اجل تقديم الخدمات الصحية للمهاجرين من خورماتو و كركوك افتتح مجموعة من الأطباء مركز صحي في قرية فارانين . هذا المركز افتتح بدعم وإدارة الدكتورة الألمانية مديا و من كرميان الدكتور اذاد كرمياني و بحسب الإمكانيات التي يملكونها يقدمون الخدمات الصحية للمهاجرين بالمجان منذ أكثر من شهرين . عن هذا المشروع الإنساني الدكتور اذاد كرمياني أوضح ان لا احد يقدم لهم الدعم سوى المركز الصحي في كلارا .

اليوم تسعة حقول نفطية تتبع لكركوك , زمار, شفاشوك, باي حسن , هافانا , بابا غورغور , خباز , أينزالا و خورمالا باتت تحت سيطرة الحكومة العراقية المركزية و الحشد الشعبي . في هذه المناطق التي ذكرناها يتم استخراج نحو 800 الف برميل من النفط . اغلب صادرات هذه الحقول كانت بيد حزب الديمقراطي الكردستاني PDK و كانت ترسلها إلى تركيا من جملة هذا الاستخراج كان حصة الحكومة العراقية و حزب الاتحاد الوطني الكردستانيYNK فقط 30 الف برميل .

بعد سيطرة الحكومة المركزية العراقية على هذه الحقول النفطية أبرمت اتفاقاً مع شركة BP البريطانية و كذلك اتفاق مع ايران بخصوص تصدير هذا النفط و ألغت الاتفاق ما بين تركيا و حزب PDK بخصوص هذا النفط المستخرج من هذه المنطقة . النفط المستخرج و الذي كان يرسل منه إلى تركيا نحو 600 الف برميل بات اليوم يرسل فقط 150 الف برميل و إدارة هذه الحقول النفطية بما فيها التشغيل الصادرات و الواردات باتت بيد الحكومة العراقية .

الأوضاع الإدارية و العسكرية

في المناطق التي تمكنت الحكومة العراقية المركزية من السيطرة عليها تم تعين إدارات مؤقتة , في شنكال وتماشياً مع المعتقد و الدين في المنطقة تم تعين إدارة . لكن هذه الخصوصية و الحساسية تم تطبق في كل من خورماتو , كركوك, داقوق و تازه , تم تعين المدعو راكان علي محافظاً لمحافظة كركوك .

كذلك بالنسبة للوضع العسكري , فالمناطق التي تمكنت القوات العراقية و الحشد الشعبي من السيطرة عليها لم يعد هناك وجود للقوات الكردية بجميع أشكالها . و تولت قوات الحشد الشعبي , الجيش العراقي , الشرطة الفدرالية , قوات مكافحة الإرهاب التابعة للجيش العراقي مهام الدفاع و حفظ الأمن في تلك المناطق . في تلك المناطق لم تعترف الحكومة العراقية بالمكون الكردي  و أقصت الكرد من الإدارة المحلية و العسكرية هناك .

المجموعات العسكرية التابعة لإيران لم تنسحب من المنطقة

المناطق التي احتلها الجيش العراقي تعيش ظروف متناقضة . فقد أعلنت الحكومة العراقية عدة مرات ان قوات الحشد الشعبي ستنسحب من تلك المناطق . جماعة سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر والتي على صلة و وثيقة مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلنت أنها انسحبت من تلك المناطق كذلك أعلنت تسليم سلاحها و عتادها . لكن المجموعات التابعة لإيران لم تنسحب من المنطقة فيما ألبست الحكومة العراقية لباس الجيش العراقي لتلك المجموعات الإيرانية في محاولة منها إخفاء حقيقة تلك القوات العسكرية الموجودة في المنطقة . وهذا ما يعقد الأوضاع أكثر فأكثر في تلك المناطق .

أما بالنسبة لخورماتو فالأوضاع مختلفة . فالمرتزقة التابعين للجبهة التركمانية العراقية اقدموا على إحراق منازل و محال الكرد هناك كذلك استولت على ما تبقى من أموال و الأملاك في خورماتو كل هذا في أثناء احتلال المنطقة . الحكومة العراقية المركزية و لتمتص الغضب الكردي قليلاً استبدلت قوات الحشد الشعبي الموجودة في الأحياء و المناطق الكردية بالقوات العراقية . مع هذا التغير العسكري في تلك المناطق إلا أن الهجمات ضد الشعب الكردي لم تتوقف .

