الطريق نحو تحرير كردستان يمر عبر حب الثقافة واللغة الكردية

تتجلى الإنسانية دائماً في داخلها حوار عميق، سواء من حيث الثقافة أو اللغة أو من حيث الاقتصاد، وقد أدت هذه العلاقة بين الناس في بعض الأحيان إلى تطوير ثقافة ولغة بعض الشعوب، وفي بعض الأحيان إخفاء بعض اللغات من التاريخ.

الوجود أو اللاوجود هذا الكلمة لها معنى كبير في حياة الأنسان والطبيعة، كل وجود في الطبيعة له حاجته الخاصة إلى المقاومة لاستمراره، أي أن هذه هي المقاومة ضد الانقراض، ولذلك فإن المقاومة شرط أساسي لتكوين الحياة واستمرارها، إن خلق الكون هو مثال للمقاومة ونتيجة النضال ضد حرب الوجود واللاوجود منذ ملايين السنين، فقد استمرت ولا تزال مستمرة؛ الكون أدام وجوده عبر المقاومة التي استمرت منذ ملايين السنين التي تظهر أمامنا بكل نتائجها وجمالها، ونحن أيضاً جزء من هذه المقاومة أي أن ما خلقناه كبشر هو مقاومة الكون، ولذلك فإن المقاومة هي لغة الوجود والكون.

كما دخل الكون في دفاع كبير ضد الانقراض من أجل الحفاظ على وجوده، فقد كانت هناك دائماً في التاريخ، بعد تشكيل الطبقات والقوى المهيمنة، مقاومات كبيرة وهائلة ضد هذه القوى، لذلك أصبحت هذه المقاومة المبنية على التاريخ العميق هي حماية الوجود والنضال ضد الفناء؛ فهذا الصراع من أجل الوجود ضد الانقراض استمر ولا يزال مستمراً.

تعتمد القوى المهيمنة على تدمير الشعب المحب للحرية، ومن أجل قمع هذه المقاومات الكبيرة، قامت بمهاجمة قيم الشعب ووجوده بشتى الطرق، ومن هذه الشعوب التي لها تاريخ عميق في تاريخ الإنسانية، والتي تم الاعتداء على وجودها وقيمها وفرضت عليها كلماتها هو الشعب الكردي.

وعلى هذا الأساس تم تأسيس حزب العمال الكردستاني، الذي أصبح صوت وأمل وجود الشعب الكردي، وفي الواقع يمكن القول إن حزب العمال الكردستاني هو معنى الوجود ضد الإبادة التي فرضت على الكرد، لذلك منذ ظهور حزب العمال الكردستاني وحتى اليوم، زادت مقاومة الشعب المحب للحرية لحظة بلحظة وكان الانتشار مختلفاً تماماً، ويعتمد نضال حزب العمال الكردستاني، الذي وصل إلى نصف قرن، على تاريخ عميق في السجون، وبهذا المعنى، فإن ثقافة المقاومة هي جماله وقدسيته، ففي كل عملية نُفذت تم خوض النضال ضد خط الاستسلام والقوى الفاشية، ما أضاف للمقاومة معاني جديدة.

اللغة هي أساس المجتمع

مهما كانت القوة في السلطة فإن اللغة والرأي والدين والثقافة لديها القدرة على التأثير في المجتمع والشعوب الأخرى، ولكن تأثير الطبيعة في حياة الإنسان هو أيضا أمر جدير بالذكر ويقال إن البشرية تعلمت بعض الأشياء من الحيوانات، وقد لا يكون تعلم الإنسان من الحيوانات معرفة علمية 100%، ولكنه مثل كل الأساطير والملاحم والأساطير البشرية، فهو ويستند على أن هناك أيضا الحقيقة. 

فإن حياة الثعابين وحربها مثال جيد على ذلك، فكما هو معروف بين الحيوانات تتصرف الثعابين بطريقة منظمة مقارنة بالحيوانات الأخرى، داخل هذه الحياة المنهجية كل ثعبان له وظيفته، مثل الثعابين العاملة، الثعابين الواقية أو الهجومية وما إلى ذلك. لكن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام في هذا الأمر هو بالتأكيد حرب الثعابين، عندما تهاجم الثعابين مقبرة "ثعابين العدو" وتنتصر؛ في البداية يذهبون إلى مستودع الحبوب ويفرغون المستودع، ومن ثم يذهبون إلى بيوض "ثعابين العدو"، لكن المثير أنهم لا يؤذون البيوض ويأخذونه إلى عشهم، ويبدؤون بالاعتناء بهم كما لو كانوا بيضهم.

