في ليلة الثالث من آب العام 2014، هاجم مرتزقة داعش الإرهابية شنكال من جميع الجهات، أحاطوا بمنطقة شنكال وفرضوا عليها حصاراً شديداً، هناك كلمة واحدة فقط كانت تُقال؛ "اهربوا، فروا"، في الحقيقة كان الهروب والفرار فرصة، لكن هذه الفرصة سلبت منهم، ولهذا السبب لم يهرب الكثير منهم ووقعوا في أيدي مرتزقة داعش وسقطت شنكال، لم تسقط شنكال فحسب، بل إن الشعب هناك واجه إبادة جماعية وحشية أيضاً.
وفي التاريخ، خيّم ظُلم وبطش العقلية السلطوية على مصير شنكال في ظلمة ليلة 3 آب 2014، وكان شعبنا الإيزيدي الذي كان يستيقظ فجراً في شنكال وينير أفكاره وإيمانه بأشعة الشمس، يلفظ أنفاسه الأخيرة في قبضة مرتزقة داعش، وتُركت الأرض المقدسة، التي حمتها دماء الأبطال الحمراء والبيضاء لمئات السنين، تحت الأقدام القذرة، والسبب في ذلك: أن شعبنا الإيزيدي واجه مرة أخرى خيانة كبيرة، وعندما تخطر هذه اللحظة ببال المرء، يتنهد بعمق وألم، سبب هذه التنهيدة هو الخيانة، شعب لديه هذا الإرث التاريخي من المقاومة والنضال، انتفض وقاتل وقاوم ودافع عن نفسه ضد مثل هذه الهجمات، أصبح ضحية في غضون ساعات قليلة.
وبدأت حملة تحرير مدينة شنكال بناءً على رغبة وطلب القائد آبو بتاريخ 13 تشرين الثاني 2017، بمساعدة ودعم وحدات حماية الشعب والمرأة (YPG-YPJ) وكريلا قوات الدفاع الشعبي (HPG) ومشاركة شبيبة شعبنا الإيزيدي الوطني، وبذلت قيادة وحدات مقاومة شنكال (YBŞ) جهوداً جادة لبدء عملية مشتركة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) من أجل تحرير مدينة شنكال، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني نفى وجود حركة الحرية، وتجاهلها، ولم يقبل بها، فلنترك العملية المشتركة على طرف، لقد جربوا في نهجهم وموقفهم كل الطرق القذرة للتخلص منهم، وقال الرفيق عكيد جفيان: "عندما جاء الحزب الديمقراطي الكردستاني ليشارك بالعملية، تصرف وكأنه يحاول تحرير شنكال منا نحن بدلاً من محاولة تحريرها من مرتزقة داعش"، كان الرفيق عكيد جفيان أكبر شاهد في ذلك الوقت عندما كان في مباحثات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهذا يدل أيضاً على أنهم كانوا قلقين بشأن بقاء إرادة الإيزيديين أكثر من قلقهم بشأن بقاء مرتزقة داعش، حيث بقي مرتزقة داعش في شنكال لأربع سنوات، ولم يبذل أي أحد أدنى جهد حتى لتحرير شنكال من داعش، إلى أن بدأت وحدات حماية الشعب وقوات الدفاع الشعبي وشباب وشابات الإيزيديين الوطنيين بالتحرك لتحرير شنكال، وكأنهم كانوا يقولون؛ إذا لم تكن لي، فيجب ألا تكون لهم أيضاً، نحن لا نتفاجأ من هذا النهج، كل المعطيات السياسية تشير إلى أنه عندما لا تكون هناك معرفة وطنية، تسيطر النزعة العائلية والعشائرية على كل شيء، بالطبع، شنكال والإيزيديين زرعوا الروح في هذه الأرض منذ مائة عام بأرواحهم وأجسادهم، ولذلك، من حقهم أن يديروا أنفسهم بأنفسهم.
وبهذا المعنى، فمنذ يوم بدء حملة الإبادة وحتى تحريرها، استمرت الحرب مع مرتزقة داعش بشكل يومي، وقبل أحد عشر شهراً بالضبط من الحملة، انضمت قوات الدفاع الشعبي (HPG) إلى الشباب الإيزيديين ودخلت خنادق القتال على بعد خمسين متراً من داعش، واستمرت المعركة بين هذه الخنادق التي أصبحت لعبة من سيوقع الأخر بالفخ، وقد سُطرت في هذه الخنادق العديد من الملاحم البطولية والفنية، ونُفذت في هذه الحملة العديد من العمليات وارتقى الكثير من الشهداء، ولم تكن قوات مسعود برزاني "البيشمركة" حاضرة في هذه العملية، وفقد مرتزقة داعش أملها وإرادتها في عملية النضال والمقاومة هذه، وأصبحت ضعيفة جداً، بعبارة أخرى، تم زرع بذور تحرير شنكال في هذه العملية، وانتصرت شنكال على الإرهاب والظلام من خلال إرث النضال والمقاومة للشابات والشبان الإيزيديين.
