مؤتمر PYD: مشاركة كردستانية واسعة وحضور لافت لشخصيات عربية وأوربية

شاركت شخصيات كردستانية ممثلة لأحزاب وتنظيمات سياسية وأيضاً مستقلة في المؤتمر السنوي التاسع لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD، المنعقد في مدينة (فنلو) الهولندية. كما وحضر المؤتمر شخصيات عربية وأوروبية، هنّأت عقد المؤتمر وتمنت له النجاح.

بدأت اليوم السبت (13 كانون الثاني)، فعاليات المؤتمر السنوي التاسع لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD، في أوروبا بمدينة فنلو الهولندية.

وحضر المؤتمر شخصيات عدِّة مُمثّلة عن أحزاب وتنظيمات سياسية وفعاليات مجتمعية إلى جانب المئات من أعضاء الحزب المقيمين في الدول الأوروبية.

هذا وقد حضر عدد من ذوي شهداء وحدات حماية الشعب الأمميين، إلى جانب بعض من أصدقاء الشعب الكردي من مثقفي أوروبا، وشخصيات مستقلة عربية.

وتحدث خلال المؤتمر العديد من الشخصيات المشاركة، حيث باركوا في كلماتهم عقد المؤتمر، متمنين لحزب الاتحاد الديمقراطي النجاح، كما وتوجهوا بالتّحية إلى ثورة روج آفا التي حققت منجزاتها بدماء شهداء وتضحيات أبنائها المقاتلين.

وألقى عضو حركة المجتمع الديمقراطي, خبات شاكر, كلمة أكّدَ فيها على فشل جميع محاولات الدولة التركية لإنهاء التجربة الديمقراطية التي أنجزها الشعب الكردي, بالتعاون مع كلّ مكونات الشمال السوري, قائلاً بأنّ "المنجزات الديمقراطية التي تحقّقت, هي انعكاس لفكر القائد عبد الله أوجلان".

وأشاد شاكر بالدور الهام لحزب الاتحاد الديمقراطي, الذي رسّخ مبادئ الأمّة الديمقراطية, في الداخل, وسعيه لتعريف الرأي العام العالمي بمشروعه الديمقراطي, منوّهاً إلى ضرورة مواصلة الحزب نشاطاته على الساحة الأوروبية.

من جانبه, تحدّث القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي, خالد عيسى عن نجاح منهج الخط الثالث الذي تبنّاه الحزب منذ بداية الأزمة السورية, كي لا يصبح طرفاً في الصراع الطائفي القائم في البلاد.

وعرج عيسى على ثورة الشعوب الإيرانية ضدّ النظام الفاسد, واصفاً إيّاها بثورة الكرامة والعدل لأجل تحقيق العيش الحرّ بعيداً عن التسلّط والديكتاتورية التي تنتهجها السلطات في طهران.

كما أكّد القيادي في ب ي د على مشروعية الانتفاضة الشعبية في جنوب كردستان المطالبة بإنهاء الفساد وتلبية رغبات الشعب في إقامة نظام ديمقراطي, قائلاً بضرورة "عقد اجتماعات سياسية ومجتمعية في جنوب كردستان" لتنفيذ آليات فعلية تجد مخرجاً للأزمة هناك.

ومثّل عوائل الشهداء, السيد أحمد رمو (بافى حسين), متحدّثاً عن ضرورة تحمّل الشعب لمسؤولياته تجاه روج آفا قائلاً: "علينا أن نكون أوفياء لدماء أبنائنا الشهداء وتضحياتهم", مشيراً إلى أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي هو الحزب الذي أسّس لوحدات حماية الشعب والمرأة, ووصفه ب"حزب الشهداء".

وأوضح الرئيس المشترك للمؤتمر القومي الكردستاني, كمالي أحمد زاده أنّ ثورة روج آفا أدهشت العالم بأجمعه "هذه الثورة التي تحتلّ فيها المرأة جانباً هامّاً", موضحاً أنّها أرست دعائم الديمقراطية والسلام, من خلال إشراك جميع مكونات الشمال السوري في العملية السياسية والحياة المجتمعية هناك.

