خان شيخون.. الورقة الصعبة في معادلة شمال غربي سوريا

تظل خان شيخون، ورقة هامة جغرافياً على الساحة السورية يعتبرها المراقبون والمحللون ستكون الفارقة في معركة إدلب. 

أحداث متلاحقة ومُتغيرة شهدتها الساحة شمالي غرب سوريا خلال الأيام القليلة الماضية لتنتهي بسيطرة قوات النظام السوري المدعومة من روسيا على خان شيخون التي تعد ورقة غاية في الأهمية في هذه الجغرافيا لأسباب سنعددها في التقرير.
وتعتبر خان شيخون، الواقعة بريف إدلب الجنوبي، إحدى أهم النقاط الجغرافية الاستراتيجية والهامة في إدلب، والتي فقد النظام السوري السيطرة عليها منذ ٢٠١٤، ليأتي قبل أيام ويدخلها من جديد بعد معارك متصاعدة تشهدها إدلب منذ نيسان/أبريل الماضي تقودها قوات النظام بدعم وإسناد روسي من جانب، وبين الفصائل المختلفة التي تجابه النظام وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام الإرهابية ( جبهة النصرة سابقاً).

أهمية خان شيخون

وتبدو حالة الاهتمام الكبير لما يجري من احتدام المعارك في خان شيخون وصولاً إلى هروب العناصر الإرهابية المقاتلة فيها لأسباب عدة، في مقدمتها موقع خان شيخون الجغرافي حيث تقع على الطريق الدولي السريع الذي يمر بإدلب ويربط حلب ودمشق.

ومن خلال مسألة وضع المدينة الجغرافي تبدو أهميتها في هذه المعادلة الخاصة بالسيطرة على إدلب، إذ يرى مراقبون أن خان شيخون ستكون من أهم النقاط التي تسهم في إعادة سيطرة النظام على إدلب التي امتدت معاركها منذ نيسان/أبريل الماضي ولا تزال.

ومن هذا المرتكز تكون الجماعات المتشددة المتحاربة مع النظام أمام مأزق كبير حيث أن فقدان إدلب يعني غياب جانب كبير من تأثيرهم ووجودهم على الأرض الذي كان يتمثل في معظم محافظة إدلب، وأجزاء من كل من: حلب وحماة واللاذقية، لتكون إدلب بذلك آخر أوراق المعارضة السورية المزعومة في مواجهة النظام السوري التي بدأت في التداعي إيذانا بسقوطها. 

وسيطرت قوات النظام السوري على خان شيخون بعد أن استعادة سيطرتها على بلدة الهبيط، البوابة المؤدية إلى ريف إدلب الجنوبي ومدينة خان شيخون، الأسبوع الماضي ليكون بذلك أول تواجد للنظام في المنطقة منذ ٢٠١٤.

السيطرة على خان شيخون

وسيطرت قوات النظام على المدينة، أمس، مع انسحاب المسلحين منها ومن قرى وبلدات ريف حماة الشمالي، وفقاً لما أفاده المرصد السوري لحقوق الانسان.
ودخل الجيش السوري أحياء المدينة الشمالية الاثنين وسط معارك واشتباكات عنيفة مع المسلحين، كما انسحبت من بلدات وقرى ريف حماة الشمالي وأبرزها كفرزيتا واللطامنة ومورك ولحايا ولطمين، فيما لا يزال حتى اللحظة مصير نقطة المراقبة التركية في مورك، حيث تجمع المسلحين في تلك النقطة مجهولا، وفقاً للمرصد.

وأفادت وكالة "سانا" السورية خلال التحرك لقوات النظام على خان شيخون أن وحدات من الجيش تابعت عملياتها باتجاه مواقع انتشار مسلحي "النصرة" الإرهابيين والمجموعات المتحالفة معها بريف إدلب، ووسعت نطاق سيطرتها في ريف خان شيخون الغربي بالريف الجنوبي لإدلب، بعد أن كبدت هذه المجموعات خسائر كبيرة.

وبدورها نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن ناشطين سوريين قولهم إن "فصائل من المعارضة المسلحة انسحبت من بلدة خان شيخون في جنوب محافظة إدلب، بالتزامن مع خسارة مسلحي المعارضة لآخر معاقلهم في محافظة حماة المجاورة بعد تقدم القوات الحكومية في المنطقة".

ونقلت بي بي سي عن مصادر من الفصائل المسلحة الإرهابية قولها: إن "تقدم القوات الحكومية السورية في خان شيخون وسيطرتها على الطرق المؤدية لريف حماه أجبر فصائل المعارضة المسلحة في ريف حماة الشمالي على الانسحاب قبل محاصرتها وقطع جميع الطرق المؤدية إلى المنطقة".

وبالمقابل قالت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) الإرهابية، الفصيل المسلح الرئيسي المقاتل في منطقة إدلب، إنها لم تنسحب وأنها تقوم بما اسمتها "إعادة انتشار" للقوات جنوب خان شيخون.

وتُسيطر هيئة تحرير الشام على غالبية محافظة إدلب والمناطق المحاذية لها، وتنتشر أيضا فصائل أخرى أقل نفوذاً، مدعومة من تركيا، تخوض معاركها ضد عناصر النظام.

وبهذا الشكل تستطيع قوات النظام قطع طريق حلب - دمشق الدولي أمام أيه تعزيزات تركية للمنطقة حيث توجد أكبر نقطة مراقبة تركية في بلدة مورك، والتي باتت بذلك نقطة مُحاصرة.

تحذير من خارجية النظام لتركيا

وعلى ذكر حصار النقطة التركية فقد صدر تصريح خلال معركة خان شيخون عن الخارجية السورية يُدين بشدة "قيام آليات تركية محملة بالذخائر والأسلحة والوسائط المادية باجتياز الحدود السورية التركية والدخول إلى مدينة سراقب في طريقها إلى خان شيخون لنجدة الإرهابيين المهزومين من (جبهة النصرة)"، وفقا لما أفادته وكالة الأنباء السورية سانا.

وعبر المتحدث بأن ذلك يؤكد مجدداً استمرار الدعم اللامحدود الذي يقدمه النظام التركي للمجموعات الإرهابية.

وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين في تصريحه لوكالة سانا: "قامت آليات تركية محملة بالذخائر والأسلحة والوسائط المادية باجتياز الحدود السورية التركية صباح اليوم والدخول إلى مدينة سراقب في طريقها إلى خان شيخون لنجدة الإرهابيين المهزومين من “جبهة النصرة” المدرجة على قوائم مجلس الأمن كمنظمة إرهابية الأمر الذي يؤكد مجدداً استمرار الدعم اللامحدود الذي يقدمه النظام التركي للمجموعات الإرهابية".

وأضاف المصدر  "تُدين الجمهورية العربية السورية بشدة هذا التدخل التركي السافر وتحمل النظام التركي المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا الانتهاك الفاضح لسيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، الأمر الذي يشكل انتهاكاً سافراً لأحكام القانون الدولي".
وتحتدم معارك إدلب رغم اتفاق أستانا الذي لم يُجدي ولم يتم تنفيذ بنوده بشكل واضح على الأرض، ولا سيما مع الخروقات التي تمت من الطرفين وقضت على أي آمال بهدنة.  

وأخيراً فإن المعركة العسكرية المحتدمة بين النظام وداعميه من ناحية، وبين الأطراف المختلفة في شمال غربي سوريا تسير إلى صالح النظام، في وقت لاتزال الأصوات فيه تدعو إلى حل سياسي يُنهي الأزمة التي طال أمدها ثماني سنوات ولا تزال بلا أي أفق لحل فعلي على الأرض.