وضع نجيرفان , مسعود و مسرور

بعد احتلال كركوك و باقي المناطق الكردية ونتيجة الضغوطات الدولية اجبر مسعود البرزاني على الاستقالة . و سلم مهامه إلى رئيس الوزراء نجيرفان البرزاني و رئيس البرلمان و محكمة العدل العليا . رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان و بعد منحة المزيد من الصلاحيات بدء بممارستها مهامه و يعمل على توسيعها بشكل اكبر . من اجل بدء الحوار مع الحكومة العراقية و التفاوض مع الأحزاب السياسية بدء يوسع من نشاطه و يدلي بتصريحات في هذا المجال . كذلك بدء التحرك في اتجاه تقوية العلاقات مع تركيا و إيران .

لكن من الصعب ان نقول ان جميع الداعمين لحزب PDK يقبلون بهذا الوضع و هذه السلطات التي منحت للسيد نجيرفان البرزاني . في الوقت نفسه فالقوى إلى على علاقة وطيدة مع رئيس حكومة إقليم جنوب كردستان السابق مسعود البرزاني و نجله مسرور البرزاني على ثقه تامة ان نجيرفان البرزاني يحاول إنهاء دور مسعود البرزاني و نجله في جنوب كردستان . فوسائل الإعلام التابعة لمسرور البرزاني تظهر واقع بهذا الشكل , على ما يبدوا ان هناك خلافات جدية ما بين نجيرفان برزاني و مسرور البرزاني و يتوقع ان هذا الخلاف مبني على أساس الصراع على السلطة و الحكم بين الطرفين .

حزب YNK والذي يقاد من قبل الكثير من الأطراف , يؤجل مؤتمرة

وفاة زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني YNK  مام جلال و احتلال القوات العراقية و الحشد الشعبي لهذه المناطق أدى إلى تعمق الخلافات داخل حزب YNK . في هذه الأزمة ومع تعمق الخلافات الداخلية ظهر تقارب من قبل الرجل الأبرز في حزب YNK كوسرت علي رسول , كذلك ملا بختيار, محافظ كركوك نجم الدين كريم و من القايدة العامة لقوات البيشمركة شيخ جعفر و شيخ مصطفى مع حزب PDK و بهذا ظهر تكتل جديد داخل حزبYNK . قوبات طلباني و مع انه جديد في عالم السياسة ولأنه بصفة نائب رئيس الوزراء حاول إدارة سياسة مركزية بدعم من قبل هيرو إبراهيم احمد طلباني و البعض من الكوادر من مؤسسي حزب YNK . كذلك بهرم صالح و قبل الاستفتاء اعلن تشكيل جبهة مستقله لكن لم ينفصل عن الحزب . كذلك أبناء شقيق الطلباني أراس و لاهور شيخ جنكي طلباني أوضحوا موقفاً مختلفاً .

وضع حزب YNK بهذا الشكل الذي ظهر بقيادات عديدة متناقضة فيما بينها كان سبباً في تأجيل مؤتمر الحزب إلى شباط 2018 , ومن ثم إلى شهر آذار 2018 , والذي كان من المقرر عقدة نهاية شهر كانون الأول الجاري . لكن و حتى الآن لا توجد اي مؤشرات تؤكد ان المؤتمر سيعقد و من المتوقع ان تتأزم الأوضاع الداخلية للحزب بشكل اكبر و تتعمق الخلافات في بين هذه القيادات .

الأحزاب الإسلامية تتقرب من تركيا

في جنوب كردستان يوجد حزبين كبيرين آخرين وهما الجمعية الإسلامية و الاتحاد الإسلامي . هذه الأحزاب و مع التحفظ على أسمائها  تحاول التقرب من ايران و تركيا . علاقات الجمعية الإسلامية مع تركيا ومهما كانت قوية لا تصل إلى مستوى العالقات القوية ما بين تركيا و الاتحاد الإسلامي . فزعيم الاتحاد الإسلامي صلاح الدين بهاء الدين يعتبر من أكثر انصار جماعة الإخوان المسلمين , ولهذا هو على علاقة قوية جداً مع حزب  العدالة والتنميةAKP التركي . فبعد استفتاء استقلال إقليم جنوب كردستان و سوء العلاقات ما بين الإقليم و تركيا تدخل هذا الحزب كوسيط لحل الخلافات بين الطرفين .