من جهته, قال الرئيس المشترك لحزب الحياة الحرّة, حاجي أحمدي أنّ الكرد يناضلون منذ القدم لنيل حرّيته, مضيفاً أنّ "ثورة روج آفا أثبتت حقيقة التعطّش للحرية والعدالة" وقال بأنّها ثورة المرأة بكل معنى الكلمة حيث "أعطت هذه الثورة الريادة للمرأة" لتلعب دورها وتحقيق ذاتها على كافة الأصعدة.

واعتبر أحمدي أنّ تحرير مدينة الرقة من رجس الإرهاب بات مدخلاً لتأسيس "مشروعٍ ديمقراطي في عموم الشرق الأوسط" مبيّناً أنّ مشاركة المكوّن العربي إلى جانب المقاتلين الكرد في دحر الإرهاب, قد أرسى دعائم هذا المشروع, مشيراً إلى أنّ مبدأ أخوّة الشعوب, المنتهج في روج آفا, قائم على فكر وفلسفة القائد أوجلان, وأضاف: "ثورة روج آفا هي ثورة إنسانية, وعلى العالم أن يدعنها بكلّ قوّة".

وشرح العضو في حزب الشعوب الديمقراطي, فاروق دورو الوضع السياسي الحالي في شمال كردستان وعموم تركيا, وما تمارسه السطات الفاشية من ممارسات قمعية ضد معارضيها, موضحاً أنّ العديد من قيادات وأعضاء الحزب قد أُدخلوا السجون لأنهم يناضلون لأجل حقوق شعبهم, وأيضاً لأنهم دعموا ثورة روج آفا.

وأعرب دورو عن نيّة قيادات الحزب على مواصلة كفاحهم السياسي, وذلك عبر مؤتمرهم القادم, حيث سيتم انتخاب هيئات قيادية جديدة, لمواجهة سياسات الدولة التركية, التي قال بأنّها "تعيش عزلةً دولية" نتيجة قمع الحريات وانتهاك حقوق الانسان في عموم تركيا.

وأضاف القيادي في حزب الشعوب الديمقراطي أنّ النظريات التي يعتمدها الحزب في عمله السياسي تعتمد على فكر القائد أوجلان وطرحه للمشروع الديمقراطي لعموم الشرق الأوسط, واصفاً إيّاها ب"النظريات الصحيحة والواقعية" وهذا ما أكّدته لهم الأطراف الدولية, خلال اللقاءات الديبلوماسية التي تمّت معهم.

وألقى الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطي، رياض درار، كلمة تحدث فيها عن تجربته مع القضية الكردية قائلاُ: "بدايتي مع القضية الكردية كانت عاطفية. ألقيت كلمة في مجلس عزاء الشيخ معشوق الخزنوي وتعرضت على إثرها لاعتقال دام خمسة أعوام في سجون النظام."

وأكد الشيخ درار أن المعتقل ورغم قسوته لم يقف عائقاً في طريقه للتواصل مع الكرد حيث قال: "في المعتقل كان صديقي ورفيقي الكردي زنار موسى متواجداً في الزنزانة المجاورة. لم يمنعنا الجدار من التواصل. قمنا بفتح ثقب في الجدار وتواصلنا يومياً."

وأردف الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية قائلاً: "اليوم نتواجد أنا وصديقي زنار في المؤتمر التاسع لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا. نتواجد معاً في هذا الفضاء الواسع. لم يتمكنوا من إيقاف التواصل بيننا"

وتطرق الشيخ درار في كلمته إلى مشروع الأمة الديمقراطية قائلاً:

"قال القائد أوجلان ذات مرة: ما معنى أن أكون كرديا ولا أصنع شيئاً لها. سأنطلق من هذه الجملة التي تختصر حيواتنا اليوم. الهوية تُدرك بشكل كامل فقط إذا ما تم تقسيمها على أساس ثقافي وليس عرقي لأن الثقافة موحدة وجامعة على الصعيدين التاريخي والجغرافي بينما القومية مثيرة للخلافات والانقسامات على كافة المستويات، ناهيك عن أنها منهج متأخر يعود إلى القرن التاسع عشر، في حين أن الثقافة واسعة وشاملة وأكثر انفتاحاً."

