9 سنوات على بداية حملات الإبادة السياسية التركية

كثف النظام التركي حملات الإبادة السياسة ضد قيادات وأعضاء حزبي الشعوب الديمقراطي والأقاليم الديمقراطية، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات المحلية.

بدأ تحالف سلطة حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية المبنية بتكثيف حملات الإبادة السياسة ضد قيادات وأعضاء حزبي الشعوب الديمقراطي والأقاليم الديمقراطية، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات المحلية، وبدأت حملة مداهمات منذ خمسة أيام استهدفت عشرين مدينة وتم اعتقال ما يزيد على 300 شخص.

وبدأت الدولة التركية بشن حملات الإبادة السياسة تحت مسمى "حملات ضد منظومة المجتمع الكردستانيKCK" بتاريخ العاشر من شهر كانون الأول 2009، بعدما حصد حزب المجتمع الديمقراطي (DTP) مئة بلدية خلال الانتخابات المحلية التي أجريت بتاريخ 30 آذار 2009.

وهذه الإبادة التي بدأت لاستهداف مكتسبات الشعب الكردي التي حققها خلال ثلاثين عاماً لا تزال مستمرة منذ تسع سنوات.
وكشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ أيام وخلال اجتماعه بقيادات حزبه، عن استراتيجيته التي أعدها للانتخابات المحلية المقبلة.

وهدد أردوغان في خطابه الكرد والسياسيين الكرد مرة أخرى، في خطاب كان بمثابة تعليمات ومنح الضوء الأخضر للجهات الأمنية على الكرد.

ومنذ يوم الجمعة الماضي كثفت السلطات التركية من مداهماتها وبدأت حملة اعتقالات كبيرة طالت شخصيات سياسية، صحفيين، كتاب، عمال، مثقفين، أكاديميين، نشطاء مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والكثير من الفئات الأخرى. وحتى اليوم فإنه  تم توقيف واعتقال أكثر من 300 شخصاً خلال هذه المداهمات.

وتمكن حزب المجتمع الديمقراطي DTP الذي كان حينها بزعامة أحمد ترك، خلال انتخابات 30 آذار 2009، من الفوز ب‍ـ 100 بلدية، لتبدأ مرحلة جدية في تركيا مع هذا الفوز الساحق. وبعد هذه الانتخابات بأسبوعين أعلن حزب العمال الكردستاني PKK في بيان رسمي الهدنة من طرفه، ولم تكد تنتهي 24 ساعة على هذا الإعلان حتى بدأت الجهات الأمنية بتنفيذ حملة مداهمات وتوقيف بحق الشخصيات السياسية الكردية. 

الموجة الأولى للمداهمات طالت 72 شخصاً بينهم نائب الرئيس العام المشترك لحزب المجتمع الديمقراطي وتم اعتقال 52 شخصاً من بين الموقوفين. 

وفي 20 كانون الأول 2009 تم حظر الحزب بقرار من المحكمة الدستورية التركية بحجة ارتباطه مع حزب العمال الكردستاني، لكن مع هذا استمرت حملات الإبادة السياسية بحق السياسيين الكرد. 

وفي تلك الأثناء كانت تركيا تدير الحوار مع القائد الكردي المعتقل في إيمرالي عبد الله أوجلان، وفي الجانب الأخر تنفذ حملات الإبادة السياسية.

واستمرت تلك المفاوضات حتى الانتخابات العامة في حزيران/يونيو 2011، والتي تخلت تركيا في أعقابها المفاوضات وذلك بعد فوز حزب العدالة والتنمية AKP الكبير في الانتخابات. 

وبدأت مرحلة تشديد العزلة على أوجلان، ومنعت الحكومة التركية محامي أوجلان من زيارته.

وأدت حملات الإبادة التي شنتها الحكومة التركية حينها وفشل مفاوضات أوسلو إلى تعميق الأزمة في تركيا. وامتدت حملات الإبادة إلى الكثير من المناطق الكردية بعد إعلان حظر الحزب وخلالها تم توقيف واعتقال الآلاف.

وبعد حظر حزب المجتمع الديمقراطي، تأسس حزب جديد وهو حزب السلام والديمقراطية (BDP). لكن حملات الإبادة السياسية التي نفذت بتاريخ 4 تشرين الأول، 23 تشرين الثاني/نوفمبر و8 كانون الأول 2001 طالت المئات بينهم قيادات من الحزب الجديد. وبتاريخ العشرين من شهر كانون الأول بدأت الحملات تستهدف الصحفيين الكرد وخلال يوم واحد تم توقيف 46 صحفي ومراسل وتم اعتقال غالبيتهم فيما بعد.