حزب كوران بدون زعيم , وبعد احتلال العراق لمناطق في كردستان لم يعد مؤثراً على الساحة

حركو التغير كوران و بدعم من القوى الدولية , تأسس على امل إجراء تغيرات جوهرية في جنوب كردستان . وخلال انتخابات وعلى مرحلتين حصل على أصوات فاقت أصوات حزب YNK . لكن وبعد وفاة زعيم الحزب نشيروان مصطفى بقى هذا الحزب بدون زعيم وحتى اليوم . هذا الحزب وحتى يوم إجراء الاستفتاء كان معارضاً للاستفتاء . لكن وبعد سيطرة القوات العراقية على مناطق كردستان لم يعد لهذا الحزب تأثير قوي على الساحة . من اجل الخروج من هذه الأزمة و تأسيس حكومة جديدة عرض هذا المشروع , لكنه لم يكن قادراً على منح الشعب الثقة الكافية ولم يكن قادراً على تشكيل معارضة حقيقية . حركة كوران ولأنه لا يملك قوات عسكرية ليس مقدورة إطلاق تصريحات راديكالية قوة .

حركة اذادي

حركة اذادي و غياب دورها الفاعل على الساحة أيضاً لها أسباب عديدة . وقبل كل شيء لم يتم الاعتراف به كحزب رسمي ف البلاد . لكن و بعد الأحداث الأخيرة باتت هذه الحركة تشكل بصيص أمل . وتمكن من الحصول على الاعتراف الرسمي من الحكومة العراقية المركزية . المقاومة التي حصلت في كركوك فتحت المجال من اجل التنظيم بالشكل الجيد . في هذه الرحلة تعاطف الشعب كثيراً مع هذا الحزب . كذلك ومن جانب أخر يعاني أعضاء هذا الحزب من ضغوطات كبيرة و يتعرضون للاعتقال و من يحصل على الموفقة من اجل الخروج في مظاهراتها .

تفاقم الأزمة الاقتصادية

في جنوب كردستان واحد من اصل كل أربعة موظفي لا يحصل على راتبه . الأزمة الاقتصادية التي بدأت قبل سيطرة الحكومة العراقية على مناطق وحقول نفط كردستان تفاقمت بشكل كبير وخاصة بعد الأحداث التي تلت استفتاء إقليم جنوب كردستان . الرواتب لم تعد تدفع للمواطنين وكانت تدفع الرواتب على دفعات كل شهرين او ثلاثة . كذلك الرواتب التي كانت تدفع للموظفين قبل الأزمة بمقدار مليون دينار عراقي بعد الازم تم خصم نحو 200 إلى 300 الف دينار من كل موظف . هذه الأوضاع الاقتصادية السيئة دفعت الكثير من المعلمين و الموظفين إلى مزاولة مهنة أخرى ليكون قادراً على العيش و تجاوز هذه الأوضاع . كذلك الكثير من طلاب الجامعات دخلوا قطاع العمل في الأسواق و اقلها بيع السجائر في الأسواق من اجل تأمين مصاريف الجامعة .

هذه الأزمة تسببت بخسائر كبيرة للشركات و المؤسسات التي كانت تنشط في المنطقة الاتحادية . المديرية العامة المسؤولة عن التجارة في جنوب كردستان أوضحت ان نحو 540 شركة أعلنت إفلاسها بعد الأزمة الأخيرة التي حصلت بين الحكومتين هولير و بغداد . الامر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة و فقدان الآلاف من المواطنين لعملهم .

الشعب غاضب نتيجة السياسات الخاطئة للحكومة

شعب جنوب كردستان و الذي بات يعاني من جميع الجوانب و يتعرض لضغوطات معاشية كبيرة يلقون اللوم في كل هذا على السياسات الخاطئة للحكومة . ومنذ يومان يخرج في مظاهرات احتجاجية غاضبة ضد الحكومة و يطالب باستقالتها . المتظاهرين يقولون انهم خرجوا في المظاهرات من اجل الحصول على حقوقهم ليس فقط من اجل العمل , الكهرباء , الماء و الطعام , بل انهم سيبقون في الساحات حتى إسقاط الحكومة .