مصر تستضيف قمتين أفريقيتين حول ليبيا والسودان لمواجهة الفوضى على حدودها الشرقية والجنوبية

استغلت مصر رئاستها للاتحاد الأفريقي لتكثيف تحركاتها في القضايا الحيوية في القارة، وعلى رأسها الأزمة السياسية في كلا من ليبيا والسودان، حيث استضافت القاهرة اليوم قمتين أفريقيتين طارئتين لمناقشة الأوضاع في البلدين.

ترأس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس الاتحاد الأفريقي، اليوم الثلاثاء، قمة تشاورية للشركاء الإقليميين للسودان، وذلك بمشاركة رؤساء تشاد وجيبوتي والكونغو ورواندا والصومال وجنوب أفريقيا، فضلاً عن نائب رئيس وزراء إثيوبيا، ومستشار رئيس جنوب السودان للشئون الأمنية، ووزراء خارجية كلٍ من أوغندا وكينيا، والسكرتير الدائم لوزارة خارجية نيجيريا، إلى جانب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

في ختام أعمالها اليوم، أصدرت القمة التشاورية للشركاء الإقليميين للسودان التي عقدت بمبادرة من الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقية، بيانا أكدت فيه تضامن رؤساء الدول والحكومات الذين شاركوا في هذه القمة عن تضامنهم الكامل مع السودان، لتحقيق آمال وطموحات الشعب السوداني نحو تدشين عملية شاملة للتحول الديمقراطي السلمي.

وركز الشركاء الاقليميين للسودان على تأمين حدوده والانتقال السلمي للسلطة، وأكدت الدول المشاركة في القمة التزامهم بوحدة وسيادة وسلامة وتماسك السودان وسلامة أراضيه، وأعربوا عن دعمهم الكامل لدور الاتحاد الأفريقي والإيجاد ودول الجوار في مساندة جهود السودان لتجاوز التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي يواجهها.

القمة التشاورية تطالب بمشاركة المجموعات المسلحة في الحوار السياسي

وشددت الدول المشاركة على أن هناك حاجة عاجلة لقيام السلطات السودانية والقوى السياسية السودانية بالعمل معا بحسن نية لمعالجة الأوضاع الحالية في السودان وسرعة استعادة النظام الدستوري من خلال حوار سياسي ديمقراطي يملكه ويقوده السودانيون أنفسهم يشمل جميع الأطراف السودانية بما فيها المجموعات المسلحة، بما يحقق آمال وطموحات الشعب السوداني لإرساء نظام سياسي ديمقراطي شامل، وترسيخ حكم القانون وحماية وتعزيز حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والفعالة بمساندة الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي.

ومنحت القمة التشاورية السلطات الانتقالية في السودان مهلة لنقل السلطة خلال 3 أشهر، وشجعت الدول المشاركة رئيس مفوضية الاتحاد على مواصلة الحوار مع السلطات السودانية والأطراف السودانية، وطالبت السلطات السودانية بمواصلة انخراطها البناء مع الاتحاد الأفريقي ومفوضيته، وشجعت الدول المشاركة المجتمع الدولي على مواصلة دعمه، وعلى تقديم مساعدات اقتصادية عاجلة للسودان، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وأكدت على أهمية التخفيف العاجل لديون السودان.

وأكدت الدول المشاركة الحاجة إلى دعم جهود السودان في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدته وتأمين حدوده ومكافحة ومنع أي أنشطة غير مشروعة عابرة للحدود بما يتضمن تهريب الأسلحة والجريمة المنظمة وتهريب البشر التي من شأنها زعزعة أمن السودان والسلم والأمن بالمنطقة بأثرها.

دور محوري للجيش الليبي لإنهاء الميليشيات.. ومطالبة للمبعوث الأممي بالشفافية

وترأس الرئيس المصري، اليوم أيضا، اجتماع قمة الترويكا ورئاسة لجنة ليبيا رفيعة المستوى بالاتحاد الأفريقي، وذلك بمشاركة رؤساء رواندا وجنوب أفريقيا عضوي ترويكا إدارة الاتحاد، ورئيس الكونغو بصفته رئيساً للجنة المعنية بليبيا في الاتحاد، فضلاً عن مشاركة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

وقال بيان للرئاسة المصرية إن القمة هدفت إلى مناقشة آخر التطورات على الساحة الليبية وسبل احتواء الأزمة الحالية وإحياء العملية السياسية في ليبيا والقضاء على الإرهاب.