وارتفعت حصيلة حملات الإبادة السياسية يوماً بعد يوم، وطالت رؤساء بلديات، نواب أحزاب، صحفيين، إعلاميين، مثقفين، رؤساء اتحادات، نشطاء حقوق الإنسان، جامعيين وحتى الأطفال.

ووفقاً لتقرير منظمة حقوق الإنسان خلال السنوات 2009 ولغاية 2011 تم توقيف 27 ألف و503 شخصاً بتهم سياسية. وتم اعتقال 6 آلاف و444 من بينهم. كذلك وفي العام 2011 تم توقيف أكثر من 12 ألف و600 شخص ووصفت منظمة حقوق الإنسان هذا العام ب‍ـ "سنة الدولة البوليسية".

وفي ظل إعلان الهدنة من طرف واحد أجريت انتخابات 12 حزيران/يونيو 2011 وانتصر فيها حزب أردوغان. لكن وبعد الانتخابات ونتيجة تكثيف الهجمات من قبل الحكومة التركية انهى حزب العمال الكردستاني الهدنة المعلنة من طرفه. وكانت المعركة الأولى هي الأعنف بعد إنهاء الهدنة بتاريخ 14 تموز/يوليو 2011، حيث استهدف الجيش التركي مجموعة من قوات الكريلا ضمت 13 عضواً في ريف فارقين. 

وبدأت حملات عسكرية أخرى ضمن المدن ضد القيادات الكردية وقوى المعارضة، وبدأ الجيش التركي بتكثيف هجماته ضد قوات الكريلا ظناً منه بأنه قادر على القضاء على قوات الكريلا خلال شتاء 2011-2012.

وفي ليلة 28 كانون الأول 2011 شنت الطائرات التركية غارة جوية على قرية روبوسكي الواقعة في ريف ناحية قلبان ولاية شرناخ، وأدى القصف التركي إلى وقوع 34 شخصاً غالبيتهم من الأطفال. واستمرت الهجمات ضد المدنيين، والاعتقالات بحق السياسيين والحملات العسكرية ضد قوات الكريلا.

وفي المقابل قوات الكريلا وفي بداية ربيع العام 2012 بدأت بخوض أحد أكبر الحملات العسكرية خلال ثلاثين عاماً ضد القوات التركية واستمرت الحملة حتى دعا زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في آذار 2013 إلى وقف العمليات العسكرية. 

حملات الإبادة السياسية تراجعت إلى حد كبير بعد نداء أوجلان في العام 2013، لكن ومع قرار الحرب الذي اتخذ في العام 2014 ودخوله حيز التنفيذ في تموز/يوليو 2015، عادت تركيا إلى تصعيد الحملات العسكرية وتكثيف حملات الإبادة السياسية من جديد.

وخلال العام 2015 تم توقيف ما يزيد على 13 ألف شخص، في العام 2016 تم توقيف ما يزيد على 16 ألف واستمرت الحملات بكل الطرق والأساليب للقضاء على الحراك السياسي وأصدرت مراسيم مخالفة للقانون وتحركت جميع الجهات الأمنية في ظل قانون الطوارئ للقضاء على الحركة السياسية الكردية وقوى المعارضة لتحالف حكومة حزب العدالة والتنمية AKP و حزب الحركة القوميةMHP.

وفي هذا السياق وخلال اجتماع كتلة حزب الشعوب الديمقراطيHDP تحدث الرئيس العام المشترك للحزب سيزاي تملي مذكراً أنه بقي ستة أشهر على موعد إجراء الانتخابات المحلية.

وقال: إن "حملات الإبادة السياسية الأخيرة هي أحد خطط حزب العدالة والتنمية AKP للتحضير للانتخابات المقبلة". 

وأضاف تملي كلنا يعلم ما الذي حصل قبل وأثناء انتخابات 24 حزيران/يونيو المنصرم من عمليات توقيف، اعتقال، اعتداء وقتل بيد مدراء، ولاة، قيادات عسكرية، أنصار ومتشددي حزب العدالة والتنمية بهدف أن يضمن أردوغان وحزبه الفوز في الانتخابات، وتعود الحكومة مجدداً إلى ممارسة تلك الأساليب تحضيراً للانتخابات.

وأكد تملي في حديثه أنهم وبدعم الجماهير لهم لن يخضعوا لهذه الضغوط، ولن يتراجعوا خطوة واحدة في نضالهم.

وتابع: "كما كنا في السابق، علينا اليوم أيضاً أن نتكاتف من أجل تحقيق أهدافنا وندافع عن مستقبلنا وحريتنا. كما انتصرنا في انتخابات 7 حزيران، 1 تشرين الثاني و24 حزيران بفضل دعم شعبنا سننتصر مرة أخرى ونستعيد ما سلب منا.