لقد كان شعبنا في قاع الإبادة الجماعية، ويفرض على بلادنا حصار خانق، لقد ضربوا وجروا أمهاتنا في الشوارع، وامتلأت السجون بالمثقفين وأبناء شعبنا، لقد أصدروا ونفذوا قوانين مستقلة على شعبنا، نظراً لأن لغتنا ممنوعة، وفكرنا ممنوع، وعقلنا ممنوع، ومحرمون من الرأس إلى أخمص القدمين، لقد انتفضنا منذ البداية، وعلى الرغم من مئات المقترحات للحلول ومشاريع الحياة ومقترحات المؤسسات الاجتماعية، إلا أن ما فرضته السلطات الاستبدادية بحقنا هو الدم والإبادة والمجازر والعبودية.
لكن الكرد لم يعد قطيعاً من الأغنام، لا يمكن لأي راعي أن يرعاها، نحن نتحدث عن حقيقة تاريخية هي بمثابة المجنون عدو الحرية نحن نتحدث عن ملحمة المقاومة الشعبية منذ آلاف السنين كنا مجهولين، لكننا لم نكن بلا شخصية، بلا عاطفة، بلا فهم كنا بلا دولة، لكننا لم نكن بلا أمة وتاريخ وحضارة كنا بلا احتكار، لكننا لم نكن بلا مجتمع وأخلاق وسياسة.
ويتمثل هدف الاحتلال دائماً بالقضاء على الشعب الكردي وذلك باستهداف مقاتلينا في جبال كردستان الحرة وشعبنا عبر الطائرات الهجومية والقنابل وجميع التقنيات التي يملكونها، وفي مواجهة هذا الوضع، استعد رفاقنا لتنفيذ عملية في هذه الأثناء، وكان رفاقنا منقسمين، لكن بسبب هجمات الطائرات استشهد 5 رفاق في البداية في حفتانين، ثم 5 رفاق في جيلو، وأخيراً استشهد 11 رفيقاً في خاكورك هذه الممارسات اللاأخلاقية تحدث أمام أعين العالم لكننا نتحدث عن عصر فقد حقيقته وعدله وآلهته مزيفة، لذلك نحن نبحث بشغف عن كل ما يتعلق بالحقيقة، ولهذا السبب فإن أبناء شعبنا الذين يسيرون في طريق الحق لا يستحقون كل هذا، لذا فإن القائد الذي يقدم الحرية في قبضته لا يستحق العبودية، للأسف يستمر الأسر والعزلة المطلقة بحقه، بالنسبة للمقاتلين الذين يعشقون الحياة، فإن أي نوع من الموت يعتبر مشروعا وبهذا المعنى، كانت الحركة الثورية للشعب بمثابة رفض للموت والعبودية المفروضة علينا، كان كل شيء يتضح أمامنا، وبالتالي لم تكن هناك حاجة لقول المزيد، أولئك الذين يريدون رؤية الفظائع في كردستان والجرائم التي ترتكب، عليهم أن يرفعوا رؤوسهم مرة واحدة فقط وينظروا إلى هذه الأمور، وعدم التزامهم الصمت حيال ذلك، لأن أصبح أمراً لا يطاق.
مع بداية النضال من أجل حرية كردستان، تطورت المقاومة في العديد من المناطق المختلفة، وعلى الرغم من فاشية الدولة التركية، إلا أن الحركة الآبوجية لم تتراجع أبداً عن مقاومتها ونضالها، ومع تنامي موجة الفاشية، صُعدت المقاومة والنضال في مناطق مختلفة بعد انقلاب 12 أيلول 1980، وتم اعتقال المئات من الوطنيين والثوار الكرد، بما في ذلك كوادر بارزة في حزب العمال الكردستاني، وتم إرسالهم إلى سجن آمد، وبعد أشهر من التعذيب الوحشي، تمت محاكمة كوادر حزب العمال الكردستاني في المحاكم التي نظمها المدعون العامون وقضاة الجيش التركي منذ نيسان 1981 فصاعداً، وفي تلك المحاكم، كانت وسائل الإعلام العالمية أول من علم بوجود الحركة الآبوجية، المعروفة باسم حزب العمال الكردستاني.