وبالرغم من تقربات الحزب الديمقراطي الكردستاني هذه، بدأت العملية في ليلة أحد عشر شهراً بقيادة عكيد جفيان ونوجين ودلشير، وكانت العملية خطيرة، لأن "داعش" الإرهابي تواجد في شنكال لمدة أربع سنوات، وكان لديه عدد كبير من المرتزقة وتقنية قوية، وبنى خلال عملية أربع سنوات، الكثير من المواقع والخنادق، وبلغ عدد مقاتلي قوات الدفاع الشعبي (HPG) بدعم وحدات حماية الشعب (YPG) والشابات والشبان الإيزيديين، 2000 مقاتل، وكانت الذخائر والأسلحة التي بحوزتهم قليلة ومتوسطة أيضاً، وكان لدى قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني 7500 من البيشمركة، و200 عربة من نوع "همر"، و100 مدرعة وناقلة جنود من نوع "BMB"، و30 دبابة إضافة إلى جيش بأكمله، في هذا الوقت، كانت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني أكبر بعشرة أضعاف من قوات الكريلا ووحدات حماية الشعب والمرأة (YPG-YPJ) ووحدات مقاومة شنكال ووحدات مقاومة شنكال – المرأة (YBŞ-YJŞ)، من حيث العدد والتقنية، ولذلك، كان لم يكن من السهل بدء الحملة لوحدهم، ولم يعتقد الحزب الديمقراطي الكردستاني أن قوات الدفاع الشعبي ووحدات حماية الشعب سيبدؤون الحملة بدونهم، وكان مسعود برزاني يقود هذه الحملة، وكان هدف مسعود بارزاني من هذه الحملة هو التغطية على خيانته للإيزيديين حتى لو بمقدار قليل، لكنه من ناحية أخرى لم يكن ينوي القتال ضد مرتزقة داعش، لأن ذلك يتطلب تضحيات كبيرة وباهظة للغاية وفدائية تاريخية لا مثيل لها وبطولية ملحمية تمتلك إصراراً وإيماناً عظيماً.
تاريخياً، كان هناك شخصيات ريادية تظهر في كل وقت استثنائي وطارئ، وكانت ريادة هذه الحملة الاستثنائية، بقيادة عكيد جفيان ودلشير هركول ونوجين، وبدأوا الحملة بشغف وحماسة فدائية وبأحاسيس الانتقام للنساء والأطفال الإيزيديين، ولم تكن قوات للحزب الديمقراطي الكردستاني متواجدة حتى تحرير شنكال، لكن بعد تحرير شنكال، جاء مسعود بارزاني إلى جبل شنكال وأدلى ببيان وقال: "لا يوجد سوى قوات البيشمركة في شنكال، أهنئ البيشمركة الأبطال بتحرير شنكال، لا توجد أعلام أخرى مرفوعة هنا سوى علم كردستان ولن ترفع أيّ أعلام أخرى أيضاً"، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك، كانوا يقومون بالتحريض والدعاية من أجل ممارسة الحرب النفسية والحرب الخاصة وخداع المجتمع، في الحقيقة، لم يكن هناك سوى قوات الدفاع الشعبي ووحدات حماية الشعب والشبيبة الإيزيديين في مدينة شنكال، ولكن بعد تحرير شنكال، دخلت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني شنكال مرة أخرى وأعلنت للرأي العام أنهم حرروا شنكال، يقول القائد آبو: "فهم الحقيقة"، لكن الحقيقة كانت مفهومة منذ زمن بعيد، الذين حرروا شنكال ليسوا أولئك الذين تخلوا عنها من قبل، لأن المقاتلين الذين توجهوا إلى شنكال، كانوا مقاتلي الحقيقة، ولم يتوجهوا نحو شنكال من أجل مصالحهم الخاصة، بل توجهوا بإرادة وتصميم كبيرين من أجل الانتقام للشهداء وتحرير شنكال، لأنهم كانوا الذين تعهدوا بالانتقام من أجل شعبنا الإيزيدي، ولم يكن هناك أي شيء في قلوبهم وعقولهم ومخيلتهم سوى تحرير شنكال، وفي 13 تشرين الثاني 2017، حرروا شنكال بالكامل من مرتزقة داعش الإرهابية، لكن العودة هذه المرة إلى شنكال كانت مختلفة تماماً، كانت عودة متحررة من السلطوية وتلقي الأوامر بأفكارها وفلسفتها الخاصة.
وفي سياق ما ذكرناه أعلاه، نصل إلى حقيقة أنه لا يوجد إيزيديون دون شنكال، ولا توجد شنكال دون إيزيديين، ولأن شنكال هي الجسد، فإن الإيزيدية هي الروح، أي أن الروح والجسد يعيشان في نفس القلب، و يتحدان في نفس الإيمان، ويُزهران في نفس الفصل، ومثلما لفت القائد الانتباه إلى هذا الأمر عندما قال؛ "إذا كانت كردستان حديقة جميلة، فإن الإيزيدية هي أجمل زهرة في هذه الحديقة"، وبهذا المعنى، كان هدف هذه المجازر هو إبادة وتدمير جمال ورود شنكال، لكن اليوم ورود شنكال تنمو على جذورها بفكر وفلسفة العقيدة الإيزيدية.
13 تشرين الثاني 2017 هو يوم الانتقام، يوم الانتصار والفخر، يوم انفتاح الورود من جديد، يوم السعادة والفرح، وسيصل هذا اليوم إلى عقلية وفلسفة الإدارة الذاتية والحماية من خلال حملة "الحرية للقائد آبو، الإدارة الذاتية لشنكال"، وعلى هذا الأساس نهنئ ونبارك يوم انتصار تحرير شنكال بشخص قادة ورواد عملية تحرير شنكال عكيد جفيان ودلشير هركول ونوجين والشهداء الأبطال، ونتعهد برفع الراية عالياً في السماء، والوصول إلى الذروة من خلال تنظيم وتأسيس نظام الإدارة الذاتية في جبل شنكال.