وأضاف الشيخ درار: "حزب الاتحاد الديمقراطي تميّز بقدرته وانطلاقاً من فكر القائد أوجلان، على دمج وصهر الثقافة والقومية في بوتقة واحدة وإخراج نموذج جديد قائم على الاحترام بين الثقافات والشعوب وقبل كل شيء تعزيز العيش المشترك بين الجميع."

وبدورها ألقت زوزان ديركي، كلمة باسم مؤتمر ستار، حيَّت فيها وحدات حماية الشعب والمرأة وقوات سوريا الديمقراطية وكفاحهم ضد تنظيم "داعش" الإرهابي والنظامين البعثي والفاشي التركي.

واستذكرت ديركي شهداء حركة حرية كردستان وتعهدت بالسير على خطاهم والحفاظ على المنجزات والمكتسبات المتحققة في روج آفا وشمال سوريا، وخاصة في مجال حرية المرأة والمساواة بين الجنسين.

وباسم حركة التغيير في إقليم كردستان، ألقى السيد هلكوت كلمة أكد فيها على نجاعة الخط الثالث الذي انتهجه حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب والمرأة وقوات سوريا الديمقراطية.

وحذَّر هلكوت كرد سوريا من مخاطر المرحلة الحالية نظراً لحساسيتها وتربص الأعداء ومحاولتهم ضرب مكتسبات الشعب الكردي في روج آفا قائلاً: "حزب الاتحاد الديمقراطي تعامل بطريقة ممتازة مع المجريات في سوريا، لكن عليه زيادة العمل السياسي والدبلوماسي والحذر نظراً للمخاطر الجدية التي تُحيق بالتجربة والتهديدات التي تُشكّلها تركيا والنظام السوري".

من جانب آخر، أدان هلكوت الاعتقالات التي تنفذها الدولة التركية بحق السياسيين الكرد من حزب الشعوب الديمقراطية في شمال كردستان، مشدّداً على ضرورة توحيد الصف الكردي لمواجهة التحديات الخطيرة التي تهدد مكتسبات ومنجزات الشعب الكردي في كل من إقليم كردستان وروج آفا.

وألقى حبيب إبراهيم، كلمة باسم حزب الوحدة الكردي السوري (يكيتي)، شددَّ فيها على ضرورة التحرك سريعاً على المستويات السياسية والدبلوماسية للحفاظ على مكتسبات الشعب الكردي التي حققتها وحدات حماية الشعب والمرأة والبيشمركة حيث قال:

"بعد دحر تنظيم داعش، يمكن القول إننا دخلنا مرحلة حساسة جداً ومليئة بالمخاطر التي تحيط بشعبنا من كافة الجهات. يجب علينا التحرك سريعاً وعلى كافة الصعد وبالأخص السياسية والدبلوماسية للحفاظ على منجزات روج آفا وجنوب كردستان التي تحققت بفضل كفاح ونضال المقاتلين الكرد. الأعداء كُثر ويتربصون بنا من كل صوب وحدب وهذا الأمر تجلى بصورة واضحة عندما تحالفت بغداد وأنقرة وطهران ضد منجزات شعبنا في الإقليم."

وأضاف إبراهيم قائلاً: "النظام السوري يحاول الآن وبمساعدة إيرانية وتركية ضرب روج آفا ومكتسباتها وأردوغان يردد ذلك بشكل شبه يومي."

وأشار حبيب إبراهيم إلى أن الشعب الكردي بالكامل سيء بالنسبة لأردوغان والدول المغتصبة لكردستان وهم لا يُصنفونهم في فئتين (جيد – سيء).

وشددَّ إبراهيم على ضرورة أن تكون المقاربة الكردية في روج آفا مختلفة عن نظيرتها في الإقليم للحفاظ على هذه المكتسبات.

