خبير الآثار السوري: الاعتداء التركي على الآثار هدفه طمس هوية المنطقة بتواطؤ دولي

أعرب خبير الآثار السوري ياسر الشوحان عن قلقه حيال تعرض المواقع الأثرية في الشمال السوري لجرف وتنقيب على يد الدولة التركية، بهدف طمس هوية المناطق ومسح تاريخها الحضاري، وسط تواطؤ من قبل المنظمات الدولية.

منذ بداية عام 2018 عمد العدوان التركي ومرتزقته إلى الهجوم على مناطق التي تقع على الشريط الحدودي مع تركيا، بهدف حماية الأمن القومي بحسب زعم أنقرة، وبعد نهب وسلب وعمليات الاعتقالات التي طالت معظم المدنيين الأبرياء، استكمل المخطط الاستعماري من خلال عملية التغير الديمغرافي والعرقي في المنطقة، بمسح تاريخ المناطق وطمس هويتها.

المناطق الأثرية هي جزء من تاريخ الأمم ومؤشر سلامتها يدل على قابلية الاستمرار، وعمد العدوان التركي ومرتزقته على تخريب وتدمير المواقع الأثرية والتي تدل على عراقة هوية المناطق من خلال تدمير وجرف المعالم الأثرية، بغية السرقة والتهريب إلى خارج الحدود السورية عبر معابر تركية بواسطة شبكة كبيرة من رؤوس الأموال التركية.

وتحوي سوريا ما بين الثمان والعشرة آلاف موقع آثري وقديم وحولي 40 متحفاً، تعرض منها أكثر من ألف موقع للتجاوزات والتخريب والتدمير وفقاً للتقارير.

ويعود تاريخ المعالم الأثرية في عفرين وباقي المناطق المحتلة لألاف السنين قبل الميلاد وتعد مهد الحضارات لعديد من الشعوب والقبائل واستهداف المرتزقة المدعومة تركيا للمناطق الأثرية كي تقضي على تاريخ حضارات الشعوب.

وفي ذات السياق, تحدث خبير الآثار السوري ياسر الشوحان لوكالة الفرات للأنباء حول أهمية المواقع الأثرية في سوريا, وصمت المنظمات الدولية والتي تقف ساكناً أمام الانتهاكات التركية بحق المناطق الأثرية والأضرحة الدينية والتي يبلغ عمرها ملايين السنين.

واستهل ياسر الشوحان في حديثه قائلاً: "ما يحدث في الشمال السوري من الاعتداءات على المواقع الأثرية, مؤشر خطير خلال هذه الفترة وذلك بعد الاعتداء التركي على المواقع في عفرين وجبل بركات جنوباً وصولاً إلى الحدود السورية التركية شمالاً, ويوجد حوالي 90 موقع أثري 65 مسجلة لدى وزارة الثقافة سابقاً وحوالي 25 مزار ديني تم الاعتداء على هذه المواقع بشكل سافر وصارخ".

اتفاقيات مبرمة لحماية التراث العالمي

وقال الشوحان "هناك الكثير من الاتفاقيات التي تهدف إلى حماية التراث الحضاري في العالم منها اتفاقية لاهاي( 1954), والتي تنص بأن أي اعتداء على المواقع الأثرية هو الاعتداء على الذاكرة الإنسانية وكل شعب له الحق أن يساهم بنصيبه من التراث الإنساني".

وأكمل "اتفاقية واشنطن (1935) تأكد على ضرورة عدم المساس بالمواقع الأثرية واعتبار هذه الاعتداءات تشكل جريمة حرب ولا يجوز بالضرورة العسكرية التذرع بأي شكل كان للاعتداء على هذه المواقع، وقرارات مجلس الأمن (2435) ينص بأن الاعتداء على المواقع الأثرية جريمة حرب وتدعو إلى محاسبة المسؤولين".

ولفت ياسر الشوحان حول المواقع التي تم نهبها والاعتداء عليها: "موقع عين دارا الذي يعود  إلى الألفية التاسع قبل الميلاد فترة العصر الحجري الجديد (النيوليت)، هذا الموقع تعرض للاعتداء من قبل القوات التركية وتم تجريفه بالآليات الثقيلة، ونهب الممتلكات الحضارية مؤخراً (الاسود البازلتية) وتهريبها إلى تركيا لاحقاً، والاعتداء وتنقيب في العديد من القرى التابعة لعفرين ومنها منطقة معبطلي وراجو وشران وتل حديد ودير بلوط.

ونوه الشوحان: هناك بعض المواقع الأثرية المسجلة ضمن قائمة اليونسكو للحفاظ على التراث العالمي ومنها مزار دير مرمرون والذي يعتبر من  أهم المزارات الدينية العائدة لطائفة المارونية، ويشكل المزار المكان المقدس ل6 ملايين ماروني حول العام تم سرقته وتدمير جزء كبير منه للقضاء على تاريخ الشعوب القديم.

الهدف من طمس المعالم الآثرية

قال الشوحان: "تهدف الممارسات التركية إلى سلب تاريخ الشعوب والتغير الديمغرافي لمعظم المناطق الأثرية الذين مازال يتمتعون بجزء كبير منه في تاريخهم الحضاري، نحن أمام مسألة خطير وهي مسألة تشوية التاريخ".

وأضاف "يتواجد في عفرين تنوع ثقافي ومزيج من الحضارات والاديان قبل 1 مليون سنة قبل الميلاد إلى وقتنا الحالي، ولا يزال الاستيطان مستمر بنهب وتنقيب عن المعالم الاثرية في مجمل المناطق المحتلة".

"وتشهد معظم المناطق المحتلة ومنها تل ابيض ورأس العين بعد احتلاها من قبل الاحتلال التركي عمليات جرف للمزارات والمعالم الأثرية وحفر الانفاق والخنادق ورفع المتاريس الرملية وتشكيل نقاط عسكرية على الشريط الحدودي، وفي علم الآثار تشكل عمليات الحفر والتنقيب إلى تخريب وجرح الاثار مما يفقدها القيمة التاريخية والعالمية".

وأعرب ياسر الشوحان عن قلقه حيال الصمت الدولي: "نعتبر المجتمع الدولي الشريك المتواطئ في الاعتداء على الأثار والمعالم التاريخية في مناطق الشمال السوري كونه لايزال يقف عاجزاً أمام التعديات التركية، ومجمل الاتفاقيات الذي ظهرت في قرن ال20 وبداية القرن ال21 لم يتم الالتزام بها، وعندما أبرمت الاتفاقيات للحفاظ على الآثار العالمية لم تفرق بين التنظيمات الراديكالية والدول المستقلة تعاملت مع الموقف بنسق واحد."

الموقف الخجول من منظمة اليونيسكو 

قال الشوحان: "هناك مواقف خجولة جداً بل زاد عمليات الاتجار من قبل رؤوس الأموال والتي تشكل شبكة تصدير كبيرة إلى الدولة التركية، وانشاء صفحات على التواصل الاجتماعي لبيع تلك الآثار في مزادات العالمية."

 واختتم ياسر الشوحان: "لا نعول على المنظمات الدولية واليونسكو، لان الانتهاكات التي تحدث في المناطق المحتلة لها صلة وصل فيها، والدليل الصمت الواضح حيال نهب ثروات تلك المناطق أمام مرأى ومسامع جميع دول العالم".