وأكد الرئيس المصري خلال القمة أن الدول الأفريقية هي الأقرب إلى الشعب الليبي، وبالتالي فهي الطرف الأكثر تضرراً من استمرار الفوضى، والأكثر حرصاً على استعادة الاستقرار في ليبيا، مشدداً على الأهمية القصوى للالتزام الكامل باستئناف الحل السياسي للأزمة الليبية في أقرب وقت ممكن، وضرورة القضاء على كافة أشكال الإرهاب والميليشيات المسلحة في ليبيا لتهيئة المناخ لعقد الانتخابات واستعادة مقومات الشرعية، ومطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسئوليته تجاه وقف التدخلات الخارجية المتكررة في ليبيا.

وعرض رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي رؤية المفوضية بشأن تطورات الأوضاع في ليبيا، حيث أكد التزام الاتحاد بتعظيم انخراطه في معالجة ملف الأزمة الليبية بالاستعانة بالجهود والسواعد الأفريقية المخلصة، وذلك بهدف استعادة زخم الحل السياسي في البلاد.

وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن القمة شهدت مشاورات صريحة وجادة بين القادة والزعماء الأفارقة، واستعراض رؤاهم بشأن سبل التعامل مع الشأن الليبي، كما أعربت الوفود المشاركة عن تقديرها البالغ لمبادرة الرئيس المصري باستضافة أعمال القمة لمناقشة الأوضاع في ليبيا، وتم تأكيد أهمية استمرار الترويكا ولجنة ليبيا بالاتحاد الأفريقي في التشاور مع الأطراف الليبية والأمم المتحدة للعمل على احتواء الأزمة الحالية في ليبيا واستئناف العملية السياسية، فضلاً عن مطالبة الأطراف الليبية بالتجاوب مع المساعي الأفريقية والأممية للتوصل لوقف إطلاق نار، والجهود الرامية لوقف المعاناة الإنسانية في ليبيا، بالإضافة إلى دعوة المجتمع الدولي إلى تحمل مسئوليته لوقف عمليات تهريب السلاح والمقاتلين الأجانب والتنظيمات المسلحة في البلاد، والتصدي لكافة أشكال التدخلات الخارجية التي تسعى لتحويل ليبيا لساحة صراع بالوكالة يستهدف استنزاف موارد الشعب الليبي.

وقد تم اعتماد البيان الختامي الصادر عن القمة في نهايتها بعد تضمينه كافة النقاط والملاحظات التي تمت إثارتها بخصوص جهود تسوية الأزمة الليبية.

واشار البيان الختامي للمؤتمر إلى التزام المشاركون بدعم استقرار ليبيا ووحدتها وسلامتها الإقليمية، واستئناف المفاوضات السياسية على أساس الاتفاق السياسي الليبي، بما يتيح توحيد مؤسساتها الشرعية، المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والجيش الوطني الليبي، وتأهيلها للقيام بمسؤولياتها كاملة في التعبير عن الإرادة الشعبية، وتمكين الجيش من أداء واجبه للحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي الليبية من خلال إنهاء فوضى الميليشيات وحصر السلاح في يد قوات الجيش والشرطة النظامية لتمكينهما من أداء واجبها في حفظ الأمن والاستقرار والقضاء على الإرهاب، وما يرتبط بذلك من تدخلات خارجية في الشؤون الليبية واستنزاف موارد الشعب الليبي، باعتبار ان الدول الأفريقية هي الأكثر تضررا من استمرار حالة عدم الاستقرار في ليبيا، وهي الأكثر حرصا على الحل السياسي في ليبيا انطلاقا من مبدأ الحلول الأفريقية لمشكلات القارة الأفريقية.

وأكد البيان الختامي على الدور الرئيسي والمحوري للاتحاد الأفريقي والدول أعضائه في تناول ومعالجة الأزمة الحالية في ليبيا، والمطالبة بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في ليبيا، ومطالبة المبعوث الأممي إلى ليبيا بالتعاون بشكل كامل مع الاتحاد الأفريقي وبشفافية تامة، وبتكثيف مشاوراته مع جميع الأطراف في ليبيا على حد سواء، وبدون استثناء، في إطار من الشفافية الكاملة والتعاون مع ترويكا الرئاسة والاتحاد الأفريقي.

ومطالبة كافة الأطراف الليبية بضبط النفس واحترام سلامة المدنيين وتيسير وصول المساعدات الإنسانية لكافة مناطق ليبيا.

وطالب البيان الختامي للقمة الأفريقية حول ليبيا، المجتمع الدولي، بتحمل مسؤولياته لوقف عمليات تهريب السلاح والمقاتلين الإرهابيين إلى ليبيا، وإنهاء أزمة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، ووقف كافة أشكال التدخلات الخارجية في ليبيا التي تسعى لتحويل ليبيا لساحة صراع بالوكالة يستهدف استنزاف موارد الشعب الليبي.