تأثير الدين على المرأة.. أهم نقاط الجلسة الثانية في مؤتمر الأديان والمعتقدات

سلطت الجلسة الثانية في المؤتمر الدولي الثاني للأديان والمعتقدات الضوء على المرأة والتحديات التي واجهت قيادتها للمجتمعات على مر التاريخ، وتأثير الأديان عليها، وكيف يمكن للمرأة أن تنمي وتساعد في ترسيخ الإخاء بين المجتمعات.

ذكرت وتباحثت المرأة التحديات الثقافية والفكرية التي تواجهها المرأة من الأديان، وكيفية التغلب عليها، ومساهمة المرأة في بناء أركان الإخاء في المجتمع وفي الحضارات القديمة، ودور المرأة ومساهمتها في إرساء مبادئ الإخاء في الديانات والتاريخ المعاصر، وقيم الأخوة وأثرها على المرأة، ومسؤوليات المرأة لاستعادة دورها الريادي في تعزيز الأخوة، عبر 3 محاور رئيسة.

التباحث جاء خلال الجلسة الثانية ضمن المؤتمر الدولي الثاني للأديان والمعتقدات المنعقد في مدينة الحسكة بشمال وشرق سوريا، تحت عنوان "دور المرأة في تعزيز أواصر الأخوة"، والتي أديرت من قبل رئيسة مجلس المرأة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي، أفين يوسف الحجي.

في المحور الأول، الذي تناول فيه المشاركون التحديات الثقافية والفكرية التي تواجهها المرأة من بعض المراكز الدينية وكيفية التغلب عليها، أشارت عضوة المجلس الاستشاري النسائي السوري، أسماء كفتارو، في مداخلة عبر مقطع فيديو مصور، إلى رؤية المجتمع للمرأة على أساس أنها خلقت للخدمة والإنجاب، وقالت: "الوقائع تفرض على المرأة مسؤوليات حقيقية للنهوض بحال المرأة، حيث تم التصرف مع النساء كخادمات في منازلهن وتحييدهن عن الشأن العام والخضوع لأزواجهن، والمرأة التي نريدها هي أن تكون شريكة في التنمية".

ولفتت إلى دور المرأة البارز في عهد النبي محمد، وكيف كانت تعمل في المحافل التجارية أمثال خديجة زوجة النبي محمد، وأن المرأة تتمتع بالحكمة والمعرفة كالسيدة عائشة، وقالت: "قد أولى النبي أيضاً أهمية كبرى للمرأة وفي إبراز دورها ولكن انقلبت الموازين وتم وضع معوقات أمام المرأة تحت مسمى الدين".

ونوهت إلى أنه يتطلب من المرأة اليوم، لتستعيد دورها الريادي، ثورة فكرية عاصفة، لوقف الخطاب الهائج بدافع الحفاظ عليها، وتوضيح الصورة الحقيقية للمرأة، وأنه يتطلب على الصعيد الإعلامي محاربة الإعلام المسيء للمرأة وقضاياها، وقالت: "نحن شركاء في بناء هذه المعمورة وفي بناء سلام مستدام".

فيما أشارت الناطقة باسم اتحاد المرأة الإيزيدية في شمال وشرق سوريا، سعاد حسو، إلى دور المرأة الريادي على مر التاريخ، وقالت: "كانت المرأة إلهة، ومصدراً لتكوين المجتمع، لكن مع ظهور السلطة، تم تهميش دور المرأة، والنيل من دورها في إدارة المجتمعات، وأبعدت عنه، وما رسخ ذلك هي الأساطير ومن بعدها الفلسفة، ليكتمل مع ظهور الأديان، وما عمّق أن تعد المرأة في الدرجة الثانية هي الذهنية التي جاءت عبر ذلك".

وأضافت: "لكن في ظل كل ذلك كانت هناك مقاومة مستمرة للمرأة للحفاظ على حقوقها، ولم تستسلم، وهذه المقاومة لا تزال مستمرة، وارتفعت وتيرة مقاومة المرأة مع ظهور أفكار القائد عبد الله أوجلان، حوّل المرأة من المرأة التي قبلت بالعبودية إلى المرأة ذات الدور الرئيس في المجتمع على اختلاف الأصعدة".