ولذلك فإن المقاومة في السجون ليست جديدة ولها أهمية كبيرة، وكانت هذه المقاومة حاسمة في نضال حزب العمال الكردستاني على مدى 45 عاماً، وحتى بعد أسر القائد آبو بمؤامرة دولية وعزله في قبر إمرالي، قادت السجون المقاومة مرة أخرى، وأشعل العشرات من أسرى الحرية نار المقاومة بأجسادهم، وتستمر هذه المقاومة منذ 25 عاماً بقيادة القائد آبو، ولذلك، منذ أكثر من 33 شهراً، لم يتم الحصول على أية معلومات عن القائد آبو الذي يفرض عليه عزلة مشددة، حيث تريد الدولة التركية، وخاصة فاشية حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، تدمير إرادة القائد آبو التي ظهرت مع المقاومة في سجن آمد، وفي المقابل، هناك صراع ضد هذه العقلية المتطرفة والفاشية في جميع أنحاء العالم، وفي سياق هذا النضال، تم تنفيذ العديد من الأنشطة المختلفة ومؤخراً، في 10 تشرين الأول 2023، انطلقت حملة "الحرية للقائد عبد الله أوجلان، وحل السياسي قضية الكردية" العالمية في وقت واحد في 74 مركزاً مختلفاً بقيادة أصدقاء الكرد.
لقد بنت القوى الفاشية، التي تلعب دور لصوص الحرية في التاريخ، السجون لتكون مركزاً لقمع آمال الناس وحرمان الأشخاص الذين يبحثون عن الحرية من أهدافهم، لذلك عندما ننظر إلى تاريخ البشرية، نجد أن كل السياسات والتطبيقات خارج الإنسانية قد تم تنفيذها في هذه السجون وبطبيعة الحال، لم تكن هناك مقاومة لهذه التطبيقات والسياسات، لذا في ظل الظروف الراهنة، تزايد أسلوب المقاومة أكثر، وأصبحت السجون معاقل للمقاومة ومن هذه الأشكال فعاليات الإضراب عن الطعام.
بل نستطيع القول بأن الإضراب عن الطعام انتصار أكيد على جسد الإنسان، أي انتصار المقاومة النهائي على الفشل، من التاريخ إلى يومنا هذا درع المقاومة لأولئك الذين يصنعون أجسادهم درعاً ضد الظلم، تم تنفيذ فعاليات الإضراب عن الطعام في أجزاء كثيرة من العالم كشكل من أشكال المقاومة ضد الحكومة، فعندما نمضي في رحلة قصص الثورة، نرى في كل محطة ثواراً جعلوا من أجسادهم أداة للنضال وساروا نحو النصر بإرادتهم.
في بداية القرن العشرين، عندما كان مناصرو لحقوق المرأة يناضلون من أجل حقوقهم الانتخابية، تم القبض عليهم وبدأوا إضراباً عن الطعام كشكل من أشكال العمل السياسي، ورغم أنهم واجهوا العنف، إلا أنهم لم يتراجعوا عن أقوالهم ومعركة إرادتهم وأنهوا نشاطهم بالنجاح، وفي روسيا، بدأ العديد من الثوريين الإضراب عن الطعام كشكل من أشكال النضال ضد القمع الذي يمارس في السجون، من الممكن أنه في العديد من قصص الثورات الأيرلندية، يمكن للناس رؤية مقاومة الجوع في أماكن مختلفة أثناء عملية السجن.
لقد احتل غاندي، الذي كان مضرباً عن الطعام لفترة طويلة من أجل استقلال بلاده، مكانة عظيمة ومشرفة في التاريخ كمقاومة مدنية حقيقية، في كوبا، بوليفيا، إيران، تركيا يستمر فعاليات الإضراب عن الطعام كثقافة شرف للثوار وعار كبير على السلطات في القرن الحادي والعشرين.