ومن جانب آخر، لفت المتحدث عن الحزب الانتباه إلى ضرورة تأمين متطلبات الشعب الكردي في روج آفا وعبَّرَ عن أمله بأن يكون هذا المؤتمر أساس لمرحلة جديدة يسودها الحوار والتعاون بين الكرد لتحقيق مصالح الشعب الكردي.

أما كلمة مركز حقوق الإنسان في ألمانيا، فقد تلاها مدير المركز، علاء الدين آل رشي، قائلاً:

"أشعر بالحزن وأنا أقف هنا على منصة المؤتمر التاسع لحزب الاتحاد الديمقراطي، حيث الجدران تتزيّنُ بصور الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم. أحييّ بندقيتهم التي وُجِهَت ضد أشرس تنظيم بعثي تنكر برداء الدين واستغله لتحقيق مآربه. أشعر بالحزن وأنا أرى صورة القائد والفيلسوف المعتقل، عبدالله أوجلان، معلَّقة خلفي. الفيلسوف الذي يتعرض للظلم في سجون الدولة التركية التي تنتهك قوانين حقوق الإنسان والمواثيق الدولية."

وأكدَّ مدير المركز على أن الأطراف الدولية المنخرطة في الملف السوري تسعى إلى ضرب الجميع بعضهم ببعض للقضاء عليهم. وأضاف: "من هنا تقع على عاتق حزب الاتحاد الديمقراطي مهمة تعريف العرب والمكونات الأخرى بالقضية الكردية وأحقيتها إعلامياً. العرب لا يعرفون شيئا ًعن الكرد ولا عن قضيتهم. عليكم إظهار الحقيقة ونشرها."

واختتم آل رشي كلمته بالقول:

"حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية أثبتا أن بندقيتهما شريفة وموجهة نحو قوة غاشمة. لكن يتوجب عليهم التعريف بالقضية الكردية إعلامياً."

وألقى سنان آيو، كلمة باسم مجلس إيزيديي شنكال، قال فيها: "من يقول إن الإيزيديين ليسوا كرداً، أقول لهم: الإيزيديون هم أساس وجذر الكرد. منظمة داعش الإرهابية هاجمت شنكال ليس فقط لأنهم إيزيديون، بل جذورهم الكردية تمتد إلى 4 آلاف عام في هذا الجبل".

وأكد آيو أن الإيزيديين دافعوا عن شنكال وللمرة الأولى بفضل فلسفة القائد آبو التي تمثل فلسفة الإنسانية، مختتماً حديثه بالقول: "ننحني إجلالاً للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل إيزيدخان".

من جهته، عبَّرَ الكاتب والصحفي الفرنسي، فرانشيسكي عن سعادته لحضور المؤتمر التاسع لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا قائلاً: "أنا سعيد لأنني هنا. أتيت لإيصال صوت فرنسا المساند لكم."

وحول التطورات التي تشهدها الساحة الكردستانية في سوريا، قال فرانشيسكي: "عندما زرت روج آفا، رأيت بعيني كيف تتم إدارة العمليات ضد داعش. تلك المرحلة انتهت وعلينا الآن التفكير بالمرحلة الجديدة الحساسة التي تمر بها المنطقة. حزب الاتحاد الديمقراطي قام بتغييرات كبيرة على الصعيدين العسكري والسياسي خلال المرحلة الماضية، لكن عليه أن يقوم بتغييرات جديدة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي ليتمكن من الحصول على دعم دولي لمشروع الفدرالية في سوريا".

وأنهى فرانشيسكي حديثه بالقول: "لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه المشروع الفدرالي. حيث أن "تركيا مستمرة في حربها ضد روج آفا"، ولا توفر وسيلة إلا وتستخدمها في حربها الخاصة ضد الشعب الكردي.

تجدرُ الإشارة إلى أن فعاليات المؤتمر بدأت اليوم السبت في تمام الساعة العاشرة بتوقيت أوروبا. وستستمر حتى يوم غدٍ الأحد. ومن المتوقع أن يصدر بيان ختامي تُعلَن فيه مخرجات المؤتمر.