وفي المستوى الأخير تصبح تلك البيوض ثعابين ولا ترى نفسها مختلفة عن الثعابين الأخرى (التي اختطفتها) ولها أيضاً وظائف في حياة الغابة، وفي نفس الوقت ترى الثعابين الأخرى مثلها " أصحاب"، وهذا هو الاستيعاب الكامل.

إن دول الاحتلال، في الأراضي المحتلة، تعمل دائماً كنظام للحروب الأخلاقية، إن غزاة كردستان يستغلون أراضي كردستان ومياهها ونفطها ومواردها الجيولوجية منذ سنوات، وهم يستخدمون دائرة الاستيعاب على الكرد حتى لا يتذمر الكرد من هذا الأمر، فهم لا يرون أنفسهم على أنهم قوة، أمة ولها دولة (كردستان)، بحيث تتصرف الدولة التركية بطريقة مهنية ولا ترى ضرورة لإخفاء أفعالها، في نظام التعليم التركي، الهدف الأول هو الاستيعاب يقولون بكل وضوح ووضوح شديد أن الأطفال الكرد، وخاصة الفتيات، يجب أن يدرسوا في المدارس التركية بالنسبة لهم، فإن معنى تعليم الفتيات هو قضية مهمة للغاية إنهم يقومون بحملات مستمرة من أجل تعليم الفتيات، يتحدثون بأنه يجب على الفتيات الكرديات أن يعرفن اللغة التركية لأن تلك الفتاة ستصبح في يوم من الأيام أم طفل، والجميع يعلم أنه في واقع المجتمع، تأثير الأم على الطفل أكبر حتى من الأب، إذا اعتبرت الأم نفسها من أي جنسية وما هي اللغة التي تتحدثها، فمن المؤكد أن أطفالها سيتحدثون تلك اللغة أيضاً وستجعل الاستيعاب هدفها.

يمكننا معرفة إن التعليم باللغة الأم هو حق طبيعي، ويجب افتتاح مدارس اللغة الكردية في أقرب وقت ممكن، ولكن يجب على الكرد أيضاً أن يدركوا ماهية لغتهم، ويحبوا ثقافتهم، ويعرفوا أن الأطفال الكرد هم مستقبل الشعب الكردي، لذلك من الضروري أن يتعلم الكرد اللغة الكردية، ويقومون برعاية أطفالهم على أساس كردايتي لخدمة المجتمع، لذا يجب على كل فرد كردي بلعب دوره التاريخي والوطني في هذا الصدد، والطريق إلى تحرير كردستان يمر عبر حب الثقافة واللغة الكردية.  

كما نستطيع القول بأن بعد سياسات القمع هذه، اللغة في طريقها إلى الانقراض وخاصة الشبيبة، نظراً لأن الأطفال يكبرون في ظل تأثير السياسات الاستبدادية وابتعادهم عن اللغة الأم، فهناك خطر أمام اللغة، لكن للأسف، السياسيين والمثقفين والفنانين والقادة والأشخاص الواعين بالمجتمع، لا يهتمون بمسألة اللغة كما يتوجب، وبطبيعة الحال يتم اتخاذ خطوات وينفذ أنشطة لكن هذا لا يكفى لا يمكننا أن نشكو ولا نستطيع أن نقول إن النظام فعل هذا بنا، لهذا السبب أصبحت اللغة هكذا من وقت الظهور، علينا أن نقلق بشأن الحل، فيمكننا القول أنه منذ عام 2000، كان هناك وعي لدى الكرد والحركة الكردية وجميع الهياكل الكردية إنها تتحسن كل عام، ولكن الأمر ليس كما هو متوقع  يجب على الكرد أن يناضلوا من أجل الحق في اللغة والثقافة بطرق لكي يتراجع النظام خطوات إلى الوراء، ولتصحيح القوانين المحظورة، ينبغي القيام بأنشطة سياسية ودبلوماسية وممارسة الضغط، لكن الشيء الأكثر أهمية وتحديداً هو مدى وعي الشعب الكردي لتلك اللغة، والأهم هو مدى الأهمية التي يعطونها للغتهم في كل مجالات الحياة وكم يكافحون وينتجون منتجات بهذه اللغة.