لا شك أن واقع السجون في كردستان كبير بقدر معاناتها، فهي ذات كرامة كبيرة وقوة مقاومة بسبب السياسات التي يتم تنفيذها ضد المقاومة في جميع السجون، عندما يتعلق الأمر بفاشية المجلس الانتقالي وسجونها، يصبح الأمر أكثر خطورة.
في كردستان، تم تطوير فعالية الإضراب عن الطعام من قبل معتقلين حزب العمال الكردستاني وحزب الحياة الحرة الكردستانية بعد انقلاب الثمانينات باعتباره الشكل الأساسي للمقاومة، حيث أخذ الرفاق الخالدون مثل كمال بير، خيري دورموش، عاكف يلماز، علي جيجك، مكانهم في التاريخ باستشهادهم باعتباره انتصاراً للإرادة، وأصبحوا مصدر قوة وإلهام للعديد من المستقلين، وفي عام 1984، استشهد هذه المرة 6 رفاق خلال الإضراب عن الطعام الذي بدأ، وفي عامي 1995 و1999، بدأت فعاليات إضراب جماعية عن الطعام في العديد من السجون، ولقي 14 سجيناً من أسير قضية الحرية حتفهم في هذه.
وفي الأعوام 2000-2007، انضم المئات من المناضلين من أجل الحرية إلى فعاليات الإضراب عن الطعام وصيام الموت ضد السجون من النموذج F ونتيجة لهذه المقاومة العظيمة استشهد 68 من المعتقلين لأجل الحرية الذين حموا أجسادهم ضد الفاشية.
ومن وجهة نظر مقاومي السجون، فإن كل إمكانيات المقاومة وسلاح المقاومين هي أجسادهم من المستحيل أن يتمكن الأشخاص الذين لا يرتبطون بالحقيقة من القلب، والذين لا يعتزون بأمل الحرية في قلوبهم وعقولهم وأرواحهم، من أن يكونوا متعمدين ضد هذا، فهذا هو قلب الذين يسيرون بالحب نحو الحرية، الذين اتخذوا الحرية وطنهم، إنه عمل الأشخاص الذين على الرغم من أن أجسادهم عبدة، إلا أن قلوبهم وعقولهم أحرار.
المقاومة هي أساس وجوهر حماية وجود الإنسان، أما أن تقاوم وتعيش، وأما أن تقف ضد الاضطهاد والتعذيب، وتتجنب قيمك الثقافية وتواجه الانقراض، إن الشعار الذي أصبح صرخة السجون والذي يقول "الاستسلام يصبح خيانة، والمقاومة حياة"، والمقاومة الكبيرة لأولئك الذين "يحبون الحياة إلى الحد الذي يمكنهم أن يموتوا في نهايتها" هي في الواقع مرتبطة بالجوهر من هذه الحقيقة.
الفاشية التي تنظم نفسها ضد وجود الحرية في كل مجال، تهاجم رائدي الشعب بغض النظر عن حرية الشعب ووجوده، كما تهاجم جنازات مقاتلي الكريلا الذين يستشهدون في السجون، وتمارس التعذيب اللاإنساني على المناضلين من أجل الحرية، وتنفذ في كل جزء من كردستان سياسات التدمير والاستيعاب إلى حد تجمد دماء الناس، إن العزلة المكثفة على القائد آبو في سجن إمرالي على مدى 25 عاماً هي علامة على سياسات الحرب الخاصة ومفهوم الإبادة المفروضة على كردستان وبالطبع يمكن مقاومة هذه الممارسات بمعرفة التاريخ وإشعال نار الانتقام والمقاومة.
وبما أن المقاومة هي السبيل الوحيد للوجود، فسنصعد بالمقاومة لحظة بلحظة من الجبال الحرة إلى السجون الأبدية عبر حملة "حان وقت الحرية" و"نحمي أنفسنا".