وشددت عضوة الهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية، إلهام أحمد، على أن أهم ما يواجه المرأة من تحديات، هو الحروب والصراعات سواء على الصعيد الفكري أو الجسدي، وتطرقت لما تشهده سوريا كمثال عن ذلك "نحن نعيش الآن تجربة واقعية لذلك، فسوريا تعاني منذ أعوام من صراعات فكرية وجسدية، تصل لمستوى حروب دموية، بالطبع النساء من أكثر المتأثرين".

وأضافت: "المرأة تتأثر أكثر في الحروب والصراعات ومنها، بناء على فكرة أن المرأة نصف المجتمع وتربي النصف الآخر، لذلك جوانب التأثير على المرأة أكبر من غيرها، فالحرب تعرضها للقتل والتهجير القسري، والاغتراب عن الذات، والاغتراب عن المجتمع".

وتابعت: "لكن رغم ذلك، المرأة تبقى الأكثر محافظة على الهوية من الاغتراب والصهر، والإبادة، وذات دور في الحفاظ على السلام والإخاء"، مستشهدة بما حققته المرأة الكردية من الحفاظ على الثقافة الكردية وقضية الكرد.

ورأت إلهام أحمد، أنه لتخفيف تأثير الحروب والصراعات على المرأة، ودفعها لممارسة دورها في قيادة المجتمع، يتوجب محاربة الأفكار الدخيلة، وإنهاء الذهنية الذكورية المتسلطة المعادية للمرأة والمجتمع، والعمل بشكل مستمر على تسليط الضوء على قضايا المرأة عبر ورشات حوارية مستمرة، وبرامج إعلامية وبحثية عن قضايا النساء اللواتي لا يزلن يعانين من تلك الذهنية التي باتت عبئاً على المجتمع.

وسردت ما شهدته المرأة، وما تشهده في مناطق شمال وشرق سوريا عقب بدء الأزمة السورية، بالقول: "الحركة النسائية في شمال وشرق سوريا منذ بدء الأحداث في سوريا، كانت حاضرة، بدأت بتنظيم صفوفها، حتى توصلت لاستصدار قرارات لحماية المرأة".

وأضافت: "لا يمكن الادعاء بأنه في سوريا، تم الوصول لمساعي الحراك النسائي في سوريا، واستعادة دورها الرئيس،  ذلك لاستمرار الأسباب ذاتها الكامنة في الذهنية التي لا تزال متسلطة، لا تزال هناك نشاطات مستمرة للحركة النسائية لبناء مجتمع ديمقراطي بدءاً من بناء الأسرة الديمقراطية".

وخلال المحور الثاني، حول مساهمة المرأة في بناء أركان الإخاء في المجتمع في الحضارات القديمة، ذكرت الرئيسة المشتركة لحزب سورايا الديمقراطي، مادلين خميس، بعض المقتطفات من دور المرأة الآشورية في بناء وقيادة الحضارات القديمة.

وقالت: "خلال الحضارات القديمة خرجت العديد من النساء الآشوريات اللاتي قدن الحروب وأحرزن الانتصارات، كسميراميس و شاميران، و اللاتي أصبحن مثالاً يقتدى بهن".

وعن دور المرأة والشباب في ترسيخ مبادئ الأخوة في المجتمع المتعدد والمتنوع، ضمن المحور الثالث، أشارت الباحثة في شؤون المرأة، شفاء صوان، إلى أن للمرأة الشابة دوراً كبيراً في المجتمع، على اعتبار أن الفئة الشابة محرك المجتمع ويمتلكون الطاقة للتعلم المستمر، وأنه يقع على عاتقهم عدم الانجرار وراء التفرقة، والانفتاح على جميع الأديان والمعتقدات للوصول في المستقبل إلى مجتمع أخلاقي يعترف بالآخرين والمساواة.

وفي سياق متصل نوهت الناشطة سعاد حسو، بأن تأثير العادات والتقاليد في المجتمع، من أكبر التحديات التي واجهت المرأة بدءاً من العائلة وصولاً لباقي فرص الحياة.

وتوقفت أعمال المنتدى الدولي الثاني للأديان والمعتقدات، الذي انطلقت أعماله صباح اليوم في مدينة الحسكة شمال وشرق سوريا، على أن تستكمل أعماله صباح يوم غد.